مقالات

أضواء كاشفة على وثيقة إدعم / بقلم عبد الله محمود

11-Jan-2014

عدوليس

مدخل : في ظل تعمق حالة الانسداد السياسي الذي تعيشه إريتريا ، ومن بين ركام الخيبات والإحباطات الناجمة عن ضعف فاعلية الفعل المعارض ، وكنتاج طبيعي لتنامي حالة الظلم والاضطهاد على يد النظام الحاكم ، وفي ظل تفاقم الصراعات داخل التكتلات الناشطة في الفضاء المعارض بسبب الطموحات الشخصية سعياً لسلطة متوهمة وعراكاً حول ثريد أعفر ،

تخرج إلينا بين الفينة والأخرى رؤى و أطروحات لم تستكمل حظها من النظر الثاقب والتدبر الواعي ، بعضها تنشأ في دائرة الضوء مما يمكن المراقبين من متابعتها وتشذيبها والأخذ بيدها ، وبعضها الآخر ينشأ تحت جنح الظلام مما يجعلها كنباتات الظل التي تنمو في غياب كميات الإضاءة اللازمة فتصاب بضعف الإنبات وشحوب الأوراق وضعف السيقان ، و يجعلها – أيضاً -كالأطفال الذين لا يتعرضون لكميات كافية من أشعة الشمس المشرقة التي يتوفر فيها فيتامين دي فيعانون من الكساح وهشاشة العظام . فالأفكار التي تنشر سراً وتتسلل خلسة دون أن تجد حظها من القراءة الحصيفة والنقد المبصر تعاني من اختلالات بنيوية تذهب بها بعيداً عن أهدافها ومراميها مهما حسنت نوايا الذين قاموا بإعدادها وسلمت مقاصدهم فالطريق إلى جهنم – كما يقولون -محفوف بالنوايا الحسنة وكم من مريد للخير لم يبلغه .
منذ شهرين أو يزيد بدأت الأصوات تعلو بالحديث عن وثيقة يتم توزيعها سراً يتلخص مضمونها في ( التنسيق بين قوى المنخفضات السياسية ) ،و تم طرحها لاحقاً في غرفة الحوار الوطني في البالتوك في إحدى الأمسيات الحوارية حيث تساءل أحد المتحدثين عن عدد الذين اطلعوا على الوثيقة من بين الحضور الذي كان يربو على الثلاثين ، لم يجد إلا واحداً أو اثنين من الذين اطلعوا عليها ودار نقاش حول توصيف الوثيقة ومدى انطباقه على القوى السياسية المعنية ، وعلى إثر ذلك افترعتُ بوستاً على شبكة التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) ضمنته ملاحظاتي حول عنوان الوثيقة ومضمونها بغية إدارة حوار حول الفكرة المحورية للوثيقة ، وبعدها تكرم أحد الإخوة الأفاضل بإرسال الوثيقة عبر البريد الإلكتروني ، و رأيت أن من واجبي كتابة هذه النقاط في إلقاء حزمة ضوء عليها .
عرض أفكار الوثيقة :
الوثيقة صادرة من شبكة إرتريون من أجل العدالة والمساواة ( إدعم ) وممهورة باسم سكرتارية شبكة إدعم ومختومة بخاتمها بدون تاريخ ، وعنوانها الرئيس ( ورقة ميثاق العمل والمبادئ المشتركة ) بجانب عنوان آخر تفسيري وهو (مبادرة لجمع شمل مجتمع المنخفضات الإريترية وقواه السياسية والمدنية ) .
تتكون الوثيقة المذكورة من 13 صفحة وحملت العناوين الجانبية الآتية : ( مقدمة ، الخلفية التاريخية ، مبادئ وأسس العمل ، الحقوق والمبادئ الأساسية ، الخطة الاستراتيجية للعمل المشترك للقوى السياسية والجماهيرية للمجتمع ، ميثاق شرف ، خاتمة ) .
يمكن أن نجمل الافكار الواردة في الوثيقة في تعريفها للإطار الذي تعنيه الوثيقة وهو ( المنطقة الممتدة من سمهر في البحر إلى الحدود السودانية ) وقولها بأن المجتمع الذي يقطن هذه المنطقة يتعرض لهجمة منظمة من النظام وبعض عناصر المعارضة ، وحديثها عن دور هذا المجتمع في الدفاع عن الكيان الاريتري من خلال رفض التقسيم او الانضمام الى اثيوبيا ونضاله من أجل وحدة إرتريا أرضاً وشعبا ، وتحدثت الوثيقة – ايضاً -عن حالة الوهن التي يعيشها المجتمع و استهدافه من قبل النظام انكاراً للحقوق وتهجيراً واستيطاناً ، واستهدافه من قبل بعض قوى المعارضة ( من خلال عملية الإقصاء التي تدفع لإخراجه من دائرة العمل السياسي المعارض ) .
وزعمت الوثيقة أن ارتريا هي نتاج الاستعمار الايطالي وأنها تتكون من تشكيلات لمجتمعات متباينة ذات ثقافات وانتماءات وولاءات مختلفة ومجموعات إثنية وثقافية غير متجانسة .وذكرت الوثيقة أن ( مسلمي شعب المنخفضات يتوجسون من مسألة حقوق المكونات خيفة وظنا بأن ذلك يشكل خطراً على ثنائية المجتمع الإرتري الدينية والثقافية وإخلالاً بالتوازن ولكننا لا نجد أثراً لدى بقية مسلمي إرتريا حيث لديهم تنظيماتهم الخاصة التي تدافع عن حقوق مجتمعاتهم وتعبر عنها ) .
ووضعت الوثيقة ما اسمته بالخطة الاستراتيجية للعمل المشترك للقوى السياسية والجماهيرية للمجتمع أبرز ما تضمنته تكوين مجلس استشاري بين الرموز السياسية والإجتماعية والثقافية والفكرية لمجتمع المنخفضات حددت له مهاماً من بينها العمل مع التنظيمات من أجل تطوير وسائل عملها .
وشخصت الوثيقة أزمة المجلس الوطني وحصرتها في الآتي 🙁 عدم الكفاءة ، ونقص الخبرة ، والتمثيل غير المتكافئ الذي لا يعكس التعدد المجتمعي ) وتبنت الوثيقة ( تشجيع المنظمات الشبابية المعارضة والهادفة لتغيير النظام ) دون أدنى إشارة لإتحاد دبرزيت التي كانت مجموعة إدعم قد أعلنت تأييدها لمخرجات مؤتمره التأسيسي .
ملاحظات حول الوثيقة :
أولاً : خطل التوصيف :
الإشكالية الرئيسة التي وقعت فيها الوثيقة أنها لم تسمي قوى بعينها باعتبارها القوى السياسية للمنخفضات ،ولم تضع معايير محددة لهذه التسمية ، ولكن من السياق العام للوثيقة يتضح أن المقصود هو قوى سياسية تتبني أطروحات وطنية وفكرية جامعة ربما يغلب على عضويتها الانتماء لهذه الجهة لاعتبارات تاريخية تتعلق بالتأسيس والمنشأ أو التطورات التي حدثت لاحقاً، وقطعاً هذه محاولة مكشوفة لتقزيم القوى السياسية التي تحمل هموما بحجم الوطن وقامته وتفتح أبواب عضويتها على مصاريعها لكل أبناء الوطن ممن يتفقون معها في الرؤى والأطروحات ، وتتأبى على الاختزال في هذه القوالب . وهذا التوصيف يختزل نضالات ومجاهدات هذه القوى في إطار جغرافي محدد ، بما يعتبر تجنى عليها وتجاوز لحدود المنطق السليم ، ولا أدري من الذي فوض معدي الوثيقة لتوصيف قوى بعينها بتوصيفات لم تصف بها نفسها أو تعبر عنها في وثائقها وأدبياتها أو ترفعها شعاراً بل وتمادت في إعداد برنامج متكامل لهذه التنظيمات منصبة نفسها عقلاً استراتيجياً دون أن تملك المؤهلات اللازمة لذلك . ولو توجهت الوثيقة للتنظيمات ( القومية ) التي تنتمي للمنطقة التي حددتها الوثيقة لكان ذلك أدعى للمعقولية باعتبار طرحها الخاص بحقوق مجموعة معينة ولكن السياق العام للوثيقة يشير إلى غير ذلك . وفي الجملة يمكن القول أن الوثيقة هي محاولة لخلق حالة من الفرز والإصطفافات الجهوية والاستقطاب داخل قوى المعارضة ومظلاتها الجامعة بما يمكن أن يسهم في تفاقم أزمة العمل المعارض وتعميق الفجوات .
ثانياً :ارتباك وتناقض :
تعاني الوثيقة من تناقض بيًّن وارتباك ملحوظ في دعامتها الأساسية فمن ناحية ترى الوثيقة أن هذا الكيان (إرتريا ) ( هو نتاج للاستعمار الإيطالي ) وانه يجمع بين مجموعات اثنية متباينة وغير متجانسة ، وأن الاستعمار الإيطالي أجهض تطور هذه المجتمعات إلى بناء وحدات قومية متجانية ثقافياً واجتماعياً وفصلها من امتداداتها كل على حدة ، ولكنها في الوقت نفسه تمتدح (جهود ( مجتمع المنخفضات ) في الدفاع عن الكيان الإريتري ورفضه لمحاولات التقسيم ودعاوى الانضمام إلى اثيوبيا وناضل في اشادة من أجل وحدة إريتريا أرضاً وشعباً لتشكيل مفهوم الوطن بحدوده ومكوناته الحالية ) .
ثالثاً :رؤية الوثيقة للكيان الوطني :
حاولت الوثيقة التقليل من شأن الكيان الوطني الإريتري ( وتسفيه فكرة الوطن وتسخيفها ) بالزعم ان إرتريا نتاج الاستعمار الإيطالي وأشارت إلى أن إريتريا تتكون تاريخيا من ثلاث جزر معزولة ومتباينة وهي( الكبسا والمنخفضات الجنوبية الشرقية (العفر) ، والمنخفضات ) وفي هذا تسطيح مخل ويفتقر للقراءة السيوسولوجية الواعية للتكوين الإجتماعي والحراك الديمغرافي والتفاعل السكاني الذي ظل يحدث في إريتريا منذ مئات السنين ، فالعلاقات بين سكان المناطق الثلاث المذكورة في الوثيقة ممتدة عبر التاريخ ، حيث تجد قبائل بأكملها تنتسب من حيث الأصول والجذور لهذا الإقليم أو ذاك ولكنها انتقلت إلى الاقليم الآخر وما زالت تحتفظ بوشائجها وصلاتها ، وكثير من القبائل الرئيسة سواء هنا أوهناك تعود جذورها إلى المنطقة الأخرى وهذا يدل على أن إريتريا يجمعها فضاء اجتماعي واحد ظل يتفاعل عبر التاريخ ويمكن الرجوع في هذا لكتب التاريخ الإريتري ، و للمدركين لطبيعية المجتمع الإريتري للتبحر حول هذا الشأن ، ولا يتسع المقام هنا للاستطراد حول هذا الشأن .
رابعاً :الوثيقة والدين :
بالرغم من أن نسبة المسلمين في المنطقة التي حددتها الوثيقة يتجاوز 95% إلا أن لفظ الإسلام لم يرد في الوثيقة إلا مرة واحدة وذلك في إطار المقابلة بين ما أطلق عليه بمسلمي المرتفعات ومسلمي المناطق الأخرى، كما أغفلت الاستهداف العقدي والثقافي الذي يتعرض له سكان المنطقة وسائر مسلمي إرتريا ومحاولات سلخهم عن الهوية الإسلامية وحصرت الاستهداف في ( عدم عودة اللاجئين ، التهجير والاستيطان ) و قللت الوثيقة من شأن الصراع على أساس الثنائية الدينية والثقافية( الاسلام والمسيحية ، العربية والتجرنية ) قائلة ( ماهو إلا مستوى من مستويات الصراع ) وذلك في إطار إستبداله بصراع آخر (صراع على مستوى المكونات الأخرى للمجتمع ) .
وهذا يعود – في اعتقادي – إلى الخلفية الفكرية للذين أعدوا الوثيقة ويمثل محاولة مكشوفة لإفراغ الصراع والتدافع في إريتريا من مضمونه الثقافي والعقيدي واستبداله بصراع آخر مبني على أساس الجهة وما يعرف بالقومية .
خامساً :الوثيقة والقومية :
أبدت الوثيقة امتعاضها (من توجس ( مسلمي شعب المنخفضات ) من حقوق المكونات ظنا منهم بأنها تشكل خطراً على الثنائية الدينية والثقافية بينما لم نجد لهذا أثر لدى مسلمي المناطق الأخرى التي قالت الوثيقة انها لديها تنظيماتها الخاصة التي تدافع عنها وتحمي مصالحها ) .
وفي هذا النص جملة من الملاحظ أولها أنه احتوى ان مسلمي المنخفضات يتوجسون من التنظيمات القومية وفي هذا مغالطة واضحة وتدليس بيّن ، فكل متابع للحراك المعارض يعلم أن أول تنظيم (قومي ) تم تأسيسه في المعارضة الإريترية هو تنظيم الكوناما بقيادة قرنليوس وهي ينتمي للمنطقة التي سمتها الوثيقة بالمنخفضات وهنالك عدد من التنظيمات الأخرى مثل تنظيم البلين والباريا بالإضافة إلى تنظيم المنخفضات الذي قطع أشواطاً في اتجاه التأسيس .
ثاني الملاحظ أن معدي الوثيق حاولوا الإيحاء بأن التنظيمات القومية تمثل القوميات وتدافع عنها وتحمي مصالحها وهذا غير صحيح البتة ،فالتنظيمات القومية تعبر عن أطروحات وأراء منسوبيها والعناصر التي تنضوي تحت لواءها فقط ولا تعبر عن المجموعات السكانية التي تنتمي إليها .
ثالث الملاحظ أن المكتوب أعلاه يعكس رغبة معدي الوثيقة في تجاوز التنظيمات التي تم تكوينها على أساس فكري أو وطني وانتظام المجتمع الإرتري في تنظيمات على الأساس القومي والجهوي ويتضح هذا جلياً إذا تم ربطه بمقالات سابقة لمن أعدوا الوثيقة تدافع بشدة عن حق تقرير المصير للقوميات ، وهنا يحضرني سؤال ملح مفاده : ما الذي يمنع معدي الوثيقة من تأسيس تنظيم قومي أو جهوي وفقاً لقناعاتهم التي أوردناها أعلاه ؟ .
سادساً :التحليل المجتمعي :
البقعة الجغرافية التي حددتها الوثيقة في تعريفها للمنخفضات هي المنطقة ال(ممتدة جغرافيا من منطقة سمهر في البحر الأحمر إلى الحدود السودانية ) ، و وإذا حاولنا تحليل مكونات هذه المنطقة من ناحية الجغرافيا والديمغرافية واللغة نجدها تضم خمس أقاليم وفقاً للتقسيم الإداري القديم المعتمد لدى غالبية تنظيمات المعارضة قبل أن تطاله يد التشوية بواسطة النظام الحاكم ،وهي ( القاش سيتيت ، بركه ، الساحل ، سمهر ، سنحيت ) ، هذه الأقاليم لم يتم تقسيمها اعتباطاً وإنما تمت مراعاة التكوين الاجتماعي عند تقسيمها ، فمن ناحية الدين فإن نسبة المسلمين في هذا الإقليم تبلغ أكثر من 95 % مع أقلية مسيحية ووثنية ، أما من ناحية اللغات فالمنطقة المذكورة تعتبر تجمعاً لثماني لغات ( اللغة العربية التي تعتبر لغة الدين والثقافة والجذور بالنسبة للإنسان الارتري ، التجري ، الباريا ، الكوناما ، البلين ، الساهو ، الحدارب ، الإيليت ) أي أن المنطقة تضم كل اللغات عدا التجرنية والعفر ، أما من ناحية إثنية فالمجموعات السكانية للمنطقة تنتمي إلى جذور سامية بجانب المجموعات الحامية النيلية .
أوردت التفاصيل أعلاه في إطار التأكيد على أن المنطقة تتميز بدرجة عالية من التنوع والثراء الإجتماعي والديمغرافي ، والرابط الجامع بين هذه المجموعات السكانية بشكل رئيس هو الإسلام الذي يجمعها مع بقية المكونات في سائر الاقاليم الأخرى التي ذكرتها الوثيقة .
سابعاً : مقارنة الوثيقة بمواقف إدعم :
في إطار تحليلها و تقييمها للمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي الذي يترأس مكتب التنفيذيه الدكتور يوسف برهانو ذكرت الوثيقة – التي أعدتها شبكة إدعم – أن أزمة المجلس تتمثل في 🙁 عدم الكفاءة ، ونقص الخبرة ، والتمثيل غير المتكافئ الذي لا يعكس التعدد المجتمعي ) .ولا أريد هنا التعليق على هذه الجزئية ولكنني سأقارنها بموقف الشبكة من مؤتمر دبرزيت للشباب الذي انعقد في يوليو من العام 2012م و تمخض عنه اتحاد شباب إرتريا لإنقاذ الوطن وسط لغط كبير حول انتقاء المدعوين والجهة المشرفة وغياب التوازن الديني والإجتماعي وتغييب مكون رئيس من مكونات الوطن حيث ينتمي رئيس الجهازين التشريعي والتنفيذي لطائفة واحدة فضلاً عن أن عدد المسلمين في الجهازين التشريعي والتنفيذي محدود للغاية ، فللنظر إذن لموقف الشبكة التي اصدرت بياناً ( يدعم المؤتمر ) بتاريخ 09‏/07‏/2012م جاء فيه ما يلي : (نحن نؤيد المؤتمر الشبابي الذي يتم عقده حالياً في إثيوبيا معتقدين بأن سوف يتطور ليكون شاملاً ويعكس التنوع الإرتري في مخرجاته النهائية .. نتمنى لهم النجاح الكامل، كما لا يفوتنا في هذه السانحة أن نعرب عن امتناننا وتقديرنا الكبيرين للبلد المضيف شعب وحكومة إثيوبيا الشقيقة. )هذا غير انخراط بعض منسوبي الشبكة في دفاع مستمر عن اتحاد دبرزيت شبكات التواصل الاجتماعي .
أخلص من هذا النقل إلى عدم مبدئية شبكة إدعم في التعاطي مع قضايا الحقوق والاختلال في ميزان السلطة وإلا فكيف نفسر تأييدها لمؤتمر دبرزيت بتكوينه المعروف بينما تصف المجلس الوطني ( بأنه لا يعكس التعدد المجتمعي ) .
كنت سألتمس العذر لإدعم لو أنها كانت تنظيماً سياسياً ، وكان ذهني سينصرف إلى أن هذا البيان يأتي في إطار مغازلة الدولة المضيفة للحفاظ على دفء العلاقة ، ولكن أن يصدر هذا البيان ممن يعرًّف نفسه بأنه لوبي ضغط وممن يتحدث جهرة عن اختلال ميزان السلطة في اريتريا ، وممن يتحدث عن غياب التوازن في المجلس الوطني فهذا أمر ترتفع له حواجب الدهشة ، الغريب في الأمر أن الوثيقة لم تشر تلميحاً أو تصريحاً لهذا الجانب ولهذا أكثر من دلالة يمكن أن يلتقطها المتلقي .
ثامناً :ظرفية أم استراتيجية :
هنالك جملة من الإشارات أرجح من خلالها أن الوثيقة ظرفية مرحلية تتعلق بترتيبات المؤتمر الوطني القادم ومحاولة لتمهيد المسرح لوصول مرشح بعينه إلى قيادة المجلس ، من بين هذه الإشارات توقيت صدور الوثيقة ، والتركيز على قضية المؤتمر القادم ،والقراءة الفاحصة لوثائق ادعم السابقة التي صدرت على خلفية مؤتمر أواسا فضلاً عن علاقة منسوبي إدعم الوثيقة بهذا المرشح ، وفي العموم فإن هذا الهدف لا غبار عليه ، وهو حق مشروع للشبكة وغيرها إذ أن اللعبة الديمقراطية ترتكز على توسيع رقعة التحالفات والبحث عن بدائل ، ولكنني اعتقد بأنه من الخطأ بمكان محاولة فصم عرى المجتمع وتفكيك مكوناته بدواعي عدم التجانس ونشر ثقافة التجزئة والتبعيض ، والسعي لتقزيم التنظيمات الوطنية والفكرية في إطار جهوي يتقاصر عن قامة الوطن المديدة ، والسعي الواضح لتبيئة وتوطين خطاب يهدف بشكل رئيس إلى إفراغ الصراع في ارتريا في محتواه العقيدي والثقافي وإلباسه ثوباً جهوياً .. كل هذه الخطايا يتم ارتكابها في سبيل وصول مرشح محدد إلى سدة سلطة متوهمة في معارضة خارج دائرة الفعل الحقيقي !! .
خلاصة القول :
أن الوثيقة تحمل بذور فنائها في داخلها ، ولا أتوقع أن تجد أذناً صاغية سوى من فئات محدودة الذي قاموا بإعدادها أو الذين تعبر عن مصالحهم الآنية اللحظية ، ولكنها قطعاً ستحتل موقعها الطبيعي إرشيف الأقراص الصلبة والمرنة للحواسيب الثابتة والمتنقلة . والله الموفقللتواصل :abdu974@hotmail.com 11 يناير 2014م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى