مقالات

زيارة أفورقي لأوغندا .. الدلالات والمؤشرات :عبد الله محمود*

20-Aug-2011

المركز

من الواضح أن أفورقي قد أتجه اتجاهاً مغايراً لسياساته السابقة التي كانت تقوم على الانسحاب من المنظمات الإقليمية ( الإتحاد الإفريقي ، الإيقاد) و مناصبتها العداء وذلك بسبب التكاليف الباهظة التي دفعها جراء عدم التعاطي مع هذه المنظمات وعزله لنفسه عن محيطه الإقليمي.وقد بدأ التغيير في سياسة أفورقي تجاه المنظمات الإقليمية قبل أكثر من عام عندما طالب باستعادة تمثيله في الإتحاد الإفريقي بعد قطيعة دامت أعوام بسبب الحرب التي دارت بين بلاده وإثيوبيا (دولة المقر) في الفترة من 1998-2000م .

وبعد التحرك المكثف الذي قادته دول الإيقاد ( الهيئة الحكومية للتنمية والتي تضم كل من الصومال ،السودان ، جيبوتي ،إثيوبيا ،كينيا ، يوغندا ،إرتريا) لتشديد العقوبات على إريتريا وتبنيها لقرار ينص على أن تشمل العقوبات قطاع التعدين وضريبة ال2% الخاصة بالإرتريين في المهجر ،طالبت السلطات الإرترية باستعادة عضويتها في الإيقاد بتاريخ 29 يوليو وذلك بالتزامن مع صدور تقرير فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة والخاص بالصومال وإريتريا وتبنيه لتوصيات تشابه القرارات التي خرجت بها قمة الإيقاد.
المفارقة أن ظروف مطالبة إريتريا باستعادة عضويتها في الإيقاد تتشابه مع الأسباب التي دعتها إلى المطالبة باستعادة تمثيلها في الإتحاد الإفريقي ،إذ أنها طالبت بالأولى في نفس التاريخ الذي نشر فيه تقرير فريق الرصد التابع للأمم المتحدة بينما طالبت بالثانية بعد أيام من صدور قرار العقوبات من الأمم المتحدة في ديسمبر2009م مما يدل بأن تحركات إريتريا للتعاطي مع هذه المنظمات تهدف بشكل رئيس إلى احتواء آثار العقوبات وضمان عدم تشديدها.
ووسط دهشة المراقبين يقوم أفورقي هذه الأيام في الفترة من 16-18 أغسطس بزيارة إلى كمبالا بدعوة رسمية من نظيره الأوغندي يوري موسيفيني ، مصدر الدهشة أن أوغندا هي الدولة التي قدمت مقترح العقوبات على إرتريا عام 2009 إلى مجلس الأمن باسم المجموعة الافريقية حتى تم تبنيه بموجب القرار 1907 القاضي بعقوبات ضد إرتريا تشمل حظر سلاح وحظر سفر مسئولين وتجميد أرصدة.بالإضافة إلى أن تفجيرات كمبالا التي حدثت بتاريخ 11 يوليو من العام الماضي و التي راح ضحيتها أكثر من 74 شخصاً أشارت أصابع الإتهام الأولية حينها إلى ضلوع إرتريا في التخطيط لها بالتعاون مع حركة الشباب المجاهدين وذلك كانتقام لزيادة أوغندا لقواتها في الصومال ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي لحفظ السلام وتحالفها الوثيق مع الحكومة الصومالية الانتقالية برئاسة شيخ شريف.الاستقبال الحافل والحار الذي وجده أفورقي من نظيره الأوغندي وطول فترة الزيارة نسبياً (3 أيام) وتضمن برنامجها على محاور عديدة من بينها القضايا الإقليمية ( على رأسها الصومال قطعاً ) والعلاقات الثنائية بين البلدين (خاصة وأن آخر لقاء بين الرئيسين كان في مدينة مصوع الإرترية قبل ثلاثة أعوام ) بالإضافة إلى الجوانب الإقتصادية والتجارية.
عبارات الثناء التي تبادلها الرئيسان تتجاوز العبارات الدبلوماسية المألوفة حيث قال افورقي ( لقد تعلمت الكثير من موسيفيني وسوف استمع إليه لنصل إلى فهم مشترك للقضايا الإفليمية) ، أما موسيفني فقد ركز في تصريحاته على الجانب العملي من الزيارة ( وقال سنتباحث حول القضايا الاستراتيجية والسياسية الخاصة بالإقليم وخاصة القضايا التي تتعلق بالأمن بالإضافة إلى التباحث حول أوجه التعاون في المجالات التجارية ، التعليم ، الطيران .. وغيرها.
ووصف التصريح الصادر من الرئاسة اليوغندية إرتريا بالدولة التي تلعب الدور الحيوي في أمن واستقرار الإقليم.
بالنسبة لأوغندا فإن الزيارة تأتي بعد زيارة الرئيس الصومالي إلى أوغندا في بداية الشهر الجاري وذلك بعد انسحاب حركة الشباب من مقديشو وسط أنباء بحدوث انشقاقات في أوساطها ، وهدفت الزيارة التي قام بها شيخ شريف إلى كمبالا بدعوة رسمية من موسيفيني إلى زيادة بعثة قوات حفظ السلام الأوغندية التابعة للاتحاد الافريقي والتي يبلغ عددها أكثر من 5 آلاف جندي ،حيث وعد الرئيس الأوغندي بإرسال 2000 جنديا أوغنديا إضافياً لحفظ الأمن في مقديشو.
أما بالنسبة لأفورقي فإنه يحاول من خلال الزيارة كسر طوق العزلة المضروب عليه إقليمياً ودولياً ،إذ انحصرت زياراته خلال الأعوام الماضية إلى دول بعينها لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ، كما أنه يحاول إحداث اختراق لدول الإيقاد التي تجمع على مناصبته العداء عدا دولة واحدة هي السودان والتي تتمتع بعلاقات إيجابية معه ، إذ أن السودان أبدى امتعاضه بشأن القرارات التي خرجت بها المجموعة بتشديد العقوبات على إرتريا وذلك في خطاب ألقاه الرئيس السوداني في اجتماعات قمة الإيقاد في إثيوبيا بتاريخ 5 يوليو المنصرم حيث قال فيه: (إننا إذ نقدر الأسباب التي دفعت بالمجلس الوزاري بتبني مشروع القرار على النحو الذي صدر به إلا أننا في إطار إيماننا المستمر بأهمية حل مشكلاتنا في إطار البيت الإفريقي نرى بان ما يهم في هذا الصدد هو الشعب الإرتري قبل كل شىء والذي لا يخفى عليكم حاجته لكل دعم منا وبالتالي فان المطلوب جدا أن نحذر من الخطوات التي من شانها أن تضاعف من معاناة الشعب الإرتري وان لا نظهر عجزنا من خلال إحالة قضايانا للمجتمع الدولي والذي ثبت بالدليل العملي ومن خلال تجربتنا في السودان انه غير عادل وكثيرا ما يستغل قراراتنا لتحقيق مآربه دون تحقيق ما نصبو اليه ).
خلاصة القول إن الشأن الصومالي هو الكلمة المفتاحية لاوغندا خلال زيارة الرئيس الإرتري لكمبالا ، أما بالنسبة لإرتريا فإن استعادة عضويتها في الايقاد وقضية العقوبات تقف على رأس أجندتها ، ولننتظر لنرى ما تسفر عنه الزيارة وتأثيراتها في مجمل الأوضاع الإقليمية.
* نشر في صفحة نافذة على القرن الإفريقي – صحيفة الوطن السودانية – 19 أغسطس2011م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى