مقالات

كيف يمكن إسقاط نظام أسياس : محمدنور أحمد

7-Jan-2008

المركز

نقرأ من حين لأخر تصريح لأحد قيادات المعارضة يطالب فيه بأسقاط النظام الدكتاتوري القابض علي أنفاس الشعب الإريتري ، وليس حكومته فقط بالطبع ، أن هناك فرق بين حكومة والنظام ، فقد تكون ثمة حكومة في ظل نظام ديمقراطي تعمل القوي السياسية خارج السلطة كل أو بعض علي اسقاطها وتشكيل حكومة بديلة إذا قيده لقوي المعارضة هذه الحصول علي أصوات الناخبين التي تؤهلها تشكيل حكومة والا فأن نفس الحكومة يمكن أن تستمر منفردة أو بتركيبة جديدة في فترة ثانية .

الا أن الوضع في إريتريا مختلف ، فالمطلب الأساسي هو إقتلاع النظام من جذوره وإحلال نظام بديل ومن طبيعة مغايرة ، ، والوسيلة هنا مختلفة أيضاً ا ذ يجب أن تتناسب مع طبيعة النظام وهو مالم تتفق عليه المعارضة الإريترية حتى الاٌن فبعضها يتبنى الوسيلة العسكرية ولو نظرياً ، وذلك بشن حرب عصابات طويلة الأمد وتلك وسيلة لا نعتقد بجدواها لعلاتها في مواجهة النظام محلي وقد يحاجج البعض بتجربتى جنوب السودان وإقليم دارفور أو من يضرب مثلاً بالتجربة الإثيوبية ، لكن طبائع هذه القضايا تختلف عما هو قائم في إريتريا ، فالحركة الشعبية في جنوب السودان كانت تطالب بحكم ذاتي في إطار السودان الواحد للأختلاف الديني والعنصري بين أهل الجنوب وأهل الشمال وما رتبه من تهميش لإنفراد الشمال إلي حد ما بالسلطة منذ الأستقلال ، وقضية إقليم دارفور لا تبتعد كثيراً عن قضية الجنوب فيما يتعلق بالتهميش وأن كان الدين يربط اهل دارفور وأهل الشمال وإلي حد كبير أيضاً اللغة . أما التجربة الإثيوبية فهي مشابهة لقضية الجنوب بحكم هيمنة قومية الأمهرا علي بقية القوميات الإثيوبية ليس بالأنفراد بالسلطة وحسب وإنما أيضاً بفرض لغتها وثقافتها وبالنتيجة إذابة كافة الكيانات القومية في بوتقة القومية الأمهرية ، من هنا جاء مطلب حق تقرير المصير حتى الأنفصال . وبأزالة عنصر تفرد الأمهرا بالسلطة وقبول بعض فصائلها بالمشاركة فيها ، تراجع مطلب الأنفصال وأستيعض عنه بأقامة النظام الفدرالي علي أساس القوميات . هنالك من المعارضة من يتبني الوسيلة السلمية وهي ما لا يسمح به نظام أسياس فهو علي استعداد لقمع أيه محاولة إحتجاجية سلمية بالضرب علي المليان كما يقولون وضرب لنا مثلاً في الطريقة التي تعامل بها مع معوقي حرب التحرير عندما ساروا في تظاهرة من ماي حبار إلي أسمرا للمطالبة بتحسين أوضاعهم ، فأطلق عليهم النار في الطريق بين نفاسيت وأسمرا وسقط منهم صرعى جراء ذلك أربعة معوق ، وهنالك مجزرة عدي أبيتو المشهورة حيث هدم المحتجزين جدار المبنى الذي حشروا فيه حشراً فأنهار الجدار وكانت المخلفات البشرية قد فاضت عن البراميل التي أجبروا علي أستخدامها كمراحيض لا يفصلها عن مضاجعهم سوي ستائر من السعف ولم يتردد الحراس في أطلاق النار عليهم فمات منهم في الحال أثنى عشر وما هي الا ساعات حتى لحق بهم ثلاثون بعد أن وصلوا إلي مستشفى حليبت وهم في حالة خطرة . وهناك من يحكم عليهم بالأعدام بشكل متواصل بتهمة الهروب من الخدمة العسكرية الألزامية غير محدودة الزمن . كيف يمكن إذا إذا كانت الوسيلتين التي تتبناهما المعارضة غير ناجعتين ؟ أن صاحب هذه الأسطر يعتقد بأن الجمع بين الوسيلتين يمكن أن يحقق الغاية المرجوة . لكن ذلك يتطلب تحديد الهدف عند أستخدام الوسيلة العسكرية منذ بدأ من الأهمية بمكان ، لأن قاعدة النظام في الأصل هي المؤسسة العسكرية الجيش والأمن ووسائل الاعلام – الأولى وسيلة قمع والثانية وسيلة تضليل والمستفيد الأول والأخير هم المتربعون علي قمة النظام من رتب عسكرية وأمنية عليا وعناصر سياسية وإدارية متنفذة أو موالية وهؤلاء هم حماة النظام من أجل استمرار مصالحهم ويستخدمون في سبيل ذلك أفراد قوات الدفاع الإريترية والأمن وهم جميعاً مجندون قسراً بحجة إداء الخدمة الوطنية والدفاع عن وحدة الأراضي وسيادتها المزعزمة . ومتى أجتمع صلاحى القمع والتضليل في يد الدكتاتورية ، تشل بالضرورة حركة الجماهير ، ولا حياة لمن تنادي بعد ذلك علي المعارضة إذاً أن تواجه النظام بنفس أسلحته ، وهي العمل العسكري والأعلامي لكن عملها العسكري يجب أن يستهدف مفاصل رئسية في النظام ، بدلاً من إصطياد أفراد الخدمة العسكرية الألزامية ، فهؤلاء ، لاحول لهم ولا قوة ، ولا يملكون من أمرهم شئ ، فهم مثلهم مثل بقية أفراد الشعب الإريتري المحرومون من أبسط الحقوق ، كمواطنين ، ويضيع عمرهم هباء ، فلا استمرار في نيل المعرفة والا إقامة أسرة ، ومساعدة الوالدين وقد يكونا في سن متقدم ، ولا حتى الاسهام في تنمية البلد بأعتبارهم قواه المنتجة الأولي . لهذا فهم مغلوبون علي أمرهم وليس إمامهم سوي خيار الهروب خارج البلاد متى وأتتهم الفرصة ، وحتى هذه مغامرة غير مضمونة النتائج ، فمنهم من قضي نحبه في الصحراء الكبرى ظمأ . ومنهم من أبتلعته أمواج البحر الأبيض المتوسط ، وبعضهم يقبع في سجون مالطا وليبيا . إذا فلتكن أركان النظام هي الهدف ، وحينئذ سيكون الطريق سالكاً للوصول إلي الجماهير وتحريكها ، وتلك كانت تجربة الثورة في المدن وليقم الأعلام بدوره في كشف جرائم النظام وممارساته وتنوير الجماهير بحقوقها وحثها علي القيام بدورها مهما كانت التضحيات فلا شئ يتحقق دونها والتضحيات ليست بأمر جديد علي هذا الشعب متى أتضح أمامه الهدف الا أن ثمة شروط يجب أن تتوفر للتحقيق الهدف المرجوة . وهو إسقاط النظام بتضافر الجهود ويأتي في مقدمتها وحدة المقاتلين فالوحدات العسكرية المشتتة لا تستطيع أن تصيب مقتل في جسم النظام مع تقديرنا لما يصدر من بلاغات عسكرية هنا وهناك من حين لأخر فتجميع الفصائل المسلحة ووضع أهدافها الا ستراتيجية بشكل واضح وأن تكون علي رأسها قيادة مؤهلة عسكرياً وواعية سياسياً ستظهر بلا شك نتائج إيجابية سريعة ، وربما أسرع ما يمكن توقعه ، سيكون لها صداها علي الصعيدين المحلي والخارجي ، كما يجب توحيد الأعلام والتحدث إلي اشعب بصوت واحد بدلاً من الأذاعات المتعددة والخاصة بالفصائل والتي تشوش علي المواطنين وتكشف له نقاط ضعف المعارضة ، وأن يستقطب جهاز الأعلام الكفأءت العلمية والمتمرسة في العمل الأعلامي ولا يهم إلي أي تنظيم تنتمي ولتنته طريقة تمثيل الفصائل التي كانت متبعة في إعلام التحالف قبل إنهياره لأن الهدف في النهاية هو فعالية الجهاز ، لا تأكيد تمثيل الفصائل فيه لأن مهمته تنفيذ البرنامج الموضوع من قبل القيادة العليا بفعالية ، وقبل الجميع إعادة مظلة التحالف وتوسيع قاعدته وأن يتحقق ذلك بأسرع ما يمكن لأن عامل الزمن ليس في صالح المعارضة والفرص قد تضيق إمامها بعد أن أهدرت فرصاً كانت متاحة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى