تقارير

نشطاء إريتريون وسودانيون يدشنون مبادرة «كتاب لأجل إريتريا» ..جمعوا أكثر من 2500 كتاب لتكون نواة لمكتبة إريترية للاجئين

25-May-2015

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

الخرطوم: أحمد يونس -شهدت منطقة «أتنيّ» وسط الخرطوم، تجمعًا طوعيًا لشبان وشابات من السودان وإريتريا، يحمل كل منهم كتابًا لأجل مكتبة إريتريا، ومناشدة سلطات الأمن السودانية إطلاق سراح «مكتبة معسكر الشجراب» وفك أسر الكتب المصفوفة في رفوف تلك المكتبة.

وبادر مجموعة من شباب اللاجئين الإريتريين بـ«معسكر الشجراب» بالقرب من مدينة كسلا السودانية، بتأسيس مكتبة إريترية لتخدم ساكني المعسكر، لتسهيل حياتهم في معسكرات اللجوء القاسية التي لا حياة فيها. وسرعان ما جمعوا أكثر من 2500 كتاب نواة لمكتبة إريترية، وأقامت مفوضية اللاجئين المباني اللازمة ووفرت الأثاث، لكن سلطات الأمن المسؤولة عن المعسكر أغلقتها بعد يوم واحد من افتتاحها، ثم سمحت لجمهور القراء بارتيادها لاثني عشر يومًا، وأغلقتها مرة أخرى دون إبداء أسباب.
ويذكر موقع منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن أكثر من 117 ألف لاجئ إريتري يقيمون في السودان، وأن معدلات اللجوء إلى الحدود السودانية تقارب ألفي لاجئ شهريًا. يقول صاحب المبادرة الإريتري جعفر وسكة لـ«الشرق الأوسط» إنه ومجموعة شباب فكروا في إنشاء مكتبة إريترية في كل معسكرات اللاجئين، وفور طرح الفكرة في وسائل التواصل الاجتماعي جمعوا أكثر من ألفي كتاب لمكتبة معسكر «الشجراب»، وساعدتهم الأمم المتحدة في بناء المكتبة وتأثيثها، وتركت لهم شأن تزويدها بالكتب.
ويوضح وسكة أن الفكرة وجدت قبولاً من معتمدية اللاجئين، وإدارة الأمن بالمعسكر، إلى أن تم افتتاح المكتبة غير المسبوقة في مارس (آذار) الماضي، بيد أن سلطات الأمن في المعسكر بادرت بإغلاقها بعد يوم واحد من افتتاحها، معللين قرارهم بأن تسميتها بـ«المكتبة الإريترية» غير متفق عليها، وأن الاتفاق أن تسمى «مكتبة معسكر شجراب الثقافية».
ويضيف: «قلنا لهم إن المشروع هو مشروع مكتبة إريترية، وليس محصورًا على معسكر شجراب، وأمر التسمية يخص سكان المعسكر. نحن نسعى لتأسيس مكتبة إريترية، ولكم الحق أن تطلقوا عليها ما تشاءون من أسماء». وبعد أن أعيد افتتاح المكتبة وحل مشكلة الاسم، عادت السلطات وأغلقتها بعد 12 يوما فقط من افتتاحها الثاني. هذه المرة لم تقدم مبررات، أغلقتها وطردت اللجنة المسؤولة عن المكتبة.
ورغم قرار الإغلاق، فإن وسكة وزملاءه، استنصروا بشباب سودانيين لدعم المكتبة، ونظمت تبعًا لذلك مبادرة التبرع بكتاب للمكتبة الإريترية بين نشطاء ومثقفين وصحافيين سودانيين، لدعم المكتبة أولاً، ولإشعار السلطات بأن إغلاق المكتبة اعتداء سافر على حق اللاجئ في القراءة والتعلم بوصفه حقًا إنسانيًا أصيلاً.
وحسب وسكة، فإن المكتبة تخدم نحو 20 ألف لاجئ يقيمون في معسكر «الشجراب»، وخلال 12 يومًا ظلت مفتوحة فيها سجلت 1000 قارئ لما حوته من كتب.
ويقول الناشط في مبادرة «كتاب من أجل إريتريا» أبو بكر عبد الرازق، الشهير بـ«ود بوش»، إن المبادرة التي انطلقت الخميس الماضي، مخطط لها الاستمرار لمدة شهر، تعقد خلاله أربع جلسات؛ جلسة كل خميس للتبرع بالكتب وللتذكير بالظلم الواقع على أهل معسكر الشجراب.
وأقيمت المبادرة في منطقة «أتني» وسط الخرطوم، وهو المكان الذي ظل يقام عليه معرض الكتاب المستعمل الشهير «مفروش» الذي تنظمه جماعة «عمل» الثقافية، وأوقفته السلطات المحلية هو الآخر دون إبداء أسباب أيضًا.
يقول عبد الرازق: «تهدف المبادرة لتحقيق هدف ثنائي، جمع ألفي عنوان خلال الشهر في حد أدنى، والتضامن مع الأشقاء الإريتريين في معسكر الشجراب الذين حرموا جزافًا من حقهم الأصيل في الاطلاع».ويضيف: «هذا أبسط ما يمكن تقديمه لأناس تجمعنا بهم أواصر الدم والجيرة والأخوة الإنسانية، وعلى الرغم من عدم معرفتنا بمصير الكتب في المكتبة، فإننا نعمل على التبرع بالكتب لها في نوع من أنواع التحدي لمصادرة الكتاب».
ويعتبر عبد الرازق منع الإريتريين من الاطلاع والحيلولة بينهم وبين المعرفة، انتهاكًا لحقهم في حياة كريمة، وهدمًا لركن أساسي من أركان العلاقة بين شعبي إريتريا والسودان اللذين يجمعهما كثير من المشتركات الثقافية. ودعا عبد الرازق السلطات المسؤولة لإطلاق سراح «مكتبة الشجراب»، بوصفه إشارة مشجعة لكل الفاعلين الاجتماعيين في البلدين، وأهاب بالقارئين السودانيين والمهتمين بالعلاقة بين الشعبين دعم المكتبة غير المسبوقة بما يستطيعون من كتاب لتمتين علاقة القراءة بين شباب السودان وشباب إريتريا. وهو يوقع كتابه للمكتبة الإريترية، قال الشاعر مأمون التلب لـ«الشرق الأوسط» إن إبادة المكتبات مستحيلة، لأن المكتبة أصبحت من صلب الطبيعة، وأضاف: «نحن والإريتريون يتجاوز الاتصال بيننا الحدود الجغرافية والسياسية، ولم تعد هناك حدود فعلية بين البلدين، لذا فإن ما يؤلم إريتريًّا حتمًا يتداعى له جسد السودانيين».
ويقول الصحافي الإريتري ومدير موقع «عدوليس» جمال همد من أستراليا، لـ«الشرق الأوسط» إن إحصاءات مفوضية اللاجئين غير دقيقة، لأن الهجرة والتسرب اليومي يتم عبر طرق ومداخل بعيدة عن مراكز الاستقبال والإيواء.
ويضيف همد: «بعد استقلال إريتريا، تعثرت عملية العودة الطوعية، ولم يعد كل اللاجئين بسبب خلافات مع الحكومة الإريترية، ولم تلبث أن اندلعت الحرب الإريترية – الإثيوبية مجددًا ليتدفق سيل آخر من اللجوء». ويوضح همد أن «معسكر الشجراب» لا يوفر لقاطنيه الحد الأدنى الذي يتيح حياة لائقة بالإنسان، ولا تتوفر فيه الحماية وفقًا لقانون معتمدية اللاجئين وقانون المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وأنه «مجرد خلاء مفتوح يرتع فيه تجار البشر والمهربون، في غيبة الحماية للاجئين، وتخضع الأوضاع فيه لشخص واحد تابع لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، هو من أغلق المكتبة».
ويقول همد إن بلاده، التي تحتفل باستقلالها في 24 مايو (أيار)، بلا دستور ولا قانون، وتضم معتقلاتها أكثر من 20 ألف شخص، بينهم 20 صحافيا وكاتبا، وهذا الوضع هو الذي يتسبب في لجوء هذه الأعداد الكبيرة من الإريتريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى