مقالات

هذا ما يحدث .. وإليكم الحل بقلم /عبدالله خيار

3-Jan-2015

عدوليس

إنقضى عامٌ، ومضى ، ونحن كما نحن، مازلنا نرابط على معقلِ الجرح، وتزداد معاناتنا مع بزوغ كل فجر جديد، وكأننا شعبٌ خُلق لقسوةِ الحياة. وهذا النضال الذى نكابده عبثاً، يتحول الأن إلى وجعٍ متواصل، ويومياتٍ تُدمي القلب. صرنا كالأشباح فى وطنٍ يُطارد أبناءه ما بين المنافي، معسكرات اللجؤ، والسجون، ونحن الهائمين هُنا على وجوهنا، نفترش أرصفة المدن الجميلة، والعواصم التي لاتنام، تحتضن إنسانيتنا المُهمّشة..!عامٌ مضى ، وكل الطرق التى تؤدي إلى أسمرا مغلقة، والمنافذ التي تعبر أبوابها إلى الخارج تترصّدها رصاص الرشاشات المُصوّبة، لكي تحصد طلقاتها أطفالنا ..!عامٌ آخرقد مضى، وهانحن نفشل فى لملمةِ صراعاتنا من أجل إسقاط هذا النظام المتهالك. فإلى متى هذا العذاب ؟ ولماذا لا نتعاضد يا إخوتي، ونضع أيدينا في موضعِ الألم ؟ إذا أدركنا علّة الألم، لن تطول معاناتنا أبداً

كلنا يدرك أن النظام الحاكم فى إرتريا،يمارس أبشع صور التنكيل بشعبنا، من خلال بسط قبضتة الأمنية المتشددة على جميع مناحي الحياة العامة والخاصة، إستخدم سياسة الرعب والترهيب والإذلال، حتى صار المواطن المغلوبعلى أمره لا يستطيع المطالبه بحقوقه الإنسانيةمن أجل حياة كريمة وآمنة، يحاصره الخوف والتوجس، لا أحد هُناك يثق بالآخر، يخرج المواطن البسيط من منزله صباحاً، دون أن يضمن عودته سالماً لأطفاله وأسرته مساءً. المخبرين يتوزعون فى كل الحانات، المقاهي والشوارع، لجمعِ المعلومات، وتلفيق التُهم مقابل رواتب بائسة، لتأمين سلامتهم، وما يتحصلون عليه من مزايا خاصة بهم..!ويتواصل سِجلْ البطش والإرهاب إلى غيرمدى، من خلال ممارسات الإبتزاز،التخويف والتنكيل والتجنيد الإجباري فى معسكرات تفتقرلأبسط مقومات الحياة.إن الطبيعة الجغرافية للبلاد، ومعالم المدن الاريترية الغير مكتظة بالسكان، من العوامل والأسباب التى ساعدت الأجهزة الأمنيةعلى فرض سطوتها وتحكّمِها على مداخل ومخارج المدن، ومتابعة الأفراد والتعرف على الغرباء منهم بسهولة ويُسر.. بالاضافة الي ظهورقيادات أمنية وعسكرية جديدة، زادت من قوه القبضةالأمنية. لأنهم أي ” القيادت الأمنية والعسكرية الجديدة ” يسعون إلى إثباتذاتهم، والمحافظة على مصالح إمتيازاتهم، وطموحهم فى الترقية ومزيد من السلطة من خلال ولائهم المطلق لقياداتهم. رغم أن النظام الإريتري تعرض إلى تآك لواسع من داخل هيكله، إلاّ أنه ظل متماسكاً بفضل القبضة الأمنية المتشددة التى يحكّم بها سطوته. لذا من العبث التمادى فى التفاؤل المفرط، بأن هذا النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة كما يُشاع دوماً.يجب علينا الإعتراف بأننا إزاء هذاالوضع الأمني المتشدد، نحتاج إلى نضالٍ شاق، تضحياتٍ جِسام، بذل للأرواحِ ووسائل أكثرفاعلية لمجابهته . بالإضافة إلى حاجتنا الماسة لإختراقة من الداخل، هذا وحده كفيل بإسقاطه.غير ذلك، فإننا نخدع أنفسنا حتماً، إذا لم نعد قادرين على قراءة هذه الأوضاع داخل البلاد وخارجها، وبوعيٍ كبير.أما على صعيد المعارضة، ،نجد أن الإخفاقات واضحة، والأنقسامات مازالت جارية ومتضاربة، رغم أنه لا توجد فروقات أيدولوجية بين تنظيم وآخر، لكن تباين المصالح وتضاربها، أدى إلى:– إنشغال المعارضة بقضايا هامشية، وإبتعادها عن الهدف الرئيسي من وجودها.- الدور المتعمّد الذى يلعبه النظام في أسمرا، بإختراق المعارضة، وإشعال حمي التناقضات، الإنقسامات والإختلافات فى جسد بعض التنظيمات.- دول الجوار التي تبنّت العمل المعارض، مارست ضغوطاً وسياسات تتناسب ومصالحها الذاتية، وهذا كان له دور اساسي فى إضعاف دور المعارضة فى إتخاذ القرارات السياسية والعسكرية السليمة.خلاصة الأمر، هذا هو واقع حالنا المؤلم،لم نحقق الحد الأدنى من طموحات شعبنا فى التغيير، إذا إستثنينا هذا العام، الإنجازالكبير الذى تمّ عبر مجلس حقوق الإنسان، بتعيين لجنة تقصّى الحقائق حول إنتهاكات حقوقالإنسان فى إرتريا، بمجهود مستقل من بعض النشطاء الحقوقين الاريترين. عدا ذلك لم ننجزأعمالاً تستحق الوقوف عليها، على المستوى العام.لقد وصلنا إلى عنق الزجاجة،والوضع أصبح أكثر سوءاً من ذى قبل.كيف نخرج من هذا المأزق..؟تحاصرنا الكثير من الأسئلة هُنا…هل فقدنا الإحساس بالوطن..؟هل تملكنا الخوف وحب الحياة، بعد أن سطّرنا تلكم الملاحم التاريخية..؟هل لدينا المقدرة لدفع ما تبقي من فاتورة النضال التى دفع الشهيد البطل عواتي ورفاقه الميامن قسطاً كبيراً منها..؟هل مازلنا أوفياء لعشراتِ الآلاف من الاشخاص اللذين إختفوا قسرياً وغُيّبوا داخل السجون لسنواتٍ طويلة..؟بربكم كيف؟ وبأيّ وجهٍ نلتقيهم غداً..؟ماذا قدمنا لهم ولأسرهم..؟هل إرتضينا بدول بديلة ندفن فيها إخفاقاتنا وجراحنا..؟أىّ دولة تلك التى تعادل شموخ نقفة، سمو أمباسيرا، هدير القاش وبركة، تلك الأنهار التى تجري من تحتها دماء شهدائنا..؟هل صُنّا امانة شهدائنا اللذين سقطوا ليحيا الوطن..؟للأسف، لقد خذلناهم، وخذلنا أنفسنا،وجيلاً كاملاً، كان يتنظر منّا الكثير، حينما إرتضينا الظلم والهوان.جاء الوقت الان لكي نتحرر من هذا الخوف الذى يسكننا، ونعبر خطوة نحوالحقيقة، نتجرد من سُقم النزاعات الطائفية والإقليمية. هذا الفشل الذي أنتجناه يدفع ضريبته شعبنا الصامد في الداخل، الذى يكابد شظف العيش، ودكتاتورية النظام القمعي، والذي يكتوي بناره على الطرف الآخر القابعين في معسكرات اللجؤ والتشرد والفقر، حيث يعصرون على بطونهم المرتجفة بأناةٍ وصمتٍ قاسٍ، ينتظرون منّا وضع حد لمأساتهم ..!أين إذاً نحن وسط هذة المعاناة الطاحنة..؟القضية لم تعد، إسقاط نظام ديكتاتوري وحسب، إنما هي عملية تغييرشاملة، تبدأ بتحرير الإنسان من الفاقه، العبودية، واستراد حقوقة الإنسانية المهدرة، نشر قيم المحبة والسلام والعدل، التوزيع العادل للثروات،وإرساء قيم وثقافة تبادل السلطة، حيث يشكّل المواطن محوراً هاماً فى هذا السياق. وبهذا نستطيع أن نلتمس بداية الطريق الصحيح لنضالنا.على المعارضة بدورها أن توحد جهودهابالآتي:– أن تضع معاناة الشعب في الداخل والخارج ضمن أولوياتها- تنبذ الإختلافات والصراعات الجانبية التي لا تخدم القضية البته.- المشاركة الفعّالة، والتخلي عن العمل بمعزلٍ عن الداخل.- تجنيد فئات مختلفة من المواطنين من شباب والموظفين، وتزويدهم بوسائل الاتصالات الحديثة، من أجل خلق قنوات تنظيمية لتبادل المعلومات، وهذا سوف يكون له الأثر الفعّال حتى بعد سقوط النظام.وأي عملٍ بمعزل عن شعبنا في الداخل محكوم عليه بالفشل قبل بدايته. لذا علينا أن نستعيد ثقة هذا الشعب، لأن سياسة الرعب في الداخل، جعلت المواطن يفقد طموحه وأحلامه، والأمل في التغيير الديموقراطي المنشود،وبذالك يمكننا خلق أرضية ثابته، وتلاحم كامل مع شعبنا في الداخل.ومن ثَم يكون بعدها الإنتقال إلى مرحلة أخرى مهمة ، وهي التوعية، وتحريض الشباب بدوره النضالي الثوري،زعزعة أمن النظام من الداخل با كثر من وسيلة، وتطمين المواطن بأننا نعمل جنباً إلى جنب، حينها سوف تأتي رياح التغيير بتضامن الجميع في الداخل والخارج معاً.الأمة التي أنجبت عواتي وغيره من الأبطال،قادرة على إنجاب من يقود هذا التغييرنحو المسار الصحيح. نحن الان أمام تحدي كبير يمربه المشهد الإريتري. يجب علينا أن نكون بقدرِ المسئولية التي تتطلبها المرحلة الراهنة،والقادمة معاً, يجب ان نستعد كذلك لبذلِ المزيد من التضحيات من عمال، فلاحين، شباب،مثقفين، كُتّاب. كما كنّا في السابق ,فلم نعد نحتمل سنوات اخري من النضال السلبي.إن الوطن تتوزعه نيران القمع والتهميش وضياع الهويّة. علينا بالتحرك الأن، وإن أتى متأخراً، فإنه يعيد لنا كرامة الوطن والإنسانالإرتري المهدرة.وختاماً، أتمني أن يكون هذا العام،عاماً للعملِ الجاد، لنكون معا قريبا في وطنِ يسعنا جميعاً بمحبةٍ وسلام. المجد والخلودلشهدائنا الأبرارعبدالله خيار ناشط حقوقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى