أخبار

الخلافات بين إرتريا وإثيوبيا تعطل مفاوضات الشرق وتفتح الطريق أمام مواجهات عسكرية

8-Feb-2006

وكالات

تقرير : عبد المنعم أبوإدريس- الصحافة
بعد أن تأكدت حقيقة تعليق مفاوضات طرابلس ما بين الحكومة وجبهة الشرق وكما افاد البيان الصادر من دولة الوساطة ليبيا بأن التأجيل جاء بناء على رغبة جبهة الشرق

وهذه ليست المرة الأولى فقد طلبت الجبهة في وقت سابق تأجيل المفاوضات ثلاث مرات وهذه الرابعة والخامسة كانت بيد الوسيط ،ولكن الجديد هذه المرة ان التأجيل جاء قبل وقت وجيز من بدء التفاوض كما ان هناك معلومات تومىء ان ارتريا كان لها دور في تعليق محادثات طرابلس.وهنا يثور سؤال ماذا تريد ارتريا؟الاجابة البديهية تقول إن ارتريا تريد تسوية كاملة لملفها مع السودان وفي ثنايا هذه التسوية لابد من ان يكون ملف شرق السودان حاضراً.ولذا فإن المصادر التي تحدثت لـ «الصحافة» من اسمرا قالت قبل ثمانية واربعين ساعة من موعد التفاوض في طرابلس بأن ارتريا تريد لها دوراً واضحاً في المفاوضات، وهذا بالنسبة لجبهة الشرق ليس مرفوضاً بل انها عندما تتحدث عن المفاوضات تقول انها تتم بوسيطين ليبيا وارتريا.رغم ان الحكومة لا تقبل وساطة اسمرا وهذا ما اكده الممسك بالملف في المؤتمر الوطني الدكتور كمال عبيد بأن ارتريا غير مؤهلة للعب دور الوسيط بسبب ان علاقتها مع السودان لم تصل حداً يمكنها من لعب دور الوساطة.هذا هو موقف الحكومة السودانية بفعل توتر علاقتها مع ارتريا ولكن ليبيا التي تنشط في الملف لديها علاقات متميزة مع ارتريا واكثر من مرة عرضت الوساطة بين الخرطوم واسمرا.ولتوضيح الحقائق يفضل ان يروى القصة على لسان أحد شهودها والذي آثر حجب اسمه، يقول عندما طرحت ليبيا مبادرة لتوحيد اطراف شرق السودان المختلفين سافر الجميع الى هناك وكان سليمان الشحومي هو الذي يشرف ويوضح انه بعد لقاء وبحث الامر اتفقنا على الوحدة وكلفنا اثنين منا لصياغة البيان الخاص بالوحدة وتم استدعاء اجهزة الاعلام.في هذا الاثناء ظهر في ذات الفندق الذي نقيم به وفد ارتري على رأسه رجل الجبهة الشعبية القوي عبد الله جابر ومعه احد المسؤولين في المخابرات الارترية وفي باديء الامر كان الوضع عادياً.ولكن عندما كانت الصياغة في مرحلتها النهائية جاء السيد الشحومي ليبلغنا ان القائد معمر القذافي في انتظارنا بخيمته فذهبنا وتركنا اثنين من الاخوة يعكفون على وضع اللمسات النهائية للبيان.ويواصل الشاهد قائلاً: المفاجأة اننا عندما عدنا وجدنا بنوداً جديدة ادخلت على البيان واخرى حذفت وعندما سألنا من فعل هذا رد الاخوة بأنهم الارتريون. ورفض الجميع التوقيع وصعدوا الى طائراتهم وغادروا طرابلس الى الخرطوم وأسمرا.ولكن هذا لم يترك اثراً في علاقة البلدين وتعاملا معه على اساس انه شأن يخص اهل شرق السودان. وهذه الحكاية جرت فصولها في اكتوبر 2005م.وبعد ان مضت اربعة وعشرين يوماً من نوفمبر 2005م كانت ليبيا تحضرفي تكتم تام مفاجأة للفصيل الاكبر في جبهة الشرق مؤتمر البجا والحكومة الارترية فقد خرج مبروك مبارك سليم رئيس فصيل الأسود الحرة وهو الامين العام لجبهة الشرق من اسمرا بدعوى انه ذاهب الى طرابلس بغرض متابعة دراسته العليا ولكن بعد وصوله الى هناك بعشرين يوماً خرج الاعلام الليبي ليعلن عن توقيع اتفاقية ما بين المؤتمر الوطني والاسود الحرة اثارت كثيراً من اللغط رغم ان طرفيها اكدا انها استكمال لمفاوضات بدأت في عام 2001م بينهما واعدت لهذا باحضارها الى الادارة الاهلية للقبيلة وبعض اعيانها وشهد الاتفاق امتداد القبيلة في الجماهيرية. وعد المتابعون لشأن شرق السودان بأن الامر صار متعادلاً بين الطرفين ولكن ارتريا بسبب ما يمثلها لها شرق السودان من ابعاد امنية واجتماعية واقتصادية حزمت امرها ان لا تقف متفرجة بل لابد ان تكون لاعباً أساسياً.ولذا عملت على الاستفادة من علاقاتها التاريخية مع جبهة الشرق وصارت الجبهة تشدد على الرقابة الدولية ودور لارتريا، ولكن الحكومة السودانية تصر على رفض ان تلعب ارتريا دور الوسيط.وقبل الثلاثاء السابع من فبراير تقول المعلومات الراشحة من اسمرا بأن اتصالات نشطت بين عاصمتي ليبيا وارتريا ولكن ليبيا كانت ماضية في اكمال امرها، ومضت الساعات وظهر امر جديد وهو ان السودان وارتريا كل منهما يحاول استمالة تركيبة قبلية من مكونات الشرق الى جانبه وهذا السباق يعد من الالغام التي تحيط بشرق السودان على الرغم من انه لم تعرف عنه صراعات قبلية حادة ولم يتجاوز الاسر نزاعات ارض او ثأرات.ومهما يكن الامر فقد نجحت ارتريا في تعطيل المفاوضات التي كانت ستجرى بدونها في ليبيا.بيد ان البعض يرى ان التأجيل سيكون له تأثير ايجابي على جبهة الشرق وذلك من خلال اعادة ترتيب اوراقها مع المكونات القبلية لشرق السودان والنجاح في حشد التأييد تحت لوائها ومهما يكن الامر فإن ملف شرق السودان قد اصبح ميداناً لتسابق ليبيا ارتريا واجندة كل منهما تختلف عن الآخر مما يعقد من الامر ويطيل امد حل الأزمة.أما الشأن الآخر هو تحول الملف الى الامم المتحدة وقد بدأت بوادر هذا عندما كان مبعوث الامم المتحدة الى السودان يان برونك يحزم حقائبه ذاهباً الى نيويورك في يناير الماضي بغرض تقديم تقريره الشهري لمجلس الامن حيث فاجأ الجميع بأنه يحمل مقترحاً لكوفي عنان بأن تتولى المنظمة الدولية ملف شرق السودان.ولكن عندما سألت كمال عبيد عن هذا الامر قال إننا لم نطلب من الامم المتحدة وساطة وعندما طلبت مصراً اعتذرنا لها ثم طلب يان برونك ان يتوسط بصفته الشخصية ولكنه ارسل لنا موظفاً تابعاً له ولم نتعامل معه بهذه الصفة.أما الجانب الآخر في طرف الصراع فقد قال لي عبد الله موسى القيادي بجبهة الشرق عندما اتصلت به ان هذا مقترحنا ونحن نرحب بالأمر.اجمالاً لم يعد هناك موعد للتفاوض ولاوسيط ينتظر حركته ما بين حكومة الخرطوم وجبهة الشرق وفي ذات الوقت تحاصر مواطن الشرق قضاياه الملحة التي لا تعرف تشاكس المتسابقين على الادوار في الاقليم، ويخشى مراقبون من ان يفتح نزاع الوسطاء الطريق امام مواجهات عسكرية يمكن ان تقود الى تدويل أزمة شرق السودان كما حدث في غربه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى