مقالات

هجرة الشبان الأفارقة عبر البحر المتوسط ..الأسباب والدوافع!!!/بركات محمد علي

5-Sep-2006

المركز

الهجرة الغير شرعية عبر البحر الأبيض المتوسط للشبان الأفارقة أصبحت مشكلة تؤرق الجميع. لكن ما هي أسباب هذه الهجرة ؟ أعتقد أن القارة السمراء تعيش في ظروف صعبة للغاية, ويرجع ذلك إلي الحر وبات الأهلية والانقلابات العسكرية في أغلب دول القارة ,

مما أفرزت حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن والاستقرار للسكان و حالة من الفقر المتقع وأخري إنسانية سيئة أدت إلي التشريد والنزوح واللجوء إلي دول الجوار التي هي نفسها تعاني من المشاكل ذاتها لكنها أفضل نسبيا من جاراتها في نظر اللاجئين. وأصبحت هذه الدول تعيش أوضاعا اقتصادية وسياسية سيئة وظروف إنسانية أسوأ , لكن غياب الديمقراطية الحقيقية ربما هو العامل الأساسي في تأزم الأوضاع في دول القارة السمراء, مما ساهم في الفساد الإداري الذي ساد معظم مؤسسات دول القارة . و دول إفريقيا هي الأكثر مديونية علي مستوي العالم , لكن أين ذهبت هذه الأموال الهائلة؟ ليست هنالك تنمية واضحة و ملموسة بمستوي هذه الديون , والأوضاع السيئة التي يعيشها المواطن علي حالها , لكن هذه الأموال هل ذهبت إلي الحسابات الخاصة للزعماء ؟ أم أنها تنفق في الصراعات الأهلية الدائرة هناك , وربما تحولت إلي الأجهزة الأمنية الإرهابية حتى تتمكن من قمع وإرهاب المواطن وكل من يتجرع إلي انتقاد تلك الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة في تلك الدول . إن هذه الأزمة التي تمر بها القارة السمراء قد يتحمل الحكام الأفارقة جزء منها بسبب صراعهم علي السلطة وفسادهم الإداري . لأن القارة ليست شحيحة الموارد ولا فقيرة الكوادر . لكن من الذي يصرف الأموال لاستثمار هذه الموارد الطبيعية وتوظيف الكوادر البشرية المؤهلة , إن بناء و تقدم الأمم يحتاج للحكم الرشيد , ديمقراطية حقيقية يتم فيها التداول السلمي للسلطة والحرية بكافة أنواعها والمساواة بين الجميع والعدالة الاجتماعية ومحاربة العنصرية في بعض الدول والعمل علي وقف الصراعات القبلية التي تؤدي حرب أهلية ضروسة ومحاربة الفقر والعمل علي توفير الخدمات الضرورية للمواطن وتوفير وسائل الإنتاج والتنمية المتوازنة في كافة الأقاليم لأي دولة ومحاربة الفساد وغيرها من عوامل التقدم والاستقرار والازدهار في بناء المجتمعات . وهذا يحتاج إلي شخصيات تؤمن بالديمقراطية والحرية ونزيهة وأمينة ومخلصة للأوطان والمواطنين , لأن عدم توفير الاستقرار والعوامل الاخري السالفة الذكر هو الذي أدي إلي تأزم الأمور في دول القارة وأصبحت الأكثر تخلفا علي مستوي العالم , بؤرة للأمراض الفتاكة وجهل وتخلف وفقر وحروبات أهلية أدت إلي قتل الملايين ونزوح ولجوء في القارة السمراء. وإيذاء هذا الوضع المتردي اتجه الشباب الإفريقي إلي الهجرة إلي دول العالم الأول حيث جنة الدنيا والحياة السعيدة هناك , لكن هذه الهجرة غير شرعية لأن الفقراء لا يستطيعون السفر بطريقة رسمية خوفا من التكلفة الباهظة والعلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدول , لذلك كانت الهجرة الغير شرعية عبر البحر المتوسط هي خيارهم الأول والأخير, يركبون المراكب والقوارب البحرية من شواطئ الدول المطلة علي البحر الأبيض المتوسط متجهين إلي ايطاليا أو مالطا أملا في الوصول إليها لا يهمهم في ذلك الخوف من البحر العميق أو الأمواج الهائجة رغم أن هذه المراكب البعض منها غير صالح للسفر لمسافات طويلة والآخر يتم تحميله أكثر من طاقته وهذا يرجع إلي سماسرة الموت الذين لا يبالون لمثل هذه الأمور رغم علمهم التام بان الحمولة الزائدة لهذه للمراكب والقوارب سوف تؤدي إلي غرقها , لكنهم يهتمون بجني المال فقط. والمهاجرين رغم علمهم بهذه الأمور و بخطورة الموقف إلا أنهم يتوكلون علي الله ويدخلوا البحر, فالأوضاع السيئة في بلدانهم والظروف القاسية التي يعيشها أهليهم هناك هي التي تدفعهم إلي هذه المغامرة التي 60 % من نتائجها الموت المحقق للمهاجرين المغلوبين علي أمرهم , أما إذا ضلوا الطريق ووقعوا في أيدي السلطات البحرية لتلك الدول المطلة علي البحر فإن السجن مقامهم والتعذيب حليفهم. احد المهاجرين الأفارقة من الذين نجوا من الغرق في شواطئ موريتانيا حينما سئل عن الدافع لهذه المغامرة الغير شرعية قال انه يريد أن يصرف علي والدته وزوجته ويعلم أبنائه الصغار لكنه غير قادر علي ذلك في دولته لسوء الظروف الاقتصادية والإنسانية التي تعيشها أسرته هناك فقال انه لا يحتمل أن تستمر أسرته العيش هناك في تلك الظروف الإنسانية القاسية , ولا يريد الاستسلام للواقع المرير فقرر السفر عبر البحر شعاره ( إما الموت وإما أن نحيا حياة كريمة ) هكذا كان يروي الشاب الإفريقي النحيف دوافعه للهجرة في كلمات مؤثرة تعبر عن مدي أزمة إفريقيا, فرغم أن الدوافع والمبررات قوية جدا إلا أن البحر الأبيض المتوسط بدا يشكل تهديدا خطيرا للشبان الأفارقة , فأصبح يحصد مئات الآلاف من أرواح المهاجرين في كل صيف شأنه في ذلك شأن الكوارث الأخرى في إفريقيا ( المرض والحرب والفقر …….الخ ) فكيف الحل إذاً؟ أعتقد أن هذه المشكلة تحتاج إلي تضافر الجهود من كل دول المنطقة والدول الغنية الكبرى , لأن هذه المشكلة هي ليست اقل خطورة من الإيدز نظرا للأعداد الكبيرة من الأرواح التي يحصدها البحر سنويا . توفير الأمن والاستقرار والديمقراطية والحرية ومن ثم إقامة مشاريع استثمارية جذابة ضخمة وإعفاء الديون عن دول القارة السمراء ربما تؤدي للتخفيف والحدة من هذا المشكل الخطير . بركات محمد علي Bracatali190@yahoo.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى