مقالات

عرض كتاب ( عمق العلاقات العربية الإرترية لمحمدسعيد ناود ) : بقلم محي الدين علي

26-Sep-2005

المركز

الكتاب :عمق العلاقات العربية الارترية
المؤلف : محمد سعيد ناود عدد الصفحات :279 من القطع الكبير

مادفعني لاستعراض كتاب المناضل الكبير محمد سعيد ناود ( عمق العلاقات العربية الارترية ) هو قناعتي الراسخة بأن مايكتب وكتب باللغة العربية عن ارتريا سواء كان في جانبه الاجتماعي او السياسي او الثقافي بشكل عام لم يجدالعناية والاهتمام في ابرازه بالصورة اللائقة خاصة اذا ادركنا ان ماكتب في الفترة مابعد التحرير مقارنة مع ماكتب باللغة التجرينية في نفس الفترة يكاد يكون محدودا ، ففي الوقت الذي تجد فيه كتابات بعض مؤلفينا باللغة التجرينية بعض من الرعاية والاهتمام في وسائل الاعلام الارترية ، نجد بالمقابل ان استعراض أي اعمال باللغة العربية يكون ضعيفا اذا لم يكون معدوما على الاطلاق ، وعلى كل سوف افترض النية الحسنة تجاه اعلامنا الرسمي . ففي الوقت الذي يدعي فيه بعض من مثقفينا وكتابنا تصديهم للثقافة العربية ويدافعون عنها باستماتة نجدهم ومن نظرة تنظيمية ضيقة ومن نفسية لاتترفع عن الصغا ئر يحا ولون توجيه سهام نقدهم غير الموضوعي لبعض من قاماتنا النضالية والثقافية بدلا من تشجيعهم على مزيد من العطاء لا لشيء سوى لاختلافهم معهم في الموقف السياسي ، وهذا موضوع آخر قد اتناوله في فرصة أخرى .يحتوي الكتاب على تسع فصول ، وكل فصل تندرج ضمنه عدة عناوين جانبية . ففي المقدمة التي قام بتحريرها السيد عبد العزيز سعود البابطين ، يقول انه من نظزة تاريخية جغرافية لايجد المرء نفسه قادرا على الفصل بين ارتريا وانتمائها العربي قبل الاسلام ، نظرا للعلاقة التي كانت وطيدة مع اليمن وحضارتها ، كذلك الغزوات العسكرية حيث غزوة ابرهة الأشرم ، اما يجعل العلاقة اكثر تجذيرا هي هجرة اصحاب الرسول الرسول (ص) في فجر الاسلام الى ارتريا وبكل تأكيد هؤلاء المهاجرين لم يكونوا هائمين على وجوههم بل كانوا اصحاب رسالة جديدة راحوا يبشرون بها ووجدوا في الوقت نفسه شعبا كريما مضيافا . أما في المقدمة التي وضعها المؤلف يذكر ان حبنا لوطننا ولشعبنا يظل ناقصا وهلاميا مالم نلم بتاريخ هذا الوطن وهذا الشعب وبتراثه وثقافته فاذا توقفنا في اطار الالمام بالقبيلة او الاقليم او الطائفة الدينية وبالقليل من العموميات من تاريخ الوطن فقط ، يظل فهمنا لوطننا ولشعبنا ناقصا ومبتورا ، لذا يتطلب الامر أن نحس بالانتماء الكامل للوطن وللشعب باكمله وهذا يتحقق من خلال فهمنا لتاريخنا وتراثنا وثقافتنا ولغاتنا لكل اجزاء الوطن .وعن أصل اللغة العربية في ارتريا يقول الكاتب انها لم تأتي مع الاستعمالر لان العرب لم يستعمروا ارتريا ، بل جاءت عبر الهجرات العربية الموغلة في القدم في كل من السودان ـمصر ـشمال افريقيا ـ القرن الافريقي ، ونتج عن هذه الهجرات بالاضافة الى الظواهر الاخرى ، انتشار اللغة العربية حتى بالنسبة للسواحلية ـ الأمهريةـ التجرينية ـ التجري .ويتوقف الكاتب عند الفهم الخاطىء لدى البعض الذي يعتبر ان اللغة العربية هي لغة المسلمين وان كل من يتحدث عن اللغة العربية في ارتريا كأنه يود أن يشطر المجتمع الارتري بين المسلمين والمسيحيين منوها انه من الخطأ الفادح والفهم المغلوط الذي يعتبر ان اللغة العربية لغة المسلمين واعتبار التجرينية لغة المسيحيين ،مؤكدا ان اللغة العربية كانت موجودة قبل ظهور الاسلام ،وحقيقة ان القرآن الكريم نزل باللغة العربية ومن هنا كانت للغة العربية قدسيتها لدى المسلمين ، وهي أي اللغة العربية ليست لغة الدين الاسلامي بدليل وجودها قبل الاسلام ، وبدليل وجود مئات الملايين من الاسيويين مثل ايران ـافقانستتن باكستان ـ اندونيسيا ـ وجزء من الهند لهم لغاتهم الخاصة إلا انهم يقراون القرآن كما نزل باللغة العربية . وبعيدا عن النظرة الدينية فأن علاقلت ارتريا العربية ، وعلاقة اللغة العربية بارتريا تعود الى تاريخ بعيد من الصعب تحديده ، وذلك عبر الهجرات والمصالح والانتقال البشري بين الشاطئين الشرقي والغربي للبحر الاحمر الذي كانت تفرضه الظروف المناخية والحروب وغيرها ، فاللغة العربية في ارتريا لغة اصيلة وهي ليست وافدة نتيجة اللجؤ لبعض الارتريين بالاقطار العربية اثناء حرب التحرير كما يقول البعض ، ايضا لم تاتي اللغة العربية الى ارتريا مع قبيلة الرشايدة ، لان هجرة أفراد هذه القبيلة الى ارتريا قريبة جدا وتعود اى اقل من مئتي عام ، وفي فترة الاستعمار الايطالي كان هناك عدد من الصحف تصدر باللغة العربية ونفس الشيئ في فترة الاستعمار البريطاني وفي فترة الثورة التي امتدت لاكثر من ثلاثين عاما كانت اللغة العربية والتجرينية هما المستعملتان أدب الثورة ومخاطبة الجماهير الارترية با لداخل والخارج .كما اسلفت يتألف الكتاب من تسع فصول ، وكل فصل يحتوي على عدة مواضيع جاء ترتيبها على النحو التالي :الفصل الاول: نبذة عن الهجرات العربية تجاه السواحل الافريقية .الفصل الثاني : هجرات اصحاب الرسول (ص) بأتجاه الاراضي الارترية .الفصل الثالث : من هو ملك الحبشة الذي استقبل صحابة الرسول (ص) من هي الحبشة .الفصل الرابع : بعض الرواد الاوائل :من الرحالة . بعض الممالك الاسلامية . كما احتوى كل من الفصول الخا مس والسادس والسابع والثامن والتاسع بعض العادات الموجودة فبي ارتريا والمشابهة بعادات عربية بالاضافة الى الشواهد التي تدل على قدم اللغة العربية ، كذلك افرد حيز واسع للعلاقلت الارترية السودانية واللغة العربية ، بالاضافة لابيات شعرية بها كلمات عربية تتطابق في النطق والمعنى مع كلمات بلغة التجري .ومما يلفت نظر القارىء الكم الهائل من الشعر العربي الجميل في كل فصول الكتاب ، حتى كاد ان يشكل أكثر من نصف عدد صفحات الكتاب وهدف الكاتب من هذا الكم الشعري للاستشهاد بها من اجل تقريب وتجسيد وتأكيد المعنى وترسيخه لدى القاريء .ومن اجمل مايمكن أن يتوقف القارىء عند تقليب صفحات الكتاب هو ابيات من قصيدة طويلة للشيخ محمد فخر الدين أبوبكر في التغزل بالحبشيات كلهن دون تمييز وذكره للشروط أي الشلوخ :ياحبوش أنتم حلاوة ياقناديل الذهب كم ملكتم من سلاطين كم قتلتم من عرب لي من الحبش غزال لفؤادي قد سلب إنثنى عني دلالا ولقتلي قد طلب شرطة تجرح فؤادي والحشا مني أسر ماسلب عقلي وروحي غيركم ياا ولاد حام ويقول شاعر آخر : ولي حبشية سلبت فؤادي فليس يروق لي شيء سواهاكان لعوطها طرقا ثلاثة تسير بها القلوب الى هواها أخيرا : الكتاب في مجمله ممتع ، ومشوق ، ومفيد ، بل يعتبر سفرا هاما ، أعتقد أنه من أروع ماكتب باللغة العربية عن تاريخ ارتريا بدول الجوار وباامحيط العربي عامة ، قد يختلف معه البعض في هذا الجانب أو ذاك ، ولكن مايجمع عليه الكل أنه كتب بنية حسنه وبجهد غير عادي وهذه غالبا ماتتوفر لدى المناضلين والثوريين وكاتبنا واحد من ابرز مناضلينا ومثقفينا أختار ان يتجه نحو البحث والتنقيب في بطون الكتب التاريخية حتى يتحفنا من حين لآخر بهذه الدرر أعتبارا من كتابه ألاول : قصة الاستعمار الايطالي لارتريا والذي صدر في العام 1971، مبتعدا في الوقت نفسه عن بعض مايدور في ساحتنا الوطنية من صراع بين السلطة والمعارضة مدركا بأن مايخلد وماسوف تذكره الاجيال هو مثل هذه الاسهامات ، ومن هنا أوجه ندائي لكل كتابنا ومناضلينا الذين يمتلكون امكانية الكتابة والتأليف أن يسعفوا اجيالنا القادمة بتنويرهم بتارخهم وثقافتهم حتى لاينقطعوا عن جذورهم ، وهنا أخص الاخوة في الشؤون الثقافية في ااجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة وبأعتبارهم يتحملون المسؤولية التاريخية في التنوير والتوجيه أن يقوموا بترجمة هذا الكتاب الى التجرينية وذلك من أجل تعميق التواصل في مجتمعنا ومن أجل قطع الطريق امام المتربصين بوحدتنا . محي الدين علي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى