مقالات

<font color=brown><font><B>الحراك الإرتيري ..ما’الذي حدث؟ أبوبكر كهال

25-Feb-2013

المركز

جاء صباح 21 من يناير الماضي مختلفا ومغايرا و لا يشبه ما إعتادت عليه العاصمة الإرترية أسمرا من أيام رتيبة وعادية. حيث توقفت الحياة فجأة في ذلك الصباح عندما تناهى إلى أسماع السكان خبر وقوع محاولة إنقلابية ضد نظام حكم الرئيس أسياس أفورقي. وقد تزامن الأمر مع إنعقاد جلسة مجلس الوزراء برئاسة الرئيس نفسه، والتي شهدت غياب وزير الإعلام السيد علي عبدو بسبب هروبه إلى الخارج وإعلان إنسلاخه عن النظام.

ففي تلك اللحظات التي كان فيها الوزراء والرئيس يغالبون صدمة تأكد نبأ هروب من كان يعتبر أحد أكثر الوزراء قربا من الحاكم. أخترق أسماع مواطني البلد ورئيسه المجتمع بالوزراء نص بيان لمجموعة عسكرية إنقلابية يذاع عبر الفضائية المملوكة للحكومة. والمفارقة أن مبنى الفضائية الذي أقتحمته المجموعة وأرغمت مدير الفضائية نفسه على تلاوة البيان يضم أيضاً مقر الوزير المنسلخ.وقد إشتملت فقرات البيان المذكور على الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذي يُقدر تعددهم بالآلاف، وتفعيل الدستور المجمد والذي لم يعمل به منذ تاريخ إجازته في العام 1997 إضافة لوعود بتوسيع قاعدة المشاركة السياسية .. الخ. غير أن إنقطاع إرسال الفضائية بسبب تدخل الأجهزة الأمنية الموكلة بأمر التحكم فيها وتعطيلها عند الطوارئ حرم الجماهير الإرترية من سماع بقية فقرات البيان وتركت في وضعية غريبة نوعا ما، فمع عدم توافر أخبار الإنقلاب، وأحجام السلطات الرسمية عن التعليق الفوري على الأحداث، أدت تلك الوضعية لبذر الشكوك وإنتشار الشائعات التي زادت من قلق الناس وخوفهم على مستقبل ومصير البلد.بالطبع يُجهل كيف انتهى الإنقلاب؟ ولا يُعرف أحد المصيرالذي ألم بالإنقلابيين وان تحدثت إخبار مسربة من الداخل عن إعتقالات كثيرة، شملت عسكريين وأعدادا من كبار موظفي الدولة ومن كوادر الحزب الحاكم ممن يشتبه بضلوعهم في الإنقلاب.ولم تنجح الأحاديث المبتسرة التي أدلي بها الرئيس أفورقي عقب أيام طويلة من الصمت والذي تعمد خلالها التقليل من شأن الواقعة في الإجابة على الكثير من الإستفسارات حول طبيعة القوة التي قامت بها وتوجهاتها؟.بيد أن التجاوب وومسيرات التأييد الذي حصلت عليه الحركة الإنقلابية والإقتحامات التي قام بها المواطنون الإرتريون عقب سماعهم بالتطورات لسفارات إرتريا في الكثير من عواصم العالم، مثل لندن والقاهرة وروما والمظاهرات العفوية التي عمت أماكن تواجد الأرترين في العالم نُظر إليها على انها مباركة للخطوة و ترجمة حقيقية لتطلعات الإرتريين برؤية إستحداث إصلاحات جذرية تؤدي محصلتها إلى خلق حياة سياسية ديمقراطية، تسمح بتأسيس الأحزاب وتضمن حرية الصحافة المحجور عليها في الوقت الراهن، واتاحت قدرا من المشاركة بدلا من تكريس الفردية التي تقاد بها البلاد عبر جمع الرئيس لكافة السلطات في يديه، وإسكات وتهميش كل الأصوات التي تجرأت على طرح مشكلات البلاد وأزماتها المتفاغمة وحاجتها العاجلة والملحة للإصلاحات.الآن وحسب الظاهر على الأقل، يبدو أن النظام قد تمكن وبنسبة ما، من أحكام سيطرة على الوضع عقب المحاولة. إلا أن الحجر الذي أُلقي صبيحة 21 يناير على بركة سياسة البلاد الراكدة ستكون له إرتداداته العميقة ولاشك، وكم سيكون من المفيد جداً لو تجاوب النظام مع تلك المطالب المشروعة بطريقة حضارية، وس22ارع بإجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية إنتظرها الشعب الإرتري طويلاً. وليس مجرد خطوات من أجل إحتواء الحراك السياسي المتعاظم.وستكون بادرة تاريخية لها طعمها لو بدء بإطلاق سراح كافة سجناء الرأي الذين يقبع البعض منهم وراء القضبان منذ ما يربو على العشرين عاما بدون محاكمات قانونية. خاصة إبان حقبة حملة التطهير التي شنت على اللغة والثقافة العربيتين والتي دشنها الرئيس أسياس أفورقي شخصيا عبر إطلاقه لأقوال معادية للغة العربية حين وصفها بـ’اللغة الدخيلة’، وهناك أيضاً سجناء ما عرف بمجموعة الـ15 وهم في جلهم ممن شغل مناصب وزارية وإدارية عليا في الدولة وكانت لمعظمهم أدوار هامة في حرب التحرير الإرترية ألقي بهم في السجون في 2011 على خلفية تقدمهم بمطالبات إصلاحية.’ كاتب وصحفي إرتري”مقيم بالدنماركصحيفة القدس العربي -24 فبراير2013م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى