مقالات

إريتريا: هل هي كوريا الشمالية الأفريقية؟

21-Oct-2015

عدوليس ـ موقع قناة الشروق السودانية

روبرت ب. جورج، توماس جي. ريس- صحيفة الكرستيان ساينس مونيتورترجمة: سيف الدين عبد الحميدهنالك سؤالان مفتاحيان، هما: هل يبرر سجل إريتريا حول جرائم حقوق الإنسان والحرية الدينية إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي؟ وهل إريتريا مذنبة فيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية؟من الواضح أن هذين السؤالين يهمان مجلس حقوق الإنسان الأممي الذي قام في يوليو الماضي بتمديد تفويض لجنة تحقيقه الخاصة بحقوق الإنسان في القرن الأفريقي لمدة عام آخر، حيث أتى هذا التمديد بعد نشر لجنة التحقيق تقريراً من 500 صفحة في شهر يونيو فيه تفصيلٌ لانتهاكات إريتريا.

ويجب أن يعني السؤال بقية العالم أيضاً بالنظر إلى مساهمة إريتريا الخطيرة في أزمة اللاجئين الدوليين كما هو واضح في فرار خمسة آلاف إريتري شهرياً وبصورة مستمرة من وطنهم، حيث شق كثيرٌ منهم طريقهم شمالاً إلى أوروبا.وأكد تقرير لجنة التحقيق المذكور ما وثقته المفوضية الأميركية للحرية الدينية الدولية على مدى أعوام بحيث أكدت الآتي: أن إريتريا هي كوريا الشمالية الأفريقية.دولة بوليسيةإريتريا دولة بوليسية استبدادية تحكم بالتخويف لا بالقانون، إريتريا تخلق مأساة لحقوق الإنسان بما في ذلك الحرية الدينية التي يجب على العالم ألا يتجاهلها. بات نظام الرئيس أسياس أفورقي والجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، يدير إريتريا منذ عام 1993 بعد أن كسب حرب استقلال طويلة من إثيوبيا.وقد استؤنفت الحرب مع إثيوبيا في عام 1998 وفي الوقت الذي انتهى فيه الصراع في عام 2000، إلا أن قادة إريتريا ظلوا يعملون في حالة حرب دائمة. وتقوم الحكومة الإريترية ببث أجهزة مراقبة محلية مكثفة، فالإريتريون باتوا دائماً خائفين من المراقبة والاعتقال.ولإريتريا نظام عقوبات واسع مع ازدياد الاعتقال التعسفي بصورة واسعة لبلدٍ يبلغ تعداد سكانه أقل من خمسة ملايين نسمة.علاوة على ذلك، فإن النظام القضائي الإريتري يفتقر إلى أي مظهرٍ من مظاهر الاستقلال أو العدالة. ففي أوقات كثيرة لا يوضح للمواطنين سبب اعتقالهم ولا المدة التي سيقضونها رهن الاعتقال، وكثيراً ما يتعرض أولئك الذين يُسجنون إلى التعذيب، وكثيرٌ منهم يتركون بمعزل عن العالم الخارجي والبعض منهم يختفي ولا يُشاهد ولا يُسمع عنه مرة ثانية أبداً.المساحة المدنية”الحكومة الإريترية وضعت البطريرك الأرثوذكسي أبونا أنطونيوس تحت الإقامة الجبرية منذ عام 2006 بسبب رفضه لتدخلها في شؤون الكنسية وخلعته من منصبه الذي يتقلده بصفته زعيماً لكنيسته”إن المساحة المدنية لممارسة الشعائر الدينية الحرة والسلمية مقيدة تقييداً بشكلٍ لا يصدق مع تدخل الحكومة تدخلاً فظيعاً في شؤون المجموعات الدينية الأربع المعترف بها: الكنيسة الأرثوذكسية القبطية، الإسلام السني، الكاثوليكية الرومانية والطائفة اللوثرية.وقد وضعت الحكومة البطريرك الأرثوذكسي أبونا أنطونيوس تحت الإقامة الجبرية منذ عام 2006 بسبب رفضه لتدخلها في شؤون الكنسية وخلعته من منصبه الذي يتقلده بصفته زعيماً لكنيسته.لقد انتزع النظام الشرعية من كل المجموعات الدينية، كما أن طائفة شهود يهوه والبروتستانت الإنجيليين والخمسينيين المعتقلين يتم تعذيبهم بصورة اعتيادية ويُضغط عليهم لترك عقيدتهم، ومن ناحية أخرى فقد سلبت الحكومة حق المواطنة من طائفة شهود يهوه بسبب استنكاف ضمائرهم للخدمة العسكرية.تتفق كلتا المفوضية الأميركية للحرية الدينية ووزارة الخارجية الأميركية على أن إريتريا تمثل إحدى أسوأ بيئات الحرية الدينية في العالم، حيث وصفت وزارة الخارجية الأميركية إريتريا منذ عام 2004 بأنها “دولة تثير قلقاً خاصاً”.التجنيد الشامليخضع الإريتريون أيضاً لفتراتٍ غير محددة من التجنيد الشامل عندما يبلغون سن الثامنة عشرة وكثيراً ما يكونون في مستويات وضعٍ أقرب إلى المجاعة حيث يرقى هذا الوضع إلى العمل الإجباري أو الاسترقاق الإجباري وأن النساء اللاتي يقمن بخدمة الجنود كثيراً ما ترد تقارير بانتهاكهن جنسياً. إن مئات الآلاف من الإريتريين -الذين يمثلون ما بين ستة إلى عشرة في المائة من سكان البلاد- باتوا يفرون من هذا الاستبداد خلال الجيل الماضي، وتتبنى الحكومة سياسة “إضرب لتقتل” في مواجهة الذين يحاولون الفرار وكثيراً ما تقوم بتعذيب أفراد أُسرهم. ويصبح أولئك الذين يغادرون البلاد في خطورة من التعرض لمهرِّبي البشر الذين يقبضون عليهم ويعذبونهم ويقتلونهم، كما أن أولئك الذين يجتازون ليبيا سيخاطرون بالوقوع في أيدي الدولة الإسلامية وأن الذين يعبرون البحر المتوسط يخاطرون بالغرق.عمليات الاستبداد”يمكن للولايات المتحدة أن تسمي إريتريا بـ”الدولة التي تثير قلقاً خاصاً”،أن تحدد في ذات الوقت تصرفاتٍ معينة للدولة التي تثير قلقاً خاصاً بناءً على انتهاكات الحرية الدينية و أن تُبقي على حظر الأسلحة ضدها”فهل ترقى أيٌّ من عمليات الاستبداد الإريترية لمستوى جرائم ضد الإنسانية؟ فإذا اتخذت الأمم المتحدة ذلك القرار العام القادم، فإن النظام الإريتري وحكامه سيُحالون إلى المحكمة الجنائية الدولية. ولكن ماذا يمكن للولايات المتحدة أن تفعل في ذات الأثناء؟ يمكن لها أن تقوم بالتدابير الآتية: أن تسمي إريتريا بـ”الدولة التي تثير قلقاً خاصاً”، أن تحدد في ذات الوقت تصرفاتٍ معينة للدولة التي تثير قلقاً خاصاً بناءً على انتهاكات الحرية الدينية، أن تُبقي على حظر الأسلحة ضد إريتريا.أن تحدَّ من قدرة إريتريا على فرض ضريبة على حاملي الجنسية الأميركية من الإريتريين أو تحصيلها قسراً منهم وذلك مقابل فرض حظر تأشيرات دخول لأميركا على المسؤولين الإريتريين، أن تعمل مع الدول الأخرى لدعم إطلاق سراح السجناء الدينيين الذين يضمون البطريرك أنطونيوس، وأن تدعم مع تلك الدول جهود المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين علاوة على دعم المنظمات غير الحكومية لتقديم العون للاجئين الإريتريين.وخلاصة القول، إن الاستبداد الإريتري قد أطلق المأساة من عقالها وعلى المجموعة الدولية أن تضغط في اتجاه التغيير نحو الحرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى