الجارديان:الإمارات عذبت أمريكي لرفضه العمل مخبراً لصالح الـFBI
20-Mar-2015
عدوليس نقلا عن http://www.cairoportal.com
رصدت صحيفة “الجارديان” البريطانية في تحقيق صحفي كبير، واقعة تعذيب مواطن أمريكي في أبوظبي، لرفضه أن يكون “عميلا” لصالح الـ”أف بي آي” في مسجد “الصبر” الواقع بولاية أوريجون. وقالت الصحيفة أن”يونس فكري” الأريتري الأصل، والذي يبلغ من العمر 36 عاماً يقاضي “مكتب التحقيقات الفيدرالي واثنين من وكلائه ومسؤولين أمريكيين آخرين بتهمة وضعه على قائمة الممنوعين من السفر في الولايات المتحدة، للضغط عليه للتعاون معهم.
ونقلت الصحيفة عن فكري قوله: “أنه عندما لم يفلح الأمر، اعتقلني مكتب التحقيقات الفيدرالي وحقق معي ومارس بحقي تعذيبا استمر لــ 106 يومًا في دولة الإمارات العربية المتحدة”.وأشارت الصحيفة إلى أن المشاكل بدأت تعترضه عندما سافر إلى السودان لتأسيس أعمال تجارية في مجال استيراد الإلكترونيات، حيث له أقارب هناك بعد أن فرت عائلته من إريتريا عندما كان طفلا بسبب الصراعات الدموية في إريتريا، موضحة أن عائلة فكري وصلت إلى كاليفورنيا كلاجئين عندما كان في الــ 13 من عمره، وانتقل إلى بورتلاند في عام 2006، حيث عمل في شركة للهاتف المحمول.وأضافت الصحيفة أن فكري ذهب للسفارة الأمريكية في يونيو 2010، بهدف الحصول على مشورة القسم التجاري في السفارة الأمريكية في الخرطوم، وبعد يومين وُجهت له دعوة لما قيل إنه لقاء لمواطني الولايات المتحدة بشأن الوضع الأمني. وبدلاً من ذلك، فقد وجد نفسه في غرفة صغيرة مع اثنين من الرجال.وتابعت الصحيفة البريطانية نقلا عن فكري قوله: “لقد سحبوا شاراتهم، وأخبروني بأسمائهم، وأنهم من مكتب بورتلاند التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي”، لقد كانا العميلين “ديفيد نورديلوس” و”جايسون دونداس” المنتميان إلى قسم مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالي في بورتلاند”، مشيرة إلى فكري أصابته حالة من الشك بسبب خداع العميلين له لاستدراجه إلى السفارة.ويضيف فكري لـ”الجارديان”: “قالوا: نحن فقط نريد أن نسألك بعض الأسئلة. بادرت على الفور بالتذرع بحقي بوجود محام، ما دفعهم ليستخدموا معي لهجة تهديد”، متابعا: “أنه بات واضحا بسرعة أن العميلين يريدا معلومات حول مسجده في بورتلاند، مسجد الصبر”.وتشير الصحيفة إلى أن مسجد “الصبر” يعد المسجد الأكبر في ولاية أوريجون، وأنه لفت انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد وقت ليس ببعيد من أحداث 9/11، كما أنه وفي عام 2002، وقبل أربع سنوات من وصول فكري إلى بورتلاند، وُجه إلى سبعة أعضاء من المصلين اتهامات بمحاولة السفر إلى أفغانستان للانضمام إلى حركة طالبان، وصدرت أحكام بالسجن بحق ستة، بينما قُتل السابع في أفغانستان.وتابعت الصحيفة، أنه وفي أواخر عام 2010، تم اعتقال الأمريكي الصومالي “محمد عثمان محمود”، وأدين في وقت لاحق بتهمة التآمر لتفجير شجرة عيد الميلاد وسط مدينة بورتلاند، وسط مزاعم بأنه كان فخ من “إف بي آي”. وقال فكري أنه اعترف بلقاء “محمود”، موضحا إن الأمر لا يعدو كونه تعارفًا عابرًا، وأنه كان غادر إلى السودان قبل شهور من تدبير المؤامرة أو تدخل مكتب التحقيقات الفدرالي. وأوضحت الصحيفة أنه عندما تردد فكري في الرد على أسئلة المحققين، أُخبر أن اسمه تم وضعه على “قائمة حظر الطيران” الأمريكية.وذكرت الصحيفة بعض الأسئلة التي وجهها فكري للمحققين وأجوبتهم عليها قائلاً: “سألتهم: لماذا أنا على قائمة حظر الطيران بعد أن تركت البلاد؟ هل تفعلون ذلك لإجباري على العمل معكم”،”قالوا إن هناك قضية في بورتلاند وأرادوا مساعدتي.. سألت: ما هي تلك القضية المتعلقة؟ قالوا: لسنا مخولين بالحديث عن ذلك. عليك أن توافق على العمل معنا، وإذا وافقت فسنخبرك”. وأخبرهم فكري أنه سيرد على الأسئلة حول المسجد، لكنه لن يوافق على العمل كمخبر لحسابهم، على حد قول الصحيفة. وكشفت الصحيفة عن وثيقة أظهرت جزءا من الاستجواب ركز على المعاملات المالية، بما في ذلك محاولته لفتح حساب مصرفي في دبي، الأمر الذي برره فكري بإنه يحتاج إلى القيام بأعمال تجارية في المنطقة، كما تم سؤاله إذا كان يعرف أي شخص على صلة بالإرهاب الدولي، فأنكر أي معرفة بأي شخص يحاول تدريب أو الذهاب للتدريب على الأعمال الإرهابية ضد الولايات المتحدة أو مصالحها. وبحسب الصحيفة وافق فكري على العودة لمزيد من الاستجواب في اليوم التالي بالقول: “قلت موافق لأني أردت الخروج من هناك. وفي اليوم التالي اتصلت بديفيد نورديلسون وقلت له: أنا أهدر وقتك، وأنت تضيع وقتي. أنا لا أنوي العمل لحسابكم أيها الرجال. لقد غضب غضبا شديدا وقال: تقصد أن تقول لي أنك لا تريد العمل معنا؟”.وتابع فكري أنه وبعد نحو أسبوعين، تلقى رسالة بالبريد الالكتروني من “نورديلسون”، جاء فيها: “القضايا الخاصة بك تُنظر الآن، والخيار لك. إنه الوقت الذي تساعد فيه نفسك”. وكان ذلك أخر ما وصله من المحققين الفدراليين.وقرر فكري بعد ما واجهه في السودان الانتقال لدولة الإمارات العربية المتحدة بعد التحقيقات بأسابيع حيث أسس لنفسه تجارة في الإلكترونيات بمساعدة مالية من أسرته في ولاية كاليفورنيا، وفي يونيو 2011 ألقت الشرطة الاماراتية القبض عليه، بحسب الصحيفة.وعن تفاصيل الاعتقال، كشف فكري ذلك بالقول:”لم أكن أعرف ما كان يحدث حيث أخذوني بعيدا في اليوم التالي، وعندها عرفت أن الأسئلة متعلقة ببورتلاند أوريجون. في البداية حافظت على قول واحد: أنا أمريكي، وأحتاج المحامي الخاص بي، أريد سفارة بلدي. قالوا لي: الحكومة الأمريكية لا تهتم لأمرك، ثم بدأوا يسألون، أخبرنا عن ما يحدث في بورتلاند. لقد كانت نفس أسئلة التحقيقات الفيدرالية في السودان حول مسجد الصبر هي التي واجهتها مجددا في الإمارات العربية المتحدة”.وتوصل فكري بحسب الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة لها يد في اعتقاله، إذ يضيف “بدون شك هذا كان بتحريض من مكتب التحقيقات الفيدرالي. لماذا تسألني الإمارات العربية المتحدة عن هذا المسجد بعينه في بورتلاند؟”.وتابع فكري الحديث للجارديان قائلا: “لقد رفضت الإجابة على الأسئلة، ومن ثم بدأ الضرب”، مستطردا في الوصف: “لقد بدأوا باللكمات والصفعات. وحينما تعبوا من ضربي أحضروا خراطيم المياة، كانت 3 خراطيم، استخدموا الخرطوم الناعم في محاولة خنقي، لقد طرحوني أرضا وضربوني على باطن قدمي، كما ضربوني على الظهر باستمرار”، متابعا: “إذا توقفوا عن الضرب يجعلونك تقف لمدة ثماني ساعات مع يديك المرفوعة عاليا، لقد كان الضرب أفضل بكثير من الوقوف”. واستمر التعذيب حتى عندما كان وحيدا في زنزانته في الليل.ويتابع فكري حديثه للصحيفة: “كنت نائما على البلاط البارد جدا. ولم يكن للجسد أن يتحمل هذا البرد بالإضافة إلى الضرب. وهو ما جعلني أقرر الإجابة على أسئلتهم”.وبيّن أنه بعد ثمانية أسابيع من المطالبة برؤية شخص من السفارة الأمريكية، وتم إخباره بأنه سيؤخذ لمقابلة الديبلوماسي الأمريكي، لكنهم حذروه من عدم قول أي شيء حول تعرضه للتعذيب، وإلا فسوف يؤجل إطلاق سراحه الذي وُعد أنه سيكون خلال أيام، حيث وجد نفسه جالسا أمام امرأة عرفت نفسها بأنها “مروة” ولم تزد.وأضيف فكري “لقد بدا علي أني شاحب ولا أكاد أقوى على الوقوف. فقدت الكثير من وزني. أردت أن أخبرها عن الوضع، ولكن شعرت وكأني قريب جدا من حريتي، يومين فقط، ربما ثلاثة أيام، لقد كنت قد تعرضت للتو للضرب على مؤخرتي، وإذا أخبرتها فربما يطول بقائي هنا”.ونوّهت الجارديان أن فكري سألها لماذا استغرق الأمر وقتا طويلا لترد عليه الولايات المتحدة على الرغم من كونه مواطن أمريكي. أخبرته “مروة” أنهم يبحثون عنه بجدية. وقد علم لاحقا أنه كان محتجزا وفقًا لتعليمات من السفارة الأمريكية.وأكدت وزارة الخارجية أن الدبلوماسي الأمريكي زار فكري حينما كان محتجزا في دولة الإمارات العربية المتحدة بموجب “اتهامات غير محددة”. وأضافت الخارجية إنه “لم تظهر أي علامات تشير إلى تعرضه لسوء المعاملة، وأنه كان في حالة معنوية جيدة”.وتوضح الصحيفة أنه لم يتم الإفراج عن فكري، وتم استئناف الاستجواب. لكن كانت هناك حادثة أعطته بريق أمل، وهي أن أحد المحققين كان يضرب فكري بخرطوم لكنه ارتد عليه وأصابه في عظم كوعه وركبته بشكل مضحك، وسقط من شدة الألم، ما جعل فكري يتألم لما أصابه. “قلت لنفسي: لماذا تهتم؟ لقد كان يحاول خنقك قبل بضعة أيام فقط. ثم أدركت أنهم لم يريدوا تركي بأي إصابات واضحة، ما جعلني أفكر أنهم ينوون إطلاق سراحي”.وقال “فكري” إنه خضع لاختبار كشف الكذب، ولكن بدلاً من مزيد من الأسئلة حول بورتلاند سئل عما إذا كان عضوا في تنظيم القاعدة، أو طلب أموال لذلك، موضحا أنه نفى ذلك بشدة. وافادت الصحيفة :”ومع نهاية استجوابه، سأل فكري المحقق ما إذا كان مكتب التحقيقات الفيدرالي قد طلب احتجازه والتحقيق معه”، بحسب ما ورد في الدعوى. “ذكر المحقق أن مكتب التحقيقات الفيدرالي هو الذي أصدر مثل هذا الطلب وأن السلطات الأمريكية والإماراتية تعملان بشكل وثيق على عدد من هذه المسائل”.وبعد 106 يوم من السجن، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قرارا بإطلاق سراح “فكري” دون تهمة ضده.ومنعت قائمة حظر الطيران “فكري” من العودة إلى الولايات المتحدة، ولذلك اختار أن يذهب إلى السويد حيث قدم طلبا للجوء السياسي. وقد رُفض طلبه في يناير، لأنه لم يتمكن من إثبات أن الولايات المتحدة لها يد في سجنه على الرغم من أن السويديين قبلوا أنه تعرض للتعذيب.وتقول صحيفة الجارديان وفي فبراير تم أخيرا إخطار فكري رسميا من قبل الحكومة الأمريكية بأنه كان على قائمة حظر الطيران لأنه “قد يكون خطرا على الطيران المدني أو الأمن القومي”. ودفعت السويد ثمن طائرة خاصة لنقله إلى بورتلاند بعد خمس سنوات من مغادرته.واختتمت الصحيفة: “ولم يُتهم فكري بأي جرائم تتعلق بالإرهاب أو حتى تم استجوابه بصفته تهديدا محتملا لدى عودته إلى الولايات المتحدة. لكنه لا يزال على قائمة حظر الطيران”……….