مقالات

لا دستورية ولا ثوريه ..بل مجتمعيه : آمال علي صالح

5-Jul-2013

عدوليس

بين الشرعية الدستورية التي قسمت الشعب المصري إلى قسمين وبين شرعيه الميدان أو الشرعية المجتمعية ، ستدور الكثير من المواقف والآراء التي ستشغل ليس الشعب المصري ولا الشعوب العربية فقط، بل كل الشعوب التي مازالت تتخبط في مراحل مابعد الثورة كما في تونس وليبيا ،

أو الشعوب التي تترقب وصول موجات التغيير و هبوب الرياح الثورية كما هو الحال لشعوب الشرق الأفريقي وخاصه في ارتريا والسودان وحتى إثيوبيا .
وبين الكلمه الواحدة والموقف الموحد والشعارات التي لم يختلف عليها اثنان في ميدان التحرير في يناير قبل عامين ، والتي أدت إلى سقوط إحدى اقدم الديكتاتوريات في المنطقة ، وأرسلت رئيسها ولاعبيها الأساسين إلى أروقة المحاكم كإحدى اهم إنجازات ثوره ٢٥يناير العظيمة ، وبين تعدد الميادين واختلاف الشعارات في ٣٠ يونيو ، وسقوط اول رئيس منتخب ، وتجاوز شرعيه الشارع والمجتمع لشرعيه الدستور ، يجابه المدافعون عن الحريات والساعون إلى ترسيخ المفاهيم الديمقراطية واحده من اهم التحديات التي ربما ستدخل العالم كله إلى أعاده التفكير في الكثير من المفاهيم والتعريفات و أعاده تحديد معانيها بدقه بعد ان كانت تعتبر ثوابت لا يمكن القفز عليها أو تجاوزها .
ولن ينحصر الغضب والحزن على مؤيدي الرئيس المخلوع محمد مرسي ، بل يتجاوزه أيضاً ليشمل من يرى ان ما حدث هو انقلاب على الشرعية ، أو من يراه مؤامره على تيار إسلامي لصالح تيارات ليبراليه أو علمانيه ، وفي كلا الحالين ، سيكون الشعب المصري ، هو الأدرى بما يعنيه أزاحه حكم الإخوان ولو على حساب الشرعية الدستورية ، وكذا المتابع عن قرب وعبر الكثير المتاح من وسائل الإعلام ، تلفزيون وصحافه و الأهم على اليويتوب ، ما تم رصده من تناقضات وتجاوزات قانونيه وسياسيه واجتماعية للرئيس المصري من قبل التيار الذي ساهم في حدث ال ٣٠ من يونيو وبالرغم من ان الحدث المصري ، محلي الصنع وبجداره على مستوى الرصد والتفاعل الجماهيري والسياسي للشارع المصري لحكم الرئيس محمد مرسي ولتنظيم الإخوان المسلمين ، إلا ان الحراك العالمي وتتداخلات المصالح الدوليه والإقليمية في المنطقة كان لها تأثيراتها الكبيرة على مجريات الحدث .
فالشعب المصري ، المحتشد في ميدان التحرير ، وبكثافة ٣٣مليون مواطن ، مواظب على التظاهر ومصمم على مطالبه ، يعكس وعيا جديدا بحقوقه أولا ، وبان الوقت ليس في صالحه للتجريب في أو إعطاء الفرص تحت مظله شرعيه صناديق الانتخاب ، ويبدو ان الأخطاء التي وقعت فيها القيادة المصرية المنتخبة ابتدأ من الإعلان الدستوري وعزل النائب العام ، إلى محاوله ترسيخ قواعدها التنظيمية داخل المؤسسة الحكومية ، كان إحدى اهم أسباب التوتر الشعبي الذي أدى في بقطاعات كبيره من الشعب المصري لتلبية نداء شباب حركه تمرد ..
أما ما يعنينا من هذا الحدث الكبير ، هىو محاوله مقاربته من واقعنا الارتري ، وبشكل طبيعي بحكم ان أي تحولات في أي مشهد سياسي على المستويين الإقليمي والدولي ، لابد لها من ان تدخلنا في نوع من المقاربة علنا نستشف ما يلهم أو يفيد .
اعتقد شخصيا ، ان الشرعية الدستورية ، تقارب إلى حد ما ،بما يعرف بالشرعية الثورية ، التي أتت بأنظمة حكم ما بعد الثورة في فتره الاستقلال ، كما هو الحال في ارتريا ، لتستمر هذه الحكومات وترسخ حكمها وتتحول إلى ديكتاتوريات نعاصرها في عده دول ومنها نحن م كشعب في ارتريا .
الشرعية الثورية ، التي وبدون أي رقيب ولا حسيب ، حولت تنظيم الجبهة الشعبيه الذي حقق الاستقلال ، (وله شرف هذا الانجاز دون شك )بعد الإعلان عن الاستفتاء التاريخي في ال٩٣ وإعلان ارتريا دوله مستقله ومعترف بها دوليا ، حولته إلى التيار السياسي الوحيد يحل ويربط دون الأخذ بعين الاعتبار ، احتمالية وجود تيارات أخرى أو دون الدخول في مشروع المصالحة الوطنية ودعوه فصائل الثورة الارتريه ، والتي رغم خروجها من الساحه مبكرا ، إلا ان وجودها السياسي والجماهيري كان حاشدا ومؤثرا ولا يستهان به .
والشرعية الثورية ، كما الشرعية الدستورية ، استطاعت قمع وإسكات ، الأصوات الواعية والرافضة أو المغايرة للاتجاه الذي كان تنحو اليه القيادة الارتريه ، وذلك في أولى واهم حركه تمرد قام بها الجيش الارتري في ٢٠ مايو ١٩٩٣ .
ولولا الصخب الذي كان يسود المشهد السياسي في ارتريا حينه ، والزخم الوجداني لشعب متعطش وثمل بحريته ، وغياب الفصائل السياسية الأخرى وتغيب قطاع كبير من صناع التحرير ومن قلب الجبهة الشعبيه نفسها ،لولا كل هذه العوامل مشتركه ، ربما كان تمرد الجيش الارتري حينها نقطه الفصل لإنقاذ ارتريا من قبضه الديكتاتورية المنتظره أو على الأقل تقليص تأثيراتها .
واليوم ، قبل ان نغرق كثيرا في مفاهيم قد تكسر جمودها أو تفتح مجال أوسع لتفجيرها أو تحريرها كالشرعيه الدستورية ، علنا نقف طويلا في كل تيارات المعارضة الارتريه داخل وخارج الوطن لنعيد ترتيب أوراقنا ونعد جيدا لما بعد التغيير ،قبل ان نسير نحو التغيير .
الشعب المصري ، أنقذ ثورته ، وخلق فرصه أخرى للديمقراطيه الحقيقيه والتعددية السياسية وعلمنا ليس فقط ان التغيير يأتي من الميادين وليس من قاعات الاجتماعات ، بل علمنا ان الشعب يصنع شرعيته ومن ثم يضع لها الدساتير ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى