مقالات

عن سمراويت..الرواية..والحكاية!!:محمد العامري

8-Mar-2013

المركز

أعجبت أيما إعجاب بالراوية الشيقة (سمراويت) لكاتبها الصحفي والروائي الاريتري حجي جابر والتي صدرت عن “المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء” والحاصلة على “جائزة الشارقة للإبداع العربي “، واعترف إنني من المتأخرين كثيرا في قراءة “سمراويت”..وهذا رغم سماعي بها منذ فترة ليست بالقصيرة خاصة عندما فازت بجائزة الإبداع من الشارقة العام الماضي،..لكن وكما يقال ان تأتي متأخر خير من ان لا تأتي مطلقا..

اقترح علي ممن أعزهم وأعتز بهم جدا ان يعيرني نسخة لأني سأعاني كثيرا للحصول عليها في الوقت المناسب فوافقت وان كنت فضلت ان أجد نسخة خاصتي…وكدت أطير بالنسخة لولا اشتراطاته وتذكيره برد الأمانة..ورغم المسافة الزمنية التي تفصل الآن بين قراءتي الوحيدة لها إلا ان معظم ملامح سمراويت وبعضا من تفاصيلها لا تزال عالقة بذاكرتي…سمراويت رواية شيقة راقية كشفت عن موهبة جديدة في سماء الرواية العربية عموما فيما تمثل حالة خاصة في بيئة تكاد تغدو رتيبة للكثيرين.أول ما تقع عليه عينيك هو صورة تلك الفتاة او السيدة على غلاف الراوية والتي تحكي قصة مختلفة عن تلك السمراويت التي تحدث عنها “عمر” بطل الرواية والتي تنحدر من اب اريتري وأم لبنانية فائقة الجمال ومن هنا تبدأ رحلة التشويق.. سمراويت رواية خفيفة الظل لكنها عميقة في المحتوى والمضمون، فهي ليست من نوع الراويات التي تتطلب منك صبر القديسين كي تفك طلاسم مفرداتها، وإنما كتبت بلغة زاوجت بين الأدب الرفيع والأسلوب الروائي الخالي من التعقيد او هكذا أراد كاتبها فجاءت كما يريدها الجميع بلسان عربي مبين.سمراويت طرحت سؤال الهوية والوطن البديل الذي لم ولن يكن يوما عوضا عن المكان الأم مهما طالت سنواته وتعلق به القلب وتكيف فحتما سيأتي يوما تبحث فيه كل نفس مهاجرة عن ذاتها..ماذا يعني ان تكبر في غير وطنك كل شيء غريب عنك وان تحاول جاهدا ان تكون شيء في محيط متمنع ..تتصنع لدرجة النفاق مخافة ان تصرخ او تغضب كما تشاء.! تلك قصة يتمنى الجميع ان تنمحي من الذاكرة لانها تؤلم المكنون والفؤاد..لكن ليس قبل ان تبدأ بأيام الشقاوة مع احمد واستكشاف الحياة من أكثر من زاوية لتنتهي بالقنصلية ثم تبدأ لتنتهي في ذات المكان.سمراويت قدمت للقارئ العربي المشهد في قالب شيق من النزلة في جدة السعودية وحتى الختمية في مصوع الاريترية والعكس..ورغم القرب الجغرافي النسبي لكن المسافة بين البلدتين بدت كحين من الدهر وهذا ما جعل الرحلة الأولى لعمر مشوقة مليئة بالهواجس والعواطف والرغبة والرهبة والمغامرة والفضول والاهم من كل ذلك البحث عن الذات في تلك المساحة الزمنية الممتدة ما بين الأمس واليوم..ثم الانتقال الى مرحلة أكثر تشويقا مليئة بالمتناقضات منذ ان علّمت قدما عمر شوارع اسمرة المدينة الجميلة كجمال أهلها في مشوار بين السحاب سرعان ما ينتهي به في حضن “سمراويت” التي غدت وطنا داخل وطن بالنسبة لعمر تمنى ان يأخذه الزمن في جولة لا نهاية لها كي لا يفارق عالمها لتصبح سمراويت الحسناء هي التي ترتب أجندة عمر بعد ان بعثرت كل أوراقه بل ونسي تلك التميمة التي حفظها من والدته…لماذا؟ لان في حضرة سمراويت لكل الأشياء طعمها الأول حتى الوطن..”سمراويت” رواية للجميع جمعت بين الحب والجمال والنضال والهوية والنجاح والفشل والمعاناة….لكن هل كانت حكاية “سمراويت” ستخرج بتلك الروعة لو قبلت والدتها فعلا زواجها من عمر!!؟ آخر الكلاماعتقد ان قصتي مع (سمراويت) الرواية أفضل من قصة قبائل (الماساي) في كينيا والتي سمعت بأحداث هجمات 11 سبتمبر 2001 بعد عام من حدوثها لتشكل وفدا محترما وتسوق قطيعا معتبرا من البقر وتعزي السفير الأمريكي في نيروبي وتعرب له عن بالغ حزنها فيمن قضوا وتعتذر عن عام كامل من التأخير..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى