مقالات

حذاري أ ن نحلم للوصول الى السلطة على أ نقاض الوطن منطلقين من قراءات مشوهة للتاريخ !

بقلم /حامد ضرار
نائب رئيس المجلس المركزي لتنظيم وحدة الإرتريين (ت.و.ا)

لأن ليس هناك من يصغي لحديث العقل داخل الأطر التنظيمية الخاصة، وجدت الآن ضرورة أن أشارك ما يقلقني من أفكار تراكمت عبر تجربة ليست بالقصيرة وظلت حبيسة في داخلي لسنوات، أن أشاركها مع كل من يسعى للإتيان بالتغيير الديمقراطي الذي ينشده شعبنا وكل من ينادي بالوصول لدولة القانون والعدالة في إرتريا. لقد سكتُ، فيما مضى من وقت، عن البوح بما اعتقدت أنه خطأ في ممارسات المعارضة التي أنا جزءٌ منها، خشية أن لا تنفض عنَّا القطاعات الجماهيرية على قلتها، التي تلتف حول تنظيماتنا وأن لا تهتز وتضعف بالتالي ثقة الشعب ويخيب أملها فينا نحن الذين نتشدق بشعارات تدعو إلى التغيير الديمقراطي.
الشيء المؤسف أن قيادات المعارضة الإرترية، والتي أنا، أيضًا، واحدٌ منها، بدلًا من السير قدمًا لتحقيق الأهداف المعلنة في برامجها، نجدها تسجل تراجعات مذهلة باستمرار. السبب وراء ذلك التراجع، في قناعتي، يكمن في وجود حفنة من القيادات الانتهازية تمددت في مختلف مفاصل التنظيمات المعول عليها الإتيان بالتغيير. فتلك القيادات النفعية تعمل آناء الليل وأطراف النهار للحيلولة دون حدوث التغيير في إرتريا، لاسيما فهي عبر تشدقها بمعارضة النظام خلقت شبكة من العلاقات والمصالح في غير مكان، والتي ستتضرر حتمًا، فيما لو حدث أي تغيير.
بالتالي وبالمنطق البسيط، فإن مسألة إنقاذ الوطن ليس من هموم وأولويات أولئك المتنفذين ذوي الإرتباطات المشبوهة مع جهات ودوائر لا تريد بالقطع، مصلحة إرتريا، بل ضعضعتها لضمان استمرار تحقيق مصالحهم الشخصية والآنية. فسرعان ما انكشفت الأقنعة التي غطت وجوه الكثير من أولئك النفعيين بمجرد ما اندلع الصراع الداخلي الإثيوبي الأخير، فنسيوا أن يضعوا في مقدمة أولوياتهم درء المخاطر عن وطنهم، فقاموا بتنصيب أنفسهم قضاةٍ وحماةٍ للدفاع عن الشعب الجار في تقراي وحكومة إقليمه.
لا يتوقف الإشكال عند ذلك الحد، فإذا أمعنا النظر فيما مضى من تطورات خلال العقدين الماضيين، أي منذ تأسيس التجمع الوطني والتحالف الإرتري للتغيير الديمقراطي، فسنجد أن التنظيمات السياسية في المعارضة الإرترية، بدلًا من أن تصوغ برامج سياسية واضحة مجمع عليها والعمل من أجل اصطحاب تنظيمات مدنية ومجتمعية أخرى وأفراد مستقلين للعمل من أجل انجاح تلك البرامج، نجد إن ما تم كان شيئًا مختلفًا. فكما حدث في مؤتمري الحوار وأواسا فقد رأينا شخصيات من المجتمع المدني لا يعرف لا خلفياتها ولا من يقف وراءها، رأيناهم وهم يتصدون لتوجيه دفة قيادة عمل المعارضة، الأمر الذي آل بالمجلس الوطني، وقبله في مرحلة سابقة، التحالف الديمقراطي إلى الفشل الذريع.
وللأسف دون استخلاص العبر والدروس من أخطاء العشرين عامًا الماضية، ندخل مجددًا نحن في المعارضة، في دائرة ذات الخطأ، إذ رضينا مؤخرًا، دون أن ندري، في أن نكون دمى بيد قيادة “كفاية” التي أعلنت نفسها، للملأ بكونها منظمة مجتمع مدني خلال الأعوام الثلاثة الماضية. فبموافقتنا نحن قيادات المعارضة بأن يتم تسييرنا والتأثير علينا من قبل هذه المنظمة “المدنية” دون التدقيق حول إرتباطاتها وعلاقاتها، فنحن وللأسف، نعيد الخطأ الذي وقعنا فيه قبل 12 عامًا من الآن، يوم كان عددنا في مظلة التحالف الديمقراطي لا يتعدى أحد عشر عضوًا، حيث غضضنا الطرف حينها وتناسينا تحت ذرائع شتى أن مسألة الإتيان بالبديل الديمقراطي عن النظام المهيمن في البلاد هو بالأساس مهمة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لها أدوارها المحددة والمعروفة. بيد أننا بالنتيجة يبدو علينا ومن خلال إصرارنا على المضي في ذات المسار الخاطيء بأننا لم نستوعب بعد أي دروس من تجاربنا السابقة.
وأنا أقيّم أخطاءنا نحن المنادين بالعدالة وحكم القانون، لا استحضر فقط تصريحات ومواقف القلة من قيادات المعارضة الانتهازية فقط، بل الشيء الذي جعلني اندهش وأحزن أكثر، هو أن تتناسي قيادة منظمة “كفاية” كونها منظمة مجتمع مدني وأن تغفل عن دورها الحقيقي، ليصرِّح الكثير من قياداتها للعلن، أثناء حرب تقراي الأخيرة، عن وقوفهم بجانب “قوات دفاع تقراي” لغزو إرتريا وإسقاط النظام هناك.
مثار دهشتي واستغرابي هو أن تتناسى قيادة منظمة “كفاية” مواقفها تلك وأن تدعو اليوم أكثر من 60 تنظيمًا وحزبًا من قوى المعارضة السياسية وتنظيمات مدنية وأفراد مستقلين، بما فيهم التنظيم الذي أنا أحد قياداته، “تنظيم وحدة الإرتريين”. لهو أمر تشوبه الريبة والشك في أن تتقدم هذه المنظمة، الآن بدعوة للتوفيق فيما بين أطراف فصائلنا “السياسية” بحجة حشدهم تحت مظلة واحدة ليخوضوا معركة اسقاط النظام الإرتري الذي حلمت هي في تحقيقه من قبل، بأيادٍ خارجية، على رأسها، كما مر ذكره قوات دفاع تقراي. بقبول فصائلنا هكذا مخططات لا يعرف مصدرها وممولها، فهي تكرر دون وعي تجربتي التحالف وأواسا التي آلت إلى لا شيء سوى مزيد من التشرذم والفشل في جسم المعارضة، الأمر الذي يستدعي رفع الأصوات عاليًا للقول كفى مهازل!! وهذه المواقف مع غيرها هي التي دفعتني، على المستوى الشخصي، لأخرج عن صمتي الآن لأقول رأيي فيما يحدث.
يكون أمرًا مهمًا التنويه هنا، من أن أزمة معسكر المعارضة الإرترية ليست بالضروة مشكلة تنظيم أو إثنين من مكوناته، بل في الحقيقة هي حالة ضعف شاملة لا يستسنى منها أحد.

مع ذلك، في هذه المرحلة سأغض الطرف عن أخطاء ومشكلات التنظيمات الأخرى، لأركز على واحدة فقط من تجاربنا الخاصة خلال العشرين عامًا الماضية، والتي بدأت بتأسيس الحزب الديمقراطي الإرتري ومرورًا بحزب الشعب الديمقراطي الإرتري وتنظيم الوحدة من أجل التغيير الديمقراطي ووصولًا في النهاية إلى مرحلة التنظيمات الثلاثة التي اندمجت في جسم واحد وهو "تنظيم وحدة الإرتريين". وتلك التنظيمات هي: 
  1. تنظيم وحدة الإرتريين للعدالة:
  2. تنظيم الوحدة من أجل التغيير الديمقراطي؛
  3. جبهة الإنقاذ الإرتري “حدري”.
    وبالفعل هذا التنظيم الذي شكلته الأطراف الثلاثة بعد إلغائها لكياناتها ومؤسساتها الخاصة بكل منها، قد بدأ رحلته النضالية في شهر نوفمبر 2021 عقب اختتام جلسات مؤتمره التوحيدي وانتخاب قيادته.
    بيد أن الأمور لم تمض منذ الوهلة الأولى كما حلمنا وتمنينا. فأعضاء التنظيم من الذين ولدوا بعد الاستقلال والتي كانت آمال الجميع معلقة عليهم لينقلوا أداء عمل التنظيم إلى مصافات جديدة ومختلفة. كان مرد تعليق تلك الآمال على أولئك الشباب كان نتيجة كونهم جاءوا إلى التنظيم وهم متحروون من أصفاد وتعقيدات الماضي سواء تلك المتصلة بتجربتي الجبهة والشعبية أو غيرها من أمراض ومعوقات اجتماعية وسياسية، الأمر الذي حمل الكثيرين على الإعتقاد بأنهم سينقلون النضال إلى مرحلة أكثر تطورًا بإستخدام أساليب وأفكار جاذبة تقود عجلة العمل النضالي نحو آفاق أفضل مما تعودنا عليه. للأسف الأمور لم تسر كما حلم الجميع إذ أضحت تلك الآمال مجرد أضغاث تبددت بسرعة.
    وعلى عكس كل التوقعات، لم يساهم أولئك الشباب في إخراجنا من وحل أمراضنا السياسية المزمنة، بل فقد جلبوا إلينا أساليب عمل غريبة لم نعهدها من قبل مع قراءة مشوهة لتاريخ إرتريا، وبالتالي ناهيك أن نكون بوتقة لوحدة كل الإرتريين، فلم يفلح التنظيم في تمتين وحدته الداخلية والمحافظة على أعضائه.
    ويمكن فيما يلي ذكر بعض من العوامل التي أدخلت التنظيم في متاهة لا متناهية من المشكلات:
  4. على عكس كل التوقعات، قبيل المؤتمر التوحيدي للتنظيمات الثلاثة والذي عقد في نهاية شهر نوفمبر 2021، اقترح أولئك الشباب حرمان أي عضو خدم التنظيم في المرحلة السابقة في اللجنة التنفيذية أو المجلس المركزي من الحقوق التي يتمتع بها عضو المؤتمر، إلّا إذا كان ذلك القيادي قد تم انتخابه من فرعه. بالتالي وفق ذلك المقترح، يتعين على أعضاء التنفيذية فقط تقديم تقارير عملهم في الدورة السابقة والرد على أسئلة واستفسارات المؤتمرين ومواصلة جلسات المؤتمر كمراقبين فقط. صحيح ذلك المقترح لم يتم قبوله، ولكن دون شك فقد أدخل الأعضاء في حالة من الإرباك والنقاشات التي أخذت الكثير من طاقة التنظيم وهو في بداية توجهه لمؤتمره التوحيدي.
  5. سكرتارية المؤتمر بدورها، وبسبب ضيق أفقها لم تعمل أي جهد للمساعدة في حل المشكلات التي كانت تواجه التنظيم، فبذريعة عدم توفر شبكة تربط المؤتمر بالسودان وتمكِّنُ أعضاءه هناك من الإشتراك في المؤتمر، سجل فرع السودان غيابًا تامًا لكل أعضائه عن كل جلسات المؤتمر. بسبب خسارة فرع السودان وإهماله فقد ساد شعور من الإستياء والأحباط بين كوادر التنظيم الذين ناضلوا في مراحل سابقة ولسنوات من أجل جلب التغيير المنشود في البلاد. وكأنَّ أخطاء اللجنة التحضيرية وسكرتارية المؤتمر التوحيدي في نوفمبر 2021 بخصوص ما تقدم، لم تكن كافيةً، فاللجنة التنفيذية التي تم انتخابها من داخل المؤتمر، هي الأخرى واصلت تكريس ذات الأخطاء إذ لم تعمل من أجل الاستماع لشكوى فرع السودان وحل قضية عدم مشاركته في المؤتمر. ذلك التجاهل من قبل التنفيذية لخسارة فرع السودان وأعضائه، دفع الكثير من الأعضاء للتساؤل قائلين ما فائدة أن يسعى التنظيم لتوحيد الإرتريين في الوقت الذي يفشل فيه من المحافظة على عضويته الداخلية!
  6. مسألة تبني الديمقراطية في الانتخابات ودخول المؤتمر دون إجراء مشاورات وتفاهمات كافية ودون أخذ التعددية الوطنية والتنظيمية بعين الإعتبار، ساهمت هي الأخرى في ضعضعة الثقة البينية فيما بين الأعضاء.
  7. كنتيجة لإدخال أسلوب غير معروف ولم يعمل به من قبل في الترشح لانتخاب القيادة في المؤتمر، والذي تمثل في أن يحق لكل أعضاء المؤتمر البالغ عددهم قرابة 160 عضوًا، الترشح للقيادة الجديدة دون أي مراعاة أو ضوابط وذلك لانتخاب المجلس المركزي المكون من 25 عضوًا. إعتماد هذا الأسلوب الغريب كان بمثابة عامل زاد من تعقيد الإشكالات داخل التنظيم.
  8. كما سبق ذكره، فإن نتيجة الانتخابات جاءت على نحو لم يعكس لا تعددية التنظيمات الثلاثة المكونة لتنظيم وحدة الإرتريين ولا التنوع الذي تتميز به إرتريا بعامة، فواحد فقط من التنظيمات الثلاثة خرج من المؤتمر مهيمنًا على الغالبية الساحقة لمقاعد المجلس والتنفيذية. لهذه النتيجة كانت آثار سلبية زادت من ضعف الثقة البينية داخل الأعضاء. ومع تزايد السخط بين الأعضاء لمختلف الأسباب، ومن بينها، الآنف ذكرها، وللمطالبة بإيجاد حلول مقبولة للتحديات والمشكلات التي يواجهها التنظيم، فقد بادر عدد مقدر من الكوادر القيادية التي لعبت أدوار مهمة في مراحل ما قبل وأثناء مرحلة الأندماج في تنظيم واحد، بادروا بتقديم رسالة مكتوبة تضمنت المشكلات القائمة ومقترحات حلولها، بيد أن التنفيذية المنتخبة من المؤتمر التوحيدي، بدلًا من التوجه لأخذ تلك المبادرة في حسبانها، تجاهلتها بالقول إنَّ أولئك الأعضاء قدموا فقط مجرد توصيات يمكن الرجوع إليها في المستقبل. تجاهل التنفيذية وعدم اهتمامها دفع بأولئك الكوادر للانسحاب من التنظيم دفعة واحدة. الأسوأ من كل ما تقدم، هو ما تضمنته وثيقة تم وضع مسودتها من قبل اللجنة التنفيذية يو 10 أكتوبر 2022 والمصادقة عليها من المجلس المركزي للتنظيم يوم 3 ديسمبر 2022 وهي وثيقة تعكس سياسة التنظيم جاءت في 11 صفحة وتحت العنوان: “الغايات الإستراتيجية لإنقاذ الشعب والوطن”. نقرأ في الصفحة الخامسة من تلك الوثيقة الهامة وتحت العنوان الفرعي :
  9. “التحديات الداخلية وفرصنا”
    ففي الفقرة الثالثة من الصفحة الخامسة من الاستراتيجية المقترحة للتنظيم نجد التاريخ والنضال الإرتري مشوهًا إذ تم صبغهما بألوان غريبة وعجيبة وعلى النحو التالي:
    ” إنهاء الفيدرالية وعمليات البطش التي قام بها الإحتلال الإثيوبي قد حفز الشعب الإرتري للنضال، إلّا أن السياسة الطائفية التي نشأت في ظل الإدارة العسكرية الإنجليزية والتي أضحت نموذجًا سيئًا للجيل الذي أعقب تلك المرحلة وبدأ النضال من أجل الاستقلال الإرتري، مضافًا إليه الأسلوب النضالي المتخلف لذلك الجيل والذي انكشف ليوصل الأمور إلى الحرب الأهلية. فبينما ارتكزت جبهة التحرير الإرترية ذات الطابع المجتمعي الإسلامي في منطقة بركا، ارتكزت بالمقابل الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا ذات الطابع الإجتماعي المسيحي في منطقة الساحل. وبالإضافة إلى كل ما تقدم، فكلا التنظيمين فقد تبنيا أجندة بعيدة عن المصلحة الوطنية الإرترية تمحورت حول معاداة إسرائيل الصهيونية والدول الرأسمالية في الغرب على نحو أوصل في النهاية إلى وضع إرتكاب المذابح بين الأخوة. أي تم الوصول إلى المعادلة ذات الحصيلة الصفرية”.
    ألم تكن الغاية والهدف من إلغاء كياناتنا كتنظيمات ثلاثة والإندماج في تنظيم واحد هو المحافظة على التاريخ الحقيقي لإرتريا وحمايته من أي تشويه؟ ففي الوثيقة التي نحن بصددها، لم يتوقف الأمر بالقول أن الجبهة في بركا كانت تنظيم إسلامي والشعبية في الساحل كانت مسيحية الثقافة والانتماء!! فقد إمتد للأسف، تشويه التاريخ الإرتري لتقول تلك الوثيقة من أن المواجهات والحروب التي وقعت بين التنظيمين لم تكن على خلفية خلافات سياسية، بل كانت بين الإرتريين المسلمين وأشقائهم المسيحيين!!
    ومن خلال تطرق الورقة لمرحلة الفيدرالية، يشي محتواها من جهة، أن الفيدرالية كانت برغبة إرترية وبالتالي لأن انهاءها لم يعجب الإرتريون وقفوا ضده، ومن الجهة الأخرى تزعم أن ذلك الإلغاء حفزهم للنضال من إجل إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي.
    وفي الحقيقة، ليس فقط ما من كائن كان أن يقبل هكذا تشويه للتاريخ بل أن يتوقع صدوره ووضعه في متن استراتيجيه تنظيم وطني يهدف إنقاذ الشعب والوطن والإتيان بتغيير ديمقراطي منشود.
    في الختام
    لإيماني من أن تجربة العقدين المنصرمين، والتي إتاحت لي فرصة العمل مع الكثيرين أحزابًا وتنظيمات، وكان آخرها “تنظيم وحدة الإرتريين”. كانت كافية للاستفادة من المعوقات والأخطاء التي مررنا بها وكان من المنطقي أن يكون التنظيم الأخير الأرقى والأحسن بحكم التراكم الإيجابي. من هنا ولأن آخر تلك التجارب وتلك العناقيد وعلى عكس كل التوقعات كانت محبطة، على الأقل بالنسبة لي، من هنا ركزت عليها بإعطائي بعض الأمثلة لمواطن الضعف. بيد أنَّ باقي التجارب السابقة سواء ما تعلق منها بالحزب الديمقراطي الإرتري أو حزب الشعب الديمقراطي الإرتري أو حتى تنظيم الوحدة من أجل التغيير الديمقراطي، لا يعني، بأي حال، أنها كانت عال العال. هناك الكثير من العبر والدروس المستفادة من مجمل الرحلة في فضاءات العمل الإرتري المعارض، لكن ليس الآن وقت الحديث عن كل ذلك.
    بعد تجربة عاصفة أمتدت لسنوات ليست بالقصيرة، شابتها تعقيدات كثيرة تم استخلاص دروس وعبر مفيدة إلى أن وصلنا مرحلة انتمى إلينا جيل ممن ولدوا في مرحلة ما بعد الإستقلال تم تسليمه مقود القيادة لأننا استبشرنا به خيرًا. أيعقل بعد هكذا مسيرة حافلة، أن يتم تبني أفكار غير عملية وإبراز تاريخ مشوه لإرتريا يكون مدعاةً للاختلاف والتباين؟
    وفوق ذلك وبعد مسيرة حافلة للنضال المشترك للمعارضة، أليس من المستغرب مشاهدة تنظيمات سياسية تزعم امتلاكها رؤى متكاملة لإخراج بلد من أزمته، أن تركض وراء “منظمات مجتمع مدني”؟. والأكثر غرابة ولحد الاستهجان، هو رؤية تنظيمات في المعارضة، ومن بينها “تنظيم وحدة الإرتريين” أن تتعامل بمختلف التبريرات مع دوائر وقوى إرترية وغير إرترية وصفت النضال الإرتري بالفاشل وغير العادل وتحالفت مع اتجاهات معروفة تريد هدم إرتريا وتقويض سيادتها وتفتيت مكوناتها الإجتماعية بمختلف المسميات والوسائل.
    لأن المتنفذين من الانتهازيين في كل مكان، لاهم لهم سوى تحقيق مصالحهم الضيقة، حتى لوكان على أنقاض الوطن، فهم حتمًا، على استعداد للتحالف حتى مع من يريد إعادة عقارب الزمن بعيدًا للوراء. هنا، أجدني لزامًا علي التوقف عن مسايرة الاتجاه الخاطيء لإنتهازيي المعارضة الإرترية، إبتداء من تاريخ اليوم. مع التأكيد، إنه ما دام النضال الحقيقي من أجل الإتيان بالتغيير الديمقراطي الذي يضع مصلحة الشعب الإرتري في المقدمة سيتواصل في المراحل القادمة، سأكون أنا، حتمًا، أحد جنوده، لأساهم بما تراكم عندي من تجارب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى