مقالات

السودان وإريتريا ..الضغط بـ «المعارضين» : مزدلفة محمد عثمان

5-Jul-2006

المركز

جريدة الصحافة السودانية : 5/7/2006م
منعت الحكومة السودانية فصائل المعارضة الإريترية من عقد مؤتمرات، كان ينتظر التئامها في الخرطوم خلال يوليو الجاري ،وكانت جبهة التحرير الإرترية – المجلس الثوري- وثلاثة تنظيمات متحالفة تحت مسمى جبهة الإنقاذ الوطني وهي جبهة التحرير الإرترية – المؤتمر الوطني ، الحركة الشعبية الإرترية ، الجبهة الديمقراطية الثورية ) فرغت من ترتيباتها لعقد اجتماعات مفصلية واستعدت تنظيمات جبهة الإنقاذ لاعلان اندماجها بينما كان المجلس الثوري يتأهب لعقد مؤتمره السادس .

ولا ينفصل ما اقدمت عليها الحكومة السودانية بأية حال عن التطور الذي شهدته علاقتها مع اسمرا والزيارة التي قام بها الرئيس الإريتري إسياس أفورقي إلى الخرطوم الشهر الماضي، واتباعها باستضافة اسمرا لمفاوضات شرق السودان ورعايتها لتوقيع إعلان مبادئ بين الطرفين مهد لترتيبات انعقاد الجولة الثانية من المفاوضات في السابع عشر من يوليو الجاري .والاتفاق الاساسي في صفقة التطبيع بين البلدين المتجاورين ، كان ينص علي تعهد الحكومتين في الخرطوم واسمرا بعدم السماح للتنظيمات المعارضة باستخدام الاراضي لقيادة انشطة مناوئة للطرف الاخر. وكمحاولة لابداء حسن النوايا اتخذت الحكومة السودانية اجراءات عملية في نفس الاتجاه، وابلغت المعارضين الاريتريين الموجودين في السودان بعدم استعدادها لاستضافة انشطتها السياسية كما السابق ، وفي موازاة ذلك، اعلنت تنظيمات معارضة لاتفاق دارفور الموقع بين الحكومة وحركة تحرير السودان ” جناح مني اركو” عن تكوين ” جبهة الخلاص الوطني ” وهو تحالف بين حركة العدل والمساواة التي يتزعمها خليل ابراهيم وفصيل منشق عن حركة تحرير السودان يقوده عبدالله بندة ابكر، اضافة الي التحالف الفيدرالي بقيادة احمد ابراهيم دريج وجميع اولئك القادة يتخذون من اسمرا مقرا سياسيا ، وتبنوا رسميا العمل العسكري الذي نفذ علي حمرة الشيخ واودي بأكثر من عشرين قتيلا وجريحا ، وبرغم ان التصرف اربك الكثير من الحسابات واتجهت اصابع الحكومة الي تشاد باعتبارها الداعم للتحرك وهي معروفة بعلاقات متميزة مع قيادات العدل والمساواة، الا ان اعلان جبهة الخلاص مسؤوليتها عن الاحداث رفع كثيرا من اسهم المعارضة الاريترية في السودان. ووفقا لابرز قادتها حسن علي اسد الذي تحدث الي ” الصحافة ” هاتفيا امس فإن التنظيمات المناوئة لنظام افورقي انخرطت في اتصالات مع الحكومة السودانية لحثها علي العدول عن قرارها السابق بتعليق نشاط المعارضة ، واكد تقدمهم بطلب في ذات الخصوص لكنهم لم يتلقوا ردا حتي اللحظة ، ويشير الي ان الفصائل الاريترية تقدر لحد بعيد حق السودان في التصرف بما يتوافق مع مصالحه واتخاذ ما يراه من خطوات لخدمة اهدافه، وبالمقابل فإن الثقة كما يقول اسد مفقودة تماما في النظام الاريتري باعتباره محور الازمة الرئيسية ، ويشير اسد الي ان السودان قدم كل ما بوسعه لبناء الثقة ، ولكن افورقي واجه الوضع بموقف ابتزازي واضح ، بدليل احتضانه لجبهة الخلاص كبديل لورقة جبهة الشرق ، ولايري المعارض الاريتري ان السودان جني اية فائدة من تقاربه مع اريتريا وطرده للمعارضة ، ونصح بأن تركز الحكومة السودانية علي بناء علاقاتها مع الشعب الاريتري ومساعدته في الحصول علي حريته ، وتوقع ان يحصل تغيير لافت في موقف الحكومة السودانية تجاه المعارضة الاريترية ليس بسبب التطورات الامنية الاخيرة في دارفور ولكن لانها ستكتشف في “لحظة ما ” ان الطرف الاخر غير جدير باية تضحيات .وعندما توجهت ” الصحافة” امس باستفسار مباشر الي مسؤول رفيع بالسفارة الاريترية في الخرطوم حول مستقبل العلاقة بين الخرطوم واسمرا في ظل رعاية الاخيرة لحركات مسلحة مناوئة للخرطوم، اكتفي بالقول ان الحكومة الاريترية لم تصدر موقفا رسميا من التطور الاخير ، وحتي في اسمرا كان المسؤولون الحكوميون هناك منشغلين برعاية مراسم الاتفاق الامني بين الحكومة وجبهة الشرق الذي اقره اتفاق المبادئ لمعالجة المسائل الامنية العالقة، لتقيم الحكومة علي ضوئه ما اذا كان الوضع كفيلا بتأمين الحدود من تفلتات امنية محتملة لترفع بعدها الطوارئ واتطلق سراح المعتقلين ، والشاهد ان الحكومة الاريترية مهتمة بوساطتها في حل الازمة بشرق السودان ولا يمكنها ان تغامر في هذا التوقيت بتعكير صفو الاجواء الحالية وترعي عملا مسلحا لتحالف المعارضة الوليد .ويؤكد الصحفي المتخصص فى الشأن الاريتري، فائز الشيخ السليك، ان اريتريا حريصة علي لعب دور ايجابي في عملية السلام بالسودان. ويقول في حديث مع ” الصحافة ” من اسمرا نهار امس ان استضافتها للحركات المناوئة لاتفاق السلام في دارفور كان محطة للدفع باتجاه العملية السلمية سيما وان قادتها مقيمون هناك اصلا ، وينبه الي ان التطورات العسكرية علي الميدان والتي تبنتها جبهة الخلاص الوطني كان معدا لتنفيذها علي ما يبدو منذ وقت مبكر ، ويؤكد ان العملية العسكرية المنفذة في كردفان لاتتسق وفق تقديره مع العمر القصير للتحالف الوليد، سيما وان الهجوم تم من الجهة الغربية وربما خطط له فصيل واحد لكن تبنته الجبهة المكونة حديثا كنوع من الدعاية الاعلامية، اضافة الي ان لغة القوة والسلاح تعتبر هي الكاسبة حين يجلس الجميع علي طاولة التفاوض ، ولا يستبعد السليك ان تؤثر التطورات الاخيرة علي مفاوضات الشرق المرتقبة في اسمرا حال تعامل الحكومة السودانية مع الموقف بردود الافعال، لكنه شدد علي ضرورة الفصل بين قضيتي دارفور والشرق ، خاصة وان الحكومة الاريترية لم تصدر حتي نهار الامس موقفا رسميا تجاه التطورات الاخيرة، بل ان صحفها اليومية اهتمت كثيرا ببروتوكول الترتيبات الامنية الذي ترعاه اسمرا لتهدئة الاوضاع في الشرق. ولا تبدو الحكومة السودانية منزعجة كثيرا لتطور سلبي في العلاقات مع اسمرا، بل تعد نفسها كما يقول الناطق باسم وزارة الخارجية جمال محمد ابراهيم “للصحافة” لدور محوري في تطبيع العلاقات بينها و بين اديس ابابا. ويضيف ” اريتريا تتولي الان ملف الشرق في أعقاب التطبيع معها، ويمكن للسودان لعب دور في إعادة العلاقات بينها وبين إثيوبيا،ويستدرك بالقول “ربما الظروف الحالية غير مواتية، ولكن الأولوية لحل مشكلة الشرق، وبعد ذلك يمكننا لعب ذاك الدور. “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى