حوارات

المناضل الأستاذ محمد نور احمد : التعايش سمة من سمات الإريتريين واليكم الشواهد.

31-Aug-2016

عدوليس ـ فرجت

الساحة الوطنية الإريترية تمور بحوارات كثيفة على كل الأصعدة بحثا عن المخارج من الكبوة أو الوهدة التي سقط فيها الجميع، وبلغت من العمر ربع قرن من الزمان . وقد أتاحة وسائل التواصل الإجتماعي والتي حولها الإريترين لوسائل تواصل سياسي، مساحة بلاحدود. الجميع يبحث عن حلول تؤكد وحدة الشعب الإريتري ووحدة ترابه الذي عمده بالدم والعرق والدموع.ولأن لكل قاعد إستثناء فإن البعض وفي إطار سعيه يغفل التاريخ والوشائج والأواصر الإجتماعية ليمارس تعسف ويلجأ لتفسيرات مريحة غير علمية يغلب عليها الغبن والقنوط .

وبالرغم من ان الشطحات هي إستثناء لا قوعد لها ، إلا إنها تؤثر ولو قليلا في بناء الجبهات والتحالفات وتخلق حالة تشتت ذهني .
في الذكرى الـ 55 لإعلان الكفاح المسلح جلسنا للأستاذ محمد نور احمد المناضل المخضرم منذ خمسينات القرن الماضي وهذه الطائفة من الإفادات التي تلقى الأضواء على المشتركات.
يستهل الأستاذ محمد نور حديثه بالقول : “المجتمع الزراعي أو الفلاحي دائما يؤمنون بالله إيمانا مطلقا والمجتمع المسيحي الارثدوكسي
في إريتريا شديد الإرتباط بالكنيسة، وعندما أعلنت الكنيسة تأييدها للوحدة مع إثيوبيا كان من الطبيعي ان يقف المجتمع الإرثدوكسي مع كنيسته والتي أعلنت ان من يخالفها سوف يُحرم من الخدمات الكنسية. ورئيس حزب الوحدة كان أرثدوكسي لذا وجد حزب ( الأندنت) أو الوحده مع إثيوبيا القبول الواسع ، وأحب ان أوضح هنا ان فكرة الإتحاد الفيدرالي هي فكرة أمريكية بالأساس والتي إكتشفت مكانة إريتريا وأهميتها خاصة لقيام قاعدة إتصالات في ( كانيوإستيشن ) وهذه المعلومة كشفتها الكاتبة الإنجليزية مايكل رونغ في كتابها المعنون ( لم أفعلها من أجلك ) وعندما جاء تطبيق الإتحاد الفيدرالي وافق المسيحيين الإريترين على حق اللغتين ( العربية والتجرنية ) في البرلمان لأنهما من وجهة نظر البرلمان هما من أسس الوحدة الوطنية الإريترية ، ومن هؤلاء راس تسما وإمباي هبتي المكتوب في قبره ( اثيوبيا أو الموت ) لأن البلين يستخدمون اللغتين وهذا يضمن وحدتهم .
لا وجود لإصطراع طائفي في إريتريا ، والطائفية السياسية أتى بها أسياس أفورقي في منفيستو (نحن وأهدافنا ) والذي قال فيه نحن 99% مسيحيين وجبهة التحرير لا تريد إستقبالنا حسب زعمه ، و أستند على مشكلات حدثت في المنطقة الأولى في منتصف الستينات وأدت لتجاوزات. أراد اسياس ان يقول للمسيحيين أنا (حزبكم ) وجبهة التحرير للمسلمين وهي تقتلكم.. وهو الذي أسس لعدم رسمية اللغة العربية بالرغم من ان مؤتمر شمال بحري هو الذي أقر بذلك ومعظم الذين قرروا ذلك مسلمين أمثال رمضان محمد نور ومحمد طاهر بادوري .. الخ مسلمين، ولكن من رؤية ماركسية حسب وجهة نظرهم آنذاك ،وقد تراجعوا عن ذلك بعد التحرير.
وأسياس هو صاحب فكرة التعليم باللغات الإريترية أو ما يعرف باللغة الأم ، وإستبعاد اللغة العربية ، وبقية القيادات تراجعت عن هذه الإستراتيجية بعد التحرير وتمسكوا باللغتين وهنا نذكر لوزير التعليم المغيب الآن براخي قبرسلاسي موقفه المشرف ، والذي رفض منهج التعليم باللغة الأم وكتابة تعميم للمدارس بذلك ، لأن ذلك يتعارض وخيارات الشعب كما أعلن وأقيل من موقعه وأتى أسياس بوزير الخارجية الحالي عثمان صالح وزيرا للتعليم والذي نفذ المنهج! وكذا كل القيادات التي أعلنت إنحيازها لخيار الشعب ويمكن ان تجدوا ذلك في الحوارات الصحفية في تلك الفترة وخاصة في صحيفة ( ظقيناي )، مع القيادات المغيبة الآن أمثال بطرس سلمون واللواء عقبي أبرها وفيها أوضحوا موقفهم من رسمية اللغة العربية.
واسياس يرى ان المسألة الطائفية تخدمه شخصيا ولا علاقة لذلك بالمجتمع المسيحي وينفذ منهج اسياس مجموعات من الطرفين هم من المرتزقة من المسيحيين والمسلميين على حد سواء. ولا يعرفون سوى مصالحهم التي تقتضي الألتفاف حول أسياس .
وأي منهج يحاول ان يفسر الأوضاع الإريترية الآن بمنهج طائفي فهو خاطيء وأي توصيف للنظام بإنه طائفي غير صحيح .. الآن الغالبية العظمي من الشباب الذي يهرب صوب الحدود هم من مجتمع المرتفعات من المجتمع المسيحي فكيف يهربو من نظام طائفي يمثلهم”.
سألت الأستاذ عن ان مقولة ( ان المجتمع الإريتري هو مجتمع تعايش ) هل هي مختبره على الأرض وماهي الشواهده ؟.
فقال: ” المجتمع الإريتري قبل ان يكون دولته كانت كل منطقة تدير نفسها بنفسها ومملكة (تقراي) الإثيوبية كانت تحاول ان تضم إريتريا وأقرب الأقليم ليها هي أقاليم (اكلوقزاي وحماسين وسراي) وكانت تفرض عليهم الأتاوات والضرائب والتاريخ يذكر ان الرأس المقاوم للضم والذي تمرد على دفع الضرائب الزعيم ( بهتا سقنيتي ) عندما ضايقة زعماء التقراي لجأ لأبناء عمومته (الحباب) في الساحل وهم بالأصل من (سقنيتي) ، حيث تم حمايته وإحتضانه لفترة ثم إرساله لمدينة مصوع حيث عاد مع الإيطاليين لإقليمه ، وكذلك الأمر مع راس ولدنكئيل من حماسين الذي تمرد وإلتجأ لأهله البليين بيت توقي في حلحل وهم الذين نزحوا من حماسين وعدي تكليزان تحديدا، عندما حاول الإثيوبيين إلقاء القبض عليه.
الرجلان استخدما رابطة الدم التي حمتهم لذا فإن في إريتريا رابطة الدم أقوى من الإختلاف الديني أو الطائفي لذلك لم تشهد إريتريا أي صراع طائفي كما هو الحال في دول الجوار ، ويمكن الإشارة هنا لموضوع الصدام بين مزارع وراعي ينتميان للـ ( الطروعا والظنعدقلي ) وحاولت إثيوبيا إستغلال ذلك ، وبعد التحرير حدث الصلح بحضور أعيان الماريا والمنسع والحزَو .. وغيرهم”.
ثم تطرق الأستاذ محمد نور احمد إلى نماذج من أشكال الحلول التي قدمتها الثورة تعزيزا لهذا التعايش وتصديا للمحاولات الإثيوبية لشق المجتمع الإريتري طائفيا فقال : ” صحيح ان الذين بدأوا الكفاح المسلح من الإريترين الذين أنهوا فترات خدمتهم في (قوة دفاع السودان) وأبناء المدن ثم الشرطة كلهم من أبناء المنخفضات الإريترية وخرجوا من أجل تحرير بلادهم بأفق وطني وليس على أساس عقيده دينية. ولأن المثل يقول ( النار لاتحرق إلا الواطيها )فإن أقاليم بركا والقاش والساحل كانت الأكثر تضررا لذا عجل ذلك بالثورة في هذه المناطق مع اسباب أخرى ، ثم بعد ذلك أتى الإلتحاق التدريجي من أبناء المرتفعات، خاصة من المدن نتيجة الوعي النوعي والممارسات اليومية للجيش الإثيوبي والمعتقلات والسجون وإلغاء مظاهر الإتحاد الفيدرالي وتعطيل الدستور .. الخ ، ويمكن ان نؤرخ بأول تدفق كبير لهم كان في عام 1970 عندما فرضت إثيوبيا رسوم كبيرة على التعليم مما تسبب في معاناة أولياء الأمور ، مما دفع بعدد من الطلاب للإلتحاق بالثورة. كما ان الثورة لم تتعامل مع القرى المسلح في المرتفعات بعنف لكونها قرى مضللة ، وقد وقف المؤتمر الوطني الأول حول ذلك . وطرح المؤتمر سؤال : “من هي قوى الثورة” وحددها بالعمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والطلاب والمرأة ، وهذه القرى هي قرى فلاحيين أي من قوى الثورة لكن الآن يقفون ضد مصالحهم لذا يجب بذل الجهد السياسي لكسبهم ولإعاتهم للثورة وكانت أولى الخطوات قام بها المناضل الجسور الشهيد سعيد صالح مسؤول حرب العصابات في اللجنة التنفيذية بعد المؤتمر وقد وقع إختياره على قرية ( ظبق قرات ) في أقليم سراي وعندما أرسل للقرية رسالة مفادها انه يريد ان يطلع القرية على نتائج المؤتمر الوطني الأول ، طلبوا منه شخصيا الدخول دون سلاح ولوحده ، بينما طلبوا من المسلحيين من أبناء القرية الخروج للجبال التي حولها للحراسه فدخل سعيد صالح لوحدة دون سلاح وكان رد فعل ذلك كبيرا عليهم ووقعها عظيما وكانت ردة فعلهم ان قالوا له لتدخلوا القرية بإسلحتكم وطلبوا من المسلحين العودة ، ثم ذبحت الذبائح وأولم سعيد صالح ورفاقه وعقدوا الإجتماع ، وكانت هذه بداية تفكيك القرى المسلحة في كل المرتفعات الإريترية” .
ويختم المناضل المخضرم إفاداته بالقول : ” جبهة التحرير الإريترية تعاملت مع حالة الإنقسام التي كان العدو الإثيوبي تكريسها بوعي ووطنية عالية لذا فإن الشعب الإريتري ألتف حول ثورته”.ويؤكد مشددا “يجب قراءة الأزمة التي يعانيها المجتمع الإريتري تاريخيا وحاليا من خلال منظور تاريخي صحيح ، واسياس عندما يكرس الطائفية فهو المستفيد منها وكارثة عندما يلجأ المعارضين الإريترين لتفسير طائفي لمشكلات إريتريا لأن ذلك يتعارض والواقع ويتعارض والتغيير المنشود، وإلا أنهم يقولون للمسيحيين أدعموا أسياس لانه حاميكم ونظامه نظامكم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى