تقارير

أزمتنا.. هل تكمن في مفاهيمنا السياسية.. أم في تعدد القوى السياسية..؟

5-May-2015

عدوليس ـ ملبورن ـ خدمة إعلام جبهة الانقاذ الاريترية

عقدت الندوة السياسية الشهرية التي يقيمها الإرتريون في روتردام بهولندا، بتاريخ 11 أبريل 2015، بمقر جبهة الإنقاذ الوطني الإرترية بروتردام. وشارك في الندوة لفيف من أعضاء وكوادر وقيادات مختلف التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وإعلاميين وناشطين مستقلين مهتمين بقضايا وهموم الوطن. كما لوحظ حضور ومشاركة ملفتة من فئة الشباب.تحت عنوان (أزمتنا .. هل تكمن في مفاهيمنا السياسية، أم في تعدد القوى السياسية.. !!) قدم العضو البارز في حزب الشعب الديمقراطي الإرتري، الأستاذ ضرار منتاي، ورقة شاملة للأزمة الإرترية .. تعريفها، مسبباتها، والحلول العلمية لها. فيما يلي نصها:من الثقافات الموروثة في مجتمعنا الإرتري ، اتباع النظام سواء في حلقة تناول الطعام أو القهوة، والتعاون في الأفراح والأتراح والوقوف مع المحتاجين في شكل نفير. إلا أننا لم نرتق بهذه الثقافة، إلى مستوى اتفاقيات عليا مشتركة. وهذه الثقافة العريقة والتقاليد المتأصلة في مجتمعنا الإرتري، والتي خلقت الترابط الاجتماعي ووفرت الثقة، لم تجد نصيبها في حياتنا اليومية السياسية من العيش المشترك وتبادل الاحترام وتحمل بعضنا البعض. بالتأكيد في أوساطنا من يفكر إيجابا ومن يفكر سلبا. وبما أنهما يدافعان عن هدف واحد، يصعب علينا تصديق هذا او ذاك! وهناك تأثيرات لطبيعة الأفراد في الجهود المبذولة لحل الأزمات السياسية الاجتماعية والثقافية.. ما هي انعكاساتها الإيجابية والسلبية؟ وما دام لنا ثقافات وتقاليد مشتركة، ما الذي يمنعنا من الارتقاء بها إلى هدف وطني مشترك؟

ما هي الأزمة؟
تنبع الأزمة عندما يصل الخلاف ذروته في حال تعذر وصول فرد مع الآخرين إلى حل وسط أساسه تبادل الاحترام وللرغبات والمصالح. وإذا لم نتحمل بعضنا البعض عند حدوث خلاف ما بسبب انتماءاتنا الدينية والسياسية وغيرها، لاشك أنها ستصل بنا إلى مرحلة الأزمة. تؤدي الأزمة إلى الحذر والخوف وأحيانا إلى التعصب والعنف. ولا تنحصر الأزمة بين الأفراد والجماعات بل تتعداها إلى ازمات بين دول وأحزاب سياسية وحكومات.
وإذا لم تحل الأزمة بالأسلوب الصحيح، ستؤثر بلا شك على عملية السلام والإتفاقات المبرمة، وتتدرج نحو عدم التفاهم وانعدام الثقة وتبدل العلاقات المتينة إلى عداء ومشاحنات. ذلك أن كل طرف ينظر للقضية من زاويته الخاصة . لهذا تطفو الأزمة على السطح عندما لم يتمكن الطرفان من الوصول إلى حل يرضي كليهما. ويمكن تقسيم الأزمة إلى قسمين .. إيجابية وسلبية، بمعنى آخر أزمة بناءة وأخرى هدامة.
الأزمة البناءة: من إيجابياتها، توجيه النظر نحو المصالح المشتركة.. تمتين العلاقات .. خلق الثقة.. إشاعة روح التواصل المستمر،..تطوير أسلوب التعبير عن الرغبات المشتركة.. تحفز كل طرف على أنه منتصر.. تتجه نحو الأمر الصواب.. تخلق روح الاستعداد للمشاركة والتنازل.. تهتم بطرح الأفكار وبحث البدائل المختلفة.
متى تكون الأزمة هدامة؟ عندما تنطلق من التفكير الضيق.. وتركز على المصلحة الشخصية والهموم الذاتية، عندما تسيطر على الفرد روح الانتقام من خصمه وضرورة التغلب عليه.. عندما يكون التهديد والترهيب سيد الموقف.. عندما تبدر مؤشرات الكراهية وروح التعالي.. عندما تقل روح المرونة.. عندما تسود روح اللامبالاة بجادة الصواب.. عندما لا توضع أي تحوطات لاحتمال حدوث مخاطر سوى الاهتمام بالأمر الذي يريده كل طرف.. تبيت مخاوف من إحداث التغير .. تهدم أواصر العلاقات وتقطع التواصل.. تدمر المعنويات. ولأن لكل منا مصالحه ويمتلك طريقة تفكير مختلفة في قضايا بعينها، فإن الأزمة لا حدود لها. إلا أنه يجب عدم الاستسلام وينبغي البحث عن إمكانية حصر وتحديد نقاط الخلاف وجلب الحلول الإيجابية لها.
طبيعة الأفراد، لها تأثيرها وانعكاساتها في حل الأزمة او الخلافات:
-الاهتمام بالتفكير بقضيتك أو بما يعنيك فقط
-العمل فقط
-المواجهة العلمية
-تصل الأزمة إلى درجة عدم الاكتراث بالهدف المشترك:
-الهدف المشترك يساعد للمضي قدما معا، لتحقيق قيم الهوية والحقوق والحرية والوحدة. ما هي الأهداف المشتركة ؟
-الهدف المشترك يرتكز على الثوابت الوطنية وهي:
1.سيادة الشعب تعني أعلى سلطة يقيمها الشعب بالطريقة التي يحكم بها نفسه بنفسه، وإقامة النظام الذي يريده، عبر قانون متفق عليه. ذلك حتى يكون الشعب صاحب السلطة السياسية ، يقرر فيه مستقبله السياسي؛
2.السيادة الوطنية، معترف بها دوليا، وضمان استقلالية تلك الدولة من التدخلات الأجنبية، وتكف هي الأخرى عن التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وأن تحترم العهود والمواثيق الدولية الخاصة بالحدود والقضايا الداخلية؛
3.وحدة الشعب؛
4.سيادة القانون: أن يكون القانون سيدا للحكومة والحكومة خادمة للقانون؛
5.أن تحكم إرتريا بالدستور وبنظام ديمقراطي.. وغيرها.
إذا كنا نؤمن بهذه الثوابت، فنحن مطالبون للعمل لمعرفة أساس أزمتنا.. إن السر الذي يحول دون الوصول إلى حقيقة اختلافاتنا وأزمتنا، هو عدم الرغبة والاستعداد لمعرفته بشكل دقيق. الثاني هو معرفتنا للسبب ولكننا نتظاهر بعدم معرفته وبالتالي نقفز على الحقائق. والسببان يؤديان إلى ترك السبب الحقيقي وتجاوزه إلى النتائج والانعكاسات. وهذا يجعلنا، عرضة للاتهامات والتشويهات المتبادلة، ونباعد المسافات بيننا ونقلل من شأن بعضنا البعض، بدلا من بحث الحلول، ثم ننطلق لتحقيق انتصارات فردية، مما يغرقنا في سياسة عقيمة عديمة الجدوى وغير علمية.
لهذا إذا اتفقنا على أن يشارك كل حزب أو أي قوى سياسية بمحض إرادته، ما لم يخالف الثوابت الوطنية، ودون الاعتبار لحجمه السياسي، ذلك يساعد على معرفة مسببات الأزمة وبالتالي يسهل الوصول لإيجاد الحلول السياسية للخلافات. وعندما نقول بمحض رغبته لا يجب أن تكون مفتوحة، بل يجب وضع قيود عليها. ونعني بالقيود ألا يكون على حساب وحدة الأرض والشعب وألا يكون عنصر إضعاف القوى الوطنية.

حل الأزمة:
التفكير والاهتمام الخاص بالعملية التي تقرب البون الشاسع بين القوى السياسية وتقريب الهوة بين الأوضاع السياسية الراهنة والهدف المنشود. وهذا يتم بمعرفة العنصر الذي يقف حجر عثرة إن سرا أو علنا، امام الهدف. وعندما نقف على هذه الحقيقة، يجب أن ننظر للأمر الذي يفيدنا جميعا. لهذا من الواجب ان ننطلق في التفكير للخروج من هذا المأزق السياسي الراهن. وهذا يتم بروح مسئولة عبر نقاشات منطقية صريحة ومتواصلة لمختلف القضايا السياسية. بمعنى أن التغيير المنشود وإيجاد الحلول للخلافات نصل إليها عندما نحدث تغييرا في ذواتنا. إذا لم نتفق اليوم على معرفة اختلافاتنا وأزماتنا ولم نستطع تشخيصها ونضع لها الحلول المناسبة ونعالجها، لا ندري فإلى أي مأزق سيقودنا عملية تأجيلها إلى ما بعد الدخول إلى إرتريا.؟؟
للازمة خمس مراحل:
1.مقدمة الأزمة: وتظهر في إطار اختلافات فهمنا السياسي للمصالح والثقافة والدين.
2.لحظة الضغط على الزناد أو لحظة الصفر.
3.المبادرات
4.مرحلة التمييز
5.مرحلة الحل: الإعتراف بأن الأزمة في حد ذاتها ليست حلا، والاعتراف بمخاطرها والاستعداد لجلب الحلول . هذه المرحلة هي إدراك لمختلف الخيارات المطروحة لحل الأزمة. وكما يقول “واتزالاوك.. وبيفن.. وجاكسون” (حتى نفهم الأزمة.. لابد لنا أن نفهم التفاوض)، فإن الخصام والاختلاف لا يؤدي إلى نهاية.. لهذا فإن التشاور والتفاهم أنجع وسيلة للتفاوض.
التفاوض: لاشك فإن كل ازمة لا يمكن أن تتضح وتحل إلا عبر اللقاء. فاللقاء نعني به، تحديد مكان للالتقاء وطرح نقاط الخلاف، قد ينجح أو بفشل. لهذا فثمة
•عنصران يطفوان على السطح في أي لقاء لبني البشر وهما:
-عنصر موضوعي
-عنصر رابط
وهذان العنصران متلازمان في اي لقاء.
-العنصر الموضوعي، وهو العنصر المنطقي الظاهر.
-العنصر الرابط، وهو رأي المشارك.. مثلا (التحرك الإقليمي) لا يساعد على تحقيق الهدف (فهو غير إيجابي). ولكن ثمة من يرى في هذا التحرك إيجابيًّا. فعندما تكون علاقة أصحاب الرأيين متوترة، يفتقد عنصر الثقة بين الطرفين وتسود الشكوك بينهما. وبالتالي يلجأ الطرفان إلى التفكير في السيطرة والتحكم على الأمور وتسود روح التعالي والتعصب. لهذا فإن اللقاء والمفاوضات تكون ضرورية.. وهنا لابد من الانتباه إلى الآتي:
1.أن يكون هناك دواعي
2.مراعاة أسلوب الحديث
3.الابتعاد عن أسلوب التهديد والترهيب بأي شكل كان
4.اتباع أسلوب متحضر وانتقاء الألفاظ.
5.البشاشة وسعة الصدر
6.صيانة اللسان من ألفاظ تنكأ مشاعر الطرف الآخر
7.عدم التخاطب بالأساليب السوقية
لاشك أننا في هذه الندوة نفكر كلنا في وسائل وحلول لمختلف أزماتنا واختلافاتنا، حتى لا تستمر بهذا الوضع. ذلك لأننا وبجانب شعبنا نعتقد بضرورة المشاركة في معالجة وضعنا السياسي المتأزم. لذلك يجب أن نؤمن بأننا لا نستطيع منفردين جلب حلول لمعضلاتنا إلا بالتكاتف والتفاكر. وللوصول إلى حلول مشتركة لابد لنا أن نضع في الاعتبار النقاط التالية:
1.تطوير القناعة المشتركة
2. امتلاك المعلومة الحقيقية
3. ما يجب أن نعرفه
4. ما علينا ترجمته
•تطوير القناعة المشتركة؛
كلنا أبناء وطن واحد. ولاشك أننا لا نختلف في ذلك. وبما أننا أبناء وطن واحد، إذا لم نطور قناعاتنا الوطنية، في وحدة الأرض والشعب،لاشك أن نظرتنا تتجه نحو البحث عن مصالح ما دون الوطنية. وبخطوة من الكل، كل في اتجاهه، لاشك فإننا بذلك سنشارك في إلحاق الضرر بالوحدة الوطنية. إذن نحن مرغمين على اتباع سيكلوجية تساعد على تمييز الصواب من الخطأ، والحقيقة من الكذب. وتثار الأزمة عندما ننطلق متجاهلين لهذه الحقائق التي هي أساس الأزمة. ولهذا فإنه يغيب عن أذهاننا مفهوم (احتضن غيرك لكي تُحتضَنْ..) وبذلك نندفع لتقييم الأمور من زاوية ضيقة وبنظرة ريب. وذلك :
-حتى لا يعالج الخطأ
-حتى لا نضع حدا لمكامن الخطر في حينه
-حتى لا تقبل الفكرة البناءة
-حتى لا تتلاقح الأفكار وتختمر
•امتلاك المعلومة الحقيقية:
عندما تأخذ المعلومة شكل استفزازي، تغطي على السبب، وهذا يحول دون امتلاك المعلومة الجيدة. وبسبب تمليك المعلومة الخاطئة، تتغلب النوايا السيئة على النوايا الحسنة. وبسبب سيطرة المعلومة الخطأ على الأجواء، يصعب علينا استيعاب الأفكار الجيدة. وهذا يسدُّ الباب أمام تلاقح الأفكار المتماثلة، وتحول دون تقارب العلاقات بين المتقاربين. وعندما لا نمتلك المعلومة الحقيقية والمفيدة، يصل بنا الأمر إلى درجة مساندة ما يتعارض ومصالحنا المشتركة. وكذلك نكون عُرضة لتصديق تلك المعلومة المغلوطة والتي توضع في قالب منمق. ونكون بالتالي ضحية دون ان ندري بمساندتنا للمنافق الذي أخفى عنا الحقيقة، بعد أن سلب عقولنا بكلام منمق.
•ما يجب علينا معرفته:
علينا معرفة مبادئ الحرية وهي واضحة، وعدم إلحاق أي ضرر بإنسان ، مراعاة واحترام حقوق الآخرين، وحرية التعبير بصراحة عن الرأي .. وإلخ.
معرفة نتائج البرنامج المطروح كحل، وتقييمه هل يحتاج الى تعديلات أوعدمها.
لوضع القرار النهائي لابد من الوضع في الاعتبار معرفة هل هو تقييم مؤسس على علمية ومن منطلقات حسن نوايا.
الانتباه إلى أن الحل الصحيح للخلافات والازمات يتم باسلوب هادئ، وليس بالعنف والمشاحنات.
التفكير للاستفادة من الاسلوب الديمقراطي وتحمل البعض حتى يتحقق الهدف والنتائج.
معرفة أن اختلاف الرأي، يجب أن نبحث له عن أفضل خيار للحل ، وألا ننظر إليه باعتباره هدّامًا.
كما يجب أن نضع في الاعتبار أن كل الجهود المبذولة، ستؤدي إلى طريق مسدود (فشل) ما لم يكن هناك اتفاق حول اتباع نهج قانوني وطني عام حول القضايا الوطنية المشتركة، خارج إطار الحزبية الضيقة.
•ما يجب ترجمته عمليًّا:
من المهم الإلمام بأسباب الازمة. بعد ذلك يمكننا المشاركة في طرحها وعلاجها. واولى المتطلبات قبل الشروع للمشاركة في حل الأزمة التي نعتقد بوجودها، الاستعداد لإجراء الدراسة لها وبحث حلول شاملة. واذا لم نستطع معرفة اسباب الخلاف بالضبط، أو لم يكن لنا الاستعداد لمعرفتها، بالتأكيد سنجد إشكالية في حل الازمة او وضع نهاية لها. لهذا يجب علينا التحلي بالمسئولية والضمير، حتى لا نكون اعداء الحرية والسلام والاستقرار. ونحقق ذلك بإحداث تغيير في ذواتنا. واذا لم نفعل هكذا لا نستطيع وضع دراسة لأسباب الأزمة ووضع نهاية ايجابية للقضية محل الخلاف. لهذا يتطلب منا عمل شيئين:
-أن نتعظ من اخطاء الماضي ونتفادى الاخطار السلبية.
-معالجة المرض لإنقاذ المريض.
وللوصول الى هذا :
1.معرفة الازمة والاختلافات وطرحها بوضوح؛
2.تحديد وتقييم نقاط الخلاف؛
3.تمييز الحل والبدائل؛
4.تقييم البدائل؛
5.اختيار حلول الازمات؛
6.ترجمة الحل على الارض.
وفي هذا الإطار يمكننا الاسترشاد بالنقاط التالية:
1.خلق ارضية تهيئ فكرًا سياسيًّا مرنًا؛
2.العمل على تطوير الثقافة الديمقراطية؛
3.التأمين على أن أية قضية وطنية عامة تحتاج الى مشاركة وتعاون الجميع؛
4.الاتفاق والتخطيط لكيفية الوصول إلى دستور دائم للنظام السياسي؛
5.البحث عن قانون يشرك الشعب وقواه السياسية؛
6.السعي للاعتماد على السياسة العملية والعلمية.
في الختام.. عندما نقول في فهمنا السياسي، إنقاذ الوطن، فإن ذلك لا يتحقق إلا عندما نكون قادرين على التنسيق مع القوى الأخرى، لتهيئة نظم دستورية حيوية ذات استمرارية، لا تضر بالهوية الوطنية والسلام الوطني والشعور الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى