مقالات

حرب إثيوبيا ومابين جهود الوساطة والحوار الشامل

بقلم/ أنور إبراهيم – أديس ابابا

الحرب الإثيوبية  التي أندلعت في الرابع من نوفمبر 2020، بين القوات الحكومية “قوات الدفاع الإثيوبية “ومقاتلي جبهة تحرير تقراي في شمال إثيوبيا ،أكدت وبأعتراف دولي وأقليمي  أنها شكلت أكبر عقبة أمام إثيوبيا كدولة كانت تشهد نمو وتقدما خلال الفترات الماضية ،  وكان لها أثرها علي الأقتصاد  الذي تسببت في  تراجع كبيرا ، وكانت إثيوبيا  قد سجلت تقدما كبيرا خلال الأعوام العشرة الأخيرة حتي العام 2018 وخاصة بعد أن حققت الخطة التنموية الأولي والثانية نتائج أيجابية ، وباتت التحديات التي تواجه البلاد تزداد أمام التحركات الأقتصادية والتنموية ،وعلي الرغم من ذلك وباعتراف داخلي الإ ان  بعض  السياسيين في الداخل مازالوا يتمسكون بالحرب ويحتمون  حلحلة الخلافات في الداخل الإثيوبية عبر الحرب  .

وبعد عام من الحرب والتي  لم تحقق اي نتائج تذكر لجميع الاطراف تأكد للحكومة أنها لن تجد حل الإ من خلال فرض سلام وإصلاح او ما يسمي حورا وطني شامل ،  والذي لم تتضح معالمه بعد ، ولم تذكر الدوائر الحكومية  اي تفاصيل  حول مشروع الحوار الوطني الشامل ، ومن هي الجهات التي ستشارك في الحوار الذي تم ذكره عدة مرات ، وقد بأت ملف الحوار الوطني الإثيوبي الشامل ، حديث الشارع الإثيوبي هذه الأيام ، مابين الرفض والقبول حتي السياسيين لم تتاكد لهم  مشاركتهم من عدمها ،ولكن يري بعض المحللين والمراقبين الدوليين  سيكون للحوار دورا لأخماد الحرب في البلاد التي استمرت لأكثر من عام .

رئيس الوزراء الإثيوبي

وبعد أعلان رئيس الوزراء أيقاف الحرب ،وعدم تقدم الجيش الإثيوبي  الي مدن أقليم تقراي مرة أخري ،ظهر خلاف من بعض الشركاء في الحكومة واعترضوا علي ايقاف الحرب ،كان هنالك أصرار علي تقدم الجيش ومعه القوات الخاصة للاقاليم نحو مدن تقراي، لأعادة السيطرة علي الأقليم لتدمير قدرات جبهة تحرير تقراي ، وظهر بموجب تحركات لبعض التيارات   التي اعتراضت علي تحركات رئيس الوزراء الإثيوبي  فيما يخص دعواه للسلام والمصالحة الوطنية التي نادي بها مؤخرا .

وفي ظل التحركات الأخري لبقية الشركاء الحكوميين وخلافاتهم حول ملف أيقاف الحرب ،ظهرت بعض الأحزاب السياسية ومنظمات المتجتمع المدني الإثيوبية الاخري ،التي كانت تعارض الحكومة وبدأت في أملاء شروطها للمشاركة في الحوار السياسي ، ظهرت تحركات دولية متعددة اشادت بتحركات أبي أحمد الأخيرة  ،وكانت هذه الدول تعتبر ان الصراع في إثيوبيا هو ليس بصراع سياسي بل هو صراع أثني قد يؤدي لتدمير المنطقة وتهجير العديد من المواطنين اليها .

في أواخر ديسمبر من العام 2021 ،صادق مجلس النواب الإثيوبي (البرلمان)، على مشروع إعلان لتشكيل لجنة الحوار الوطني كمؤسسة مستقلة، يناط بها إجراء حوار وطني شامل ، مع كافة القوي الإثيوبية ، دون أن يحدد من منها سيشارك ، في ظل خلافات داخل المكون الحكومي “حزب الأزدهار ” حول أحقية  مشاركة جبهتي تحرير تقراي وجبهة تحرير أورومو التي صنفها البرلمان بأنها حركات أرهابية ، بسبب تحركاتهم الأخيرة والحرب ضد الحكومة .

و  قد وافق مجلس الوزراء على مشروع إعلان لتشكيل لجنة الحوار الوطني كمؤسسة مستقلة، يناط بها إجراء حوار وطني شامل، وأحال حينها المشروع إلى البرلمان من أجل المصادقة ،بحسب النظام الفيدرالي والدستوري الإثيوبي .

 وقد تمت المصادقة من قبل أعضا البرلمان الإثيوبي لمشروع لجنة الحوار الوطني ،و تشكيل لجنة الحوار الوطني الشامل بأغلبية الأصوات. 

 البرلمان الإثيوبي

وبحسب  البرلمان ومجلس الوزراء أن لجنة الحوار الوطني الإثيوبي تشمل جميع النخب السياسية والاجتماعية المتنوعة تجاه مختلف القضايا الوطنية الرئيسية بشكل عام ،ولكن علي الرغم من هذا التعريف هنالك بعض الأصوات التي تدعو لأبعاد بعض الأحزاب والسياسية والتنظيمات الإثيوبية ، والتي تعتقد  بأنها لأ يحق لها المشاركة بسبب الحرب الأخيرة التي أندلعت في البلاد ، وكانت لتلك الأحزاب دورا فيها ، مثل  الجبهة الشعبية لتحرير تقراي ، وجبهة تحرير أورومو المعروفة أختصارا ب”اونق شيني “.

   تقوم العديد  الجبهات و الأحزاب وتنظميات إثيوبية أخري،  مشاورات داخلية عدة بين مختلف  قطاعاتها  حول كيفية وأهمية أعلان خطوات السلام  وامكانية  التفاوض والمشاورات في ظل رفض البعض لأنهاء الحرب في كل من أقليم تقراي ومناطق غرب أوروميا ، وهي من العقبات التي   تقف امام الحكومة الإثيوبية ، و بعض المشاركين في الحزب والحكومة لهم وجهة نظر أخري وهي مواصلة الحرب والدخول لأقليم تقراي عسكريا مرة أخري .

 وفي اوائل يناير الحالي ،كان رئيس الوزراء الإثيوبي  آبي أحمد قد دعا في بيان له  الي وقف الحرب داعيا لإجراء مشاورة وطنية حول الخلافات الرئيسية مؤكدا انها الطريق نحو المستقبل لتعزيز الوحدة الوطنية القائمة على محبة الشعب ، مؤكدا أنه لأبد من نهاية الصراع والتركيز علي  المصالحة والتسامح ،وهذه الخطوة تصدي لها العديد من السياسيين في البلاد ، رافضين أي حوار مع جبهتي تحرير تقراي وأوروميا ،داعين لمواصلة الحرب في الشمال والدخول لأقليم تقراي عسكريا .

خلال هذا الأسبوع قالم البرلمان الإثيوبي  باختيار 42 شخصا من أصل 632 مرشحًا ليكونوا نواة للجنة الاستشارية الوطنية الإثيوبية القادمة وذلك وفقًا للسلطة الممنوحة لرئيس مجلس النواب ومكتب رئيس مجلس النواب والمعايير المنصوص عليها في الإعلان.

ومن المتوقع  خلال الأسابيع القادمة  ان يناقش ممثلو الجمعيات المدنية وقادة المؤسسات الدينية وأعضاء للمجلس المشترك للأحزاب السياسية الإعداد التعليمي وخبرة العمل للمرشحين.

يظل مشروع الحوار الوطني بحسب مراقبين مهتمين بالشأن الإثيوبي هو المخرج الوحيد لإثيوبيا ، لتخطي كافة الخلافات السياسية والبدء في مرحلة جديدة من التغيير الذي بأتت تسير علي نهجها البلاد ، ولكن هذه الجهود تحتاج لحكماء يقومون بدور كبير من أجل دعوة واقناع الفرقاء السياسيين للجلوس لطاولة التفاوض وحلحلة القضايا التي أدت لتصعيد الخلاف والدخول في حرب كادت أن يؤدي لتدمير البلاد  ، ومابين هذا وذاك تظل بعض القوي تعترض علي هذه التحركات، وتقف عائقا أمام تحركات رئيس الوزراء الإثيوبي الذي راي أنه لأمفر أمام حكومته الإ المصالحة والحوار مع الأخرين من اجل أخراج البلاد  من الحرب الدائرة ،  بدءأت  بالفعل تلك التحركات بحملة واسعة لاطلاق المعتقلين السياسيين والتي كانت أول الغيث لدعوته للسلام والمصالحة .

مابين تحركات الحكومة فيما يخص مشروع الحوار  الوطني الشامل ، والذي يواجه العديد من التحديات ،والخلاف حول   نظام الفيدرالية الإثيوبية محل خلاف بين مختلف القوي في الداخل ، تواجه إثيوبيا العديد من التحديات الأخري المتمثلة في علاقاتها مع الكيانات الأقليمية في في الداخل والتي تمثل الشعوب  والقوميات الإثيوبية المختلفة  “عشرة أقاليم تمثل عشرة قوميات “، وعلاقاتها مع دول الجوار مثل أريتريا والتي عادت بموجب أتفاقية سلام في ابريل من العام 2018والصومال واللذان يواجهان أتهامات مباشرة بسبب تورطهما في الحرب الإثيوبية  ،بالأضافة للخلافات  الحدودية مع السودان “ملف منطقة الفشقة الحدودية محل صراع مابين إثيوبيا والسودان تطور مؤخرا بصورة كبيرة ، كل هذه التحديات قد يكون لها ابعادها المستقبلية ، والتي قد تؤدي لتدخلات في المنطقة  من قبل قوي دولية مختلفة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى