مقالات

شركاء لاغرباء : عمر جابر عمر *

6-May-2009

المركز

المسلمون الارتريون قلقون … يسألون ويتسائلون … يتحاورون مع أنفسهم ومع الاخرين .. يسكنهم الشك تجاه الشريك الآخر ويتسرب اليهم اليأس عن أمكانية التعايش والعيش مع الاخر . يسألون ولايجدون الآجابة .. وان وجدت أثارت بدورها سؤالا أخر لا أجابة له . يتساوي فى ذلك الجميع .. المثقفون والعامة .. القيادات والقواعد ..

الشيوخ والشباب . لماذا أصابهم ما هم فيه من بلاء وضيق ؟؟ لماذا يبدأون المسيرة دائما ويرفعون الشعار الصحيح ويقدمون التضحيات وعندما يأتى وقت الحصاد نجد أنفسنا فى الصفوف الخلفية ولا يصيبنا من الخير الا الفتات أو لا شئ على الآطلاق ؟؟ لماذا الآغتراب الطوعى الذى أدى الى هجرة الالوف بعيدا عن الوطن ؟ ولماذا الاغتراب والتغريب القسري هربا من الموت والمعتقل والتهميش ؟؟ هل هى صدفة تاريخية دفعهم اليها سؤ الحظ ؟؟ أم أنه قدر مكتوب لا فكاك منه ؟؟ أم انها مؤمرة دولية خطط لها سلفا .. أم هل وكيف ومتى وكل علامات الاستفاهم والتعجب فى الآبجدية العربية ولاتوجد لها جوابا شافيا مقنعاً؟؟ ويمتد التساؤل ويتشعب ليشمل السؤال عن الهوية والانتماء .. المنشأ والمصير ، وهل الخلل هو ربما فينا نحن . اذا كنا جميعا (( اولاد تسعة )) ماهو الشئ الذى يجعلهم الرابحون ونكون نحن الخاسرون ؟؟ لنناقش الآمر بهدوء .. ونقلب ما خفى ، ونحاول البحث عن مواطن الخلل .. نبدأ القول بتثبيت أن هنالك بالفعل فرق بل فوارق بيننا وبينهم لا أعنى الدين – فذلك موجود بين كل البشر ، ولا أقصد اللغة فتلك خاصية يشترك فيها معهم بعض المسلمين وحتى الجغرافية – المرتفعات – يقيم فيها معهم أخرون . الفرق يتمثل فى (( منظومة )) متكاملة – ثقافية واجتماعية وأقتصادية ومورث تاريخى أدى الى تشكيلة بينة الوعى الوطنى لدى كل من المسلمين والمسحيين : اولا : التكوين العقلى الذى يشكل بنية الوعى الوطنى . عند المسلمين يتمثل فى شكل هرم معكوس ( مقلوب ) اى من فوق الى أسفل يأتى كرد فعل على ظلم خارجى ويؤدي الى تكوين – مظلة جامعة ( الطائفة ) . ولكن مع ظهور بوادر وعلامات غياب العدالة والمساواة بين مكونات تلك المظلة يحدث التفرق الداخلى ويعودون الى المكونات الاجتماعية الآولى * المظلة الجامعة ( الطائفة ) * الاقليم * العشيرة ومادونها ولنا فى التجارب خير الآمثلة : 1/ التجربة الاولى – الرابطة الاسلامية ( المظلة الجامعة ) كانت ردفعل على (( اندنت )) ومؤامرة اثيوبيا . ثم انقسمت الى شرقية وغربية ، ثم ظهرت تجمعات العشائر والمكلونات الاجتماعية .2/ التجربة الثانية : جبهة التحرير (( المظلة الجامعة )) رد فعل على احتلال اثيوبيا . ثم انقسمت الى قوات التحرير ( مكونات اقليمية ) ولجنة ثورية و ( عوبل ) مكونات عشائرية . 3 / التجربة الثالثة : حركة الجهاد الاسلامى . رد فعل على نهج وممارسات الجبهة الشعبية ، ثم انقسمت الى الحزب الاسلامى وحركة الاصلاح والمؤتمر الاسلامى بكل المكونات الآقليمية والعشائرية . أما عند المسحيين فأن بنية الوعى الوطنى تبدأ من القرية ثم الآقليم ثم الطائفة . البداية هى استيعاب المكونات الاجتماعية الداخلية اولا ، ثم الاعداد والدخول فى المرحلة الاخرى والحرص على الاحتفاظ بتلك المكونات وعدم التفريط من حقوقها أبرز مثال كان عندما تم استدعاء كل من (( تدلا بايرو )) ، و (( على رادأى )) لتشكيل الوزارة الفيدرالية . ذهب (( تدلا بايرو )) الى مكونات الطائفة وجاء باتفاق يحدد الاسماء التى ستتولى مهام الوزارة . ولكن الشيخ (( على رادأي )) عاد بدون قائمة لان المكونات الاجتماعية تصارعت واختلفت !! ثانيا : القيادة – مفهومها ودورها وعلاقتها بالقواعد . لدى المسحيين القيادة موحدة روحيا ( الكنيسة ) واجتماعيا ( الاقليم ) وسياسيا ( التوجه والاتجاه ) . قالت لهم الوحدة مع اثيوبيا .. ذهبوا دون تردد .. قالت لهم العودة الى الثورة .. التحقوا بحماس . القواعد تلتف حول قيادتها وتؤيدها طالما انها لم تحرج عن النهج ولم تفرط فى المصلحة العامة . القيادة لدى المسلمين تأتى غالبا دون اعداد أو استعداد ولايتم التحضير لها ولاتوفر لها كل الوسائل والشروط وحتى التأييد المعنونى . انها محسودة ومرغوبة . السلطة لدى المسحيين (( رأسية )) . تركيبة النسيج الاجتماعى والتكوين العقلى والموروث التاريخي يسمح بظهور ( الدكتاتور ) الفرد . رأس ( تسما ) كان حاكما على اقليمه وشعبة دون منازع ، ( اسياس أفورقى ) أصبح دكتاتور فردا على كل ارتريا بل من الغريب أن تلك الظاهرة (( الدكتاتور الفرد )) كانت ستتكرر فى المعارضة الخارجية حيث حاول قائد احدى التنظيمات السياسية ممارسة ذلك الدور ، ولكن تم الاسعاف وتمت الازاحة من موقعه . يقولون لمن يتولى السلطة . مارسها كاملة .. لاتفرط فيها ولاتشارك فيها أحدا ولكن يجب أن يكون مردودها خيرا للجميع وليس حكرا لجزء من المكونات الاجتماعية . عند المسلمين السلطة (( أفقية )) والتركيبة والنسيج الاجتماعى والبيئة لاتسمح بظهور الدكتاتور الفرد . مع وجود ( كنتيباي ) و ( دقلل ) و ( ونايب ) و ( شوم ) هناك مجالس ومستشارون ومساعدون وممثلون غير مقيمين فى المركز . ان مكانة السطة فى العشيرة والاقليم أكثر وجاهه وأغراء وموروث يفخر به صاحبه . وأبرز مثال كان الزعيم (( ابراهيم سلطان )) أصبح سكرتير للرابطة الاسلامية وفى الوقت ذاته رئيس قبيلة ( الرقبات ) ! ولكن الشهيد عبد القادر كبير نصحة بالتنازل عن سلطة القبيلة ، لآنه أصبح زعيما وطنيا وبالفعل تنازل عنها لآخية . ثالثا : النهج الثقافى وطبيعة العلاقات الاجتماعية والتكوين النفسى للفرد . لدي المسلمين المبالغة فى تضخيم أخطأ بعضهم البعض – وحسب تعبير الاخ ( صلاح أبوراي ) – جلد الذات – أصبح ممارسة وهواية يومية لدى البعض . عندهم التسامح واستقبال ( الابن الضال ) اذا عادة – الدكتور برخت هبتى سلاسى ) كان مستشارا للجنرال ( أمان عنوم ) رئيس ( الدرق ) ولم يكن يؤمن باستقلال ارتريا ولا حتى بحكم ذاتى لها . عاد وتم تعينه رئيس لجنة الدستور لارتريا المستقلة . الدكتور ( أماري ) كان موضوع الرسالة التى حصل بها على درجة الدكتورة بحث يثبت فية ان ارتريا لاتستحق ان تكون دولة مستقلة !! عاد وتم تعينة رئيس لجنة الاستفتاء على استقلال ارتريا !! ابن ( حرقوت أباي ) لم تكن له علاقة بارتريا عاش وعمل فى اثيوبيا طول مرحلة الثورة ، عاد وهو الان مستشار لرئيس الدولة . المسلمون لا يتسامحون – لايقبلوا اليوم عودة (( محمود لوبينت )) و (( ادريس سيد )) و (( عمر سراج )) بل ان البعض نراه يغضب حين يرى اسم (( لوبينت فى الانترنيت )) !! رابعا :الاعداد والاستعداد انهم يعدون اعداد جيد لما يريدون ، ويحددون خصومهم ومنافسيهم ، انهم يفهموننا جيد – يعرفون نقاط ضعفنا ويستثمرونها . نحن لا نعرفهم جيدا – نستقبلهم ونتعامل معهم بتسامح وترحاب ولكن عندما نصدم فى مواقفهم يكون رد الفعل الرفض والشك . حكى لى أحد المناضلين فى قوات التحرير سابقا القصة التالية : كانت المجموعات التى انفصلت عن ( القيادة العامة ) – ثلاثة – أبناء سمهر بقيادة محمد على عمرو – أبناء الماريا – بقيادة مجمد عمر أبو طيار ومجموعة المسيحيين بقيادة اسياس أفورقى . ما كان يجمعهم هو كراهية القيادة العامة فقط وكانت مجموعة اسياس الاقل عددا وعدة . كان – أسياس ) يذهب الى أبناء الماريا ويقول لهم : هؤلاء أبناء مصوع يتعالون على الناس أنت المحرومين والمقاتلين ولا يجب ان يخدعوكم !! ثم يذهب الى مجموعة سمهر ويقول لهم : انتم أصحاب حضارة وثقافة وليس كالماريا الجهلة الذين يشكلون عبئا علينا جميعا !! واجتمع الثلاثة لانتخاب قيادة وتم اختيار ( أسياس أفورقى ) رئيسا لها !! الخلاصة : ما العمل ؟؟ * هل نندب حظنا العاثر ونستسلم لقدرنا ونتوجه الى الله بالدعاء ونقول : اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه ؟؟؟ * أم هل نمتشق سيوفنا ونشهرها ونقول لا كانت ولا كانوا اذا لم نكن ونعد لهم ما استطعنا من قوة ومن رباط الخيل ؟؟؟ * أم ان هناك طريق ثالث – يحفظ لنا حقوقنا ويضمن سلامة ووحدة البلاد والعباد ؟؟ لابد ان نستعيد الثقة فى أنفسنا ونبدأ الاعداد والاستعداد – ذهنيا ونفسيا واجتماعيا . بادئ ذى بدء يجب ان نكون ( أنفسنا ) – أى نحدد من نحن – ماذا نريد و كيف السبيل الى تحقيق ما نريد . لايجب ان ننكر الانتما ء الى الوطن والهوية الجامعة – حتى فى المهجر فى ظل الاغتراب يجب ان نؤكد ذلك من خلال احتفالنا بمناسباتنا الوطنية – احترام وتذكر شهداء الثورة ورموزنا الوطنية . وتربية أطفالنا على ثقافة وتاريخ الارض والشعب . ثم المشاركة فى النشاط السياسى والدفاع عن حقوق المستضعفين والمحرومين من أبناء وبنات شعبنا والمطالبة بالحريات العامة – وبدولة القانون . على المسلمين الاتفاق اولا على : 1/ الرؤية المشتركة 2/ وحدة الموقف 3/ تحديد الآولويات 4/ الاعتراف بالتنوع ومكونات الجسم الاسلامى 5/ تطبيق العدالة والمساواة بين تلك المكونات والقبول بتنوع وتعدد واختلاف وسائل المواجهة والنضال . 6/ القيادة – يجب ان تكون انعكاسا لتلك المكونات وان تستند الى قبول وتزكية من القاعدة . القيادة ليس لمن يطلبها ولكن لمن يستحقها – صاحب علم وتجربة وعطاء – عفيف اللسان – طاهر اليد . 7 / التعامل مع الشريك الاخر . ليس بالشك ولكن بالفهم . البعض يسألون لماذ يعارض المسيحيون النظام ؟؟ لماذا وقد وفر لهم كل اسباب السيادة والتفوق : * هيمنة ثقافية كاملة ، ليس من خلال فرض لغتهم فقط بل وتسجيل ونشر تاريخهم وفنونهم وأدابهم . * السيطرة على وظائف الدولة والجيش والامن ( 97% ) * الاستفادة من قروض البنوك والاستثمارات * الآرض – امتلاكها واستثمارها ماذا ينقصهم ؟؟ هل كان اسياس ، محقا عنما وصفهم بأنهم (( مدلعون )) ؟ هلى رفضهم هذا بسبب غياب الديمقراطية ؟ كلا .. كلا .. لم يصل الوعى بالديمقراطية خاصة لدى الجيل الجديد داخل ارتريا الى هذا الحد الذى يجعل مئات من الشباب يهربون يوميا الى السودان واثيوبيا . قد يكون ذلك الغياب للديمقراطية والضائقة الاقتصادية عوامل أدت الى الاسراع فى اتخاذالقرار ( الهجرة ) ولكن السبب الآساسى هو أن اسياس أفورقى ارتكب خطأين فى حق هؤلاء : * نسف الآسس والقيم التى تقوم عليها تركيبة وتشكيلة قياداتهم أ / الكنيسة – استبدلها بموظف مدنى يدير شئونها ب/ المكونات الاقليمية – بعضها خرج تماما من دائرة الفعل والتفاعل ( أكلى قزاى ) والبعض الاخر ( سراى ) يعيش ملتصقا ويحاول الحفاظ على بعض المصالح والامتيازات والتى أخذت شكلا فرديا مما هو اقليميا . * ثم الرأس الهرمى – الدكتاتور الفرد – لايسمع أحدا ولايسمح ان يشاركه أحد حتى كمستشار . * نسف العلاقات والتاريخية والاجتماعية والثقافية مع ( تقراي ) . حرمهم من العمق الاستراتيجي والمظلة التى كان يمكن أن تكون لهم وقاية عند نزول المصائب وتقلبات الزمن . 8 / العيش فى تلك البقعة الجغرافية – ارتريا – هو قدرنا وعلية يجب ان نجعل للشراكة أسسا تضمن مصالح كل طرف وتحفظ الوطن سالما وموحدا . ان نعرف كيف نحاطب الشريك الاخر وان نجعله يفهم ويعترف بحقوقنا . الشراكة تتطلب المساواة والعدالة – وتهدف الى تحقيق مصالح كل طرف دون ان يتضرر الشريك الاخر . 9 / المحافظة على وتطوير العلاقة الاستراتيجية مع الجار السودانى . وذلك ما فشل فية حزب العمل فى مرحلة الثورة ما أدى الى زرع الشك والخوف من نهج جبهة التحرير ونواياها تجاه السودان وكانت النتيجة ما حدث عندما دخلت جبهة التحرير الى السودان عام 1981 حيث تم تجريد جيش التحرير من كامل أسلحته . 10 / الحفاظ على وتقوية الاتصال والتواصل مع العمق التاريخي والامتداد الثقافى لارتريا عبر البحر الاحمر ووضع أسس واضحة تحفظ العلاقات والمصالح مع الجارة اثيوبيا . كان الله فى عون الشعب الارترى * ملبورن – استراليا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى