أخبار

السياسة الخارجية الإريترية … مؤشرات ومواقف

26-Jul-2011

المركز

عدوليس : خاص
تميزت العلاقات الخارجية الإريترية بكثير من الاضطراب والانقلابات السريعة ، والدوران لـ، 180 درجة . كما تتميز بإتقان التعامل مع متغيرات منطقة القرن الإفريقي واللعب على تناقضات ، وصراعات دول المنطقة .

فأسمرا هي العاصمة الوحيدة التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع كل ألوان اللطيف السياسي في دول إقليم القرن الإفريقي وتحتفظ بأعداد كبير من القوى المسلحة المناوئة لدول الجوار الإريتري ، كما تحتفظ بما يسمى بعلاقات حسن الجوار حسب العرف الدولي مع ذات الدول ــ السودان نموذجا ــ أتقنت إريتريا لعبت تكوين التنظيمات العسكرية المعارضة كما أتقنت تفكيكها كذلك وبذات السرعة ولا تراعي في ذلك لا حرمة للجار ولا الأعرف الدبلوماسية المرعية . هذه السياسية التي يتحدث عنها صانعوا القرار في أسمرا بكثير من الفخر تتعرض الآن لاختبارات حقيقية، لكونها لم تكن على استعداد للتعامل مع رياح الثورات الشعبية التي أطاحت وعصفت، وتهز عروس الأنظمة الأكثر دموية في المنطقة العربية . لا يقف الأمر عند ذلك ،بل أعلنت أسمرا العداء السافر لهذه الثورات. هنا نحاول أن نعرض مجمل علاقات اسمرا مع محيطها الإقليمي ، آخذين في الاعتبار المتغيرات الإقليمية . العلاقات الارترية – القطرية تم تجاوز البرود الذي انتاب العلاقة بين الدوحة واسمرا لاختلاف الرؤية حول الأحداث التي تدور في ليبيا ، حيث كان الموقف الارتري مساند للعقيد القذافي ، وجاء هذا التجاوز للخلاف بعد أن تراجعت القيادة الارترية عن موقفها المعلن بل نشب خلاف بينها ومبعوث القذافي حول ودائع تشمل أموال ومقتنيات نفيسة ، كما أعطي ملف تسوية قضية المعتقلين البريطانيين لدولة قطر ، وشارك الرئيس الارتري في حفل توقيع اتفاقية سلام دارفور في الدوحة ، عليه عادت الأوضاع إلى سيرتها الأولى . يذكر انه خلال فترة الخلاف لم يتوقف العمل في المدينة السياحية في دهلك ، لكن توقف الدعم المالي ولوحت قطر بتحويل الدعم المخصص لتنمية المناطق الحدودية بين السودان وارتريا إلى صندوق المانحين المتفق عليه في ملتقى الكويت لتنمية شرق السودان .العلاقات الارترية الليبية : قبلت ارتريا استقبال ودائع ثمينة وأموال خاصة بالقذافي وأسرته ، وصلت إلى مطار مصوع على ثلاث دفعات جوا ، وتم تأمينها في منزل للضيافة في ضاحية (قرقسوم) في مصوع . العلاقات الارترية المصرية :معلوم أن ارتريا وقعت عدد من الاتفاقات الاقتصادية والثقافية مع مصر في الشهور الأخيرة لعهد الرئيس مبارك ، وأنها سعت إلى تطوير علاقاتها مع السلطة الجديدة ، لكن الملاحظ انه وللمرة الثالثة تم إلغاء زيارات كان من المفترض أن يقوم بها مسؤولين مصريين إلى اسمرا . كما إن التقارب المصري الاثيوبي الجديد لم يجد قبول ارتري ، ويجتهد عدد من المثقفين المصريينالذين تربطهم علاقات قديمة مع ارتريا لإيجاد قنوات سالكة للعلاقات بين البلدين.العلاقات الارترية اليمنية :بالرغم من الأهمية القصوى وتأثيرات الأوضاع اليمنية على المنطقة إلا انه يلاحظ أن ارتريا لم تتناول أحداث اليمن في خطابها الإعلامي ، ولم تشهد الشهور القليلة الماضية أي نشاطات دبلوماسية بين البلدين ، ومع وجود اتفاقات ثنائية كثيرة تمت في زيارة الرئيس اليمني الأخيرة إلى اسمرا .لكن ارتريا قامت بإجراءات احترازية تمثلت في نشر قواتها على سواحلها ونشطة دوريات خفر السواحل والطوافات الجوية في المياه الإقليمية ، إلا انه وحتى الآن لم تسجل حالات لجوء أو تسرب سلاح كما كان متوقع ، وربما يكون سبب عدم تدفق لاجئين يمنيين إلى ارتريا هو أن الأوضاع في اليمن ليست خطرة إلى هذا الحد أو أن ارتريا ليست جاذبة للاجئين من زوايا اقتصادية وثقافية .العلاقات الارترية الجيبوتية :متوقفة في مكانها وليس هنالك أي تقدم ايجابي ، ولم تفلح الوساطة القطرية في إعادتها إلى كونها علاقات عادية ، يقول السفير / قرما اسمروم رئيس بعثة ارتريا في الاتحاد الإفريقي الموجود هذه الأيام في اسمرا أن كثيرين نصحوه بان تسعى بلاده لحل الأزمة مع جيبوتي وتطبيع العلاقات معها لان ذلك سيخفف كثيرا من الضغوط المفروضة على ارتريا ، كما نصحوه بتفعيل عضوية ارتريا في منظمة الايغاد التي بدأت في تبني قضايا ذات طبيعة سياسية ومهام ذات صفة عسكرية .العلاقات الارترية الإثيوبية:أيضا لم تزل في مكانها ، إلا أن إثيوبيا تنشط في المجال الدبلوماسي في الاتحاد الإفريقي والايغاد ، وكان المقترح الأخير لدول الايغاد بضرورة حظر التعدين في ارتريا ومنع تحويلات المغتربين دليل على نفوذ إثيوبيا في المنظمة الإقليمية بالرغم من اعتراض السودان على مقترح فرض عقوبات على ارتريا . كانت ارتريا تسعى لعدم إرسال قوات إثيوبية لحفظ السلام في الحدود بين شمال وجنوب السودان ، بينما نجحت إثيوبيا في ذلك سعت لمنح قواتها حق العمل وفق البند السابع الذي يسمح لقواتها بالدخول في مواجهات عسكرية في حال تعرضها لهجوم وأيضا نجحت في ذلك مما يعني أن القوات الإثيوبية يمكن ان تحسم الصراع لصالح اي جهة تريد بتطويعها للبند السابع ، وكما هو معلوم ان شرارة المواجهات العسكرية بين شمال وجنوب السودان يمكن ان تشتعل في اي لحظة وفق المعطيات في الساحة السودانية . ويذكر هنا أن لإثيوبيا مصالح متعددة في الوجود ضمن القوات الدولية في جنوب السودان ، اولا يعزز ذلك علاقاتها مع الدولة الجارة الجديدة ويرفع أسهمها اقليميا ودوليا ، ويتيحلها رعاية مصالحها الاقتصادية عن قرب ، ويقوي موقفها في النزاع حول تقسيم حصص مياه النيل ، ويعود عليها بمكاسب مالية مباشرة .العلاقات الارترية مع دولة جنوب السودان:سعت ارتريا في الآونة الأخيرة إلى توضيح أن موقفها كان مع وحدة السودان لكنها ليست ضد حق الجنوبيين في اختيار ما يريدونه ، وأنها ليست ضد قيام دولة في الجنوب ، وأنها لم ولن تقدم أي معينات لمن يتمرد على حكومة جنوب السودان ، وان الحديث عن فساد القادة الجنوبيين كان من منطلق الحرص .كما شاركت بوفد كبير في احتفالات قيام دولة جنوب السودان وكان الرئيس افورقي اول الرؤساء الحاضرين ووجه عدد من وزرائه لعقد اتفاقات ثنائية مع دولة جنوب السودان ، إلا أن العلاقات بين إثيوبيا ودولة جنوب السودان والدعم الغربي الواضح للدولة الجديدة سيظل عقبة ستبرز قريبا إن لم تعمل ارتريا باي شكل كان ضمن المخطط الذى ستنفذه دولة جنوب السودان في المنطقة وتحديدا تجاه شمال السودان ، لذا سعى مسؤولي الجبهة الشعبية للذهاب إلى جوبا والجلوس مع قادة الحركة الشعبية وحكومة الجنوب للتفاكر حول الأوضاع ، و التى في محصلتها تقديم العون عبر حكومة الجنوب للحركة الشعبية في الشمال ، مقابل الاتفاقات الثنائية و الدعم في المحافل الإقليمية والدولية . والغريب في الأمر ان سفير اسمرا في القاهرة قد شذ عن هذه القاعدة في ندوة عقدت في مركز الدراسات السوداني بالقول ان قيام جمهورية جنوب السودان هو خطط صهيوني أمريكي فقد أوردت صحيفة الأهرام المصرية الصادرة بتاريخ 25 يوليو الجاري ما نصه : (أكد عثمان محمد عمر‏,‏ سفير إريتريا بالقاهرة أن فصل جنوب السودان عن شماله جاء وفق مخطط أمريكي صهيوني لتكوين مثلث موال لسياستهما في أفريقيا أضلاعة جوبا وأوغندا وكينيا‏. مؤكدا أن الدعم الأمريكي لأثيوبيا يعد بمثابة صب الزيت علي النار في منطقة القرن الإفريقي التي لها موقع استراتيجي خطير بالشرق الأوسط.جاء ذلك في حلقة نقاشية قررها الأستاذ الدكتور كرم كمال الدين الصاوي, مدير مركز الدراسات السودانية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية ونسقها الدكتور أيمن شبانة بعنوان رؤية إريتريا للأوضاع في القرن الإفريقي بعد قيام دولة جنوب السودان.وأضاف السفير الإريتري أن الولايات المتحدة نجحت في إبعاد شبح الإتحاد السوفيي عن القرن الأفريقي منذ بداية التسعينات وكانت أثيوبيا أداتها الرئيسية لإشعال الحرب في الصومال والصراع ضد إريتريا.وشدد علي ضرورة العمل علي التعايش السلمي بين شمال وجنوب السودان وإيجاد رؤية توافقية لحل المشاكل العالقة بين الدولتين وتقديم التنازلات وذلك من أجل السلام في المنطقة كافة ). فهل الرجل تصرف من عقلة أم كان يعبر عن سياسة بلده هذا ما ستجاوب عليه الخارجية الإريترية ! تبقى في هذا العرض أهم الملفات واكثرها تاثيرا وهو ملف العلاقات الإريترية السوداني وسوف نفرد له مساحة غير هذه في حلقة قادمة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى