حوارات

القيسي : حراك شبابي يبعث على الأمل.. وهذا هو رأي في “القوميات” وحركة “فورتو” ! (2)

21-Oct-2017

عدوليس ـ ملبورن

كما أسلفت أعترى هذا الحوار الكثير من العوائق الفنية والموضوعية والظروف التي يعيشها القيادي السابق بالجبهة الشعبية لتحرير إريتريا في منفاه أو مغتربه الإجباري، تتأزم الأوضاع في صنعاء وتنقطع أمدادات الكهرباء جراء القصف اليومي أحيانا وبالتالي تنقطع شبكة الإتصالات فيغيب القيسي وعندما تنفرج الأوضاع ويظهر متصلا تكون الكثير من المشكلاات التي تحتاج لحلول في إنتظاره ، كما ان عليه إجراء الكثير من الإتصالات مع الأفراد والمجموعات ووصل الكثير من الحوارات التي إنقطعت وهنا يجب ان يخضع الأمر لترتيب، وتكون قطعا أسئلتي في رزنامة المناضل القيسي . ولأن إجابات القيسي كانت طويلة نسبيا اضطررت ان انشرها على شكل حلقة لكل سؤال.في هذه الحلقة يفجر القيسي العديد من القضايا وينسف كعادته الكثير من الأسس التي كان يقوم عليها البرنامج الفكري للجبهة الشعبية لتحرير إريتريا ومنها فكرة (القوميات ) وما أدراك ما القوميات التسعة ؟.رغم العيوب الواضحة في هذا الحوار الغير متفاعل مع احمد صالح القيسي إلا ان واحده من محاسنة ان تركته يتدفق دون حدود.

سألت القيسي ماهي السيناريوهات المحتملة للخرةج من المأزق الحكم والمعارضة والشعب ومصير البلد كله في مأزق ما في ظل هذا الإختناق العام ؟
فكانت الإجابة :
كل الصورة التى نراها أمامنا، والتى تبدو محبطة ومظلمة ، شخصيا لا أراها كذلك . هى فقط بحاجة الى تعديل كالصورة المقلوبة ، تعديل فقط لنأخذ مثال واحد ملفت للنظر: الكثير من الشباب ومن اعمار مختلفة يخوضون مغامرات للهروب من جحيم النظام الذي أتت به الثورة ، معظمهم قد تكون هذه الرحلة هي رحلتهم الوداعية للحياة. يلعنون البلاد والسياسة والثورة ، التي أوصلتهم الى هذه الحالة . وبعد هذا العناء وحين يستقر بهم الحال في احدى الدول ، فان الخطوة الاولى لهؤلاء ، هو الانخراط في قضايا الوطن ، سلبا أو إيجابا . ماذا يعني ذلك ؟ يعنى ببساطة ان الإنسان الاريتري مسكون بحالة مرضية أسمها الوطن وأطلق عليه شخصيا متلازمة أسمرا ، وهنا تكمن عظمة وخصوصية الإنسان الإريتري ، ولو أحسن توجيه هذا الإنسان فإن إبداعه لا حدود له وقد خبرنا ذلك في الثورة وهذا حديث يطول.
أخ جمال تسالني عن الشعب وكثيرون يراهنون التغيير على الشعب في الداخل ، والسؤال : كيف يستقيم تفكيرنا ويصبح منطقيا في حكمه ، ان لم يأخذ في الإعتبار مجتمع تحكمه عشرة أجهزة أمنية هي ( الشرطة .. المباحث والأمن الوطني والإستخبارات العسكرية بقطاعاتها الثلاثة والحزب الحاكم والمنظمات المتفرعة منه وأقصد إتحادات العمال والمرأة والشباب ثم الإستخبارات الخارجية عبر وزارة الخارجية والأقسام القنصلية التي تربط تقديم الخدمات بمدى الولاء للنظام . بعد ذلك يأتي التعتيم الكامل ومنع كل المعلومات إلا عبر أجهزة الدولة بجانب التحكم في الشبكة العنكبوتية ( النترنت) فهي الأسوء في العالم من حيث السرعة دعك من المراقبة اللصيقة وقد برر رأس النظام بالقول ” ان المشكلة فى سرعة الانترنت هى مشكلة الكيبلات”. ؟؟؟؟؟.
والتضييق في المعيشة اليومية للناس وبالتالي التأثير على احوالهم، حتى يظهروا الاستسلام ، كما حصل لسكان مصوع وما يحدث هناك لم تلجأ اليه اثيوبيا في اسواء حالاتها إبان الثورة. من جانب آخر كان الشعب في الداخل الشاهد الأول في تصفية رفاق الدرب واغتيالا واعتقالا … ونفي … وقمع الخ.
هندسة واقع اجتماعي واقتصادي، تضع الناس في ان يكون جل اهتمامهم هو في كيفية العيش اليومي ، بحيث يكون اليوم التالي في علم الغيب.! ثم تاتي الطامة الكبرى وهو ما يجري في الوسط الاريتري في الخارج ، من خلافات وتناقضات في اوساطها . وعلى رأس ذلك ما يجري بين التنظيمات السياسية.
شعب اوصلته الظروف مجتمعة الى حالة من السلبية في التفكير ، ولم تعد الاسرة في اريتريا لا تفكر إلا في شيئين هما اقرب الى الحلم ،تجميع القليل من المال كي تعين كبير الأبناء للهروب واللجؤ الى احدى الدول الاروبية ، وان وفق يكون معين لبقية الاسرة . هذا اذا وصل بسلام لان قصة الهروب هي ترجيديا قائمة بذاتها.
والثاني : ان تكون بعيدة فيما يخص الدولة والنظام ، حتى تنأى بنفسها بعيدا عن شياطنين الدولة والنظام.
بمناسبة عيد الاضحى المبارك ارسلت رسالة الى أحد الاصدقاء في اسمرا مهنئيا بالعيد ، ومستفسرا عن الأحوال.
وكان رد هذا الصديق معبرا بصدق عن الحالة التى تعيشها العاصمة ، فما بالك بالإقاليم والريف !
فقد بعث لي هذا الصديق صورتان لمدينة اسمرا ، الاولى المدينة فيها خالية تماما من الناس وأعتقد وحسب الاضاءة في الصورة ان التوقيت كان منتصف النهار ،والثانية ومن ذات المكان وهناك عدد من الاشخاص ومعظمهن من النساء!.
وكتب معلقا (هذه اسمرا وهى مزدحمة). بإختصار أسمرا مدينة للأشباح.
اذا كان هذا هو واقع الحال في الداخل ، والصورة المقابلة لها الوضع في الخارج جماهيريا وتنظيمات ما يفرق بينها اكثر ، هذه الأخيرة أطرحها كإفتراض وليس لوجود معلومات مؤكدة لأن العالم يعمل هكذا !!.
وقطاع واسع من جماهير الخارج لا زالت محكومة بصراعات الماضي والمفاهيم التى كانت تحكم تلك الفترة ، والبعض ولا سيما أخواننا المسلمين ممن عاشو في منطقة الشرق الاوسط والبلدان العربية والحقيقة ان هذه المنطقة تعتبر لاسباب جيوسياسية ، والثروة المخزونة في اراضيها، وطبيعة الأنظمة التى نشأت فيها وفق تقسيمات استعمارية ، وعامل توظيف العقيدة في السياسة ، وعوامل الاستقطاب المحموم للقوى الكبرى ، والكثير من المسائل التى يصعب حصرها ، جعلت من هذه المنطقة من اكثر بؤر العالم توترا ، وبحكم اننا جزء من هذه المنطقة، وكانت منطقة لجؤ للكثيرين من الأسر الاريترية ، عاشوا بين اهلها وتعلم الكثير من الشباب في مدرسها ومعاهدها وجامعاتها …. هذه العوامل تركت بصمة في وعي الكثيرين منا , بحيث ان الكل تقريبا من النخب وحتى الناس العاديين منهم كانوا لا يكلفوا انفسهم في البحث عن الخصوصية الاريترية ،بقدر ما يسقطون في ما يجري في هذا المحيط الاقليمي ، على واقعهم السياسي في إريتريا ، وبكل بساطة في المقابل كان يراى المسيحي في هذا الوسط شئ غريب ومعادي له ، وان وإن أستقر لفترة ، فهي مرحلة مؤقتة ومنطقة عبور (ترانسيت ) للهجرة الى اوروبا أو امريكا. لأن ماهو مستقر في وعي هولا الناس ان المسيحية هى الوعاء الايديولوجي للراسمالية الغربية وثقافتها … وأصبح التقيم لاوضاع بلاده محكوم بهذه النظرة . هذه المسائل اضيفت الى المشاكل المستوطنة في الداخل ، ولا تزال هذه الأمور سارية وان لم يعلن عنها، إلا انها مستقرة في لاوعي لدى قطاع واسع وتحديدا النخب السياسية . حاولت ان اطرح هذه للتاكيد بان المراهنة على الداخل في الظروف القائمة هناك ، والمقيدة لكل الشروط المساعدة . هى مراهنة خاسرة . ولكن ما ن تبداء حركة جادة على مستوى الخارج، فان الاغلال المكبلة للجماهير في الدخل سوف تتحطم تباعا … والسؤال .. كيف الطريق الى ذلك ؟.
أجيبك بالقول : نحن لا نعيش أزمة فقط، الأزمة مفهوم ضيق للتعريف عن الحالة التي نعيشها !! نحن نعيش حالة تحديد مصير ، نكون او لا نكون ! حالة من الضياع … ا ما تفسير الازمة ، فنحن الازمة ذاتها . لاننا نعرف ماذانريد ، وان عرفنا ماذا نريد ،لا نعرف كيف نرسم الطريق لما نريد.!!
البعض يرى في ما يطرحة ويدافع عنه خلاص للأمة ، والبعض الآخر يرى من الشعارات الفضفاضة والبرامج التى لاتخلوا من كل جميل في السياسة كافية لاستقطاب قاعدة جماهيرية ، وتحدي للديكتاتورية المنتصبة في اسمرا ، اما البعض الآخر فقد اتجه في الاتجاه المعاكس بحثا للطائفة والقبيلة والاقليم والجماعة العرقية.
وسؤالى : كيف يمكن رسم سيناريوا وفقا لهذا الواقع ؟. والحقيقة شديدة المرارة هي انه لايمكن ان تصنع تصورا معقولا لسيناريو معين ، إلا بناء على معطيات سياسية منطقية يمكن البناء عليها.
اما اذا كان الواقع السياسي الذي نشاهده قائم على الهدم لكل التاريخ المتراكم للتجربة النضالية والوطنية والتخوين والتشكيك وتصفية حسابات دون ادنى اعتبار للعواقب كل هذه العوامل انهكت قوى المعارضة.
شخصيا لا انصب من نفسي استاذا،المسالة هي اجتهاد سياسي، وفي بعض الأحيان اتمنى من الله عز وجل ان لا تكون هذه الاستنتاجات صحيحة لان النتيجة هى الاحباط دون شك .
التحليلات الجادة في وضع وممارسة فيها الكثير من العبثية لا يمكن ان توصلك الا الى نتيجة عبثية . دعونا نبتعد قليلا عن المشهد السوداوى ولنبحث في هذه الصور المبعثرة ،ونلتقط من هنا وهناك الجوانب الإيجابية. هناك جيل جديد برز في الأونة الاخيرة حسب متابعاتي بتوجه جديد واطروحات سياسية وفكرية رائعة واستعداد يتجاوز ماهو سائد وتقليدي ، وينم عن وعي وطني لم نألفه في السابق ، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي بكل انواعها … الفيس بوك … الواتس …. مجموعات القروبات … الخ . ومن خلال المشاركة المختلفة في المواقع الاريترية عليالنت وعبر البالتوك وخلافه ، وبغض النظر عن القصور هنا وهناك ، والشطحات الفكرية كذلك إلا ان الموضوع اجمالا ظاهرة إيجابية تستحق الاحترام والتقدير.
ما ينقص هذا النشاط الرائع هو التصويب والتأطير . تصويب المسائل عبر التعمق في تاريخ الثورة … والشعب … والكيان . والتأطير حتى لا يبقى المجهود الرائع معلقا في الهواء . فما جدوى الحديث ان لم يترجم الي فعل حقيقي علي الأرض . المشكلة الحقيقية في هذا النشاط السياسي والفكري المبدع انه محصور فمن لا يتقن اللغة العربية فهو ملغي اتوماتيكيا ولا يدري مالذي يجري ويُطرح ومن لا يتقن اللغة التجرينية فهو مُغيب عن الآخر ، وهذه أم المصائب، وقد تكون عواقبها اشد في توسيع الهواة بينهما ، ولذا فان فكرة التاطير من قبل الطلائع قد تردم الهوة تماما.
ثم هناك تجمعات تحت مسميات مختلفة ، وشخصيا لا أرى فيها عيبا ، ان كانت تصب في المنحى الوطنى . فمن حق كل فئة ان تقيم لها كيان يعبر عن ثقافتها وخصوصيتها ولكن ضمنالاطار والاهتمام الوطني الوحد . وهنا اسمح لنفسي بالحديث عن إحدى هذه التجمعات والخطاء الكبير المرتكب دون قصد ولكنها قاتلة ، واقصد تجمع ابناء الجبرت. حقيقة ليس لدى معلومات وافية عن التجمع إلا ما اسمعه من هنا وهناك وكنت حاضرا لاجتماع جمعني بشخصيات محترمة في مدينة جدة وكان مطلبهم تندرج هذه كقومية ضمن ما يسمى بالقوميات التسعة ، وجرى نقاش طويل دون نتيجة ، اذا كان الموقف الرسمى يدرجهم ضمن قومية التجرينية والحقيقة لم أرى أهمية للموضوع لأنني بكل بساطة لا ارىفي الآخرين الشروط التى يمكن ان تجعل منهم قومية ، بالمفهوم العلمي لهذا المصطلح والشئ الآخر كيف يمكن ان تطلب اعتبارك ( قومية ) ممن لا يمتلك هو شخصيا شروط القومية. فقط كل يمتلكه هو السلطة بندقية وعسكري.!
وللأمانة التاريخية .. ان دور الجبرتة ، أكبر بكثير من ان يحصر في هذه المسالة ، فقد لعبت الجبرتة ولا يزالوا دورا تاريخيا في تعزيز الهوية الاسلامية للشخصية الإريترية وطنيا ، وهنا مربط الفرس في القضية ، وليس بحثا عن شئ هلامي اسمه ( قومية ).! لقد كان لهذه الفئة الاجتماعية أدوارا تاريخية طوال مراحل الحركة الوطنية وبرزت منها شخصيات قيادية وطنية ، لم تكن تتحدث عن كيان خاص بها ، بقدر ما مزجت الهوية الإسلامية بالمطلب الوطني وخير دليل الشهيد عبد القادر كبيري وغيره من القيادات الوطنية ، هذا الدور لم يأتي من فراغ ، بل له أسبابه السياسية والإجتماعية والجغرافية.
بل واهمها ان هذه الفئة الاجتماعية كانت حضرية الطابع فمعظمهم من سكان المدن أو البلدات والقرى المحيطة بالمدن وهذا ماجعلها بامتياز ان تمثل القوى الحديثة في المجتمع وتتصدر المشهد السياسي , وان ينال ابنائها قسطا من التعليم , ولكن عنوانها السياسي كان اسلاميا يصب في مجرى الصراع الوطني . وركز بقوة على تمييز الهوية الوطنية اسلاميا , حتى من خلال المظهر الخارجي فحين كانت البرنيطة تميزا وتشبيها بالاروبي قام أجدادنا الجبرتة بإرتداء الزي الغربي البدلة والكرفاتة ولكنها معززة بالعمامة الحجازية تميزا للهوية الاسلامية ،ولكن ماجرى بعد ذلك في صيرورة الحركة الوطنية ولاسيما الكفاح المسلح.وبداية عصر امبراطوريات القبائلوالمناطق اثر بصورة ملحوظة في انكماش هذا الدور . شخصيا اقدم شهادتي في تعليمي وتمكيني في اللغة العربية الي اساتذتي في المعهد والجالية الى الافاضل من هولا المعلمين من الجبرتة والساهو ولاداعي لذكر الاسماء . فالدور الجبرتي محوريا ويجب ان لا يتقوقع اطلاقا بل يجب ان نعيد له زخم الآباء ودورهم الريادي.
ما دفعني إلى هذا الحديث ان واقع الامور وحقائقها شئ وما يختلف علية الناس شئ اخر ، ان كان لي من نداء للكل أقول :
أيها الأخوة لا تسيئوا الظن لتاريخ آبائكم واجدادكم وعظمة مواقفهم التي لم يتزحزح قيد انملة عن البعد الوطني في حدود ما كان متاح لهم ،وفي مواجهة ظروف غاية في الصعوبة تتعدى قدراتهم وامكانياتهم هذه المسالة يجب ان تكون البوصلة التي يجب ان نهتدي بها ، يجب الخروج من دائرة الانفعالات الكاذبة التى تصنعها ردود افعالنا تجاه حدث هنا وحدث هناك.
هل وصل بنا الحال ان نختلف على قطعة قماش اسمها (العلم) ؟. ومع احترامي للرمزية التي تحملها فإنني اجد ذلك نوعا من العبثية ،وذلك لسبب بسيط كونها ليست أولوية لنا في هذه المرحلة ،نحن أمام كيان مهدد بالضياع. والنضج في العمل السياسي يحدد في ترتيب الاولويات، وليس إستغلال اي حادثة خلافية وجعلها قضية الساعة ، من يعتمد هذا الاسلوب في العمل السياسي يتعب سريعا وينتهى به المطاف بحالة من الاحباط .
تسالني اخ جمال .. ماهي توقعاتي لانفراج الازمة , والاكثر صعوبة حين تسالني عن مستقبل اريتريا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من الصعب الخوض في الحديث حول التوقعات مهما حملت هذه التوقعات من نبرة التفاؤل ، ويعود السبب انه في كثير من الأحيان تحكمنا العواطف والعقد ، فكثير من الأشخاص مثلي يحملون جروح نازفة وندوب كثيرة وعاشوا تجربة نضالية كانت عظيمة بكل المعايير ، أو هكذا كانوا يؤمنون ، وكان المستقبل مشرقا في توقعاتهم وتصوراتهم ، وبين لحظة وأخرى إنهار كل شئ ، ولم يكن انهياره على مراحل حتى يمكن مواجهته ومحاولة الحد منه بل أتى كطوفان عارم ، لأن ما كان مخمرا أو مؤجلا قد فاض دفعة واحدة ، ولم يعد السكوت او الصبر عليهممكننا ، وحين بدأت بوادر دعوات اصلاحية على حياء .، جاءت الطامة الكبرى وباسباب واهية مهما قدمت من مبرارت حول السيادة والوطنية الحرب الإريترية الإثيوبية الثانية وما تبعها من سلسلة حملات والخسائر الفادحة ..والانعكاسات السياسية والاحتماعية. كل ذلك تجمع في بوتقة واحدة ليصنع مأساة متكاملة ، ومن حينها وبعد ان تورط شعب باكمله نتيجة حماقات قيادته دخلت البلد والعباد و في متاهة لامتناهية ومع كل إشراقة شمس تزداد المتاهه تعقيدا ، وهناك ملاحظاتان اساسيتان لابد من الاشارة اليهما لفهم عناصر التعقيد ، والبحث عن طريقة لفكفكة هذا التعقيدات.
هناك حركتان اساسيتان حصلتا من داخل النظام ، وفعلا كانتا تمثلان خطرا حقيقا يهدد وجود النظام ، وازاحة ديكتاتور النظام ، بل وتقديمه للمحاكمة.
الحركة الاولى : حركة الخمسة عشر أو (G15 ).
والثانية : ما عرفت بحركة الفورتو.
اما ماعدا ذلك ففي عرف النظام وقناعاته لا يمثل خطرا علي الاطلاق . وقد يكون على حق في ذلك .
ونفصل فنقول : الحركة الأولى كانت تمتاز بان القائمين بها كانوا من القيادات ، وكان طرحهم متقدما ، ولكن شاءت الظروف ان تكون حياتهم ثمنا لهذه المطالب وضاعت الفرصة. اما حركة فورتو فكانت فعلا تهديدا حقيقيا ، ليس لما طرحته ، ولكن كونها جاءت من داخل المؤسسة العسكرية وهذه الحركة تحمل الكثير من الأسرار والغموض ، لان رد فعل النظام تركز بشكل رئيسي على النخب الإسلامية بصورة اساسية مما خلق الكثير من الألتباس في فهم طبيعة هذه الحركة مما يوحى بامور كثيرة ، وأقربها للمنطق انها استغلت في تصفية حسابات اخرى مع نخب سياسية اسلامية … وجدت هذه الفرصة للتخلص منها . المهم هاتان الحركتان كانتا الفرصة التاريخية .. في اضعف الايمان لخلق معطيات مساعدة لبلورة واقع سياسي مساعد يمكن البناء عليه لرسم ملامح للمستقبل . ولكن شاء القدر ان يكون المصير كله معلقا علي معارضة الخارج . لان الموضوع بكل بساطة ان النظام لم يخرج منتصرا فقط على معارضة في الداخل فحسب بل تعلم دروس ودروس ومن يعرف أسياس أفورقي يعرف المعنى الذي يردده دائما لقد ( تعلمنا الدرس ) وأول تطبيق له ان وضع الجميع في السجن الأبدي ونهايته القبر!.
وفيما يتعلق بالمعارضة في الخارج فقد اسهبت في الحديث عنها في البداية . ولكنى اجتهد في وضع بعض النقاط التى اراها ضرورية لمعالجة الازمة.
اولا : هناك حراك شبابي يبعث على الأمل ، ولكنه يفتقر الي البوصلة الصحيحة ، وهنا لابد من الإقرار بضرورة مساهمة اصحاب الخبرة والتجربة ، والامل معقود على هولا الشباب وهنا يصبح تمكينهم من امتلاك الحقائق واجب ومسؤولية وطنية , ام التجارب فسوف يمتلكونها في خضم معمعة الصراع نفسه.
ثانيا: إلى الذين يراهنون على قبائلهم ومناطقهم وطوائفهم ان يتعلموا الدرس جيدا من من الذين سبقوهم في نفس التجربة . اما في الزمن الذي نعيشه فلا افق لهذه المراهنات، وكان بالامكان الحديث باسهاب حول هذه المسالة ، ولكن لندعها لوقت اخر ، وبالمختصر المفيد لا مستقبل لطائفة او منطقة او قبيلة خارج الخيار الوطني الواحد .ثالثا: نحن بحاجة قبل التفكير في إسقاط النظام ان نناضل في إسقاط ما نعتبره مقدسا في عقولنا ووعينا في الحكم على الامور والتاريخ والرموز وهذا لايعني ان نزيف وعينا، لا بالعكس ان نقود عملية مراجعة شاملة من خلال رؤية موضوعية لهذه القضايا . وهذا هو الذي سوف يقودنا حتما لتلمس الطريق الصحيح في صراعنا مع هذا النظام.
رابعا: هناك مدرسة كلنا نشئنا من خلالها وهي مدرسة الإنبهار بالأفكار والإطروحات ، دون ان نعي حقيقة مجتمعنا . الديمقراطية …. الفيدرالية ….. المحاصصة ..إلخ. لا خلاف على ذلك، ولكن دلني على الطريق والكيفية..!
مثلا : نتحدث عن الديمقراطية في الوقت الذي لا نمتلك دولة ولا مؤسسات ولا قيم ولا تقاليد … إلخ . أليس من المعقول استبدالها بالمشاركة وحينها اخترع الطرق و الكيفية في هذه المشاركة .
خامسا: جميع برامج التنظيمات تفتقر لرؤية شبه واقعية لمسالة التنمية في الوقت الذي تعتبرفيه هذه المسالة هي محور اساسي في عملية الاندماج الاجتماعي ، واساس في بناء الشخصية الوطنية.
سادسا: رغم كل ما نعرفه عن النظام ،والنعوت السيئة التى يمكن تطلق عليه ، بل والجرائم التي أرتكبها ولا يزال يجب ان نعترف بانه شق طرقات، وأتتح المدارس وبنى مستوصفات. وهنا يجب ان تدرك المعارضة ان يتسم خطابها بالعقلانية ، وان مواجهتها مع النظام لا تنحصر في كيل ، في كيل التهم ، بينما العبث في عالم المعارضة مهما بلغ من الصغر فهو معروض بمجهر كبير في الحكم وهنا تصنع المأساة واخيرا لى ملاحظة مهمة ،فقد لمست في كثير من الحوارت والنقاشات التى تدور ان جوهر الإشكال يكمن في الشتات الاسلامي وان الخطوة الاولى يجب تجميع هذا الشتات لحل مسالة الوحدة الوطنية . وشخصيا اعتبر هذه النوع من الطرح خطير … وانتحار سياسي بكل ما في هذه الكلمة من معنى ،حول هذه المسالة يبرز سؤال مهم على اي اساس سوف يبنىهذا التجمع سياسيا وفكريا وخلافه ، الشيء الوحيد المتاح هو الخطاب الديني وهنا بالمختصر المفيد هي مواجهة الآخر والنتيجة معروفة . ان المشاريع الياسية لا تبنىعلى قاعدة النوايا الحسنة .. بل على قاعدة الرؤية السياسية المنطلقة من الواقع بعد دراسته وكم من تجارب حدتث في الوسط الاسلامى وكلنا يعرف الى اين وصلت من تيارات اسلاميةسياسية ومسميات المرتفعات والمنخفضات وهلم جر .
مما يعني بالضرورة السقوط من جديد في مستنقع الخيبات ، وما اكثرها في حياتنا السياسية . ان إهمال الآخر في المشاركة السياسية ، لاتعني سوى إنك تصنع من نفسك ندا والنتيجة هو دفع الآخر ليكون ندا كذلك وهنا يضيع الوطن، أو تتلاشى القضية !
اما إذا كان المحفز لهذا النوع من التوجه هو ردا على مجموعة (لاقازيان) فان من المستحسن ان نبحث عن اصل وفصلها في مكاتب أجهزة المخابرات والأمن وملفاتهما، وليس في عمل سياسي له من المضاعفات ما يتجاوز هذه القوى ، بل ربما قد يكون دوافع نشوء هذه القوى هو دفع الآخرين لإرتكاب حماقات معينة والنتيجة موزعة بين تعزيز قوة النظام وضياع القضية ومعها الوطن كله.
عزيزى جمال …. يبدو إنني تركت الحبل علي القارب في اجاباتي.. !!
انه الوجع بعينه ، الوجع الكامن في الصدور .ولذا اكتفي بهذه الاجابة.
يتيع …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى