أخبار

مؤانسة مع الشاعر محمد مدني في الخرطوم

14-Jan-2014

عدوليس

الخرطوم : عدوليس -مؤانسة ماتعة ضمتها باحة اتحاد الكتاب السودانيين بالخرطوم– يوم الأربعاء الماضي – قدمت مزيجاً مدهشاً من الشعر والسياسة وفيوض المشاعر الإنسانية الدافقة ، حيث استضافت الأمسية الشاعر محمد مدني وأدارها كل من الاستاذين السر السيد وخطاب حسن أحمد واقتبست عنوانها من قصيدة ذائعة لمحمد مدني ( احتاج دوزنة ) .

محمد مدني .. البدايات
تحدث في الأمسية الشاعر السوداني المعروف محمد طه القدال مقدماً السيرة الذاتية للشاعر محمد مدني وتناول فقرات من مقال سطره الأستاذ عمر جابر ، ثم عرج على تجربته الشخصية مع الشاعر منذ سبعينيات القرن الماضي ، وأنهما سكنا في منزل واحد في أمدرمان لفترة من الزمن مع مجموعة من الشعراء والأدباء، شهد ذلك المنزل ميلاد العديد من الأعمال الإبداعية شعراً ومسرحاً وقصةً قصيرة ، و تابع القدال عن أن الشاعر شكّل جسر التواصل بينهم وبين الثورة الإريترية عامة وجبهة التحرير الإريترية على وجه الخصوص مستعيداً شريط الذكريات عن استضافتهم للفرقة الفنية لجبهة التحرير الإريترية في داخلية حسيب بالخرطوم ومشاركتهم في أعمالها الفنية ، وبدا القدال متأثراً وهو يردد بعض أغاني الفرقة الفنية بصحبة محمد مدني حيث غنى أغنيتان إحداهما بالتجري ( سكاب لالي كلئيا ) والثانية بالتجرنية ( نوقنوم كبلو ) .
واستعرض القدال المعاناة التي واجهها الشاعر على يد حكومة أفورقي حيث اغتالت شقيقه عمار غدراً ، وأجبرته على الخروج من بلاده ،واعتقلت مؤخراً صهره إبراهيم توتيل ،موجهاً انتقاداته لحكومة افورقي ووصفها بالديكتاتورية ، وأبان إن تسمية الشاعر محمد محمود الشيخ بمحمد مدني تعود إلى نشأته بمدينة ود مدني بوسط السودان .
الجنرال أحمد طه – كاتب سوداني – تحدث عن أن قراءة محمد مدني للنظام الإريتري كانت متقدمة على الجميع حيث أدرك في وقت باكر أن الأوضاع في إريتريا ستمضي نحو الأسوأ ، وأضاف الجنرال بعد خروج محمد مدني من إريتريا منتصف التسعينيات جلسنا معه ليلة كاملة نجادله حول مدى صحة القرار الذي اتخذه بمغادرة إريتريا والإقامة بالسودان، إلا أننا أدركنا مؤخراً صوابية قراره بعد أن تابعنا تطورات الأوضاع في إريتريا .
جماعة السديم الثقافية :
وفي إطار الحديث عن نشاطه الثقافي في الخرطوم تحدث مدني عن إسهامه في تأسيس جماعة السديم الثقافية مع جمع طلاب معهد الموسيقى والمسرح في الخرطوم من بينهم قاسم ابوزيد ويحي فضل الله والسر السيد، مبيناً أن المجموعة نظمت العديد من الفعاليات الإبداعية وكان حينها يعمل في قسم الإعلام في جبهة التحرير الإريترية .
نصوص شعرية :
في معرض إجابة الشاعر محمد مدني على سؤال طرحه الأستاذ خطاب حسن أحمد حول عناوين قصائد محمد مدني التي تحمل لوناً مختلفاً ( زهرة الاسفلت ، مناورات تكتيكية نحو مبادرة استراتيجية ، إسقاطاتُ باحثٍ عن الترفِ البرجوازي ، تحت الحياة ..فويق الممات ) وكيفية اختيارها ،قال إنه يكتب عناوينه من وحي مواقف بعينها وتعبر عن المحيط الذي يعيش فيه لحظة كتابة القصيدة ، رغم أن قصائده تشتهر بعناوين أخرى غير التي اختارها هو ، فالقصيدة المعروفة باسم احتاج دوزنة والتي غنت فرقة عقد الجلاد مقاطع منها اسمها ( مناورات تكتيكية نحو مبادرة استراتيجية ) أما القصيدة التي المعروفة عند الناس باسم عباس فاسمها ( تحت الحياة .. فويق الممات ).
وقرأ الشاعر خلال الأمسية مجموعة من النصوص الشعرية الحديثة والقديمة .
ثنائيات في حياة محمد مدني :
وتحدث الأستاذ لسان الدين الخطيب – كاتب ومسرحي سوداني اعتقل لمدة عامين في اريتريا – عن الثنائية التي ضمت الشاعر محمد مدني والفنان المعروف يماني باريا وقال كانت واضحة رغم اختلاف اللون الابداعي لكليهما ، وتحدث بإسهاب عن العلاقات الإنسانية العميقة التي جمعت بين الشاعر والفنان ، وذكر لسان الدين الخطيب أن يماني باريا كان أحد الذين أسهموا في هروب محمد مدني من إريتريا بعد أن علم أن أجهزة الأمن تسعى تبحث عنه للقبض عليه .وتحدث الخطيب عن ثنائية أخرى في حياة محمد مدني وهي التي ضمته مع زوجته ( جمعية ) التي كانت عضواً في الفرقة الفنية لجبهة التحرير الإرترية والتي وافتها المنية قبل أعوام .
عباس .. قصيدة وحكاية :
ويعبس عباس
ثم يولي شطر الذي لست أدري
لماذا مجرّدَ قولٍ يقود الى القارعة؟
لماذا تساءلت يا وارداً كدراً
والجواب لديك ؟
وصفُ الجواب لدى القامة الفارعة
أحبُّ الخلائق للناس ، عباس
رغم العبوس
لأن اليربي أبناءه بالحديد
سيأتون بالحيلة البارعة
وعباس ، يفتح للناس أبوابه
– دائماً – مثل شرطي المرور
كما يشتهي يفتح الشارعا
وعباسُ … عباسُ
يا ايها الناسُ
عباسُ …. عباسُ
صرتم قطيعاً
لهـــذا رعــــــى
هذه الأبيات مجتزأة من قصيدة تحت الحياة فويق الممات ، وذكر الشاعر محمد مدني أن هذه الأبيات تسببت في خروجه الأخير من إريتريا في منتصف التسعينيات متخفياً بعد أن كان قد تحصل على تصريح المرور للعبور الرسمي ، إلا أن اصرار حامد حمد – حاكم اقليم القاش بركه حينها والمعتقل حالياً في سجون النظام – على إقامتة أمسية شعرية في مقر اتحاد الشبيبة في أغردات أثناء مبيته فيها للعبور إلى السودان اسهم في حدوث تطورات ، وحكى مدني أنه وأثناء الأمسية الشعرية الحّ حِمد على قراءة هذه القصيدة التي نقل إليه أنني ألقيتها في مدرسة الجالية العربية والقصيدة تحمل اشارات واضحة لاسياس من خلال مشابهة اسمه بإسم عباس وممارساته ، حينها جن جنون الأجهزة الأمنية وأرسلت تسجيلاً مصوراً لوالدي ولصهري ( ابراهيم توتيل )يحمل ما دار بالأمسية ، وقال حينها قررت مغادرة البلادة بغير المنافذ الرسمية بناء على نصائح من بعض الأشخاص بعد أن علموا أن النظام يسعى لاعتقالي.وأضاف مدني أن هنالك عديد من الشخصيات أسهمت في خروجه من البلاد وإفلاته من اعتقال محقق ولكنه تحفظ على ذكر الأسماء لأن بعضهم ما زال على قيد الحياة ويعمل في أجهزة النظام .
مدني وأمل دنقل :
وشبه أحد المتداخلين الأسلوب الشعري لمدني بأمل دنقل ، وقارن بين قصيدته أحتاج دوزنة وقصيدة أمل دنقل ( كلمات اسبارتكوس الأخيرة ) إلا أن الشاعر مدني ذكر أنه يختلف عن أمل دنقل في لونية الشعر رغم أن القارئ من حقه تشبيه النصوص الشعرية بحسب ذائقته ، وذكر أن آخرين شبهوا لونيته الشعرية بدرويش .
مدني والإذاعة السودانية :
محمد محمد خير – الكاتب الصحفي السوداني المعروف – قال أنه تعرف إلى الشاعر محمد مدني في سبيعنيات القرن الماضي عندما زاره برفقة أحد أصدقائه وقدم له قصائده التي نالت إعجابه وكان يقدمها ضمن البرامج الثقافية في الإذاعة ولم يخطر بباله أن هذا الشاعر إريتري أبداً إلى أن توثقت معرفته به في فترات لاحقة.
مدني والكتابة باللغات المحلية :
رداً على سؤال لأحد الحضور ، قال مدني إنه ا يجيد لغته الأم التجري ولكنه يجيد التجرنية تحدثاً وقراءة ولكنه لا يستطيع الكتابة بها ، وعزا ضعف إلمامه بلغته الأم لأنه تربى في بيئة لا تتحدث سوى العربية ( ود مدني ) ، ولهذا فإنه لا يملك منتوجاً شعرياً باللغات المحلية .
عمق الانتماء :
وتحدث أحد أصدقاء الشاعر من مراحله الباكرة أن محمد مدني صاحب انتماء أصيل لبلديه ( السودان ، إريتريا ) كما تحدث آخر أن الأجيال تتوارث الإعجاب بالمنتوج الإبداعي للشاعر محمد مدني وأن شعره مبيناً أنه أحد المستمتعين بما يكتب وأن إبنيه ورثا عنه هذا الإعجاب .
محمد مدني .. الدور تجاه الوطن :
وفي معرض إجابته على أحد الاسئلة عن دور محمد مدني تجاه وطنه الأم بعد خروجه منه ، قال الشاعر إنه لا يستطيع الحديث عن دور أو تضخيمه ولكن أدى بعضاً من واجبه تجاه وطنه بإسهامه في تأسيس جماعة مبادرة برفقة العم أحمد سويرا، والأستاذين ياسين محمد عبد الله وجمال همد ، وذكر أن جماعة مبادرة لعبت أدوراً متعاظمة من خلال إصدارتها التي طرحت قضايا الثقافة والدستور وحقوق الإنسان وقال أنها كانت صاحبة المبادرة في جمع التنظيمات الإرترية من اليمين إلى اليسار في مائدة حوار توجت بتأسيس تجمع القوى الوطنية الإريترية عام 1999م ، وزف البشرى للحضور بأن مجلة مبادرة ستعاود الصدور على هيئة مجلة إلكترونية سيساهم فيها عدد من الكتاب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى