تقارير

بين الرياض واسمرا. تعليق كتبه / فتحي عثمان

1-May-2015

عدوليس ـ ملبورن ـ

تتسم كيمياء العلاقات الرسمية السعودية الإريترية بدرجة فائقة من التعقيد. على الصعيد الأيديولوجي ومنذ منتصف الثمانينات حددت السعودية موقفها ضد التنظيم الشيوعي الجبهة الشعبية وانحازت إلى التنظيم الموحد. في تلك الفترة لعب ضابط الاستخبارات السعودي باهبري بالتنسيق مع اللواء عمر محمد الطيب رجل الاستخبارات السوداني ادوارا ضد الشعبية بقيادة اسياس.

بعد الاستقلال وضعت الحكومة الإريترية باهبري على القائمة السوداء للممنوعين من دخول البلاد، ووصلت العلاقات إلى أدنى مستوى لها سنة 1994 ، عندما قامت الحكومة الإريترية بقفل مكاتب هيئة الإغاثة الإسلامية السعودية وطرد الموظفين السعوديين وسجن الموظفين الارتريين بتهمة العمالة والتخابر وتهديد الأمن القومي، بعدها اتسمت العلاقة بالبرود التام حيث لم يشارك الرئيس الإريتري في مراسم تشييع العاهلين الراحلين فهد وعبد الله آل سعود. الاستقبال الرسمي الأخير والحافل للرئيس اسياس جاء في المرحلة الثانية من العمل العسكري في اليمن، واختلفت هذه الزيارة عن زيارته للرياض في 2008 حيث كانت بطلب اريتري واستقبله خلالها وزير الخارجية ولم تحظ الزيارة بتغطية إعلامية. تأتي هذه الزيارة واريتريا تحتفظ بعلاقات قوية مع مصر باعتبارها وقفت مع الانقلاب العسكري بشكل صريح، ويشكل الرئيس المصري مدخلا للرئيس الإريتري للرياض. أشارت الأنباء إلى توقيع عدة اتفاقات بين الطرفين منها اتفاق عسكري، بهذا الخصوص قد تحتاج المملكة إلى قوات برية مدربة على حرب العصابات، ومتعودة على التضاريس القاسية لليمن وفي هذه الحالة تمثل القوات البرية الإريترية خيارا مفضلا لأن طبوغرافية اليمن واريتريا متشابهة وتستطيع هذه القوات إنجاز التكليف العسكري دون الحاجة إلى تفويض برلماني كما هو الحال في دول أخرى. وإذا لم تقبل اسمرا العرض السعودي السخي بحل مشكلة الطاقة والسيولة المالية مقابل الدخول الحلف، فسوف تطلب الرياض من اسمرا البقاء على الحياد خلال أي مواجهة مع أطراف أخرى، خاصة وأن اريتريا ذات موقع مهم ضمن حسابات ما هو جار في اليمن. اسياس من جانبه فإن أبواب السماء فتحت له من حيث لا يدري بالاستقبال السعودي الحافل، رغم الفرصة الذهبية تراه قادما لوحده ، في رسالة واضحة لمضيفيه مؤداها انكم تتعاملون من بيده الأمر والنهي. من الناحية الدبلوماسية والبروتوكولية تمثل الحفاوة السعودية كسرا للبرود التقليدي في العلاقات وهو الذي لم يحسن اسياس استقلاله باستجلاب وفد حكومي يضم وزراء ومستشارين من تحقيق أقصى فوائد من الزيارة. وهذا يعكس انعدام المؤسساتية في البلاد والطبيعة الأمنية والعسكرية للزيارة. وكان ضمن مستقبلي الرئيس الزائر صاحبي السمو الاميرين سطام ومشعل أبناء الملك الراحل سعود بن عبد العزيز وهما من أم اريترية وللامر دلالته. وكان الوزير المرافق للرئيس الزائر وزير الإعلام عادل بن زيد الطريفي وهو اكاديمي متخصص في الشئون الإيرانية وهذه دلالة أخرى. صدمت الزيارة الأوساط المعارضة الإريترية والتي حاولت تأليب المملكة ضد اريتريا بحجة دعمها للحوثيين والعلاقات المريبة بين إيران واسمرا والادعاءات بأن الحرس الثوري يستعمل جزرا اريترية كقواعد لتدريب الحوثيين وهو أمر رددته وسائل الإعلام دون مصداقية. وبين الانضمام إلى العمل العسكري في اليمن بكل مغرياته أو الوقوف على الحياد دون جني مكاسب: أيهما سيختار اسياس والعزلة الدولية تمسك بتلابيب حكمه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى