مقالات

المعارضة السودانية هل تلهم المعارضة الاريترية؟ : ياسين الكليم

13-Feb-2008

المركز

صحيفة المحرر الاسبوعية
في الخامس من فبراير الجاري، كانت أرتيريا حضورا بقاعة الشهيد الزبير محمد صالح بالخرطوم، كانت حاضرة بفصائلها التي خاضت من قبل حرب التحرير من الاحتلال الأثيوبي، متضامنة متوحدة، في الهدف والموقف من الاحتلال، رغم اختلافات كثيرة بينها في المنطلقات الفكرية والانتساب الديني، حيث جمعت مسلمين ومسيحيين من الذين جمعت بينهم رغائب الحرية والتحرر من الاحتلال الغاشم،

ولهذه الاختلافات ولغيرها انهار حلم دولة العدل والحرية و الوحدة في إطار التنوع، بعدما استطاع الثوار الارتيريون هزيمة أثيوبيا وتحرير الأرض في العام 1991، فقد تنكر أسياس أفورقي لكل من أعانه في معركته وخصوص الدول العربية التي أيدت الثورة ودعمتها بالمال والسلاح والإعلام أيام كانت عزيزة بعيدة المنال كالسودان وسوريا والعراق وحركة فتح الفلسطينية ومصر ولكن أسياسي كافئ الجميع بتطبيع علاقاته مع إسرائيل. ولم يكن حظ شعبه بأحسن حال من حظ الدول العربية والإسلامية المناصرة، فقد ذاق شعبه – من مسلمين ومسيحيين – الويل والعنت والاضطهاد بأسوأ مما كان أيام الاستعمار الأثيوبي لارتيريا. تداعت ثلاث مراكز بحثية وإعلامية لطرح سؤال كبير ومهم في هذه المرحلة من تاريخ أرتيريا والتي تغيرت فيها المواقف السياسية حيث استطاع أسياسي أفورقي تطبيع علاقاته مع السودان عبر التحول لوسيط سلام بين الحكومة السودانية والفصائل المتمردة وهذا التحول يفرض على الحركات الأرتيرية المعارضة والتي تتخذ من السودان مقرا ومنطلقا أن تراجع مواقفها وأن تعيد بناء استراتيجيتها للمرحلة المقبلة وأن تعد إجابات حاضرة للسؤال الدائم : كيف تحل المشكلة الأرتيرية، هل باقتلاع النظام من جذوره عسكرياً كما كانت تقول المعارضة السودانية أثناء وجودها في ارتيريا ثم تركت ذلك كله وشاركت النظام السوداني الحكم؟ أم أن الخيار السياسي للمعارضة الأرتيرية هو ما انتهت إليه المعارضة السودانية من مصالحة واتفاق مع حكومة بلادها؟ وما هو شكل الاتفاق المطلوب وما هي الرؤى التفاوضية التي تتبناه المعارضة وهل للمعارضة الأرتيرية رؤية واحدة أم ستبحث عن حلول منفردة مع الرئيس أفروقي؟ ولهذا كانت الورشة التي أقامتها :المركز الأرتيري للخدمات الإعلامية، و مركز دراسات القرن الأفريقي ومركز البحر الأحمر للدراسات والبحوث، كانت موفقة حين جعلت مدخلها الأول: (الحوار الأرتيري –الأرتيري .. التحديات والآفاق). وهو عنوان الورشة واسم الورقة الولى التي قدمها الشاب المثقف الأستاذ عبد الرازق كرار، والتي حظيت بناقش طيب من الحضور، وقد خلص الأستاذ كرار إلى أن قيام حوار أرتيري أرتيري بإرادة إرترية غير متوقع نتيجة لعوامل نفسية وتاريخية وسياسية ولحالة عدم الثقة بين الأطراف، نتيجة للاختلافات المفصلية بين مكونات المعرضة بعضها مع بعض وبين المعارضة مجتمعة والحكومة الأرتيرية، مع وجود تقاطعات شديدة في الأجندة بين المتحاورين قد تجعل من الخروج بنتائج إيجابية كبيرة غير متوقع عند كل طرف مما لا يشجعهم على الدخول في حوار، وكذلك لا بد من وجود منبر للحوار في دولة لها مصالح حقيقة من وصول الفرقاء الأرتيريين لحل للمشكل السياسي بينهم. ويرشح الأستاذ عبد الرازق كرار السودان منبراً لعلاقاته المتميزية مع جميع الأطراف الأرتيرية حكومة ومعارضة كما أن له مصالح حيوية وحقيقة من حل الأزمة الأرتيرية، وكما أن السودان يستطيع من تقليل المخاوف الأثيوبية تجاه هذا الحوار بحكم الثقة المتوفرة بين البلدين. ويراهن الأستاذ كرار على إمكانية تحقيق المعارضة رغم ضعفها لنتائج مهمة لعدالة القضية والمطالب؛ إذا وافقت على الدخول في حوار مع الحكومة الأرتيرية. أما الورقة الثانية في ورشة الحوار الأرتيري – الأرتيري ؛ فقد كانت عن العلاقات الخارجية الأرتيرية: رؤية تحليلية وتقويمية،،أعدها الأستاذان محمد عثمان محمد نور والأستاذ هارون آدم، والتي قررا فيها أن أرتيريا عندما كانت في مرحلة حرب التحرير استطاعت جبهات المقاومة تأسيس علاقات خارجية جيدة مع محيطها العربي باعتبار (أن المحيط العربي الإسلامي هو المحيط الطبيعي والتاريخي والثقافي للشعب الأرتيري) وبعد التحير وقفت الدول العربية والإسلامية مع الدولة الوليدة في أرتيري ، ودعمتها بالمال، حيث دعمت قطر أرتيريا 600 مليون دولار أمريكي، وكذلك ساهمت السعودية والكويت وأبو ظبي واليمن وكذلك ليبيا ومصر، ولكن توجست الجبهة الشعبية من تلك العلاقات، وابتعدت عنها واتجهت إلى تأسيس بدائل أخرى متمثلة في الدول الغربية وهو ما انعكس على طبيعة الدولة بعد تسلط الجبهة الشعبية عليها، حيث أصبحت( أرتيريا دولة متنازعة بلا هوية) وأن علاقاتها رغم رفعها شعار (سياسة خارجية تقوم على تبادل المصالح والمنافع المشتركة مع الجميع إلا أنها ظلت انتقائية محدودة تدور في فلك محاور بعينها). ولكن نتيجة لسلوك أرتيريا الخارجي منذ استقلالها في العام 1991م ومواقفها وممارستها العملية مع المحيط الخارجي فقدت أرتيريا الكثير من العلاقات و المصالح ووقعت في كير من المخاطر، وعزلت أمريكا نفسها من المحيط العربي و محيطها الإقليمي، ثم دخلت في نزاع مسلح مع أثيوبي ، ثم دخلت في نزاع مع دول الاتحاد الأوربي وطرد السفير الإيطالي من أسمرا وأخيرا دخلت في نزاع وخصام مع الولايات المتحدة الأمريكية، لتصبح أرتيريا دولة حبيسة معزولة عن محيطها وإقليمها. وانتهت الورقة إلى أن أي محاولة إلى إصلاح الأوضاع في ارتيريا تقتضي التصالح مع المحيط والإقليم والعالم الخارجي وخصوصا العالم العربي ودول الصين وفرنسا الأكثر حضوراً في أفريقيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى