تقارير

إثيوبيا نقلت أسلحة في طائرات مدنية بين إثيوبيا وإريتريا بعد اندلاع صراع تيغراي

كشف تحقيق حصري لشبكة “سي إن إن” الإخبارية عن استخدام الحكومة الإثيوبية لشركة الطيران التجارية المملوكة للدولة لنقل الأسلحة من وإلى إريتريا المجاورة خلال الحرب الأهلية بإقليم تيغراي.

واستقت الشبكة الأميركية نتائج تحقيقها الاستقصائي عن طريق وثائق الشحن وصور فوتوغرافية وشهادات شهود العيان.

تشير الوثائق التي حصلت عليها “سي إن إن” إلى أن الرحلات الجوية التي تحمل أسلحة بين إثيوبيا وإريتريا بدأت بعد أيام قليلة من اندلاع صراع تيغراي نوفمبر من العام الماضي.

في 6 مناسبات على الأقل – من 9 نوفمبر إلى 28 نوفمبر – أصدرت الخطوط الجوية الإثيوبية فاتورة بعشرات الآلاف من الدولارات لوزارة الدفاع في البلاد مقابل شحن مواد عسكرية بما في ذلك بنادق وذخيرة، إلى إريتريا، وفقا للسجلات التي أطلعت عليها شبكة “سي إن إن”.

والحرب مستعرة في شمال إثيوبيا منذ نوفمبر حين أرسل رئيس الوزراء أبي أحمد، الجيش للإطاحة بسلطات إقليم تيغراي المنبثقة عن جبهة تحرير شعب تيغراي بعد اتهامها بتدبير هجمات على ثكنات للجيش الفدرالي.

وتحذر الأمم المتحدة منذ أكثر من ثلاثة أشهر من أن نحو 400 ألف شخص في تيغراي “تجاوزوا عتبة المجاعة”. وامتدت المعارك والأزمة الإنسانية إلى منطقي عفر وأمهرا المجاورتين حيث صار 1.7 مليون شخص يواجهون الجوع.

أسلحة بين الورود

قال العديد من الموظفين في مطار أديس أبابا إنهم رأوا رحلات أسلحة متعددة تغادر إلى إريتريا كل يوم في بداية الصراع. كما تحدثوا عن رحلات جوية تحمل أسلحة من إريتريا إلى إثيوبيا. ومن غير الواضح سبب إعادة الأسلحة إلى إثيوبيا.

قال موظف سابق في الخطوط الجوية الإثيوبية إنهم تلقوا تعليمات في مطار بولي الدولي بالعاصمة أديس أبابا بتحميل أسلحة وأربع مركبات عسكرية على طائرة شحن تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية كان من المقرر أن تتجه إلى بلجيكا، ولكن تم تغيير مسارها إلى إريتريا.

يقول الموظف: “كانت السيارات من نوع تويوتا بيك آب، وبها منصة للقناصين. تلقيت مكالمة من المدير العام في وقت متأخر من الليل لإخباري بالتعامل مع الشحنة. جاء الجنود في الساعة الخامسة صباحا لبدء تحميل شاحنتين كبيرتين محملتين بالأسلحة والشاحنات الصغيرة”.

وتابع: “اضطررت إلى إيقاف رحلة إلى بروكسل لطائرة شحن من نوع (بوينغ) 777 كانت محملة بالورود، ثم أفرغنا نصف البضائع القابلة للتلف لإفساح المجال للأسلحة”.

حذر الموظف السابق العسكريين المكلفين بنقل الأسلحة من أن المركبات كانت تحمل كمية من الوقود أكبر بكثير مما هو مسموح به بموجب قواعد النقل الجوي الدولية، لكنه قال إن هذا الشرط ألغي بعد اتصال مباشر من قائد في الجيش.

وأضاف الموظف التي لم تذكر الشبكة الأميركية اسمه، “قال (القائد) إننا ذاهبون للحرب ونحتاج الوقود. ثم قمت بإحالة المشكلة إلى مديري الذي تولى المسؤولية وسمح لهم بذلك”.

قال الموظف إن الطائرة المحملة بالأسلحة والزهور سافرت إلى إريتريا أولا، ثم عادت إلى أديس قبل أن تتجه إلى بروكسل في اليوم التالي. بعد أيام، قال الموظف إنه تم إيقافه مؤقتا عن العمل قبل أن يهرب من إثيوبيا في مارس. 

ردا على تحقيق “سي إن إن”، قالت الخطوط الجوية الإثيوبية إنها “تلتزم بصرامة بجميع اللوائح الوطنية والإقليمية والدولية المتعلقة بالطيران” وأنها “حسب علمها وسجلاتها، لم تنقل أي سلاح حربي في أي من طرقها من خلال أي من طائراتها”. كما نفت الخطوط الإثيوبية فصل موظفين على أساس عرقي.

ولم تستجب حكومتا إثيوبيا وإريتريا لطلبات الشبكة الأميركية للتعليق.

في يونيو، انتشرت صور على منصات التواصل الاجتماعي تظهر صناديق تحتوي على قذائف “مورتر” على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية ونفس الصناديق محملة على متن الطائرة في مدينة مصوع الساحلية بإريتريا.

وأصدرت الشركة بيانا نفت فيه بشدة الادعاء بأن طائراتها كانت تنقل أسلحة وزعمت أن الصور عدلت باستخدام الفوتوشوب.

ومع ذلك، أكدت “سي إن إن” حقيقة الصور باستخدام تقنيات التحليل المرئي والمقابلات والأدلة الوثائقية التي يرجع تاريخها إلى رحلة طائرة الشحن 777 التي حلقت من إثيوبيا إلى إريتريا 8 نوفمبر وعادت إليها يوم 9 نوفمبر. وتُظهر الصور مجموعة متنوعة من قذائف الهاون مكدسة في الصناديق. 

تداعيات خطيرة

يقول العديد من خبراء الطيران الذين تحدثت إليهم “سي إن إن” بشأن هذه النتائج إن الخطوط الجوية الإثيوبية تنتهك على ما يبدو اتفاقية الطيران المدني الدولي، المعروفة باسم اتفاقية شيكاغو، التي تحظر على الناقلات التجارية نقل “ذخائر الحرب أو معدات الحرب”.

وقال أستاذ قانون الجو والفضاء في لاهاي، بابلو مينديز دي ليون، إن هناك عدة مؤشرات على أن هذه الرحلات كانت رحلات تجارية – وليست طائرات عسكرية أو طائرات حكومية – بما في ذلك “أن الرحلات تحمل رقم رحلة تجارية إثيوبية وأن الشركة أصدرت فواتير”.

وأردف: “لقد توصلت الآن إلى استنتاج مفاده أن هذه الرحلات تم تشغيلها بواسطة طائرات مدنية تخضع لبنود اتفاقية شيكاغو”، مشيرا إلى أن هناك تداعيات خطيرة لهذه القضية.

ويعتمد وضع إثيوبيا كقوة اقتصادية إقليمية جزئيا على هيمنة الخطوط الجوية الإثيوبية في الشحن. واستفادت الدولة وشركة الطيران من برنامج التجارة الأميركي الذي يوفر وصولا مناسبا إلى السوق الأميركي للبلدان التي تستوفي معايير معينة.

هذه العلاقة مهمة لكلا البلدين: في عام 2017، تألفت الصادرات الأميركية إلى إثيوبيا بشكل أساسي من طائرات بوينغ ومكوناتها، والتي بلغت قيمتها أكثر من 857 مليون دولار، لكن بندا في قانون النمو والفرص الأفريقي (أغوا) ينص على أن الدول المؤهلة يجب ألا تشارك في “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا”.

وجدت تحقيقات “سي إن إن” السابقة أن الفظائع التي ارتكبتها الحكومة الإثيوبية وحلفاؤها تحمل بصمات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

في أواخر أغسطس، حذرت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، كبير المفاوضين التجاريين الإثيوبيين من أن “الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا” في تيغراي “يمكن أن تؤثر على أهلية إثيوبيا المستقبلية (أغوا) إذا لم يتم التصدي لها”.

يوم الثلاثاء، قال متحدث باسم مكتب تاي للشبكة الأميركية إنه سيجري مراجعته التالية لأهلية قانون “أغوا” خلال عام 2022 “بناء على الامتثال للمعايير التي تشمل الالتزام بحقوق العمال المعترف بها دوليا، وسيادة القانون وحقوق الإنسان”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى