مقالات

أفورقي .. اللعب في الزمن الضائع:أمير بابكر عبدالله *

19-Mar-2009

المركز

حركة ماكوكية لقادة إرتريا بدأها الرئيس الإرتري بزيارة إلى قطر في الأسبوع الماضي، أعقبتها زيارة لوزير خارجيتها للسودان تريد إعادة إرتريا إلى ساحة اللعب في ملف دارفور، تلك الحركة ذكرتني كيف هللت الجبهة الشعبية للديمفراطية والعدالة، الحزب الحاكم في إرتريا، لمقالة (خفيفة الظل)، كتبتها ونشرتها في جريدة سودانايل الإلكترونية، منذ عدة سنوات حول علاقتها بالحرب الدائرة في دارفور التي كانت في بداياتها آنذاك. ومن فرط تثمينها وفرحتها بتلك المقالة نقلتها عن سودانايل ونشرتها في المجلة الشهرية الناطقة باسمها، النسخة العربية، على صفحة مميزة. وجاءت المقالة ناقدة لتصريحات لوزير الخارجية وقتها، د. مصطفى عثمان اسماعيل، إثر اتهامه لإرتريا بالوقوف وراء إثارة الحرب في دارفور.

المراقب لحقيقة الوضع في الإقليم لابد وانه سخر معي وهو يضع الخريطة الجغرافية أمامه، محاولاً إعادة ترسيم حدودها بنقل خارطة إرتريا الجغرافية ووضعها جوار دارفور، لتتسق مع تلك الاتهامات التي ساقها الوزير في حق إرتريا. ولكن الذي قرأه محرر المجلة في تلك المقالة فقط هو الموقع الجغرافي لدارفور التي هي في أقصى غرب السودان بالنسبة لأرتريا الواقعة في أقصى حدود شرق السودان وهو الأمر الظاهر من السخرية، ولكن الذي لم يقرأه أو ربما تقاضى النظر عنه هو قدرات ارتريا السياسية ، وكذا قدراتها الاقتصادية المفترضة في تحمل تبعات مثل هذا الدعم، خاصة بعد التدهور المريع الذي شهده ذلك الاقتصاد جراء الحرب بينها وجارتها إثيوبيا، الذي يتحمل تبعاته الشعب الإرتري.رغم الدور الذي لعبته إرتريا في دعم المعارضة السودانية واحتضانها للتجمع الوطني الديمقراطي، إضافة لاحتضانها قوى معارضة لدول جوار أخرى مثل إثيوبيا وجيبوتي والصومال، إلا أنه ظل دوراً مرسوماً في إطار اللعبة الدولية داخل الإقليم، إضافة للتوازنات الإقليمية نتيجة التطورات السياسية إثر الحرب التي بدأت فعلياً قبل نحو عشر سنوات واستمرت عملياً حوالي العامين ضد جارتها لتتوقف أصوات المدافع العابرة للحدود باتفاق الجزائر.صدقت الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة أكذوبة قدراتها التي توهمتها في لعب دور إقليمي مؤثر وهي تمارس لعبتها، إلى ان اكتشفت (فجأة) أن الحقيقة غير تلك التي ظاهرة على السطح. فمنذ مفاوضات مشاكوس التي انتظمت في كينيا بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان وكل ملفات المعارضة السودانية بدأت تنسل من بين يديها. وصار ظهرها من ناحية حدودها الغربية يتكشف، بعد تضعضع التجمع الوطني الديمقراطي الذي تجلى في خروج الحركة الشعبية لتحرير السودان المستتر منه مع بدء مفاوضات مشاكوس ومن ثم وصول اتفاقية السلام الشامل بينها وحكومة الخرطوم إلى نهاياتها في ضاحية نيفاشا، ولم ينتهي بخروج الحركات المسلحة في دارفور واختيارها منبراً تفاوضياً منفصلاً. وما بقي من التجمع الوطني احتضنته القاهرة. فقط ملف واحد تبقى لديها هو ملف الشرق، وهذا شان يطول فيه الحديث حول فكرته وبداياته.لكن هل حقاً أراد د. مصطفى عثمان، وزير الخارجية آنذاك، أن يجعلنا نقرأ خريطة المنطقة بالمقلوب ونصدق أن دارفور جاورت إرتريا ليتهمها بالوقوف وراء الحرب في دارفور، أم ان وراء الأكمة ما وراءها؟ وهل لإرتريا دور في إشعال الحرب في دارفور، أم ان الأمر بدأت إدارته من أراضيها دون علمها، ومن ثم وجدتها فرصة للإمساك بملف مستحيل تساوم به الخرطوم؟لنبدأ بقراءة للموقف على أرض الجبهة الشرقية في ذلك الوقت حيث كان التجمع الوطني الديمقراطي يعمل بكل فصائله، بل وانضمت إليه في وقت متأخر الأسود الحرة كفصيل جديد (والذي شكل مع مؤتمر البجا جبهة الشرق فيما بعد)، وكذلك حركة تحرير السودان التي ضخت حينها دماً جديداً في مجاري دم التجمع الذي تخثر. وبدا الأمر كانما بعثت فيه روحاً جديدة، لكنها مثل تلك الروح ما قبل الموت تلك التي يتعافى فيها المريض ويهلل أهله بشفائه ثم تصعد الروح إلى بارئها.كانت الفصائل الفاعلة عسكرياً والعاملة تحت مظلة التجمع متمثلة في الحركة الشعبية /الجيش الشعبي لتحرير السودان، التحالف الوطني/ قوات التحالف السودانية، مؤتمر البجا، جيش الفتح، التحالف الفدرالي ومن ثم الأسود الحرة قبل انضمام حركة تحرير السودان بقيادة (عبد الواحد محمد نور ومني أركوي مناوي).فقدت القيادة الأرترية الأمل في بقاء الحركة الشعبية لتحرير السودان وهي ترى ذلك الضغط الدولي المتجه نحو انفاذ إيقاف الحرب في جنوب السودان، وحاولت إيجاد قدم لها في ذلك الملعب عبر دورها في منظمة إيقاد راعية المفاوضات بما يضمن لها مساومة قضاياها مع حكومة الخرطوم، ولكنها وجدت أن اللعبة الدولية أكبر من قدراتها فانسحبت وهي تجرجر التجمع الوطني في أزيالها.وفقدت بعد ذلك التحالف الوطني كفصيل فاعل ومؤثر بعد الأحداث الدرامية التي ساهمت فيها الجبهة الشعبية الأرترية، وأدت للانقسام داخله، ووضعت قائده تحت الإقامة الجبرية وحاصرت قواته الميدانية. وانتقل بعدها ملف التجمع الوطني الديمقراطي بفصائله المتبقية إلى القاهرة لتفقد كرتاً آخر، ويتبقى لها مؤتمر البجا والأسود الحرة.في تلك الأثناء كانت الحرب في دارفور قد بدأت شرارتها. وجدت القيادة الإرترية في التحالف الفدرالي حصان طروادة الذي سيدخلها ساحة المعركة، خاصة في ظل الاختلافات الحادة بين قياداته وبقاء رئيسه الفعلي محمد ابراهيم دريج بعيداً عن إرتريا بسبب تلك الخلافات ودور الجبهة الشعبية الأرترية فيها، مع العلم أن التحالف الفدرالي كان يشغل موقعاً تنفيذياً مهماً في هيكل التجمع الوطني الديمقراطي وهو الأمانة التنظيمية. وغياب الأمين العام للتجمع المستمر (باقان أموم) بسبب ماراثون المفاوضات المنتقل بين مشاكوس وضاحية نيفاشا، أتاح الفرصة لممثل التحالف الفدرالي في المكتب التنفيذي لتولي منصب الأمين العام بالإنابة إضافة لأعبائه.في الفترة من 2002 بداية مفاوضات مشاكوس مروراً ببدء شرارة الحرب في دارفور وحتى قبول حركة تحرير السودان كعضو في التجمع الوطني الديمقراطي في اجتماع هيئة قيادته المنعقد في العاصمة الأرترية أسمرا في 2004، حيث جاء عبدالواحد ممثلاً لها في هيئة القيادة ومناوي ممثلا لها في مكتبه التنفيذي، بدأت حركة تحرير السودان تكوين نواة لقواتها المرتقبة في الجبهة الشرقية. ومن مفارقات السياسة أن حركة العدل والمساواة كانت حاضرة في العاصمة الأرترية أثناء تلك الفترة، ورفض التجمع ورئيسه حضور د. خليل إبراهيم للجلسة الافتتاحية للاجتماع، وهي الجلسة التي تحضرها وسائل الإعلام والضيوف، كان ذلك بحجة أنهم جناح الترابي، في الوقت الذي كانت معسكراتها في الجبهة الشرقية قد فتحت وبدأت نشاطها.نشر في صحيفة الاحداث السودانية 18مارس2009مكاتب وناشط سودانينواصل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى