مقالات

ذكرى هجمات سبتمبر ومعادلة (الربيع العربي) : محمد أبو حامد

13-Sep-2011

المركز

حلت هذا الأسبوع الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي كما يزعم الكثير من الأوساط والمحللين كانت نقطة تحاول كبيرة في العلاقات الدولية ورسمت خارطة تعاطي سياسي مختلف بعد ان حشد العملاق الأمريكي العالم خلفه فيما سمي بالحرب الكونية على الإرهاب والتي استهدفت بالأساس تنظيم القاعدة وزعيمه اسامه بن لادن والذي قتل في مايو الماضي في باكستان بواسطة المخابرات الأمريكية بعد عقد من المطاردة بينه وبين مخابرات العالم.

ورغم ان مصرع مؤسس القاعدة وعدد آخر أيضا من القيادات في التنظيم قبله لا يقل دورهم في التنظيم أهمية عن دور بن لادن نفسه من حيث القيادة والتخطيط والتمويل وغير ذلك من العمليات اللوجستية الضرورية التي كانت سبب في انتشار التنظيم كما يرى الكثير من المحللين، إلا ان مصرع بن لادن سبب ما يشبه الانهيار في معنويات التنظيم.بيد ان من الملاحظ، فان التنظيم كان قد أصبح يتكاثر كالفطريات هنا وهناك. وكان لأفريقيا نصيب من هذا الوجود ولانتشار الواسع للتنظيم، وهي القارة المرشحة أصلا من قبل كثيرين من خبراء الإرهاب بان تكون الحاضنة المستقبلية والملاذ الأخير للقاعدة في السنوات القادمة.وظهرت حركات وتنظيم مرتبطة به وموالية له كما هو الحال في الصومال، حيث حركة شباب المجاهدين والتي تعتبر بحسب مراقبين ذراع عسكرية قوية للقاعدة في شرق أفريقيا، يؤكد ذلك ما تقوم به من هجمات نوعية خارج الصومال كما حدث في أوغندا في شهر يوليو من العام الماضي، إضافة إلى النهج المتشدد والمتطرف الذي تتبعه الحركة.وفضلا عن حركة الشباب الصومالية أيضا هناك حركات أخرى مرتبطة بالقاعدة والتي تصعد بوتيرة سريعة كالحركة الإسلامية في نيجريا والمعرفة “بوكو حرام” والتي تنمو في البلاد رغم ما تتعرض له من ضربات من قبل الحكومة هناك، حيث نفذت مؤخرا هجوما مدمرا ضد بعثة الأمم المتحدة في ابوجا وتنشط هذه الحركة بصورة واسعة في شمال البلاد ذي الأغلبية المسلمة، حيث تعد الحركة واحدة من التنظيمات الإسلامية في القارة والتي لا تخفي علاقاتها مع تنظيم القاعدة وتبني أفكاره.كما ان هناك حركات أخرى صغيرة تنشط في شمال أفريقيا تعرف “بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي” وتنتشر من الشريط الممتد من الجزائر وحتى النيجري ومالي غربا، كل ذلك وغيره يجعل من أفريقيا ذات الأطراف المترامية والإمكانيات المتواضعة والتي تعاني من نزعات حرب أهلية في أكثر من منطقة وتقوم فيها أنظمة مستبدة وفاسدةـ تجعل منها بيئة مواتية لتكاثر تنظيم القاعدة كما يقرأ ذلك الكثير من المراقبين.ويعود تشريح أفريقيا بان تكون احد وجهات القاعدة، نظرا للضربات التي تلقاها التنظيم في السنوات الماضية في أماكن أخرى مثل الشرق الأوسط، حيث تعرض إلى ضربات موجعة وقتل زعيمه ابي مصعب الزرقاوي وكذلك في أفغانستان والتي هزم فيها بصورة كبيرة والحصار الأمني الذي تتعرض له خلاياه في الجزيرة العربية خاصة في اليمن، وكذلك التنسيق الأمني في الغرب في مواجهة القاعدة ورصد الكثير من العناصر التابعة له والقضاء عليها أولا بأول، وأخيرا الضربة الكبيرة التي تعرض لها بمصرع زعميه في باكستان، وعزا كثيرون ان مصرع بن لادن يفسر على ان التنظيم كان فعلا يعاني من ضعف واضح في الإمكانيات ونقص في المعلومات والمهارات والمرونة التي كان يتمتع بها في السنوات التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي جعلت منه اكبر التنظيمات النشطة سريا مراوغة في العالم.وشهدت الحقبة التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وجيه الكثير من الانتقادات إلى حكومات العالم وعلى رأسها الإدارة الأمريكية من قبل منظمات حقوقية مختلفة في العالم، وذلك بارتكاب ممارسات لا أخلاقية تتنافى وحقوق الإنسان وتجاوزات غير مسبوقة تمثلت عليمة الاعتقال والتعذيب والقتل وانتهاك الكرامة الإنسانية تصل إلى حد الموت تحت الة التعذيب وكل ذلك تحت راية الحرب على الإرهاب.ومهما يكن من أمر، فان ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر هذا العام، تتزامن مع ربيع الثورات الشعبية العربية والتي ذهبت بأنظمة في شمال أفريقيا كما هو الحال في ليبيا ومصر وتونس، بينما تشهد دول عربية أخرى ضغطا شعبيا هائلا في اليمن وسوريا، الأمر الذي يجعل المناسبة تأتي في ظل ظروف متغيرة في المنطقة العربية.ومن الطبيعي ان يؤدي الحراك الشعبي العربي إلى تغير في مفاهيم العلاقة الأمريكية والغربية بصفة عامة والتي كانت قائمة مع أنظمة الحكم في العالم العربي وهو ما سينسحب بالضرورة على الشراكة في الحرب على الإرهاب، ما يحفز الكثير من المراقبين إلى معرفة النهج الذي ستسلكه الإدارة الأمريكية في علاقاتها بالمنطقة بعد “الربيع العربي” والذي ذهب بأنظمة قمعية أقامت معها أمريكيا علاقات أمنية متينة سرعان ما انهارت تلك التحالفات القديمة بسقوط تلك الأنظمة بعد الثورة الشعبية، وهو ما يؤسس لواقع جديد في المنطقة على الآخرين التكيف معه.!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى