مقالات

الديكتاتور المعزول يستجيب لوساطة حليفه الوحيد المتبقى ويطلق سراح البريطانيين الأربعة – لماذا لا تتوسط قطر لإطلاق سراح الآف المعتقلين في إريتريا؟ :ياسين محمد عبد الله

18-Jun-2011

المركز

أطلقت الحكومة الإريترية بوساطة قطرية الأحد الماضي سراح أربعة بريطانيين بعد أن احتجزتهم منذ نهاية ديسمبر الماضي. يعمل البريطانيون الأربعة لصالح شركة أمن بريطانية تسمى (Protection Vessels International ) وهي تقدم الحماية للسفن التجارية في وجه هجمات القراصنة في المنطقة.

وكانت الحكومة قد رفضت طلبات متكررة من الخارجية البريطانية للسماح لقنصليتها في أسمرا بزيارة المعتقلين، وأصدرت خارجيتها بياناً مطولاً سردت فيه قصة اعتقالهم ووجهت إليهم فيه تهماً خطيرة.الرواية الإريترية في بيان صدر بتاريخ 7/6 باللغة الإنجليزية ونشر على الموقع الإلكتروني الرسمي للحكومة أوردت الخارجية الإريترية روايتها للظروف والملابسات التي تم فيها اعتقال البريطانيين الأربعة. حسب البيان الإريتري فقد جاء ستة من البحارة البريطانيين إلى ميناء مصوع بمركب وقاربين سريعين وانتظرهم في الميناء بريطاني آخر دخل إلى البلاد يوم 17/12 بعد أن حصل على تأشيرة من السفارة الإريترية في جيبوتي كسائح بينما هو في الحقيقة ممثل للشركة الأمنية البريطانية (PVI) في جيبوتي. مكث الرجال السبعة عدة أيام في الميناء تحت حجة إصلاح أحد القوارب والتزود بالوقود والطعام. وبينما كانوا على موعد في صباح اليوم التالي مع الجهة التي زودتهم بالوقود لإتمام إجرءات تحويل المقابل المالي للخدمة التي حصلوا عليها حاول الرجال السبعة الفرار من ميناء مصوع بطريقة غير شرعية في مساء نفس اليوم وقبل الموعد المحدد لهم في اليوم التالي. استجاب المركب الذي كان يستغله أربعة من البحارة لطلقات التحذير التي أطلقتها وحدة من البحرية الإريترية لكن القارب السريع واصل هروبه وتمكن من إجلاء 11 شخصاً يعملون لصالح الشركة الأمنية كانوا ينتظرون في جزيرة رومية الإريترية والتي تبعد 30 ميلاً بحرياً داخل المياه الإقليمية الإريترية. وأخذ القارب معدات وأجهزة عسكرية مملوكة للشركة كانت موجودة في الجزيرة. لم يورد البيان السبب الذي جعل البحارة يقررون الفرار لكن دافعهم للهروب قد نجده في تقرير لصحفي أمريكي مقيم في إريتريا نشر في مايو الماضي على الموقع الإلكتروني (فورن بولسي جورنال) قال فيه أن البريطانيين كانوا يحاولون التقاط صور للمكان الذي يفترض أن يقام فيه الاحتفال الإريتري السنوي بتحرير الميناء في فبراير من كل عام والذي عادة ما تحضره القيادة الإريترية بمن فيها الرئيس أسياس أفورقي لأنهم كانوا يحضرون لاغتيال تلك القيادة. وجاء في تقرير الصحفي الأمريكي أن إمرأة إريترية رأتهم وهم يلتقطون الصور في أماكن ممنوع فيها التصوير فأبلغت مركزاً للشرطة قريب من المكان فهرع رجال الشرطة للمكان !!التهم الإريترية للبحارة البريطانيين: أورد بيان الخارجية الإريترية تهماً خطيرة ضد البريطانيين الأربعة ولزملائهم الذين فروا وللشركة التي يعملون بها ولمالكها البريطاني الجنسية. كما حمل البيان الحكومة البريطانية المسؤولية عن ما جرى لكونها وفرت الغطاء القانوني للشركة التي يعمل لديها المعتقلون. تضمنت التهم؛ التجسس، انتهاك سيادة الأراضي الإريترية، حيازة أسلحة، الهروب من ميناء مصوع الإريتري بطريقة غير مشروعة، والتحضير لأعمال إرهابية. وقال البيان أن الشركة الأمنية البريطانية قامت بأعمال غزو ضد الأراضي الإريترية واستخدمت جزيرة إريترية بصورة متكررة كملاذ آمن ومستودعاً للسلاح لذا فهي ومالكها والبريطانيين الأربعة المحتجزين و22 آخرين هاربين يجب أن يخضعوا للمحاسبة عن الأعمال التي قاموا بها. وأضاف البيان إنه أيضا وُجدت صور ومراسلات إلكترونية بينها رسالة من قائد العمليات في الشركة أُرسلت بعد اعتقال المجموعة لقائد عمليات المركب المحتجز يطلب فيها منه إتلاف الرسائل المتبادلة معه بعد أن كان الثاني بعد اعتقاله قد طلب من هذا القائد إخراج بقية أعضاء الشركة من الجزيرة الإريترية إلى المياه الدولية. وحسب بيان الخارجية الإريترية فقد وُجدت في القارب، وفي الجزيرة الإريترية التي استخدمها المعتقلون وزملاؤهم لإجراء مناورات عسكرية، وُجدت أسلحة مختلفة بينها بنادق قناصة مزودة بكواتم صوت وعدد من الرصاصات المسمومة، أجهزة مناظير ليلية، أجهزة اتصالات متطورة ،وهواتف تعمل بالأقمار الصناعية. وذكر البيان إن المنطقة التي احتفظ فيها المتهمون بالأجهزة وقاموا فيها بالمناورات العسكرية تقع داخل المياه الإقليمية ولم تشهد أية أعمال قرصنة. هواجس الاغتيالجاء في تسريبات ويكيليكس عن برقية أرسلها السفير الأمريكي لدى إريتريا لوزارة الخارجية الأمريكية أن الرئيس أسياس أفورقي يتخوف من التعرض لمحاولة اغتيال أمريكية بصورايخ على منزله في مصوع وقد ذكر ذلك لقائد قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام بين إريتريا وإثيوبيا في عام 2007. وذكر الصحفي الأمريكي في تقريره المشار إليه أن الرئيس الإريتري سبق وتعرض لعدة محاولات اغتيال يعتقد إن إحداها نفذتها، من علو مرتفع، طائرة أمريكية قصفت موقعاً على الجبهة الإريترية أثناء الحرب الإريترية – الإثيوبية ( 1998-2000) بعد مغادرة أفورقي لهذا الموقع مباشرة. والمعروف أن الرئيس الإريتري يمضي أغلب أوقاته في مدينة مصوع على البحر الأحمر خوفاً من التعرض لمحاولة انقلاب من ضباط جيشه في أسمرا. توتر العلاقة بين إريتريا وبريطانيا تسببت عملية الاعتقال ورفض الحكومة الإريترية السماح للقنصلية البريطانية في إريتريا بزيارة المعتقلين في زيادة التوتر بين الحكومتين البريطانية والإريترية. وقد بلغت الخارجية البريطانية في مايو الماضي السفير الإريتري في لندن بتقييدها حركة الدبلوماسيين والزوار الرسميين الإرتريين بحيث لا يحق لهم السفر خارج لندن الإ بعد الحصول على إذن مكتوب منها. ثم بلغته بعد أسبوعين من ذلك بأنه لم يعد من حق السفارة الإريترية أن تتحصل على الضرائب من الإريتريين في بريطانيا وتعد الضرائب التي تتحصل عليها الحكومة الإريترية من مواطنيها الذين يعملون في الخارج والبالغة 2% من دخل الفرد أهم مصدر للعملة الصعبة في البلاد. وإن كان الخلاف بين البلدين بخصوص المعتقلين الأربعة قد انتهى بوساطة قطر فإن الحادث سيترك آثاراً سلبية على علاقة البلدين، فالنظام الإريتري لم يتراجع عن اتهاماته الخطيرة إنما استجاب لطلبات حليف من الصعب أن يقول له لا في ظل المصاعب التي تمر بها علاقاته الإقليمية بعد ما حدث لحليفيه الأهم حسني مبارك والقذافي. تطرح الوساطة القطرية، مع تقدير جانبها الإنساني المتعلق بإنهاء محنة هؤلاء الأشخاص، سؤال حول دور قطر في إريتريا فكيف يستقيم أن يدعو هذا البلد للديمقراطية في الدول العربية ويدعم ديكتاتورية أسياس الأسوء في العالم متجاهلاً معاناة ملايين الإرتريين ومحنة الآف المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرياً في إريتريا؟ ياسين محمد عبد الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى