مقالات

رحلتى الطويلة الى جنوب افريقيا / عبدالرازق كرار

8-Jul-2014

عدوليس

مدخل:- عادة ما ترهقنى عناوين المقالات أكثر من المقال نفسه ، ذلك أن العنوان يفترض فيه أن يكون ملخِصاً للفكرة الاساسية للمقال أو الخبر ، ولهذا فغالباً ما تتم صياغته بعد الفراغ من كتابة الموضوع ، ولكن على غير العادة لم أجد عنتاً كبيراً في اختيار عنوان هذه المقالة ، فالعنوان هو محاكاة لسيرة الاسطورة نلسون مانديلا المدونة في كتابة ( رحلتى الطويلة من أجل الحرية ) وبالتأكيد فرحلتى الى جنوب افريقيا لا تشبه رحلة مانديلا في شئ ، فهى طويلة فقط بحكم المسافة بين مطار سدني وجوهانسبيرج ،

وسبب المحاكاة هي الأثر الكبير الذي تركه ولا يزال الراحل مانديلا على البشرية وعلى الكاتب ، لقد بدأ ارتباطي الوجداني بمانديلا في الصف الأول ثانوي وكانت المدارس المتوسطة والثانوية في ذلك الزمان تحتوي على اكثر من فصل دراسي في المرحلة الواحدة وتسمى (أنهر) وكانت مدرستنا تحتوى على نهرين وهما ( مانديلا ومهدي ) ويعود الفضل في تسمية الأنهر للاستاذ – عبدالمنعم – استاذ مادة التاريخ ، وما رأيت رجل مغرم بالتاريخ وسيرة العظماء مثل استاذنا عبدالمنعم حفظه الله اينما كان ، فاستاذ التاريخ خصص الحصص الأولي للتعريف بكل من مانديلا ، ومارتن لوثر كنج ، والمهدي طبعاً ، ولطبيعة المرحلة التي يسود فيها حالة من التنافس بين الفصول المدرسية في التحصيل الاكاديمي والنشاط الثقافي لدرجة تجعل اسم فصلك جزء من مكونات شخصيتك وهويتك في تلك المرحلة ، لذا كان مانديلا هو التميمة التي نعلقها في وجداننا ، ومع تنامي الوعي السياسي بدأت العلاقة الوجدانية مع مانديلا تزداد عمقاً ورسوخاً خاصة وان الوجه الآخر لشخصية مانديلا ظهر في تلك الفترة ، اطلاق سراحه ، والمفاوضات المارثونية في الكونتيسا بمراحلها المختلفة ، والتسامح الكبير الذي اظهره مع سجانيه ثم تنحيه عن السلطة . بعد أربعة عشر ساعة من الطيران من غير توقف استمتعت خلالها بمشاهدة فيلم ( رحلتى الطويلة الى الحرية ) المأخوذ من كتاب مانديلا ، يأتي الاعلان باننا على وشك الهبوط في مطار(O R Tambo) إنه احساس يجلّ عن الوصف ولا تحتمله الكلمات عندما تجد اسم اوليفر تامبو اسم لأكبر مطارات جنوب افريقيا – جوهانسبيرج – وهو الذي لم تكن تسعه عربة قطار مخصصة للبيض في وقت مضى ، زيارة جنوب افريقيا بعيداً عن هدف الزيارة الاساسي تعتبر رصيد في ذاكرة ووجدان أي مناضل من أجل الحرية والديمقراطية ، هنالك تكاد تتلمس الحضور الطاغي لزعماء وقادة المؤتمر الوطني الأفريقي ، والتر سوسولو ، احمد كاثرادا وغيرهم، للاسف لم يحدث تغيير كبير في الوضع الاقتصادي لسكان جنوب افريقيا الأصليين وهو ما يقوله اى مواطن جنوب افريقي يمكن أن تقابله في الفندق او المطعم أو في الجامعة ، لكن ما لا تخطئه اى عين بصيرة هي حجم العزة والكرامة والفخر الذي يشع من عيون كل من تقابله ، فخر كل من ملك أمره بيده بعد أن غريباً مستعبداً في وطنه وأرضه ، هذه هي البيئة التي عقدت في الورشة موضوع المقال ، والمنظمة الداعية – الحركة الارترية للديمقراطية وحقوق الانسان EMDHR – التي انشأت وتعمل في هذه البيئة ، وأذا كان تأثر الآخرون والكاتب من بينهم بتجربة جنوب افريقيا ونحن نشاهد ونقرأ عنها من على البعد كبير وعميق فإن تأثر من عاش التجربة حتماً سيكون اكبر وأعمق وهو ما ساهم فعلياً في إنجاح الورشة وتجاوز كثير من الألغام التي تعيق حركة المعارضة الارترية .
طبيعة الدعوة:-
لم تكن الدعوة شخصية بل أتت في إطار نشاط وتواصل بدأته مجموعة من الشباب الإرتري عقب فشل كافة محاولات اصلاح مخرج ملتقى الشباب في دبرزيت والذي تمخض عنه ما عرف باتحاد شباب إرتريا لأنقاذ الوطن ، وفي هذا الإطار صدرت عدة بيانات تحمل توقيع عشرة منظمات شبابية او فروع للاتحاد المذكور ترفض كافة الممارسات التي قامت بها قيادة الإتحاد خارج إطار التفويض الممنوح لها ، وقد رأت تلك المنظمات العمل إيجاباً وتجاوز مرحلة الرفض الى العمل البديل ، وبدأت تواصلها مع عدد من المنظمات الشبابية والمدنية الموجودة في الساحة لبلورة شكل من العلاقة تعتمد على التكامل والإحترام بدلا من التنافس وتكرار الانشطة ، وضمن هذه اللقاءات جاء اللقاء مع الحركة الارترية للديمقراطية وحقوق الانسان – جنوب افريقيا ، وقد وجهوا مشكورين الدعوة والتي قبلها اصحاب المبادرة في اللقاء ( مجموعة العشرة ) وقد تم اختيار شخصي لأكون ممثلا ومشاركاً في الورشة ، على المستوى الشخصي لم أكن متردداً البتة في المشاركة ، بالرغم من أن معظم المشاركين محسوبين بشكل أو آخر على معسكر كان ولا يزال معترضاً على مشاريع كنت مشاركاً فيها وداعماً لها ، وأعني بذلك ملتقى الحوار الوطني ، ومؤتمر الحوار الوطني ، وملتقى دبرزيت الشبابي ، كما أنني اقف في الطرف الآخر من أطروحات اعتبرتها خلافات نظرية في عدد من كتاباتي تقسم ساحة المعارضة الارترية الى معسكرين ، والقضايا هي مقاومة النظام بالوسائل السلمية ام بكافة الوسائل بما فيها القوة العسكرية ، دور القومية والدين في تشكيل المستقبل الإرتري ، وطبيعة العلاقة مع أثيوبيا كدولة مضيفة للمعارضة الارترية هل هي صديق يعتمد عليه ام عدو يجب الحذر منه ، ذهبت الى جنوب افريقيا بعقل وقلب مفتوح حاملاً قناعاتي متسلحاً بما يكفى من الحجج للدفاع عنها ، مشاركتي كانت مفاجأة لصديقي عبدالرحمن السيد – بوهاشم – خاصة وأن اسمى لم يكن ضمن الاسماء الواردة في البروشور الخاص بالورشة ، ولكن من جانبي فإن قناعتي الكاملة أن هذا التمحور حول هذه القضايا يجب ان لا يكون مانعاً من المشاركة الايجابية كان سبب رحلتى الطويلة الى جوهانسبيرج ، في محاولة لمناقشة هذه القضايا بشكل اكثر عمقاً في إجواء اقرب الى الاكاديمية العلمية منها الى السياسية ، ولا توجد منطقة أنسب من جنوب افريقيا – ضمن الخيارات المتاحة خارج الوطن – حيث تحوم روح مانديلا ومشروع الحقيقة والمصالحة حيث يمكن أن يتسامي فيها المحاورون عن أنانيتهم .
طبيعة الورشة:-
الورشة في طبيعتها كانت اقرب الى الاكاديمية منها الى السياسية ، حيث اعلنت الجهة المنظمة EMDHR عن الورشة باكراً في مطلع العام محددة محاور الورشة ، حاثة كل اصحاب القدرات الاكاديمية تقديم اوراق ضمن المحاور ، وقد اختارت الجهة المنظمة عنواناً عريضاً للورشة وهو ( التفكير الاستراتيجي حول الازمة السياسية والاجتماعية في إرتريا ، الانعكاسات ، السيناريوهات والتعاطي ) ,اختارت لها التوقيت بين التاسع والحادي عشر من مايو 2014م وقد تم تقسيم الاوراق ولاحقاً المشاركين الى اربعة محاور هي:-
1/ جذور السلطوية وتطورها ، وغياب القيم الدستورية في إرتريا.
2/ ، الأزمات الاجتماعية والاقتصادية كأبرز نتائج السلطوية .
3/ الطريق الى الديمقراطية.
4/ العدالة الانتقالية وبناء السلام .
تحت المحاور المذكورة قدمت عدة أوراق منها ، تحديات اعداد الدستور ، من وحي التجارب الافريقية بالتركيز على التجربة الإرترية ، قدمها البروفيسور برخت هبتي سلاسي كما قدم ورقة أخرى بعنوان في مسيرة التغيير الديمقراطي قضايا واجب انجازها ، مزالق يجب تجنبها ، أما السفير السابق لإرتريا في الاتحاد الأوربي الدكتور عندماريام ولدي قرقيس واحد ابرز المؤسسين لـلمنتدي (مدرخ ) فقد قدم ورقتان الأولي بعنوان ، الدور البنّاء للمهاجرين الارتريين كفاعل وطني ، والثانية ، بعنوان جذور النظام المتسلط في إرتريا ، الدكتور أداني قبرمسقل من EMDHR والمقيم ببتسوانا قدم ورقة بعنوان المصالحة وبناء مجتمع مرن ومتسامح ، وقدم الاستاذ عبدالرحمن السيد ورقة بعنوان دور منظمات المجتمع في المرحلة الانتقالية ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري ، كما قُدمت ورقة عن تاريخ الثورة الارترية بواسطة بنيام دبساي من بريطانيا ، وقدمت الناشطة الحقوقية إيلسا جروم ورقة بعنوان المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في إرتريا ، كما قدمت ورقة بعنوان الاستراتجية الرابحة ، المبادئي ، القيم والمنهج بواسطة إياسو عندماريام من EMDHR وكان من نصيبي تقديم ورقة عن ظاهرة الحراك الشبابي في ساحة المعارضة الارترية التحديات والآفاق ، وبالطبع كانت هنالك اكثر من روقة قدمت في الجلسات الخاصة بالمحاور بعد تقسيم المشاركين الى محاور الورشة الأربعة ، بالتأكيد هذه الأوراق لم تكن اكاديمية مملة كما هو معهود في مدرجات الجامعات وإن تم تقديمها في قالب علمي ، ولكنها كانت سياسية مما يشغل الساحة الإرترية دولة ومعارضة ، وكان النقاش فيها محتدماً بقدر حالة الإحباط التي تلف ساحة قوى التغيير الديمقراطي في إرتريا التي تبحث عن أى مبادرة فعالة يمكن أن تسهم في خلق حراك حقيقي متماسك يعول عليه في التغيير أولاً قبل الانشغال بكيفية إدارة الدولة بعد التغيير ومن يديرها ، وعليه نقاش حول وسائل التغيير سلماُ او عنفاً ، ومصير دستور 1997م ، وتوصيف المظالم وكيفية معالجتها ، وخارطة الطريق في مرحلة التغيير ، وإدارة المرحلة الانتقالية بعد التغيير ، هي قضايا من صميم أولويات الساحة الإرترية التي يثير تناولها خلافات لا حصر لها ، ولا تزال تقعد المعارضة بكافة قواها السياسية والمدنية عن إحراز تقدم تجاه الهدف الاساسي وهو تخليص البلاد والعباد من هذا النظام .
مخرجات الورشة:-
مخرجات الورشة مفصلة في البيان الختامي للورشة وقد لامست المخرجات المحاور الاساسية التي ناقشتها الورشة وفيما يتعلق بالمحور الأول ، وهو جذور السلطوية ، وترسيخ مفاهيم وقيم الحكم الدرستوري في إرتريا فقد اتفق المشاركون على العمل معا لكسر حواجز التعصب، والصمت، والتخويف ، والسعى الحثيث لتفعيل الحركات الاجتماعية والسياسية، خاصة الشباب والنساء والمنظمات الفئوية ، والحركات الشعبية ، من خلال ترسيخ الثقافة والقيم المدنية ، والعمل لإقامة نظام حكم دستوري جامع لكل الإرتريين يحترم ويحمي حقوق الإنسان الأساسية ويعلي سيادة القانون ، أما فيما يتعلق بالاقتصاد فقد اتفق المشاركون على إجراء دراسات معمقة حول وضع الاقتصاد الإرتري في ظل التدمير الممنهج الذي يمارسه النظام في ظل تعتيم كامل على ميزانية الدولة وعدم وجود جهات رقابية او تشريعية ، وعدم وجود أى حدود وفواصل بين الحزب والدولة ، وهو ما سيشكل عبء ثقيل على أى تغيير قادم مالم توجد دراسات معدة سلفاً تساهم في معرفة طبيعة الاقتصاد الإرتري بشكل دقيق ، وقد أوصى المشاركون الاستفادة من أصحاب الخبرات في المجال الاقتصادي الذين شاركوا في الورشة والذين لم تتاح لهم الفرصة للمشاركة للتنادي وإيجاد اليات تمكنهم من وضع دراسات في هذا المجال ، والحال كذلك في المجال الإجتماعي خاصة مع إدعاءات النظام انه حقق معظم أهداف الالفية للتنمية وهي إدعاءت يحاول أن يسوق لها في المجتمع الدولي من خلال إحصاءات لم يتاح لأى جهة مستقلة ومتخصصة من التحقق من صحتها ، ولا يجد المواطن العادي أى انعكاس لها في حياته ، خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي ، مما ادى الى وصول التضخم لمعدلات قياسية في ظلّ ارتفاع معدلات البطالة وضعف الدخل ، وقد صاحب ذلك تدهور مريع في الخدمات المتمثلة في التعليم ، الصحة ، المواصلات ، مياه الشرب ، الكهرباء ، وغيرها من الخدمات اليومية التي يحتاجها المواطن في حياته ، أما بخصوص الازمات الإنسانية فقد عبر المشاركون عن القلق العميق لحجم الازمات الانسانية المتفاقمة ، خاصة اللاجئين ، وممارسات الاعتقالات المستمرة ، ورفض الدول استقبال اللاجئين ، وإعادتهم الى إرتريا دون تقدير للعواقب الوخيمة المترتبة على ذلك ، واستمرار التجارة البشرية ، وقد أتفق الحضور على تطوير خطة عملية لمساعدة اللاجئين بناء على طبيعة احتياجاتهم ، وتنسيق الجهود للدفاع عن حقهم في حياة كريمة والسعى الحثيث لبناء علاقات تعاون وتكامل بين المنظمات الارترية ذات الاهتمام المشترك ، وبناء شراكات قوية وفعالة مع المنظمات الدولية لحشد الموارد لتلبية إحتياجات اللاجئين ، كما عبر الحضور الى أهمية بدء عمل محترف لتوثيق انتهاكات النظام من خلال إجراء دراسات بغرض الحشد الدولي وممارسة مزيد من الضغوط على النظام ، التعاون مع وسائل الاعلام الارترية والعالمية للعمل على رفع الوعي حول قضايا حقوق الانسان ، وتأسيس تحالف إرتري لمنظمات حقوق الانسان الارترية في الخارج وخلق شراكات مع المنظمات الدولية المعنية بهذا المجال.
أما في محور الطريق الى الديمقراطية ومن ثم إقرار نظام للعدالة الانتقالية والسلام المستدام ، فقد أكدت الورشة على أهمية الاتفاق على استراتيجية من أجل التغيير الجوهري وايجاد نظام ديمقراطي في إرتريا ، منطلقين من الإعتراف بالاثار السلبية للاختلافات والصراعات بين قوى التغيير الارترية ، وبالتالي ضرورة الاسراع بتجاوزها من خلال إيجاد علاقة تواصل وتنسيق بين قوى التغيير في الداخل وقوى التغيير في الخارج ، والتوافق على مفهوم موحد لقضية الوحدة حول الاهداف بين قوى التغيير الديمقراطي منطلقين من الايمان العميق أن التغيير يأتي حصيلة للجهود الجمعية المشتركة لكافة قوى التغيير الديمقراطي ، وفي هذا الصدد أكدت الورشة على أهمية تجاوز أزمة القيادة ، والسعى الى ترسيخ مفهوم ايجاد قيادة كفوءة وملتزمة تجاه قيم الديمقراطية والمصالح العليا للبلاد ، أما بخصوص محور العدالة الانتقالية وبناء السلام ، فقد عبر المشاركون عن القلق العميق إزاء حالة الاستقطاب والتنافر التي تشهدها ساحتنا الإرترية ، وقد اتفق الحضور على الضرورة الملحة لبدء عملية مصالحة وبناء الثقة بين كافة الارتريين قبل وبعد عملية التغيير السياسي في إرتريا ولهذا الغرض العمل لتأسيس منتدى إرتري للحوار لخدمة الغرض المذكور ، واستعادة الثقة بين قطاعات شعبنا وتعزيز التماسك الاجتماعي بين مكوناته ، وضرورة إدراج هيئة معنية بالسلام والمصالحة في الدستور الوطني ، واعطائها الاختصاص والصلاحية لقيادة حوار ومصالحة وطنية والتعاطي مع كافة الجرائم المرتكبة في الماضي مستفيدة من البنية والموروث الاجتماعي في عملية الحوار والمصالحة على مستوى المجتمع الارتري .
خاتمة:-
بعد عودتي من جنوب افريقيا ، سؤالاً ملحاً ذلك يشغل بالي وهو هل كانت الورشة بكافة ابعادها المذكورة تستحق قطع تلك المسافة ، والإجابة دون تردد كانت نعم تستحق ، هي ورشة نظمتها منظمة إرترية تم تأسيسها خارج الوطن بل في ابعد نقطة من افريقيا بالنسبة لإرتريا من حيث المسافة ، وبالتالي لا يمكن تحميلها اكثر مما تحتمل ، كما انه ليس من العدل رفع سقف التوقعات لما يمكن أن يتجاوز مخرجات اى ورشة نظرية كانت أو عملية ، ولكن المؤكد أن الورشة كشفت أن كثير من القضايا العالقة التي تعيق حراك المعارضة الإرترية هي قابلة لإيجاد حلول لها او تسويات ترضي الجميع على الأقل ، وعلى المستوى الشخصي كشفت لى أن البئية المحيطة لها تأثير كبير على طريقة تفكير الأفراد والنخب ، وهو ما أدركته من خلال ملاحظاتي على مساهمات المشاركين في الورشة من اعضاء EMDHR في مجريات النقاش ، وكيف أن متابعتهم لحل القضايا السياسية والاجتماعية في جنوب افريقيا أثر في تشكيل نظرتهم للأمور ، وأنهم اصبحوا اكثر اهتماماً بأعقد ما يواجه مستقبل إرتريا وهو قضايا المصالحة الوطنية ومراحلها ، وتسوية المظالم ، والعدالة الانتقالية المفهوم والممارسة ، وهو ما جعلهم اكثر حساسية تجاه مظالم الآخر ، وأكثر استعداداً للاستماع الى وجهة النظر الآخرى ، وبما أن جلّهم إن لم يكن كلّهم من نخب المرتفعات ، فإن شريك بهذه المواصفات يبشر بخير كبير يسهل معه في المستقبل الوصول الى حلول عملية للمشكلات الإرترية بعيداً عن الإقصاء ، ويعطى أملاً في أن حالة الاستقطاب التي يعاني منها مجتمعنا على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والدينية والقومية ، وتؤثر بشكل مباشر على حاضرنا على مستوى الدولة والمعارضة ، وسوف تؤثر على مستقبلنا دون شك ، يمكن أن توجد لها معالجات في إطار تحويل التعدد الى مصدر ثراء والهام وتنافس حميد بدلا من أن يكون لعنة تدمر الحاضر والمسقبل .
للتواصل مع الكاتب razig2002@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى