حوارات

في آخر حوار أجراه المركز مع المناضل الراحل سيوم عقبامكئيل :إرتريا تحكمها مزاجات الديكتاتور المتقلبة وأفورقي لايمكن أن يكون شريكاً في السلام والإستقرار

2-Jan-2006

المركز

السيد / سيوم عقانكئيل رئيس اللجنة التنفيذية لجبهة التحرير الإرترية المجلس الثوري ، شخصية ديناميكية من الدرجة الأولى ، تجده في موقع الحدث ، لذا يأتي حديثه حديث العارف المعايش ، يختار مصطلحاته وألفاظه ودلالاتها بعناية بالغة ، ولأن محور الأحداث في الفترة الأخيرة للمعارضة الإرترية كانت بين الخرطوم واديس أبابا ، تم هذا الحوار بين هاتين المحطتين ، أجاب على اسئلتنا بكل ثقة مع أن معظمها كان عن أحداث راهنة يصعب القطع بنتائجها ومع ذلك لم يتحفظ على شئ منها وذلك عهدنا به .( أجري الحوار في يناير 2005م)

نشر المركز الإرتري للخدمات الإعلامية خبر تحت عنوان إذابة الجليد بين المجلس الثوري والحكومة الاثيوبية ، مرتكزأً على اللقاء الذي تم بينكم وبين رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي ، السؤال هل كان الأمر كذلك ، أرجو أن تعطينا صورة لطبيعة هذا اللقاء ؟ بالفعل ماتم كان إذابة الجليد بيننا … طبعاً جلسة واحدة لاتكفي لبحث كل الملفات ، لكن استطيع القول أننا حددنا الأجندة التي يمكن بحثها مستقبلاً ، خلال زيارتنا المرتقبة لأديس أبابا ، ولكن يمكن القول إجمالاً أن اللقاء دار حول القرار الاثيوبي حول قضية ترسيم الحدود . وقد عرض علينا رئيس الوزراء الخطة الاثيوبية للسلام وتفاصيلها ، وقد تفهمنا القرار الاثيوبي ودوافعه .. كانت هنالك تساؤلات حول طبيعة الخطة الاثيوبية و هل الحوار المقترح بمثابة شرط مسبق أم محاولة لتسهيل عملية تنفيذ القرار ، أم إعادة النظر في القرارنفسه . قبل لقاءنا برئيس الوزراء كنا قد درسنا القرار من كافة جوانبه وأصدرنا تصريحاً وضحنا فيه رأينا بهذا الصدد ، وقد جاء ما طرح في الجلسة موافق لقراءتنا لطبيعة القرار ، وعلى حسب توضيح رئيس الوزرء الاثيوبي الحوار ليس شرطاً مسبقاً بل يأتي كضرورة لإكمال إجراءات الترسيم ، وتسهيل لمفوضية الحدود لكي تقوم بعملية الترسيم بتعاون الدولتين بدلاً من غياب التفاهم والتنسيق . والمطلوب برأينا هو التعاون. عندما نقول تعاون نعني أن يكون هنالك تنسيق وتفاهم ثلاثي بين إرتريا ، إثيوبيا و المفوضية ، وقد اكد لنا رئيس الوزراء أن حكومته ترى وتقبل قرار التحكيم باعتباره قرار نهائي وملزم ، عموماً كان اللقاء مفيدا بكل المقاييس إستطعنا من خلاله ان نوصل رأينا ومخاوفنا ونتفهم في ذات الوقت وجهة نظرالطرف الآثيوبي . وقعتم ضمن عدد من الفصائل بجانب التحالف إعلان عن بدء حوار لخلق إطار موحد للمعارضة الارترية ، وحدد يوم 12/1/ 2005 م الجاري ، هل تم تجاوز الخلافات الماضية التي كانت تحول دون تحقيق هذه الرغبة ؟ وهل المعارضة مهيأة لخوض غمار هذه التجربة ؟ عندما ننظرالى إعلان الخرطوم الوحدوي على ضوء التدهور للاوضاع في إرتريا ، والظروف التي تمر بها منطقتنا ، نعتبر ان ذلك كان ضرورة موضوعية ملحة ، بل جاءت متأخرة في تقديرنا ..و الحوارات التي جرت خلال العام المنصرم بين كل الفصائل قد شكلت أرضية لهذا الاعلان الذي ألزمنا أنفسنا من خلاله باقامة إطارجامع ، ومع ذلك فإن تعميق الحوار وتجسيد ذلك في رؤية موحدة وبرنامج عمل مشترك ، ضمن آلية متماسكة و فعالة ترتفع بالمعارضة الى مستوى التحديات على الصعيدين الارتري والعالمي هو أوجب الواجبات في المرحلة القادمة ولايتأتي ذلك الا بالتعامل المسئول من الجميع مع هذه القضية . خلال عام ونصف مضت كننا نعزف على وتر واحد وهو التمسك والتركيز على الثوابت والمشتركات المتفق عليها ، بمعزل عن الذي نختلف فيه ، ونسخر الوقت والجهد للمشترك بيننا وهو ماساعدنا في تقديري لإنجاز الاتفاق الآخير. في التجربة الماضية كان النقاش دائماً حول مواضيع الخلاف وقد أهدر ذلك وقتاً وجهداً . الآن نحن في المحك العملي ، ولا أشك مطلقاً في أن يوم 12/1/2005م سوف ترتفع فيه قوى المعارضة لأنجاز ماتوجب عليها إنجازه في السابق نسبة لتوفر كل الشروط والعوامل الموضوعية لذلك . واتوقع أن تتفق المعارضة على ميثاق ، وخطة عمل ، والآليات المناسبة لتنفيذ ذلك . أنا أومن بأن المعارضة قد حققت مكاسب عديدة كما مرت بإخفاقات كثيرة وهذا أدى الى نضجها و نحن و نركز الآن على ترميم ما تم خسرانه في المرحلة الماضية ، ونحن نعتقد اننا في المعارضة مديونين للشعب الإرتري بالزمن الذي أهدر والضرر الذي ترتب ، ولايمكن تسديد الدين الا بالعمل ثم العمل ثم العمل المشترك وبهذا فقط يمكننا إعادة الثقة وإنجاز مهام المرحلة . ماهو تصور المجلس الثوري لهذا الإطار ؟ الإطار المناسب الذي نراه معروف ، وقد طرحناه من قبل ، وهو جبهة وطنية متحدة ، أو جبهة وطنية عريضة ، تستند الى المبادئ الوطنية ، والمبادئ الديمقراطية والانسانية ، أما الاهداف التي نسعي لتحقيقها من خلال هذه الجبهة هي ، إسقاط النظام الاستبدادي وإنجاز مهام المرحلة الانتقالية ، والوصول الى نظام ديمقراطي يسود فيه القانون و في سبيل هذه الاهداف يجب أن نرفع العمل على الاصعدة ، مثلا تفعيل العمل الجماهيري والدبلوماسي بشكل عملى لانظري ، وبآلية عملية غير معقدة تمكننا من إنجاز مهامنا وسوف نتقدم بتصور تفصيلي لاجتماع يوم 12/1/2005م . أرجو أن تضعونا في صورة الوضع في الدخل من خلال متابعاتكم ؟ واقع الشعب الإرتري في الداخل تعجز كل الاوصاف التي يمكن أن نطلقها للتعبير عن الحالة المأساوية التي يعيشها .. فإرتريا بوضعها الحالي لاتشبه أي بلد في العالم ، الدكتاتورية متجسدة في أبشع صورها في إرتريا ، عصابة في شكل حكومة ، الدكتاتوريات عبر التاريخ كانت لها مؤسساتها الاقتصادية ، والادارية ، والاجتماعية ، لكن حتى هذا لايوجد في إرتريا ، الحكم المطلق فيها لفرد واحد يحكم بمزاجات متعددة ، . مثلا ما يسمى بالمجلس الوطني الارتري ( البرلمان ) لايعرف ما هي سياسة الدولة قي المجالات كافة ،فقط ينتظر إشارة من الرئيس ، وكذلك الوزراء في وزاراتهم كلها . قطعاً لايمكن الحديث عن نظام دولة بسياسة واضحة أو حتى غيرمتكاملة ولايمكن ان نتحدث عن علاقة الجماهير بمؤسسات النظام ، لأن كل الامور متعلقة بمزاجات الديكتاتور المتقلبة و نواياه الفردية و ليس هناك سياسة مرسومة يعمل على أساسها و لا مؤسسات تمتلك أهدافاً أو خطط عمل تسترشد بها ، وأكون صادقاً معك مثلاً إذا شعر الديكتاتور بصداع أو قلق ما ،قد تعقب ذلك حملة إغتيالات ومداهمات وسلب ونهب ، أجندة واحدة فقط واضحة في النظام الاستبدادي في إرتريا تتلخص في شئ واحد هو تطويل عمر سلطتها لأطول فترة ممكنة وفي سبيل ذلك سوف تفعل كل ما يمكن ان يؤدي الى ذلك: القمع والارهاب ، النهب، إثارت النزاعات، ممارسة التفرقة نشر الاكاذيب.و البلبلة و الغش. هذا بالتأكيد ادى الى عزلة النظام من الجماهير الارترية، من شعوب المنطقة و المجتمع الدولي عموما و حتى من حلقة المنتفعين من الارتريين التي يعتمد عليها النظام ، وكل يوم يزداد هذا الضيق لذا تجده الآن يعتمد على عدد قليل من المنتفعين واجهزتة الارهابية ، وهؤلاء في تقديري متي ماشعروا أن النظام الى زوال يمكن ان يبتعدوا منه ، لتكملة الحلقة الاخيرة التي تؤدي الى العزلة التامة و الإنهيارالنهائي. وهو ما نسعى لتحقيقه في المقام الاول. جرت محاولة لاختراق إرتري رسمي لمحور صنعاء ، هل تحقق ذلك برأيكم ؟ وماهي علاقتكم بدول هذا المحور ؟ تحدثنا عن أسباب العزلة التي يعيشها النظام في بعض جوانبها الداخلية ، إلا أن للعزلة إمتدادات خارجية كثيرة ، ابرزها طريقة تعاطي النظام مع المجتمع الدولى ومؤسساته ، هذه العزلة كانت لها اثار مدمرة للنظام على كافة المستويات السياسية والاقتصادية ، الآن محاولات النظام أشبه بوحش جريح في قفص ويحاول التخلص من هذا المأزق لذا تاتي هذه الفرفرة ، وضمن هذا الاطار تاتي محاولاته لتلطيف الاجواء مع دول محور صنعاء ، لكن للأسف هذه المحاولات لاتستند الى أي مشروع لارساء السلام أو تطبيع العلاقات مع هذه الدول ، انا لست مؤهلاً للحديث عن رأي الدول المجاورة ، لكنني استطيع ان أؤكد ان أسياس لايمكن أن يكون شريك في السلام والتعاون والاستقرار ، وإذا كانت هنالك دوائر ترى غير ذلك فأنها لم تتعلم من تجارب الماضي . وهذا في تقديري سيعرضها لمزيد من المفاجآت وحتما ستتقا سمه الفشل و العاروستفقد المستقبل. اما بخصوص العلاقة بين الشعب الارتري والشعوب المجاورة وانظمتها وقواها السياسية خلال السنين الماضية فهو رصيد متين وراسخ ، ويعتبر ذلك من إنجازات المنطقة في العلاقات الودية وإستثمار لعلاقات المستقبل بين إرتريا وهذه الشعوب . المعارضة الارترية عملت كل مابوسعها لترسيخ ذلك ، وأنا واثق أن الشعوب والانظمة المجاورة سوف لن تهدر هذه الانجازات العظيمة لمجرد إقامة علاقة مع رأس الارهاب وعنصر عدم الاستقرار في المنطقة المتمثل في عصابة أسياس أفورقي ، ومن خلال لقاءاتنا مع المسئولين في هذه الدول تلمسنا تلك الحقيقة ، وكلهم يدعمون النضال الديمقراطي الارتري ، الذي لاحل بدونه لاستقرار وأمن الأقليم لذا على اسياس أن يخلى الطريق بلا رجعة . ملف حقوق الانسان في إرتريا ، وهو ملف لم توليه المعارضة حقه كاملاً ماهو تبريركم لهذا التقصير في هذا الملف ؟ وكيف تتعاطي معه جبهة لتحرير الارترية ـ المجلس الثوري . نحن في المجلس الثوري منذ فترة طويلة نرى انفسنا أيضا كمنظمة حقوقية ، لذا نتابع معاناة الجماهير في الداخل بدقة من خلال تواجدنا الواسع في الارياف و المدن. ومن خلال المعلومات التي تصلنا نعمل على فضح ممارسات النظام ونؤكد اننا نجحنا في ذلك ، وكتنظيم ليس هنالك منظمة حقوقية إنسانية على المستوى الاقليمي أو العالمي الا وأوصلناها تقاريرنا المنتظمة ، وسوف نواصل في ذات الطريق . وتقاريرنا في مجال إنتهاكات النظام لحقوق الانسان على كافة اشكالها قد صادقت عليها الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة ، وسائر المنظمات الحقوقية الأخرى وهم الآن يطالبوننا بمزيد من التقارير في هذا الصدد . السودان دخل مرحلة التنفيذ لاتفاق السلام ما تاثير ذلك على المنطقة عموماً وعلى إرتريا بشكل خاص ؟ مشكلة الحرب في السودان هي واحدة من المشكلات التي عانت منها القارة الافريقية ، ذلك ان السودان وطن قاره . لذا فإن إنجار الاتفاق بشكل سلمي ومثالي أمر يخدم القارة كلها وهو درس ونموذج لكل دول أفريقيا التي تعاني من مشكلات مماثلة .، أن السودان المستقر سوف ينعكس علينا إيجابياً بكل تأكيد ، فهو بلدنا الثاني ، وكبلدين متجاوريين فأننا سوف نتقوى به ويشكل لنا سنداً ، لذا نحن لانتخوف من السلام في السودان و التغييرات التي تأتي بها الحلول السلمية مثل مايشاع حول علاقة الدكتور جون قرنق بأسياس ، فانا اعتقد ان الدكتور قرنق يعرف كل المعرفة مايعانيه شعبنا وهو كصاحب قضية أكثر الناس تفهماً للواقع الإرتري وضرورة التغيير الديمقراطي في إرتريا و أهمية المحافظة على العلاقات الودية بين الشعبين الارتري و السوداني ، نحن في المجلس الثوري وقفنا دوماً مع الحل السلمي لقضية جنوب السودان وهذا ماحدث . و لهذا هنأت الحكومة السوانية و الحركة الشعبية و الشعب السوداني بهذا الانجاز. حدثنا عن علاقاتكم بالمحيط العربي والافريقي والاروبي ؟ بالنسبة للعالم العربي هو البيئة الخلفية الطبيعة جغرافياً وثقافياً للشعب الإرتري ، علاقتنا كشعب ومعارضة مع العالم العربي هي علاقة ازلية ، ذلك ان النظام الإرتري لم يتوقف خرابه على الداخل بل امتد الى الإرث الكبير لعلاقات شعبنا مع محيطه العربي ، لذا انكر كل الدعم الذي تلقته الثورة الارترية من العالم العربي ، وتعالى عليها وتحالف مع الانظمة التي دعمت الاستعمار، ونعمل في سبيل تصحيح ذلك مع الدوائرالسياسية و الشعبية في العالم العربي، ومع ذلك هنالك انظمة تتبني النظام الارتري محاولةً ضخ الحياة فيه وهو ميت إكلينيكياً ، نرجو ان تنظر هذه الانظمة لعلاقات شعبنا بها ، وعلاقات الشعوب في المستقبل هي الأدوم ، بدلاً من ان تربط مصالحها مع نظام بائد يذيق شعبه المرارة والاضطهاد ، ونذكر هنا أن الشعب الإرتري لا ينسى من سانده في محنته كما لاينسى من قوّى الذراع التي تضربه يومياً.علاقاتنا بالدوائر الأوروبية، الحكومية و غير الحكومية على حد سواء، و العالم الغربي بصفة عامة تعتبر جيدة. العالم الغربي يدرك تماما الواقع الارتري المتردي و يتفهم موقف المعارضة الارترية و دعوتها للتغيير وإرساء الديمقراطية في إرتريا. كاد هذا الموقف يتطور و يتبلور مع التطورات التي تشهدها الساحة . و نحن نسعى لكسب التضامن الاوروبي، الافريقي و الامريكي والعالم كله. و نريد أن المجتمع الدولي يتفهم دعوتنا للتغيرو ضرورة الانتقال بالوضع الارتري الى حالة أفضل يسود فيها القانون لصالح إحترام حقوق و كرامة الانسان . ونحاول أن نؤكد دوما أن الديمقراطية في إرتريا سوف لن تأتي بالضرر على مصلحة أي جهة كانت ما لم تتعارض مع المصالح المشروعة لشعبنا و شعوب المنطقة عامة. و في سبيل هذا نعمل جاهدين لنضع المجتمع الدولي أمام مسؤلياته الانسانية والمعنوية على أن ينحاز بوضوح الى الحقوق والطموحات المشروعة للشعب الارتري في االسلام، والديموقراطية والحياة الكريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى