أخبار

إريتريا والصومال .. ماذا بعد صدور تقرير فريق الرصد ؟*

5-Aug-2011

المركز

عرض :عبد الله محمود
شهد الأسبوع الماضي تطوراً مهماً على صعيد منطقة القرن الإفريقي ، وعلى وجه التحديد قضيتي الصومال وإريتريا ، وذلك بصدور تقرير فريق الرصد الذي تم تكوينه بواسطة مجلس الأمن بموجب القرار 1907 الصادر عام 2009م والقرار 751 الصادر عام 1992م .

التقرير الصادر عن فريق الرصد الخاص بالصومال وإريتريا بتاريخ 18 يوليو تناول الأوضاع في الصومال وإريتريا ومدى تهديدها للأمن والاستقرار في الإقليم .ويتكون التقرير من 469 صفحة ، 165 صفحة منها هي صلب التقرير وما تبقى عبارة عن ملاحق ، ويتألف من ثلاثة عشر محوراً أربعة منها خصصت للشأن الصومالي، وخمسة للشأن الإريتري ثم خلص إلى الملاحظات والاستنتاجات والتوصيات. الشأن الصومالي:في الشأن الصومالي استعرض التقرير وصفاً عاماً للبيئة الأمنية ثم عرج على الأعمال التي تهدد الأمن والسلام في الصومال بالتركيز على حركة الشباب المجاهدين ، كما تناول انتهاكات الحظر الكامل لتوريد الأسلحة بمختلف أنواعها ، وعلى صعيد عرقلة المساعدات الإنسانية أدان التقرير رفض حركة الشباب السماح بوصول المساعدات.الشأن الإريتري:فيما يتعلق بالشأن الإريتري تناول التقرير الدعم المقدم من إريتريا للجماعات المسلحة الضالعة في أعمال العنف من حيث العمليات الخارجية التي تقوم بها المخابرات الإريترية وقدم وصفاً دقيقاً لمنشآت التدريب والمساعدات العسكرية الإريترية للجماعات المسلحة في كل من الصومال وجيبوتي وإثيوبيا والسودان .و تناول انتهاكات إريتريا للحظر المفروضة على الأسلحة من حيث الاستيراد والتصدير.مصادر تمويل الحكومة الإرترية : وركز على الجانب الاقتصادي لإريتريا خاصة فيما يتعلق بالتمويل الذي يتم توظيفه في انتهاكات الحظر ضد للقرار 1907 من حيث تمويل المشتريات العسكرية ، وتوصيف النظم الاقتصادية الإريترية الرسمية وغير الرسمية ، وتحدث عن مصادر تمويل الحكومة الإرترية المتمثلة في أنشطة شركات الجبهة الشعبية ( الحزب الحاكم في إريتريا) مثل شركة البحر الأحمر ،والضرائب المفروضة على إرتريي الشتات الذين يبلغ عددهم 1.2 مليون شخص بما يشكل 25%من العدد الكلي للسكان ،و تبلغ نسبة ضريبة الدخل الشخصي 2% وتطال حتى الإرتريين من حاملي الجنسيات الأجنبية ،و جمع التبرعات، بالإضافة إلى الاتجار في السلع المهربة من السودان ( بإشراف العقيد تخلي منجوس قائد قوات حرس الحدود )،وتهريب الأشخاص والاتجار بهم ، وتجارة السلاح وعمليات التعدين ، وكشف التقرير الشبكات السرية للمشاريع التجارية والأعمال المصرفية للجبهة الشعبية في الشتات في كل من الولايات المتحدة وأوروبا والامارات، بالإضافة دور القناصل الفخريين والشركاء التجاريون في الخارج في أنشطة الجبهة الشعبية التجارية.علاقات إريتريا الإقتصادية:خلص التقرير على أن هنالك تعاون عسكري بين إريتريا وإيران بما ينطوي على مخالفة لنظام الجزاءات ، وأضاف إن هنالك بعض الحكومات الأجنبية التي تقدم دعماً مالياً مباشراً يمكن توجيه جزء منه للأغراض العسكرية ، حيث تعتبر قطر وليبيا من أهم الشركاء الإقتصاديين للحكومة الإرترية حسب التقرير. وأوصى بضرورة فرض ضوابط صارمة على هذه المساعدات حتى لا يتم تحويلها لأغراض عسكرية.إريتريا وجيبوتي:وتناول المحور العاشر من التقرير تطورات الأوضاع على صعيد جيبوتي وإريتريا وتحدث عن أوضاع الأفراد العسكريون الجيبوتيون المفقودون كما استعرض الاتفاقية التي تم توقيعها بوساطة قطرية حيث أفاد مسؤولون قطريون لفريق الرصد أنها خاصة بترسيم الحدود فقط دون غيرها من أوجه الخلاف مثل الجنود المفقودين.دعم المجموعات المسلحة في دول الجوار :ذكر التقرير إنه تحصل على أدلة دامغة تؤكد ضلوع إريتريا في دعم المجموعات المسلحة في كل من جيبوتي والصومال وإثيوبيا والسودان معدداً أسماء المجموعات المسلحة وطرائق دعمها بواسطة الحكومة الإريترية ففي الصومال انحصر الدعم لحركة الشباب أما في جيبوتي فإن الدعم يتم تقديمه إلى فصيل مسلح بما يشكل انتهاكا للقرار 1907.أما في الشأن الإثيوبي فإن الحكومة الإريترية تقوم بدعم ورعاية الجبهة الوطنية لتحرير أوقادين وجبهة تحرير أورومو وتناول عملية اديس أبابا التي هدفت إلى تقويض قمة الاتحاد الافريقي في يناير تفصيلاً كدراسة حالة تثبت تورط النظام الإريتري في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.أما في السودان فقد تناول التقرير بعض الدلائل والمؤشرات على دعم إريتريا للقوات المنشقة عن الجيش الشعبي لتحرير السودان مثل قوات اتور وقاديت.أما في الشأن الجيبوتي فقد كشف التقرير عن دعم إريتريا لفصيل جبهة إعادة الوحدة والديمقراطية المقاتلة .تحول نوعي أفاد التقرير إن دعم إريتريا الحالي ل( مؤامرة تقويض قمة الإتحاد الإفريقي) التي انعقدت في يناير الماضي بمحاولة شن هجمات ضد أهداف مدنية بغرض التسبب في إصابات جماعية واستخدام المتفجرات لإشاعة الخوف يعد تحولاً نوعياً في التكتيكات الإريترية ولا يمكن تبرير ذلك بالنزاع الحدودي بين البلدين. وخلص التقرير أيضاً إلى ارتفاع مستوى المخاطر المحدقة بالمنطقة ككل من جراء مشاركة الضباط العسكريون الإرتريون اشرافاً وتنفيذاً في عملية أديس أبابا مع تزايد احتمالات نقل هذه العمليات إلى جيبوتي وكينيا ويوغندا والصومال والسودان من خلال تحويل شبكات العمليات الاستخبارية والمالية والشبكات التي كانت تعمل في مجال تهريب الأشخاص إلى شبكات لتنفيذ عمليات أكثر عنفاً ودماراً .قائمة الضباط: واستعرض التقرير قائمة الضباط الإرتريين الذي يديرون العمليات الاستخبارية في القرن الإفريقي وهم العقيد طعمه قويتوم (ودي مقلي ، العقيد فسوم يشاك ( لينين) ، العقيد تولدي هبتي نقاش ، العقيد غيماشو ايانا ، العقيد حساينت ، العقيد تسفالدت تخلي سلاسي ، العقيد تخلاي كفلي (منجوس) ، الأدميرال همد كاريكاري.توصيات:وأوصى التقرير إلى ضرورة تعاون المؤسسات المالية الدولية والمصارف متعددة الجنسيات التي تودع فيها حسابات الحكومة الإرترية وسفاراتها مع فريق الرصد.ودعا التقرير شركات التعدين إلى إبداء الحرص الواجب فيما يتعلق بدفع الضرائب والأتاوات سائر أشكال الدخل المتأتي من عملية التعدين وذلك حتى لا تستخدم هذه الأموال في انتهاك القرار 1907. كما أوصى التقرير الحكومات بمطالبة إريتريا بوقف انتهاك اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية وعدم قيام دبلوماسييها بجمع الضرائب وأن تدرس السلطات الحكومية في كل بلد مدى قانونية جمع الحكومة الإرترية للضرائب خاصة إذا كان مربوطاً بالتهديد والتخويف. ودعا الحكومات الوطنية إلى رفع الحصانات والامتيازات الممنوحة لإرتريا بموجب اتفاقية فيينا وذلك لمنع استخدام الحقيبة الدبلوماسية للنقل غير المشروع لأموال الجبهة الشعبية.تقرير لجنة الرصد .. ماذا بعد:بعد صدور تقرير الفريق أصدر مجلس الأمن قراراً بالإجماع يقضي بتمديد ولاية فريق الرصد لمدة 12 شهراً ابتداءاً من 31 يوليو لمراقبة تنفيذ القرارات المتعلقة بحظر السلاح في الصومال وإريتريا بما سيشكل مزيداً من الضغط على النظام الإرتري وتحركاته العسكرية والاقتصادية الرامية لزعزعة الأمن والاستقرار في دول الجوار.وبالتزامن مع صدور تقرير فريق الرصد طالبت إريتريا باستعادة عضويتها في الإيقاد بعد انسحاب دام أربعة أعوام وبررت ذلك بالمجاعة التي تجتاح القرن الإفريقي ،إلا أنه من الواضح أن السبب الحقيقي هو إنهاء حالة العزلة التي فرضتها على نفسها بغرض التخفيف من تأثير العقوبات. وحسب تصريحات السكرتير التنفيذي للإيقاد فإنه ما زال الوقت مبكراً للحديث عن استعادة إرتريا لعضويتها وأن طلبها سيرفع للجهات العليا لاتخاذ القرار المناسب خاصة في ظل الاتهامات الحالية.وبتاريخ 3 أغسطس وزارة الخارجية الإرترية تصريحاً صحفياً بتاريخ 3 أغسطس يتهم فيه جهات لم يسمها باتخاذ اثيوبيا واجهة للتسويق لمسودة قرار يتضمن فرض عقوبات إضافية على إريتريا وتوزيعها على الدول عن طريق مبعوثيها الدائمين في الأمم المتحدة ، ويتضمن مشروع القرار حسب التصريح الإرتري ما يلي:دعوة الدول إلى اتخاذ تدابير تمنع الإرتريين الذين يعيشون فيها من التحويلات المالية إلى إريتريا. ودعوة الدول لمنع شركات التعدين من القيام بنشاط تعديني في إريتريا. ودعوتها إلى تجنب شراء الذهب والمعادن وغيرها من إريتريا. كما دعا مشروع القرار- حسب التصريح الإريتري ، المؤسسات المالية العالمية إلى عدم تقديم المساعدات المالية والقروض إلى إرتريا.كل هذه التطورات تشير إلى أن الخناق قد أخذ يضيق على الحكومة الإريترية يوماً إثر آخر وأن بقاءه على سدة الحكم رهين بالتزامه بعدم تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة .. فهل يا ترى سيلتزم بذلك؟* نشر في صفحة نافذة على القرن الافريقي – صحيفة الوطن السودانية -5/8/2011

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى