مقالات

حوار الساعتين وتجليات الاستراتيجية البديلة، هل حانت لحظة أفورقي في التاريخ؟ بقلم/ عبد الرازق كرار

21-Feb-2021

عدوليس

مع بقايا وسامة لا تخطئها العين جرت عليها مقادير الزمان، وعدم تناسق في الملابس وهو سلوك ميز شخصية اسياس أفورقي الذي يعشق العبور على البروتكولات والرسميات، ولمدة ساعتين من الزمان جلس الرئيس الإرتري أسياس أفورقي بطريقته الخاصة التي تطرح الأسئلة أكثر من الإجابات مستعرضاً مرافعته حول تفسيره للأحداث المتسارعة في المنطقة وتصوراته لمستقبلها. بدأ أفورقي متماسكاً في أغلب محطات اللقاء سوى عن جفاف في الحلق أحيانا، وضياع خيط الأفكار نتيجة لطول الإجابة من جهة، وسلبية المحاورين الذين اقتصر دورهما على قراءة الأسئلة المعدّة دون بذل أي جهد في تقديم أسئلة توضيحية أو استدراكية من جهة أخرى.

تناول أفورقي أربعة محاور أساسية موزعة على ستة أسئلة وهى: تطورات الأوضاع في إثيوبيا؛ خلفياتها وسياقها التاريخي وتداعياتها، والمحور الثاني ركّز على قضايا الحدود ومياة النيل وسد النهضة، بينما ركّز المحور الثالث على الإقليم الذي يتضمّن القرن الأفريقي ودول حوض النيل، ودول حوض البحر الأحمر، وتمتد الى الخليج العربي، أما المحور الأخير فقد تم تخصيصه للوضع الداخلي في ظل جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية معرّجاً على قضايا الطاقة والمياه، وأخيرا الرواتب والوضع المعيشي.
البعد الشخصي للصراع في إثيوبيا:
مخيباً ظن معظم التوقعات بأن أفورقي سوف يكون منتشياً بالنصر على خصمه اللدود الجبهة الشعبية لتحرير التغراى، بدأ أفورقي متعالياً على نشوة النصر، ولم تبد عليه سمات الشماتة إلا في لحظات عابرة تمظهرت في ابتسامة الشماتة حين استدعى بذاكرته تفاصيل حدثين بينه وملس زيناوي، الأول عندما شاركا في قمة منظمة الوحدة الأفريقية في القاهرة عام 1993م، وحينها أبلغه زيناوي أنه بصدد الحديث مع الرجل القوى في مصر حينذاك رئيس المخابرات المصرية الراحل اللواء عمر سليمان بخصوص بعض التقارير التي تتحدّث عن رغبة مصر في شق قناة من النيل لبيع المياه لإسرائيل، نصح أسياس صديقه ملس أنه لا داعي لذلك فهما لا يزالان في بداية الطريق ولديهما أولويات أخرى، وهو ما أظعن له زيناوي في البداية، لكنه لم يقاوم رغبة الحديث مع المصريين بهذا الخصوص، وقد كان الرد من اللواء عمر سليمان مهيناً لملس زيناوي والتي أَسَرَّهَا ملس في نفسه، ويعتبرها أفورقي اللحظة الفارقة التي تكوّنت فيها بذرة سد النهضة في مخيلة زيناوي انتقاماً من المصريين ورداً على الإهانة. واللحظة الأخرى التي هربت فيها ابتسامة الشماته من محيا أفورقي هى حين استدعي حديثه مع ملس زيناوى حول مسودة الدستور، والذي اعتبره اسياس أنه لا يصلح أبداً لإثيوبيا؛ وفق تفسير أسياس أنه العامل الجوهري فيما وصلت إليه ليست الجبهة الشعبية لتحرير تغراى فحسب بل والمنطقة برمتها.
محاولات أسياس أفورقي التعالي على نشوة النصر وعدم شخصنة الصراع مع الجبهة الشعبية لتحرير التغراى ليس أمراً غريبا عن أسياس، كما أنه لا يعني أنه لا يستشعر نشوة النصر، بل هو سلوك يتسق مع شخصيته التي تكوّنت خلال مراحل تاريخه النضالي وفي الحكم أيضا حيث عرف عنه قدرته العالية في التحكّم بمشاعره، ولكن أيضا معروف عنه أنه لا ينسى ولا يسامح أبداً.
من الشخصي إلى الاستراتيجي:
حاول أسياس قراءة التطورات في إثيوبيا في ظل سياق استراتيجي أكبر، وهو الصراع بين استراتيجيتين تشكلتا بعد نهاية الحرب الباردة. استدعي أسياس كتابات فرانسيس فوكاياما وصامويل هنتنغتون للتدليل على تفسيره لصيرورة الأحداث، وملخص الاستراتيجية هو أن الولايات المتحدة مدفوعة بنشوة النصر في الحرب الباردة سعت إلى إعادة صياغة موازين القوى وفق القطبية الأحادية وقسّمت العالم إلى مناطق نفوذ (Spheres of influence) ولضمان استمرار سيطرتها فقد استخدمت الإثنية، والدين، والإقليم لتقسيم المجتمعات لتسهل السيطرة عليها. وقد استدعى أفورقي نماذج العراق، وليبيا، واليمن، وسوريا، ولبنان، والسودان وجنوب السودان. ليس هذا وحسب بل إن استمرار الأحادية القطبية استدعت اختيار وكلاء ضمن مناطق النفوذ تعمل وفق توجيهات وتوجهات هذه الاستراتيجية، وضمن هذا السياق يفسّر أفورقي تبنى الجبهة الشعبية لتحرير تغراى لدستور 1994م وتقسيم اثيوبيا اثنياً للوصول إلى خلاصة أن الجبهة الشعبية لتحرير تغراى لم تكن سوى مخلب قط ضمن مناطق نفوذ الأحادية القطبية.
بالمقابل وفق قراءة أفورقي فإن إرتريا استطاعت أن تتجاوز هذه التوجهات وتقاوم هذه الاملاءات بما تراكم لديها من الخبرات خلال مرحلتى الكفاح السياسي والمسلح وصولاً إلى التحرير والاستقلال. ولأن إرتريا رفضت الانسياق ضمن هذه الاستراتيجية تم افتعال الأزمات والحروب، مثل حنيش التي يعتبرها اسياس حرب مفتعلة لاستنزاف إرتريا، وفي هذا السياق أيضا جاءت الحرب المفتعلة مع إثيوبيا فيما عرف بحرب بادمي.
أفورقي الذي اعتمد مقاربة العامل الخارجي لتفسير كافة الصراعات، اعتبر أن سد النهضة ما هو إلا ورقة خارجية تتسق مع الاستراتيجية الخارجية للمنطقة ويمكن التدليل على ذلك بالتعرف على كل الممولين في فترات مختلفة من مراحل نشأة السد، وكيف أن الدول المعنية بالسد صمتت في كافة مراحل الإنشاء والآن بعد أن أصبح السد حقيقة واقعية بدأت تفتعل هذه الخلافات وكان بإمكانها أن تثير هذه المخاوف قبل خمسة سنوات أو أكثر.
المقاربة نفسها يقدمها أفورقي لتفسير الوضع الحدودي المتوتر بين السودان وإثيوبيا، معتبراً ان السودان واثيوبيا في مراحل انتقالية ولديها من التحديات التي تشغلهم، وعلى أهمية قضايا الحدود، لكنها ليست أولوية قصوى لدى الدولتين في هذه المرحلة، ولا تستدعي كل هذا التوتر وخلق واقع جديد استدعى هذا التوتر. ولا يجد أفورقي غير الأصابع الخارجية التي ظلت تعبث بالمنطقة واستقرارها لذات الاستراتيجية التي ترتكز على أضعاف الدول المركزية في المنطقة، ويعتبر أن مقاربة “الأسباب الموضوعية” لهذه الصراعات هو إهانة للذكاء.
المقاربة البديلة – الأفورقية:
مقابل القوى العالمية المهيمنة ومناطق نفوذها الإقليمية ووكلائها المحللين والاقليمين، والتي اعتمدت في استمرار سيطرتها على عوامل الإثنية والدين والحدود، طرح أفورقي استراتيجيته الإقليمية الكبرى، مقسماً دول المنطقة الى أربعة أقاليم متداخلة، تبدأ بدول القرن الأفريقي والتي في تقديره أصبحت مرتعاً للتداخلات الخارجية والنفوذ الدولي من خلال واجهات محاربة الإرهاب وتأمين مسارات النفط والتجارة العالمية أمام ظاهرة القرصنة البحرية، وعبر هذا المدخل تتواجد قواعد عسكرية لهذه القوى العالمية. يلي ذلك دول حوض النيل، والتي قدّر عدد سكانها ب 250 مليوناً وستبلغ ضعف هذا العدد خلال مدة وجيزة، وهذا يستدعي سياسة تكاملية للحفاظ على الموارد الحالية وتجديد الموارد باستخدام التقنيات الحديثة، ومن ثم تبنى مقاربة جديدة تقوم على المنفعة العادلة وفق حاجات الدول وشعوبها. ثالث الأقاليم هي دول حوض البحر الأحمر، على ضفتيه الشرقية والغربية، وتقوم المقاربة الأفورقية على معرفة الأوزان الحقيقية للدول وإعطائها مكانتها في حفظ أمن الإقليم وقيادته، إذ إن الاستراتيجية الدولية المستنزفة التي سادت خلال الثلاثة عقود الماضية تقوم على إضعاف الدول المركزية في هذا الحوض، فاستنزاف مصر عبر افتعال أزمة المياه وسد النهضة، وأيضاً عدم إعطاء المملكة العربية السعودية مكانتها يأتي في هذا الإطار. وامتداداً لإقليم حوض البحر الأحمر يأتي محور دول الخليج العربي. مرتكزات المقاربة الأفورقية البديلة:
المقاربة البديلة التي طرحها أفورقي تقوم على عدة ركائز أساسية، وأول هذه الركائز هي الدولة ذات النظام المركزي المسيطر على القرار السياسي (النظام الشمولي)، والمتعالي على مهددات الحكم المركزي المستندة على عوامل الإثنية أو الدين أو الإقليم أو التحالفات الخارجية، بينما الركيزة الأخرى هو الاعتراف بمكانة الدول المركزية في الإقليم لتلعب دورها كما ينبغي – المملكة العربية السعودية نموذجاً.
الدولة المركزية ذات النظام الشمولي:
إن استدعاء فرانسيس فوكاياما في مقاربة أسياس لم يأت عرضاً، ذلك أن الفكرة المركزية التي أشار اليها والتي تشكّل محور كتاب فوكاياما (نهاية التاريخ والإنسان الأخير) أنه بنهاية الحرب الباردة وانهيار المعسكر الشرقي فإن الديمقراطية الليبرالية الغربية تعتبر نهاية التطور الأيديولوجي للإنسانية مشكلة النمط النهائي لأنظمة الحكم البشري. ولهذا فإن الإشارة اليه هو رفض مبدئي وصارم للديمقراطية الليبرالية، وتبنى النظام الشمولي. إن فكرة النظام الشمولي عميقة في فكر وسلوك أفورقي ورفضه لأي شكل من أشكال الديمقراطية خاصة وأدواتها كالانتخابات والمؤسسات، وقد تبدى ذلك في إجابة أفورقي على سؤال من قناة الجزيرة الإنجليزية عن متى ستعقد إرتريا الانتخابات؟ وكانت إجابته (أي انتخابات -What elections !!) وأردف ذلك بقوله إنه سوف ينتظر ثلاثة أو أربعة عقود في انتظار تطور مقاربة أصيلة نابعة من التطور الطبيعي للمجتمع.
والمعني أن أفورقي يعتبر محاولات دمقرطة دول الإقليم سواء كانت بتدافع مكونات المجتمع أو بتشجيع من الخارج تصب في المقاربة المدمرة للمنطقة. واتساقا مع موقفه الرافض للديمقراطية رأينا كيف أنه أجهض المحاولات الأولى لدمقرطة إرتريا متجاوزاً الميثاق الذي تبنته الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة في مؤتمرها الثالث 1994م، والذي أقر الديمقراطية القائمة على أساس التعدد الحزبي، ولاحقا علّق الدستور وأهمل كافة المؤسسات الخاصة بالدولة والحزب. إن ازدراء أفورقي للديمقراطية كان واضحاً في توصيفه لموجات الربيع العربي والتي اعتبرها ضمن سياق الهيمنة الدولية على دول المنطقة.
هذه الخلفية مهمة جداً لفهم معارضة أفورقي لمسودة الدستور التي قدمها له رئيس الوزراء الاثيوبي الراحل ملس زيناوي، وسبق الإشارة لها ، كما أنه يساعد على معارضة أسياس لانفصال جنوب السودان ، وايضاً هذا الدعم اللامحدود الذي يجده رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد في توجهاته المركزية من قبل أفورقي خاصة فيما يتعلق بتوجهاته نحو الغاء النظام الفيدرالي وتأجيل الانتخابات وقمع المعارضة، وفي السياق نفسه يأتي تحالف أفورقي مع الرئيس الصومالي عبدالله فرماجو الذي أدخل البلاد في أزمة دستورية بتجاوز أجل الانتخابات ، والتوجهات المركزية لفرماجو والتي تبدّت في الإشارات غير المريحة نحو الأقاليم ذات الحكم الذاتي في الصومال. بخصوص السودان ورغم أن أسياس أبدى سعادته في زوال النظام السابق رغم علاقة المد والجزر بين النظامين لكن موقفه من المسار الديمقراطي في السودان يلفه الغموض، لكن المؤكد أن المقاربة الأفورقية تفضّل نظام مركزي شمولي في السودان وإذا ما كان هنالك ما يمكن أن يفعله أفورقي في هذا المضمار فلن يتوانى في دعم أي توجه مركزي شمولي في السودان.
الأمن الجماعي والدور المركزي للسعودية:
كان لافتاً لنظر الكثيرين أن أفورقي أعطى وقتاً معتبراً من المقابلة للتركيز على المملكة العربية السعودية، وغرابة ذلك تأتي أن العلاقات بين البلدين فيما مضى على دفئها لكنها لم يكن هنالك ما يميزها سوى استثمارات محدودة والعدد الكبير من الإرتريين والإرتريات الذين يعلمون في السعودية وتستفيد إرتريا من الجبايات والتحويلات التي يقومون بها.
بعد أحداث الربيع العربي حدث تغير كبير في سياسة السعودية حيث انتقلت سياستها من مربع السياسة المحافظة والهادئة الى سياسة أكثر جرأة وإيجابية سواء كان ذلك في أبعادها الوقائية أو التعزيزية. وبظهور وليّ العهد السعودي فاعلاً رئيساً في ساحة السياسة السعودية ببعديها الداخلي والخارجي تعززت هذه المنهجية، وقد زاد من ذلك وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض واختيار الرياض لأول زيارة خارجيه له. في ظل تبنى السعودية لسياسات خارجية حازمة (Assertive) وبالتزامن مع أحداث اليمن والتدخلات الخارجية في البحر الأحمر وباب المندب سواء لمكافحة ظاهرة القرصنة أو إعاقة حركة التجارة العالمية تقدمت السعودية بمبادرة لدول حوض البحر الأحمر والقرن الأفريقي في ديسمبر من 2018م، والذي لم تشارك فيه إرتريا. لكن سريعا تم التواصل مع إرتريا وقد تقدمت إرتريا بورقة يبدو أن أسياس قد أشرف عليها إذا لم يكن هو من قام بصياغتها تحمل في جوهرها معظم ما ذكره في اللقاء. وترتكز الاستراتيجية الإرترية من جهة على مفهوم الأمن الجماعي للمنطقة وتقليل أو إبعاد الوجود الخارجي والذي كان حينذاك قد تجاوز الوجود المألوف لأمريكا وروسيا وفرنسا لتشهد المنطقة وجودا عسكرياً إماراتيا، تركيا، صينيا، إيرانيا وغيره، والدور المحوري للسعودية بما لديها من إمكانيات مادية وبشرية وثقل سياسي يتجاوز الإقليمية إلى الدولية كما أبان أفورقي.
الواضح أن الاستراتيجية (الأفورقية) وجدت قبولا من الجانب السعودي، ولذا رأينا إرتريا الحقت سريعا بالمبادرة، وأصبحت ضمن الدول الموقعة على الميثاق التأسيسي لمجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن في مطلع عام 2020م، كما شهدت أسمرا زيارة وزير الخارجية السعودي في منتصف ديسمبر من العام المنصرم، ويتوقع أن يزور مبعوث سعودي إرتريا في الأيام المقبلة وفق ما صرح به أفورقي في المقابلة، وربما في هذا الإطار يمكن أن نقرأ تخفيف الوجود الإماراتي في ميناء عصب لمصلحة دور سعودي أكبر ضمن الاستراتيجية الجديدة.تقييم المقاربة الأفورقية:
لقد قدّم أفورقي مقاربة متماسكة في سياقها النظري، فمفهوم الأمن الجماعي هو أمر مرغوب ومطلوب لدول الإقليم بمحاوره الأربع وفق تقسم المقاربة الأفورقية في ظل التهديدات التي تواجه الإقليم، والتهديدات تتجاوز الأمنية بأبعادها المختلفة. ولا شك أن المنطقة في حاجة إلى الأمن بمفهومه الضيق في ظل الصراعات التي تعصف بمكوناته في اليمن والسودان وجنوب السودان وأثيوبيا، هذا غير التدخلات والاطماع المتصارعة للدول العظمى والمحاور الدولية والإقليمية. ولكن مفهوم الأمن الجماعي كما أشارت المقاربة الأفورقية تتجاوز الأمن بمفهومه الضيق إلى الأمن بمفهومه العام ويندرج في ذلك الأمن المائي والأمن الغذائي والصحي. وتظل المقاربة الأفورقية سليمة نظرياً في ضرورة عقلنة الأمن المائي للوفاء بالاحتياجات المائية والطاقة لدول حوض النيل في الحاضر والمستقبل من خلال مشروعات تكاملية تقوم على الأمن الجماعي والمنفعة الجماعية. ولا يعيب المقاربة الأفورقية أن تستعيد دول محورية مثل السعودية ومصر وإثيوبيا مكانتها الدولية والإقليمية وتلعب دوراً محوريا في ترسيخ مفهوم الأمن الجماعي والمنفعة الجمعية في المنطقة.
بيد أن المقاربة الأفورقية رغم تماسكها النظري لكنها تستند على أساس منطقي هش للغاية. إن تفسير أفورقي لبروز الروح القومية لدى الشعوب في نهاية الحرب الباردة وانهيار المعسكر الشرقي على أساس نظرية المؤامرة (Conspiracy theory) بأنه جاء في سياق ترسيخ عالم أحادي القطب وخلق (مناطق نفوذ-Spheres of influence) هو تفسير تبسيطي في أحسن الأحوال. إن بروز الدول القومية التي برزت من ركام الاتحاد السوفيتي المنهار، أو منطقة البلقان، أو الصراع الصومالي وفي العراق وليبيا في وقت لاحق، تعود في جوهرها الى الوحدة القسرية التي فرضتها أنظمة شمولية وبالتالي هذه الصراعات هي إرث الأنظمة الدكتاتورية الشمولية أكثر منها تدخلات خارجية لصناعة مناطق نفوذ للقطبية الأحادية. ولكن هذا بأي حال من الأحوال لا ينفي التدخلات الخارجية والرغبة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لخلق مناطق نفوذ خاصة في ظل التمدد الصيني في المنطقة، ولكن تظل المساعي الأمريكية لخلق مناطق نفوذ عامل ثانوي أو مساعد لرغبات شعبية ظلت مكبوتة بقوة الحديد والنار من الأنظمة الدكتاتورية الشمولية في الاتحاد السوفيتي أو يوغسلافيا أو قادة مثل صدام حسين والقذافي وسياد برى منغستو هيلي ماريام وغيرهم.
إن أفورقي ليس بهذه السذاجة ليغيب عنه البعد الأساسي لبروز هذه الظاهرة بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الأنظمة التي كانت تدور في مدار الاتحاد السوفيتي ولكن لأن مثل هذا الاعتراف يترتب عليه استحقاقات داخلية هو ليس مستعداً لها، ويهدم ركيزة أساسية في مقاربته وهى تسفيه تطلعات الشعوب نحو الحرية والديمقراطية وضرورة استعادة وترسيخ الأنظمة الشمولية في المنطقة لتفادي التدخلات الخارجية وتحقيق الأمن الجماعي.
على المستوى الواقعي وفق المقاربة الأفورقية، فإن الأمن الجماعي قابل للتحقق أكثر عن طريق نظم شمولية تتصدى لأدوات التدخلات الخارجية وهى النزعات الإثنية أو الإقليمية أو الدينية كما فعلت إرتريا مستفيدة من خبرتها المتراكمة عبر التاريخ. بمعنى أن المقاربة الأفورقية تقترح أن الأمن الجماعي لا يتأتى إلا من خلال عزلة اختيارية كما هو الحال في إرتريا، وهو ثمن لا أعتقد أن معظم دول الإقليم بمحاوره الأربع المفصلة في المقاربة مستعدة له، فارتباطات هذه الدول بالمجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية أكثر أهمية بكثير من المصالح والحوافز المترتبة على تبنى المقاربة الأفورقية، وبالتالي يمكن القول أن شرط نجاح الاستراتيجية يكاد يكون منعدماً في كلياتها، ولكن هذا لا ينفي أن المبادرة قد تجد القبول في بعض جزئياتها دون التأثير الجوهري على تحالفات دول الإقليم الدولية.
مقومات إرتريا لطرح الاستراتيجية البديلة:
إن مقومات نجاح المبادرات والمقاربات التي تتجاوز حدود الدولة السياسية لا يعتمد فقط منطقية الفكر تماسك التحليل وسلامة البيانات على أهمية ذلك، ولكن يحتاج الى رافعة سياسية قوية تملك العصا والجزرة، تقدم الحوافز وتعالج أوجه القصور وتضمن حزام الاسناد الكاف. فما الذي يستند عليه أفورقي لطرح مقاربته التي ترسم استراتيجية بديلة للمنطقة؟ المؤكد إن إرتريا لا تملك الإمكانات المادية التي كان يملكها معمر القذافي مثلاً وهو يتبنى مبادرات مثل الاتحاد الأفريقي أو العملة الأفريقية الموحدة، حيث كان القذافي ينفق على طموحاته من الاحتياطي النفطي الضخم لليبيا وثرواتها المتراكمة، وهو ما لا تملكه إرتريا ولا يفوت ذلك على فطنة أفورقي. لكن بالمقابل إرتريا تملك موقعاً جغرافياً استراتيجيا بالنسبة للإقليم الذي طرح أفورقي مقاربته لإعادة ترتيبه من جديد، لكن هنالك عوامل أهم يستند عليها أفورقي في طرح مقاربته وهي:
أولاً: دولة يملك أفورقي كامل السيطرة على مفاتيحها وهى أشبه بملكية خاصة به في ظل غياب كامل للمؤسسات والدستور، وهذه ميزة تعطي أفورقي المرونة لتسخير هذا الكرت الذي يملكه بالكامل في الوصول الى مبتغاه دون إعاقة من أحد أو محاسبة من أحد. خلال الفترة الماضية ظهرت أهميه السيطرة الكاملة للرئيس أفورقي في سياسات البلاد المتقلبة، والانتقال بين المحاور الإقليمية، فمن حليف لإيران والحوثين الى النقيض، ومن حليف قوى لدولة قطر الى الحلف السعودي الإماراتي، ومن علاقة راسخة مع تركيا الى متصدر في معسكر الحد من النفوذ التركي في المنطقة.
ثانيا: ليس لأفورقي الكثير ليخاف عليه أو يخسره، ولا يتجلى ذلك فقط في القدرة على الانتقال بين المعسكرات المتناقضة، ولكن أيضا على القدرة التخريبية العالية للمشروعات التي يقف ضدها. لقد أثبتت وقائع التاريخ أن أفورقي هو من القادة الذين لا ترغب أي جهة أن تعاديهم لأنه لأن لديه الإصرار الكاف، ويستطيع أن يوظّف قدرات الدولة المحدودة فقط لعدائها وهذه ميزة على سلبيتها مهمة جدا. خلال العقدين الماضيين تحالفت كل من إثيوبيا واليمن والسودان ضده فيما عرف بمحور صنعاء والذي تم تأسيسه في عام 2002م لهدف أساسي وهو محاصرة الدور الإرتري فيما كانت تعتقده دول المحور من أنه يشكل تهديداً أمنياً لدولهم، اليوم بعد أقل من عقدين من ذلك التأسيس، مات على عبدالله صالح مقتولا بواسطة الحوثيين، ورحل ملس زيناوي وانتقلت الجبهة الشعبية لتحرير تغراي إلى حرب العصابات بعد أن تمت أبعادها ليس من حكم أثيوبيا وحسب بل من حكم اقليمها أيضا، كما وشهد السودان ثورة أطاحت بالبشير ويخضع للمحاكمة. صحيح أن كل هذه التغييرات السياسية لها أسباب معقدة ومتداخلة، ولكنه أيضاً يصح القول أن أفورقي لعب دوراً صغيرا كان أو كبيراً فيما وصلت اليه الأنظمة التي شكلت حلف صنعاء للتصدي ومحاصرة نظامه، وعليه يحق للأخير أن يحس بأنه كان على الجانب الصحيح من التاريخ وإن لحظته قد حانت، ومدفوعاً بهذا الإحساس يقدم مقاربته الأخيرة.
وعلى أهميه هذين العاملين فإن أفورقي يدرك تماماً أنهما ليسوا كافيين لطرح مقاربته ولهذا حاول إيجاد الاسناد من دول لها المؤهلات الكافية لدفع مبادرته، وهما المملكة العربية السعودية والتي يبدو أنه وجد لديها أذن صاغية فيما يتعلق بالخطوط العامة لمقاربته، وبالمقابل أظهر أفورقي استعداده الكامل للقبول بالدور الريادي للمملكة بل أكثر من ذلك تبنى فكرة الترويج له باعتباره ركيزة أساسية لتوزان القوى والأمن الجماعي للمنطقة. وإذا كان أفورقي يراهن على السعودية فيما يتعلق بمحوري حوض البحر الأحمر والخليج العربي، فإنه يراهن على أثيوبيا ذات حكم مركزي شمولي، كدولة مركزية في محور القرن الأفريقي وحوض النيل، وهذا يستدعي من جهة دعم آبي أحمد بشكل غير محدود في سعيه للتخلص من نظام الفيدرالية الإثنية كفكرة، وحسم القوى التي تتمسك به وفي مقدمتها الجبهة الشعبية لتحرير تغراى والتيار الفيدرالي للأورومو وبقية القوى الفيدرالية الأقل حجماً وتأثيراً. إذا كان على الصعيد الداخلي لأثيوبيا، فأفورقي يعتقد أن ملفى الحدود بين إثيوبيا والسودان والتوترات المرتبطة به، وملف سد النهضة والأزمة حوله هي قضايا تضعف من موقف حليفه آبي أحمد، وفي إطار مقاربته التي ترتكز على ترسيخ نظام مركزي شمولي في إثيوبيا بقيادة آبي أحمد يتوقع أفورقي أن تقدم مصر والسودان تنازلات تكتيكية في هذه المرحلة لتعريز نفوذ آبي أحمد داخلياً، لأن العائد وفق المقاربة الأفورقية على هذه الدول والإقليم من ترسيخ سلطة آبي أحمد سيكون أكبر بكثير من المكاسب الآنية التي يمكن أن تتحقق من خلال توتير الأوضاع وأضعاف فرص آبي أحمد في قيادة إثيوبيا.بيد أن التفكير بجعل اثيوبيا دولة محورية ضمن المقاربة الأفورقية لا يمكن أن يتحقق من خلال نظام مركزي شمولي بقيادة آبي أحمد فقط، ولكن إثيوبيا تحتاج إلى الوصول إلى البحر الأحمر لبناء قوات بحرية قوية وبناء اقتصاد قوى، وهو ما يستطيع أن يوفره أفورقي لإثيوبيا على أي شكل من أشكال التعاون دون وضع أي اعتبار لقضايا السيادة أو المصالح المتكافئة، فلا أحد سوف يسأل أو يعترض على ذلك في ظل سيطرته المطلقة على مقاليد السلطة والقرار في إرتريا الخالية من أي مؤسسات سياسية أو عسكرية.
دوافع أفورقي لطرح المقاربة:
لقد ظل أفورقي منذ وقت مبكر من حياته ذو طموحات كبيرة، ولم تكن طموحات دون أساس، بل عمل لها بعزم وصبر كبيرين طوال حياته. عندما التحق بالجبهة ووجد أن بيئة الجبهة غير قابلة لاستيعاب طموحاته، أسس تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا بشكل مصمم لتحقيق طموحاته، وكلما كبر التنظيم وحقق الانتصارات كانت طموحات أفورقي تتسع بشكل طردي، وبنهاية الحرب الباردة وتأكد زوال نظام مانغستو هيلي ماريام وأن القوة الوحيدة التي يمكن أن تخلفه هي الجبهة الشعبية لتحرير تغراى، التنظيم الذي يعتبر أقل قوة من الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا، بدت طموحات أفورقي واضحة في إيجاد شكل من الارتباط بين الدولتين على أن تستمر العلاقة بين أفورقي وملس زيناوي علاقة متبوع بتابع ، لكن ملس زيناوي كانت له طموحات لا تقل عن طموحات أفورقي فحاول فك الارتباط بين البلدين، وعندما ارتكب أفورقي الخطأ القاتل بشن الهجوم المحدود في بادمي رسالة تأديبية لزيناوي استغلها الأخير واعلن الحرب الشاملة لينعتق تماماً من نفوذ أفورقي. لعقدين من الزمان وأفورقي يجتر تلك اللحظة الضائعة التي تحطم فيها حلمه المتجاوز لحدود إرتريا السياسية والتي يعتبرها أصغر من أن تستوعب أحلامه وطموحاته، ولم يسامح ملس زيناوي وتنظيم الجبهة الشعبية لتحرير تغراى مطلقاً على التسبب في إضاعة لحظته التاريخية. بقدوم آبي أحمد بدأت الأحلام الضائعة تغازل مخيلة أفورقي فالأحلام لا تندثر وإن خبت أو أصابها البيات الشتوي، ووجد في علاقته بآبي أحمد الذي يقود أثيوبيا بمكانتها الإقليمية والدولية نفس تلك العلاقة التي كانت بينه وبين ملس زيناوي في الأيام التالية لتحرير إرتريا ووصول زيناوي الى أديس ابابا. ولهذا ليس غريباً ان يصور أفورقي رفيقه في اثيوبيا بالرجل الساذج سياسياً حيث ذكر أن آبي بـ “حسن نيته” طلب منه مراراً وتكراراً التواصل مع الدكتور دبراصيون رئيس الجبهة الشعبية لتحرير تغراى وحاكم الأقليم، كما أن آبي أحمد تقدّم بمشروعات كثيرة تتعلق بالتكامل الاقتصادي ولكن أسياس “بحكمته” كان يقول له “إهدأ قليلاً” فلا يمكن أن ندخل في مثل هذه المشروعات دون حسم المعركة الأساسية مع القوى التي تقف عائقاً أمام انتقال أثيوبيا الى المركزية الشمولية حتى تتمكن من لعب دور مركزي ضمن المقاربة الأفورقية. الآن بزال الجبهة الشعبية لتحرير تغراي من ساحة التأثير السياسي فإن الخطر يكون قد زال أو كاد، وعليه قد آن لأفورقي أن يطرح مقاربته والتي وإن لم تجعله ملكاً على القرن الأفريقي فإنها تجعله منه (صانع الملك) وهو حلم انتظره أفورقي طويلاً وعمل له كثيراً.
مستقبل ومكانة إرتريا في المقاربة الجديدة:
مثل معظم دول المنطقة وشعوبها ينقسم الشعب الإرتري بين مؤيد للنظام جله لا يفصل بين الوطن والنظام، ويعتبر انتقاد أفورقي أو النظام باعتباره تقويضاً للدولة وانتقاصاً من مكانتها. بينما يوجد معارضون للنظام من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وبدرجات متفاوتة في المعارضة، لكن ما يميز المعارضة الإرترية دون غيرها من معارضات دول الإقليم، هو أنها بكاملها تكاد تكون في الخارج، فالنظام قد خلق ليس بيئة لا تحمل أدني قدر المعارضة وحسب، بل بيئة لا تحتمل أي طموح أو نجاح شخصي حتى بعيد السياسة وهو ما جعل إرتريا في مقدمة الدول المصدرة للاجئين قياساً إلى عدد سكان إرتريا لانعدام الأمل في حياة كريمة. بيد أن غالب المؤيدين والمعارضين على حد سواء سراً أو علناً كانت تساورهم قليل من التمنيات أن يعلن أفورقي بعض الإصلاحات السياسية بحكم أنه ظل طوال العقدين الماضيين يعلق أي إصلاح سياسي بزوال المخاطر الوجودية التي تحدق بإرتريا وفي مقدمة هذه المخاطر إثيوبيا التي كانت تقودها الجبهة الشعبية لتحرير تغراى. ولهذا فإن حالة الإحباط التي أعقبت حوار الساعتين ينبغي أن يفهم في هذا السياق. لكن على الإرتريين أن يقلقوا بما يتجاوز مسألة الإصلاح السياسي أو توقيته، ذلك أن أفورقي طرح إشارات خطيرة ضمن المقابلة. أولى هذه الإشارات هي أن كل الاستهداف الذي تعرضت له إرتريا وفق تفسير أفورقي كانت بغرض إعاقة العلاقات البناءة التي بدت تتشكل بين إرتريا واثيوبيا، وأن هذه القوى لم تكن سعيدة لتطور هذه العلاقات وبما أن الجبهة الشعبية لتحرير تغراي اختارت أن تكون وكيلاً إقليمياً للقوى الدولية الطامعة والمهيمنة فقد حالت من خلال افتعال الحرب إعاقة تطور هذه العلاقات دون أن يحدد سقف العلاقات التي يعنيها أفورقي، وكون أن الظروف الآن مواتية وفق تقديرات أفورقي وفي ظل غياب أي مؤسسات في إرتريا فإن على الإرتريين أن يقلقوا على مصير بلادهم وليس فقط الإصلاح السياسي. الإشارة الأخرى جاءت عندما تحدّث أفورقي عن الوضع الاقتصادي في إرتريا وتأثير كورورنا على الاقتصاد، وكان أسياس صادقا مع نفسه عندما قال لا يوجد اقتصاد حتى يتأثر بكورونا، وهو ما يطرح التساؤل لماذا لا يكون هنالك اقتصاد في إرتريا؟ ولماذا وقفت عجلة الاقتصاد رغم امتلاك إرتريا لموارد تؤهلها لإيجاد اقتصاد معقول فإرتريا تملك ساحل بحري وموانئ، موارد طبيعية فوق الأرض وتحت الأرض، والأهم أنها لديها شعباً معروفا بأنه كادح ومنتج ومعروف باحترامه للقانون. تفسير أفورقي كان بسيطاً وواضحاً ومباشراً، هو أنه لا أمل لاقتصاد إرتري إلا ضمن المقاربة الأفورقية التي قدمها، وبالتأكيد أولى عتبات هذه الاستراتيجية التكامل الإرتري الإثيوبي، كشرط أساسي لوجود اقتصاد إرتري أو بمعنى آخر المقاربة الأفورقية هي شرط لازم حتى تكون إرتريا دولة قابلة للحياة.
خاتمة:
إن هنالك أكثر من سبب ليتملك أفورقي الإحساس أنه حانت لحظته في التاريخ، وأن كلّ أحلامه وطموحاته أو بعضها في طريقه للتحقق ولذا حان الوقت لطرح مقاربته البديلة. مقاربة أسياس برغم تماسكها النظري إلا أنها لا تستند إلى أساس منطقي متماسك، ليس هذا وحسب بل هنالك معيقات واقعية تقف في طريقها، وهى أن معظم الدول المعنية بالمقاربة لا تشاطر أفورقي رؤيته للدور السلبي للدول المهيمنة على المستوى الدولي، ليس هذا فحسب بل أن اتخاذ القرار في معظم هذه الدول عملية معقدة للغاية تراعي كثير من العوامل الداخلية والخارجية ولا تملك معظم الحكومات السلطة المطلقة التي يتمتع بها أفورقي في تحديد مصير إرتريا على الأقل في الوقت الحالي. لكن هذا لا يعني أن مقاربته لن يكون لها تأثير خاصة إذا استطاع أفورقي تأمين الاسناد السعودي لبعض ملامح المقاربة، لكن المؤكد أن هذه المقاربة سيكون لها تأثيرات مباشرة في كل من إرتريا، وإثيوبيا والصومال، وبدرجة أقل السودان وقد يمتد تأثيرها إلى مصر ولكن ليس بالضرورة أن هذه التأثيرات سوف تكون سلبية على الأطراف كافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى