أخبار

الأزمات الداخلية تحاصر الحكومة الاريترية : محمد صالح عبد الله*

28-Sep-2010

المركز

انشغل المنشغلون بالوضع الذي يوصف بـ”البائس” في اريتريا بعدد من التقارير المتخصصة من منظمات دولية حذرت من مغبة انهيار البلاد والنظام وحدوث مجاعات وتمرد وسط المؤسسة العسكرية والمخابراتية واستياء في قطاعات الشعب من سياسات حكومته

ما ينذر بخطر إلى درجة ان بعض التقارير تحدثت ان اسمرة قد تغامر مجددا في حرب ما في المنطقة مهما كانت النتائج لصرف الأنظار وملئ الفراغ وشغل الناس وكل ذلك قد يقود على خلق فراغ دستوري وصوملة المجتمع وان سنوات من التسلط والقهر وكبت الحريات العامة وحرية التعبير والصحافة وانتهاك حقوق الإنسان والإساءة إلى الكرامة الإنسانية قد هيأت لحدوث ذلك ربما بصورة مفاجئة بحسب التوقعات.ويفهم من تقرير أخير لمنظمة الأزمات الدولية crisis group أن المجتمع الدولي قد تخلى عن اريتريا وشعبها وذلك عبر تكريس حالة العزلة التي تعيشها البلاد والتي بالأصح يفرضها النظام الحاكم في هذا البلد على نفسه وشعبه، بعد ان اشتبك دبلوماسيا وإعلاميا مع كثير من القوى المهمة في محيطه وحتى في العالم مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات ذات وزن مؤثر في اتجاه السياسية الدولية، فضلا عن حالة من القطعية تعيش فيها الحكومة الاريترية مع الاتحاد الأفريقي والإيقاد ومنظمات مؤثرة كالأمم المتحدة التي فرضت مؤخرا عقوبات على الحكومة الاريترية بعد سلسلة من تقارير تتهمها بالتدخل في شئون الصومال وزعزعة الاستقرار في المنطقة عبر تسليح عناصر متطرفة ودعم جماعات متشددة واعتماد سياسية الحرب بالوكالة عبر تسليح مناوئين لأنظمة في المنطقة بحسب الأمم المتحدة.لكن واقع الأمر يقول ان العقوبات لم تستثني احد وأنها وضعت الجميع في سلة واحدة وان الشعب المغلوب على أمره سيكون من أكثر المتضررين وأول الضحايا، وهو ما يطرح في حد ذاته تساؤلات حول جدوى عقوبات الأمم المتحدة إذا كان المقصود منها النيل من رموز السلطة والمتهمين بضرب استقرار المنطقة والإقليم ودعم التطرف والإرهاب وغير ذلك من التهم التي استندت عليها المنظمة الدولية وبررت بها العقوبات على اريتريا.ويرى جانب من المراقبين إن عقوبات الأمم على اسمرة ستزيد من مأساة الشعب الاريتري، وذلك لان البديل الذي سيلجأ إليه النظام للحد من آثار تلك العقوبات والالتفاف عليها ستكون الجبهة الداخلية في ظل ما يعانيه من صعوبات في الخارج جراء العقوبات وكذلك ضعف شبكة علاقاته الخارجية.ولا شك إن كابوس الأزمات الداخلية الاقتصادية والإنسانية يحيط بهذا البلد منذ فترة ليست بالقصيرة وقد تكون عواقبه كارثية أكثر من توقعات تقارير المنظمات الدولية، حيث أن التحديات التي تواجه اريتريا أكثر بكثير مما يردد في وسائل الإعلام وتقارير المنظمات الدولية، فاريتريا بحسب بعض الإحصائيات تواجه أزمة غذائية حقيقية يتستر عليها النظام فضلا عن انتشار الأوبئة المرتبطة بالمجاعات وسوء التغذية وفي مناطق جغرافية معينة، في ظل ضعف الخدمات الصحية وفشل المعالجات، إضافة إلى شح المصادر وانعدم الإنتاجية وغيره الكثير مما هو مسكوت عنه في وسائل الإعلام الرسمية، وبالتالي يمكن القول إن ما ألمحت إليه منظمة الأزمات الدولية لا يعدو كونه الإشارة إلى قمة جبل الجليد..وما خفي أعظم.ان الاستمرار في سياسة استعداء المحيط التي تنتهجها الحكومة الاريترية واختلاق الأزمات والتحالف مع مجموعات مغضوب عليها من الأسرة الدولية بهدف بحث الذرائع للمواجهة مع المجتمع الدولي وغير ذلك من المناوشات التي عرف بها فريق السلطة في اريتريا، خلف في نهاية الأمر بلد من دون حلفاء إقليميين ودوليين، مع تأثر كبير لعلاقته مع الدول المانحة المعروفة علاوة على التوتر وعدم الانسجام الذي يخيم على علاقاته مع القوى الكبرى المسيطرة على المؤسسات المالية العالمية التي تمول مشروعات التنمية في البلدان النامية، وهي مؤسسات مسيسة بالأصل وبالتالي لا توجه أي دعم إلى بلد مناهض للولايات المتحدة الأمريكية والمنظومة الأخرى التي تدور في مسارها وهذا ما يقلل من فرص حصول اريتريا على تمويل لمشروعات إنمائية من المجتمع الدولي.على ضوء ذلك، فان الخروج من عنق الزجاجة والضائقة في بلد تتذيل فيه التنمية الاجتماعية والاقتصادية سلم أولوياته ستكون مهمة عسيرة إن لم تكن مستحيلة، بعد ان أصبحت إمكانيات البلاد المحدودة أصلا المصدر الرئيس لتمويل المجهود الحربي الذي يحتل مرتبة الصدارة في أجندة الحكومة.وتبقى الرهانات التي يتحدث عنها البعض..من قبيل انهيار النظام لأسباب داخلية في تركية الجبهة الحاكمة على كافة المستويات الأمنية والسياسية والعسكرية قائمة…خاصة وان الصراع بين أجنحة معتبرة داخل تركيبة السلطة محتدم ويكاد يظهر إلى العلن وهو ما اشرنا إليه في مقالة سابقة بصعود “التيار الواقعي” في فريق السلطة والذي يعتقد انه يستلهم رشده من روح المجموعة الإصلاحية التي أصيبت في مقتل وشبعت موتا في وقت مبكر، كما يستمد هذا التيار قوته من أشواق وتطلعات غالبية الشعب الاريتري والذي يستغيث همسا في الانفكاك من قبضة الحزب الواحدة والذي لا يزال يدير البلاد بقبضة من حديد وبعقلية الثورة ويتمترس منذ الاستقلال خلف شعارات وأطروحات منقرضة، وظل يروج لنظرية المؤامرة ليحشد الشعب ومقدرات البلاد في خدمة نزعته العسكرية وهواجسه الأمنية بعد ان أيقن ان ذلك يضمن له البقاء في سدة السلطة ولو إلى حين، فضلا عن الترويج لنظيرة المؤامرة المستمرة ليدخل في سباق تسلح تارة وعسكرة البلاد تارة أخرى في مسلك مكشوف لصرف الأنظار عن الكثير من المشكلات والأزمات الاقتصادية والإنسانية التي تعيش فيها البلاد والتي تفاقمت في السنوات الأخيرة.* كاتب متخصص في شئون القرن الإفريقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى