مقالات

إشتباك عنيف أم حرب شاملة.. ! بقلم/ آمال علي.

23-Jun-2016

عدوليس ـ ملبورن

لم يتردد يماني قبرآب مستشار رئيس نظام اسمرا أسياس أفورقي و مسؤولالشؤون السياسية والتنظيمة للحزب الحاكم ومبعوث افورقي لمجلس حقوقالانسان , في استدعاء نذور الحرب الشاملة التي تُعِدُ اثيوبيا العدة لها كما قال ، في معرض مواجهته اتهامات لنظامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانيةكما ورد في تقرير لجنة تقصي الحقائق .تأتي هذه الاستدعاءات المتوقعة على خلفية إشتباكات الأحد ١٢ يونيو بينقوات البلدين في منطقة “ظرونا” الحدودية ، والتي وإن لم تكن الأولى مننوعها ، الإ أنها كانت الأعنف . حيث استخدم فيها الطرفان الأسلحة

الثقيلة والقصف المتبادل لساعات طويلة امتدت حتى صبيحة الأثنين .وبالرغم من تكرار مثل هذه الاشتباكات بين قوات النظامين وخاصة في السنواتالأخيرة ، الإ أن التصعيد الأعلامي والمباشر من الجانبين والذي جاءبوتيرة متسارعة تبادل فيها الطرفان اتهام الاخر ببدأ القتال ، كانمستغربا و يناقض ما عهدناه منهما .فنظام اسمرا الذي غالباً ما يتكتم على هكذا وضع ويستغرق وقتا طويلا قبلالتصريح أو الحديث عنه وبشكل مقتضب إن فعل ، سارع من خلال الخارجيةالاريترية بتصريح سريع في نفس اليوم حول الحدث الذي ذكر فيه ،أن أسبابوتداعيات هذا الهجوم غير معروفة .بالمقابل صعدت اثيوبيا من لهجتها عبر تصريحات عدة لوسائل إعلام محليةوعالمية للناطق الرسمي باسم حكومتها السيد قيتاشو ريدا حول الهجوم الذيأكد ان قوات بلاده استخدمت فيه كل ما تطلبهُ الوضع من إجراءات. ملمحاًالى الأسلحة الثقيلة والقصف الذي طال بعض القرى الحدودية – الإريتريةعلى حسب مصادر عدة .توقيت الإشتباكات الأخيرة والأخطر من نوعها يطرح تساؤولات عدةلتزامنها مع صدور التقرير الأخير للجنة تقصي الحقائق والتي كما قلناسيواجهه النظام الاريتري بسببه اتهامات خطيرة ربما تؤدي به إلى عقوباتكبيرة قد تصل إلى تحويله الى الجنائية الدولية كما ورد في توصيات اللجنةالمختصة ، وهذا أيضاً ما ألمح اليه مسؤولون إثيوبيون في تبريرهمادعاءات أن اسمرا هي من بدأت بالهجوم في محاولة لتحويل الأنظار الى ساحةأخرى في هذا الوقت الحرج ..بالمقابل ، الحرج الإثيوبي ليس أقل مستوى ، في ظل التوترات الداخليةالتي تواجهها حكومة اديس ابابا واتهامها من قبل معارضيها و المنظمةالدولية لمراقبة حقوق الإنسان باستخدام العنف في قمعها للحراك الأروميضد سياساتها القمعية في مناطق اقليم الأرومو وهذا أيضاً ما يحاجج بهمسؤولو النظام في اسمرا برد الاتهام على اثيوبيا في محاولتها إشعال الحربمجدداً في ارتريا كمخرج من صراعها الداخلي والذي يشمل أيضا صراع محتدمداخل الحزب الحاكم في اثيوبيا .وعلى افتراض الأخذ بدوافع الطرفين من وجهة نظر كليهما ، استطاع هذا الحدثومارافقه من تصعيد متبادل لفت أنظار الشعبين والعالم اليه . سارعت منظماتمدنية وحقوقية محلية وإقليمية و دولية بما فيها الأمم المتحدة ورئيسهابان كي مون الى مناشدة البلدين بالتهدئة وتوخي الحذر من الانجرار الى حربجديدة .فحرب ١٩٩٨-٢٠٠٠ الحدودية بين البلدين مازالت حية في ذاكرة الشعبينوالمجتمع الدولي لكلفتهاالعالية والتي قدرت بأكثر من ٧٠-١٠٠ الف شخص منالجانبين هذا عدا الأضرار المادية والسياسية وخاصة على ارتريا .وبالرغم من توقيع البلدين على اتفاق الجزائر عام ٢٠٠٠ و قبولهمابالتحكيم الدولي وبترسيم الحدود الذي قضى بسيادة اريتريا على منطقة بادميسبب انفجار النزاع ، الإ أن اثيوبيا لم تنسحب بحجة أن هنالك مسائل عالقةوتحتاج الى الجلوس إلى طاولة المفاوضات لتسويتها قبل الإنسحاب ، مقابلاصرار نظام اسمرا على الإنسحاب أولاً ورفضه التفاوض مع حكام اديس ابابا.تم تجميد الحل النهائي لهذا النزاع وانشغل العالم بصراعات إقليمية ودوليةاخرى حيث كثرت بؤر االاقتتال والنزاعات ، وانشغل نظام اسمرا بتبني ودعمقوى المعارضة الإثيوبية وتسليحها لتقوم بهجمات متعددة على المناطقالحدودية . وكذلك تبنت اثيوبيا المعارضة الارترية والتي يغلب عليهاالطابع السياسي مقابل محدودية الجانب العسكري وكذلك فتحت الحدود أمامتدفق عدد كبير من الارتريين الفارين من قمع نظام افورقي .ولكن ظل هذا النزاع المُجمد الى حد ما، ولأسباب بعضها ظاهري وآخر ذيأبعاد تاريخية ترجع إلى علاقة معقدة بين حلفاء الأمس الذين جمعت بينهماالأهداف والمصالح المشتركة وربما اتفاقات غير معلنة لم يتم العمل بها !!والتساؤل الملح برأي لما حدث مؤخرا وبعد حالة اللاسلم واللاحرب التياستمرت لأكثر من ستة عشر عاماً ، هو : هل ماحدثمجرد اشتباك حدودي عنيف ! أم أنه إنذار لحرب شاملة !!؟وهل هو محاولة لتغيير مسار ملف حقوق الإنسان بدفع احتمال اندلاع حرب أخرىالى الواجهة وبالتالي تخفيف الضغط عليه باسقاط أو تخفيف العقوباتالمتوقعة كالجنائية الدولية !!!؟و تساؤولات أخرى مثل هل سيخدم هذا التصعيد نظام اسمرا حقاً ويخرجه منمأزق حقيقي في الوقت الذي بدا بكسر عزلته التي استمرت طويلاً !وهل يستطيع مواجهة الالية العسكرية الاثيوبية في الوقت الذي أضعفت فيهسياساته الداخلية جيشه وقوات دفاعه عدداً وعدة بسبب مخاوفه من انفجارالوضع سواء بثورة شعبية أو انقلاب على نظامه .!! والزج بما تبقى في حروبهنا وهناك لدعم حلفائه !!! وهل سيتمكن من حشد الموقف الدولي لصالحه ،من خلال تحالفاته الإقليمية سواء مع السعودية ودوّل الخليج أو مع بعض دولالغرب التي تبحث عن ادوار تَخَلَّق لهاتوازنات من نوع ما !! أم أنه يراهنعلى التدخل الدولي على خلفية حرص بعض الدول على درء خطر انفجار منطقةنزاع اخرى في العالم من الصعب التعامل معها .أما اثيوبيا التي تسعى الى تعزيز نهضتها الإقتصادية والدبلوماسية كمايردد مسؤوليها ..هل هكذا تصعيد لصالحها !! اذا ما أخدنا بإدعاء نظام اسمرا انها من بدأبالإعتداء!!وهل حربٌ على اريتريا أكثر سهولة من مواجهة التوتر في اقليم أوروميا !!!أم أنها ستلهي معارضي سياستها من تيارات الداخل..!! . أهي مغامرة ومقامرة لم تحسب نتائجها ولا ضريبتها التي بالتأكيد ستكونخطيرة و باهظة الثمن على ارتريا وشعبها قبل كل شيء … أم أن هنالكاحتمالات أخرى غير واضحة المعالم قد تكون مخرجاً لكلا النظامين في ظلتداخلات وتعقيدات كثيرة قد تجمعهما أخيراً على طاولة المفاوضات لتسويةملفاتهما العالقة بتدخل ومشاركة دول الأقاليم ذات المصالح المشتركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى