دراسات وبحوث

نافذة على الاحداث (5) : العلاقات الأمريكية الإرترية : مركز دراسات القرن الافريقي

3-Oct-2007

ecms

نافذة على الأحداث ( 5 ) عدد خاص 24سبتمبر 2007م
مساحة نخصصها لقراءة بعض الأحداث المهمة – بشكل غير دوري ، وهذه النافذة نخصصها للعلاقات الأمريكية الارترية بالتركيز علي مرحلة الدولة .

العلاقات الأمريكية الإرترية المقدمة: موضوع هذه النافذة كان في الأصل مادة لورشة داخلية أقامتها إدارة المناشط بمركز دراسات القرن الإفريقي في 21/7/ 2007 م وتم نشر ملخص مداولاتها في مواقع الإنترنيت ، وفي ظل التصعيد والتوتر الحالي في العلاقات رأينا أنه من المفيد توسيع المادة ونشرها كاملة ، ونحن في هذه النافذة ركزنا علي رصد وجمع المعلومات من مصادرها الأصلية والثانوية مع إيراد خلاصات ومؤشرات لإتجاهات ومسارات العلاقات ، تاركين مجالا واسعا للتحليل والمناقشة لكل تفاصيل مادة النشرة للقراء والكتاب والصحفيين . اولاً: الموقف الأمريكي في فترة تقرير المصيروالإستعمار الاثيوبي : 1- الموقف الامريكى فى فترة تقرير المصير : ظل الموقف الإمريكي سلبيا تجاه القضية الارترية منذ فترة تقرير المصير وماتبعها من حقب تأريخية ، حيث تقدمت الولايات المتحدة في سبتمبر 1949م الي مجلس الامن بمشروع قرار أمريكي ظالم مستقلة ثقلها السياسي والعسكري، يهدف الي ضم إرتريا الي إثيوبيا ماعدا المديريات الغربية التي رأت ضمها الي السودان ، وبعد أن فشلت في تحقيق ذلك الهدف تقدمت بمشروع قرار أخر في 2/12/1950م عرف بإسم القرار الفيدرالي ، والذي نجحت في إقراره حيث تم التصويت لصالحه بأغلبية وبذلك أصبحت إرتريا وحدة متمتعة بحكم ذاتي في إطار اتحاد مع إثيوبيا تحت سيادة التاج الإثيوبي ، وكان هذا المشروع الإمريكي حاسما للقضية الارترية في الساحة الدولية حيث أن الولايات المتحدة كانت ترفض بعد ذلك أي نقاش للقضية الارترية وكانت تعتبر ذلك شأنا اثيوبيا داخليا ، وقد عبر عن دوافع الموقف الأمريكي في تلك الفترة وزير خارجيتها حين ذاك بون فوستر دالاس بقوله ” إن أهم مادفعهم الي تأييد المطالب الإثيوبية هو إنحيازهم الي مصالحهم الإسترتيجية التي تستدعي ربط إرتريا بإثيوبيا ” وهكذا سعت الولايات المتحدة بإجاد موطئ قدم لها في إرتريا وذلك من خلال إفتتاح قنصلية لها في أسمرا لأول مرة في عام 1942م من أجل رعاية مصالحها التي من أجلها قدمت مشروع القرار . 2- العلاقات الارترية الإمريكية في عهد الإستعمار الإثيوبي :- أ/ عهد الإمبراطور هيلي سلاسي :- بفضل الدعم الأمريكي المطلق لإثيوبيا إستطاع الإمبراطور هيلي سلاسي أن يضم إرتريا الي أملاك امبرطوريته وذلك دون إدانة او إعتراض من المجتمع الدولي، وذلك عبر قرار تم إستصداره من البرلمان الإثيوبي والارتري الصوري الذي منع مجرد المناقشة وابداء الرأي في عام 1962م وبدون وجه حق واعتبرت إرتريا بعد ذلك محافطة من المحافظات الأثيوبية ، وبالرغم من خطورة ذلك القرار الجائر الا إن أمريكا التي كانت متبنية للمشروع الفيدرالي لم يكن لها أي رد فعل في ذلك، وهذا مايؤكد التأمر الامريكي ضد إرتريا في تلك الفترة ، وقد يرجع ذلك الي التعهدات التي قدمها الإمبراطور هيلي سلاسي الي الرئيس الإمريكي روزفلت في تلك الفترة عندما التقي به في قناة السويس وهو في طريق عودته الي بلاده حيث وافق له بإنشاء قاعدة أمريكية في إسمرا وكان ذلك في عام 1945م ، كما سمح هيلي سلاسي للولايات المتحدة وحلفائها بالسيطرة علي المياه الإقليمية الارترية والممرات البحرية بين الشرق والغرب، وبناء علي ذلك شهدت إرتريا وجودا عسكريا أمريكيا مبكرا منذ 1953م ، حيث دخل إرتريا حوالي (4000) من الخبراء العسكريين الأمريكيين للعمل في القاعدة الإستخبارية (كانيوستشن ) والتي أعتبرت أكبر قاعدة أمريكية في خارج بلادها في تلك الفترة، والتي قدمت خدمات كبيرة للنظام الإستخبارات الأمريكي في العالم، حيث ساعدت هذه القاعدة امريكا في متابعة التحركات في المحيط الهندي ومنطقة الشرق الأوسط التي كان يهمين علي جزء منها الإتحاد السيوفيتي ، ولم تكن قاعدة كانيواستشن مقرا إستخباريا لمتابعة العالم الخارجي فحسب بل كانت قاعدة لتعبئة المجتمع الارتري بقبول التعايش في ظل أثيوبيا الموحدة وذلك عبر البث التلفزيوني الأرضي الذي كان يتم من تلك القاعدة لسكان أسمرا والذي بدأ منذ ديسمبر 1955م وكان يستمر البث اليومي مابين (10-14ساعة ) في اليوم هذا بالاضافة الي إذاعة الكانيواستشن التي بدأت بعد عام من بداية البث التليفزيون واستمر عمل التعبئة عبرها حتي إغلاق القاعدة في عام 1973م ، وقد شهدت تلك الفترة توقيع عددا من اتفاقيات التعاون العسكري مع أثوبيا حيث قدمت أمريكا دعما سخيا لإثيوبيا تمثل في تقديم السلاح والمعونات المالية والإقتصادية والتدريب وقد وصل مجموع الدعم الإمريكي المقدم لإثيوبيا في تلك الفترة (380) مليون دولار ويساوي هذا المبلغ نصف ماقدمته امريكا لكل دول القارة الإفريقية أنذاك. ب/ عهد منجستو هيلي ماريام : واصلت الإدارة الأمريكية دعمها للإمبراطور هيلي سلاسي الي حين سقوطه في عام 1974م ، وحينها جاء منجستو هيلي ماريام الي الحكم وهبت معه رياح المبادئ الإشتراكية الي أن هيمنت تدريجيا علي نظام الحكم في إثيوبيا ولهذا اضطرت الولايات المتحدة الامريكية في عام 1974م لتخفيض وجودها العسكري في إرتريا ، وفي إبريل 1977م أعلن منجستوا هيلي ماريام عدم التزامه بالمعاهدات العسكرية الثنائية الموقعة مع أمريكا وامر بتقليص أخر للوجود العسكري الأمريكي في إرتريا ولهذا قررت أمريكا إغلاق قاعدتها (كانيواستشن) وفي 30سبتمبر 1977م ،تدهورت العلاقات بين أمريكا واثيوبيا و بذلك الحقت أمريكا وجودها الدبلوماسي بالعسكري حيث قامت بإغلاق قنصليتها بشكل رسمي في أسمرا وتخفيض وجودها العسكري بشكل رسمي . ورغم كل التغيرات التي طرأت في سياسة أثيوبيا وما نتج عنها من تدهور في علاقات البلدين فإن الولايات المتحدة رأت أن تبقي خط الإتصال مع اثيوبيا وذلك علي حساب القضية الارترية، وبذلك ظلت أمريكا متمسكة بمبدأ وحدة الاراضي الاثيوبية رافضة فكرة استقلال إرتريا ، الا أنها لم تمانع منذ تلك الفترة أن يقوم اصدقائها بدعم الثورة الارترية لأنها بدأت تعتقد أن إنتصار نظام الدرق علي الثورة يعني تقوية الوجود السوفيتي في القرن الإفريقي ، واصبحت تحبذ في تلك الفترة ان تتواصل معركة إرتريا واثيوبيا دون انتصار طرف علي أخر . وبما أن أمريكا كانت معنية في تلك الفترة بمكافحة المد الشيوعي السوفيتي بدأت تعتقد بأن الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا تنظيما دون سواه أقرب الي معسكرها من التنظيمات الوطنية الأخرى أكثرها قوة ، وقد قويت هذه الفكرة لدي أمريكا بعد الحرب التي قامت بها الجبهة الشعبية لتحريرارتريا بالتحالف مع قوات الجبهة الشعبية لتحريرتقراي ، ضد جبهة التحرير الارترية ذات التوجه العربي والتي كانت علي صلة وثيقة مع القوميين العرب والبعثيين الناصريين الذين كانوا ضد المشروع الرأسمالي الأمريكي في الشرق الأوسط ، وبذلك الإجراء تكون الجبهة الشعبية قامت بتنفيذ سيناريوامريكي معد للمنطقة وذلك بإقصائها وعزلها لشركائها في النضال ومنذ ذلك الوقت دخلت الجبهة الشعبية ضمن الأجندة الأمريكية المعدة لمستقبل إرتريا خصوصا ومنطقة القرن الإفريقي علي وجه العموم . إذ ظلت الجبهة الشعبية تتلقي دعما سخيا من المؤسسات والكنائس المسيحية الامريكية بل وصل الأمر الي بعض الكتاب الامريكيين الي القيام بتوثيق تجربة الجبهة الشعبية وتضخيمها منذ تلك الفترة وتسويقها الي المواطن الغربي لكسب تعاطفه ووده لصالح الجبهة الشعبية . ثانياً : علاقات الجبهة الشعبية مع الولايات المتحدة الأمريكية : أعلنت الجبهة الشعبية التي رفعت مبادئ الماركسية عن تحولات جذرية في سياساتها الإشتراكية في مؤتمرها العام الثاني عام 1987م ، وتزامن ذلك مع بداية الإنسحاب السوفيتي من القرن الإفريقي وفي الوقت الذي كانت الجبهة الشعبية تهرول فيه للوصول الي حضن المعسكر الرأسمالي، كان لإحداث المجاعة التي وقعت في البلاد عام 1984م دور مهم في التقريب بين الهيئات والحكومات الغربية وبين أجهزة تنظيم الجبهة الشعبية ، حيث سمحت أمريكا التي كان همها الأول ملأ الفراغ الناجم في القرن الإفريقي في تلك الفترة للجبهة الشعبية بفتح مكتب تمثيل لها في واشنطن وكان ذلك في إبريل 1985م ، لكن ومع السماح الامريكي المبكر بذلك الا إن ممثلي الجبهة الشعبية حين ذلك وهما حقوص قبرهوييت وتسفاي قبركدان لم يكن لهما القدرة للإقتراب من مكتب الخارجية الإمريكية ، وكان نشاطهم مختصرا في التعبئة الجماهيرية والسعي لتوفير الدعم المادي والتواصل مع الهيئات والمؤسسات غير الحكومية والتي كان لها دور هام في تقديم الدعم للجبهة الشعبية لتحرير إرتريا . وفي مطلع عام 1989م قام الأمين للجبهة الشعبية اسياس أفورقي بزيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية وسنحت له تلك الفرصة للإلتقاء بعدد من المسؤلين في الإدارة الامريكية ورجالات الكونجرس الأمريكي بالإضافة الي أقطاب اللوبي الصهيوني والذي عبرلهم بإعجابه بإسرائيل وأنه سيحتذي بها في المستقبل ، وقد كسب أفورقي في تلك الزيارة الدعم الكامل من اللوبي الصهيوني المتنفذ علي القرار الامريكي الرسمي ونوردهنا للتأكيد ماكتبه (بول هينز) وهوواحد من الخبراء العسكريين الامريكيين ومن العناصر الاساسية في اللوبي الصهيوني بقوله ( إن إسياس افورقي وافق علي القبول العلني عند إستقلال إرتريا عاي بناء قواعد عسكرية أمريكية في إرتريا وهي قواعد تخدم مصالح امريكا واسرئيل المشتركة ) وبعد إن إتضح لصناع القرار الامريكي بشكل رسمي جوهر ماتحمله الجبهة الشعبية من فكر وماترنوا اليه من طموحات قام أعضاء من الكونجرس الامريكي في عام 1990بزيارة للمناطق التي كانت تسيطر عليها الجبهة الشعبية وبعد عودته قدم الوفد تقريراً يؤكد فيه بأن إرتريا تستحق الإستقلال ، وفي تلك الفترة أيضا زار السودان هيرمان كوهين مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشئون الافريقية والتقي بالأمين العام للجبهة الشعبية إسياس افورقي بالسفارة الإمريكية في الخرطوم وبعد لقائه أعلن بأن للإرتريين الحق في تقريرالمصير، كما أكد أن ضم هيلي سلاسي لأقليم مستقل عمل غير شرعي ، وهكذا تغير الموقف الأمريكي بشكل تدريجي تجاه الجبهة الشعبية ونشير هنا الي أن مثقفي الجبهة الشعبية من المقيميين في الولايات المتحدة كان لهم دورا مهما في تحسين صورة الجبهة الشعبية وذلك عبر تلك الجمعيات التي كانون يعملون من خلالها ومن أهمها جمعية الارتريون من أجل الحرية EPD) والتي كانت تنشط في كافة أنحاء امريكا الشمالية قبل افتتاح مكتب تمثيل الجبهة الشعبية وكان يترأسها د/ولداي فطور الذي كان يعمل في البنك الدولي حينها ثم اصبح بعد الاستقلال مستشارا للرإئيس إسياس للشئون الإقتصادية وحاليا وزيرا للتنمية، ومن عناصرها يماني قبرأب الامين السياسي للجبهة الشعبية وأرأيا تسفاي. الذي تم تعيينه مديرا عاما للبنك المركزي بعد الإستقلال ثم مديراً للبنك العقاري والتجاري الارتري ، وحاليا أسندت اليه مهمة انشاء المنطقة الحرة بمصوع فهوالان مديرها العام ، وقد درس هؤولاء وغيرهم من كوادر الجبهة الشعبية في أمريكا عبر برامج (ASPAU) اي برنامج تقديم المنح الدراسية لأفريقيا في الجامعات الأمريكية ، وهو برنامج ترعاه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID وهي أكبر واهم وكالة إغاثة أمريكية تعمل من أجل تحقيق المصالح الأمريكية عبرتقديم مختلف الخدمات في شتي أنحاء العالم، وهذا مايؤكد ان الجبهة الشعبية أصلاً كانت على حط تواصل مع المؤسسات غير الحكومية الأمريكية منذ وقت مبكرواستفادة من إنحياز الطلاب الدارسين لصالحها . التغيرات الجذرية للموقف الأمريكي تجاه القضية الارترية : كان لإنهيار الإتحاد السوفيتي وماتبعه من إنتهاء للحرب الباردة ، أثار عميقة علي جعل إستقلال إرتريا ممكنا ، لأن الاتحاد السوفيتي كان يشكل سندا اساسيا لنظام منجستوا الذي أعلن تبنيه للماركسية في عام 1977م ، وخلق ذلك التحالف نوعا من العداء بين النظام الإثيوبي والولايات المتحدة الأمريكية ، وقد انعكس ذلك في ضعف قبضة نظام الدرق ، ودفعت تلك التطورات الجديدة كما أشرنا اليها سابقا بالولايات المتحدة للبحث عن حلفاء جدد لها في المنطقة لسد الفراغ بعد سقوط نظام الدرق ولهذا كان التقارب بين الجبهة الشعبية وصناع القرار في الإدارة الإمريكية ، وفي ظل تلك الاجواء التي ذكرناها جاءت مبادرة مركز كارتر للسلام وهو مركز وثيق الصلة بالإدارة الأمركية ويعمل وفقا لسياساتها الاستراتيجية الخارجية ، وقد جاءت مبادرة كارتر بعد زيارة قام بها الرئيس جيمي كارتر الي المنطقة في عام 1989م والتقي خلالها في مطار الخرطوم بإسياس افورقي، وتم الاتفاق معه لإجراء سلسلة من جلسات المفاوضات التي بدأت بلقاء اتلانتا بمقر المركز في 7سبتمبر 1989واستمرت اللقاءات حينها لمدة 12يوما، وقد تكون وفد الجبهة الشعبية الذي شارك في تلك المفاوضات من : الامين محمد سعيد رئيسا للوفد ، وهيلي ولدتنسائي، محمود احمد شريفوا، أحمد حاج علي ، ومكائيل قبرنقوس كأعضاء الوفد، بالإضافة الي وفد نظام الدرق وكان ذلك لقاءا إجرائيا تم فيه تحديد المسائل التي يمكن تداولها ، وتحديد أماكن المفاوضات ، والتي يمكن ان تستضيف تلك المفاوضات وعدد الوفود التي يمكن ان تشارك فيها بالاضافة الي تحديد الموعد، كما وافق الجانبان للمواصلة فى المفاوضات بدون وضع شروط مسبقة وعقد إجتماع اخر بكينيا، بعد شهرين من اتلانتا ، وفعلا في ديسمبر 1989م عقدت اجتماعات نيروبي واستمرت لمدة ثمانية أيام واصدر الجانبان بيان مشترك اتفقافيه لعقد مؤتمرسلام في مطلع يناير 1990بلندن بإشراف امريكي رسمي ، وفي هذه الفترة بدأ مساعد وزير الخارجية الإمريكية هيرمان كوهين في إستخدام أسلب الاتصال الدبلوماسي بممثلي الجبهة الشعبية في واشنطن وكذلك ممثلي الحكومة الاثيوبية بغرض دفع جهود المحادثات والتخطيط للمرحلة القادمة مؤتمر المائدة المستديرة بلندن بتأريخ 27- 28مايو1991م : ان الأحداث المتسارعة علي الساحتين الارترية والاثيوبية كانت ترافقها جهود دبلوماسية من جانب الولايات المتحدة في محاولة منها لملاحقة تلك الاحداث من جهة والرغبة في السيطرة علي زمام الموقف لتتمكن من خلال قنواتها المفتوحة مع كل الإطراف المتصارعة من المساهمة بدور مهم في رسم المستقبل الارتري والإثيوبي، ولهذا عقدت أجتماعات لندن برعاية كوهين وبمشاركة الجبهة الشعبية لتحريرإرتريا وبالرغم من أن هذا المؤتمر كان تحصيل حاصل من الناحية العسكرية ، الا إنه كان ذو أهمية خاصة من الناحية السياسية بالنسبة لإرتريا حيث تم وضع اللمسات الأخيرة لمستقبل إرتريا ودورها في المنطقة من وجهة النظر الامريكية وعلاقتها بدول الجوار وبالذات مع إثيوبيا. ثالثاً : العلاقات الارترية الأمريكية في مرحلة الدولة : أستمرت العلاقات التي نمت بين الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا والولايات المتحدة الأمريكية في المرحلة الأخيرة من حرب التحرير في إتجاهات ايجابية بعد إستكمال عملية التحرير، وقيام الدولة الارترية المستقلة خاصة لما للويات المتحدة من دور رئيس فعال في المفاوضات السابقة للإستقلال وانفرادها بترتيب الأوضاع في القرن الأفريقي علي النحو الذي أشرنا اليه من قبل ، وأوضحت الخارجية الأمريكية أن علاقتها مع إرتريا مبنية لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية وهي الحفاظ علي الإستقرار الإقليمي ، مكافحة الإرهاب الدولي ، السعي لتأسيس نظام ديمقراطي في البلاد، لتأسيس نظام ديمقراطي في البلاد، وأنطلاقا من هذه المبادئ الثلاثة شهدت العلاقات تطورات هامة يمكن قراءتها عبر ثلاث محاور أساسية . 1- محور العلاقات الخارجية والسياسية :- قام بعد الاستقلال مباشرة وفد أمريكي عالي المستوي بزيارة لإثيوبيا حيث حضر مؤتمراسياسيا هاما في إديس أبابا عقد في الفترة مابين 1-5/يوليو1991م تم فيه تكوين الحكومة الإنتقالية في إثيوبيا ، والمهم بالنسبة لنا في ذلك الإجتماع حضور وفد رسمي من الجبهة الشعبية كجبهة مراقبة الي جانب الوفد الإمريكي،ومن أهم ماتم في هذا الإجتماع ترتيب مستقبل العلاقات الارترية الإثيوبية بحضور الوفد الأمريكي كما تضمنت تلك الإجتماعات الموافقة الإثيوبية والإعتراف بحق الارتريين بعقد الاستفتاء من أجل الإستقلال ، بعد ذلك قامت الولايات المتحدة بإعادة فتح قنصليتها بأسمرا في أغسطس 1992م ، وفي 27ابريل 1993م أعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بإرتريا كدولة مستقلة ، ومواصلة لتوطيد العلاقات فقد تم في 11يونيومن نفس العام بدأ العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين حيث عينت الولايات المتحدة قائما بأعمال سفارتها بأسمرا ، وفي نهاية نفس العام قامت واشنطن بتعيين اول سفير لها في إرتريا ، وبهذا تعتبر الولايات المتحدة من اوئل الدول التي أعترفت بإرتريا واوجدت لها نشاط دبلوماسي في إرتريا حتي قبل إجراء الاستفتاء الذي كان في الفترة بين 23-25/ابريل 1993م وتم اعلان النتيجة في 27إبريل من نفس الشهر ، وبحكم حضورها المبكر كانت أمريكا من أكثر الدول مساهمة في تكاليف الإستفتاء علي الإستقلال إذ ساهمت بنحو (650) الف دولار امريكي منها (300) دولار كمساهمة نقدية و(350) الف دولار أمريكي كمساعدات عينية ، كما شاركت الولايات المتحدة بوفود متعددة تحت مظلات حكومية امريكية ودولية لمراقبة الاستفتاء بالإضافة الي جهود بعثتها الدبلوماسية لإنجاح الإستفتاء بأسمرا . زار إرتريا في فترة الإستفتاء الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر صاحب مبادرة المفاوضات بين الجبهة الشعبية وحكومة الدرق السابقة ، وبعد لقاءات أجراها مع أعضاء الحكومة المؤقتة عبر عن إرتياحه للمسار الصحيح الذي تسلكه إرتريا في سياساتها الداخلية، وصرح بأنه أجري مباحثات موسعة مع الرئيس إسياس افورقي حول السلام والإستقرار في القرن الإفريقي وقال ان لقاءه سيلعب دورا فعالا في حل المشاكل التي تواجه أفريقيا ، وتأسيسا علي البداية القوية التي بدأت في علاقات البلدين منذ فجر الإستقلال نجد زيارات عدة من الجانب الارتري الي أمريكا حيث زار أمين العلاقات الخارجية بالحكومة المؤقتة محمد سعيد باره أمريكا في يناير 1993م ، وكانت مباحاثات المسؤلين الارتريين مع الامريكان تركز علي توطيد العلاقات الثنائية وحشد المزيد من المساعدات الأمريكية بالإضافة الي التفاهم في الأوضاع القرن الافريقي وبالأخص الصومال ، وإستمرارا لتك الزيارات وبعد مضي عام من تشكيل الحكومة الارترية الإنتقالية (الحالية ) قام وزير الخارجية الارتري بطروس سلمون بزيارة الي أمريكا في ديسمبر 1994م ، وقد أجري لقاءات متعددة مع المسئولين الأمريكيين في الخارجية ، كما التقي في تلك الزيارة مع مديري مختلف المؤسسات التجارية ورجال الأعمال الأمريكيين ، وقدم لهم توضيحات حول فرص الاستثمار في إرتريا ، كما حاول تسويق قانون الإستثمار الجديد الذي أقرته الحكومة الارترية وقد نجح في إعادة بعض نشاطات الشركات الأمريكية الي إرتريا مثل شركة موبيل وأنادركواوغيرها . ومن أهم الزيارات من الجانب الارتري زيارة الرئيس اسياس الي أمريكا بتأريخ 14/1/1994م ، حيث أستمرت تلك الزيارة ثمانية أيام والتقي خلالها مع مسؤلي الإدارة الامريكية بالإضافة الي لقاءات مع أصحاب شركات ومؤسسات إقتصادية كبيرة إذ تباحث معهم حول إمكانية الأستثمار في إرتريا ، و التقي أفورقي بإعضاء من الكونجرس الأمريكي وقدما لهم شرحا عن الوضع في إرتريا وعن العلاقات بين البلدين ، كما إلتقي أفورقي في زيارته تلك بالرئيس الأمريكي بيل كلنتون وشرح له جهود إعادة البناء كما عبر له عن الإستقرار والامن الذي يسود في البلاد ، و نقل له بإن إرتريا تجري إستعدادا من اجل صياغة الدستور الارتري وقد أعرب كلنتون عن تقديره للتطور الذي حققته إ رتريا ودورها النشط في المنطقة وأكد له علي إستعداد إدارته لتقديم الدعم الممكن لإرتريا وفي إطار الزيارات الرسمية الارترية لأمريكا قام الرئيس إسياس أفورقي بزيارة رسمية للولايات المتحدة وكان ذلك في أكتوبر 1994م ، وهي الزيارة التي تم خلالها التنسيق بين الجانبين في مختلف القضايا المتعلقة بالقرن الأفريقي وخاصة مشكلة الصومال ، حيث عبر الرئيس أسياس عن تأييد بلاده للتدخل الأمريكي بإشراف الامم المتحدة الي الصومال وذلك بعد اللقاء الذي أجراه معه مساعد وزير الخارجية الامريكي هيرمان كوهين في زيارته لإرتريا بنهاية 1994م زيارة أفورقي للولايات المتحدة ولقائه بدوائر القرار ووسائل الاعلام أعطت الثقة أكثر للجانب الامريكي للتعامل مع إرتريا ، ولذلك اصبحت إرتريا في تلك المرحلة من أقرب الحلفاء لواشنطن في المنطقة ، ولاسيما لما كانت تقوم به من تصدي للمشروع الأسلامي الذي كانت تقوده الجبهة الإسلامية القومية في السودان ، حيث لعبت إرتريا دورا اساسيا في مواجهة ذالك ، كما كانت إرتريا تحتضن وتقدم كافة التسهيلات لقوي المعارضة السودانية التي كانت مقربة حينها من أمريكا ولذلك أصبحت إرتريا في تلك الفترة أحدي دول الطوق همها أسقاط الحكم القائم في السودان ، وهو الهدف الذي لمحت به مادلين البرايت في تلك الفترة وسعي اليه الرئيس اسياس في فترة تدهور علاقته مع السودان ، ولهذا شهدت تلك الفترة تطابقا لوجهات النظر بين الجانب الارتري والأمريكي ، وفي المقابل شهدت أرتريا في تلك الفترة سلسلة من الزيارات الرسمية من قبل الإدارة الامريكية منها زيارة وفد حكومي من أعضاء الكونجرس ضم عددًا من رجالات الإدارة الأمريكية حيث قام هذا الوفد بزيارة للمواني الارترية وأجري العديد من القاءات مع الجانب الارتري، كما زار إرتريا في تلك الفترة وفداً أخر من اعضاء الكونجرس وضم مسؤلين من وكالة المساعدات الامريكية والذي جاء الي القرن الإفريقي بمبادرة الرئيس بيل كلينتون وقد عبر أفورقي في تلك الزيارة عن عدم رضاه بما تقدمه الجهات الأمريكية المانحة لإرتريا بصورة عامة من دعم بعد الإستقلال وحينها تعهد أعضاء الكونجرس بالتعاون مع إرتريا وتوسيع العمل معها في كافة القطاعات الزراعية والصحية والتعليم ، كان هناك تنافس خفي بين إرتريا واثيوبيا للنفوذ في المنطقة والتقرب أكثر الي الولايات المتحدة بذلت إرتريا كل مافي وسعها ان تلعب ذلك الدور في المنطقة، وكرست كل جهدها لذلك بالممارسة العملية حيث أوضحت ذلك في سياساتها في المنطقة، فبالإضافة الي مواقفها العدائية ضد المشروع الإسلامي في السودان ، عملت بطريقة جادة لتفعيل منظمة ايقاد محاولة من خلالها أبراز مقدراتها السياسة بلاضافة الي التدخل العسكري في الكونغو بموافقة أمريكية ، والتصادم العسكري مع اليمن والذي من خلاله حاولت إستعراض قدراتها الحربية في البحر ، كل ذلك كان يتم في إطار الرؤية المشتركة مع إمريكا من اجل تحقيق تطلعات ورغبات الطرفين في المنطقة . وبالرغم كل ماقدمته إرتريا فإن إدارة كلنتون في إستراتجيتها التي وضعتها عام 1998م للسيطرة علي أفريقيا والتي اعتمدت علي دول محورية اساسية في القارة، حيث إعتمدت جنوب أفريقيا في جنوب القارة ، ونيجريا في غربها ومصر في شمالها واثيوبيا في شرقها ، ومنذ ذلك التأريخ بدأ الاستياء الارتري بسبب تفضيل الدور الأثيوبي في المنطقة ، لكي يكون حليفا إستراتيجيا لأكبر قوة في العالم ، وقد عبرالرئيس إسياس عن ذلك بقوله ” إن تقسيم أمريكا لأفريقيا لأربعة أقاليم واختيار قائد لكل اقليم استراتيجية خاطئة ” في ظل هذه الأوضاع اشتعلت الحرب الارترية الاثيوبية وحاولت أمريكا منذ البداية حل المشكلة بدون إنحياز الي أحد أصداقائها الا أن كلا الجانبين لم يكن راضيا عن الحياد الأمريكي فالكل بات بري نفسه اولي بالموقف الأمريكي الي جانبه والضغط علي الأخر ، وبسبب فقدان الموقف الأمريكي الحزم اللازم فشل في وضع نهاية للحرب في بدايتها ، وبهذا فقدت أمريكا مصداقيتها خاصة مع الجانب الارتري القي الموقف الأمريكي بظلاله علي علاقات ارتريا مع أمريكا ولاسيما إن إرتريا أعتبرت الموقف الأمريكي الذي حاول أن يظهر كوسيط محايد منحازا الي اثيوبيا ، ولهذا تأثرت العلاقات السياسية بين البلدين منذ بداية تلك الحرب و ظهر الخلاف في السطح منذ عام 2000م ولاسيما بعد إن قامت إرتريا مستفيدة من أجواء الحرب علي الارهاب بحملة إعتقالات واسعة في نهاية عام 2001م شملت مجموعات أصلاحية من صفوف النظام كانت علي صلة مع دوائر القرار الأمريكي بحكم المناصب التي كانوا يعملون فيها بالدولة وقد قوبل ذلك الفعل بإستنكار من كل دول العالم بما في ذلك أمريكا ، الا إن الحكومة الارترية أقدمت علي خطوة تصعيدية أخري مع أمريكا حيث قامت بإعتقال مواطنين أمريكيين من اصل إرتري كانا يعملان في السفارة الأمريكية بأسمرا وهما علي الأمين ، وكفلوم قبرمكائيل وقد رفضت إرتريا تقديمهم للمحاكمة او إطلاق سراحهم متجاهلة الدعوات المتكررة لها من الخارجية الأمريكية ، ومنذ ذلك الوقت تقول إرتريا إن واشنطن ظلت تحرم الدبلوماسيين الارتريين من أمتيازاتهم الدبلوماسية بإعفاء الجمارك ممايعد إنتهاك لإتفاق فيينا1961م وقالت إرتريا إنها لم تقم برد فعل لذلك ، الا إنه وكرد فعل للرفض الارتري لاطلاق سراح موظفي السفارة الأمريكية قام مكتب التحقيقات الفيدرلية الأمريكي (FBI) في 13 ابريل 2004م بمداهمة مكاتب شركة همبول للصرف المالي والذي كان في مقر مركز الجالية الارترية بواشنطن ،وذلك تحت مبرر ان الشركة لم تكن مسجلة مع وزرارة الامن الداخلي ولم يكن لديها ترخيص للعمل في واشنطن وقد تم توجيه تهمة التجارة غير القانونية الي كستي برهاني ملقتا مدير الشركة ومن كوادر الجبهة الشعبية في أمريكا ، وشركة همبول مرتبطة مباشرة بالجبهة الشعبية وتعتبر من أهم مصادر دخلها حيث وصل دخلها السنوي في عام 2001/2002م ب 8مليون دولار أمريكي ، وقد قامت FBI أيضا في تلك الفترة بمحاصرة السفارة الارترية بواشنطن ، ممادفع إرتريا أن تتقديم بشكوي ضد الولايات المتحدة بدعوي قيامها بإنتهاك الأعراف الدبلوماسية وانتهك حرمة سفارتها ومصادرتها لمليوني دولار أمريكي ووثائق تخص السفارة ورفض إعادتها مع الدعوات الارترية المتكررة لها بذلك وقد نقل هذا عن يماني قبر مسقل . وبالمقابل قامت إرتريا بإتخاذ بعض الإجرءات الحازمة ضد أعضاء السفارة الامريكية بأسمرا حيث تم تقييد تحركاتهم الي خارج العاصمة أسمرا بعد 25كيلومتروبررت إرتريا ذلك بالإحتياطات الأمنية ، وإن القرار شمل كافة البعثات الدبلوماسية في إسمرا ولاتوجد دولة إتخذت رد فعل مماثل عدي الولايات المتحدة الأمريكية لأن بقيت الدول تفهمت دوافع إرتريا من ذلك ، وكرد فعل قامت الخارجية الامريكية بإتخاذ اجرءات تصعيدية ضد طاقم السفارة الارترية بواشنطن حيث اصدرت قررا منعت بموجبه تنقل أعضاء الديلوماسية الارترية خارج العاصمة واشنطن او علي محيط السفارة علي بعد 25ميل وذلك من مقر السفارة دون الحصول علي إذن خاص من الخارجية، كما منعت رجال الاعمال الارتريين الذين كانو يترددون كثيرا علي الولايات المتحدة بهدف التجارة تأشيرات الدخول اليها ، وتقول الحكومة الارترية حيث مازال يضطر هؤولاء للسفر الي القاهرة او كينيا للحصول علي تأشيرات الدخول بل يمنع البعض ايضا من هناك بعد تحمله مشاق السفر ، كما كانت ترفض السفارة الأمريكية إعطاء تأشيرات دخول الي الولايات المتحدة الارترية لكبار مسؤولي الحكومة الارترية والجبهة الشعبية، فضلا لرفضها للجمعيات الثقافية الارترية التي تأتي الي أمريكا للمشاركة في مهرجان إرتريا السنوي في واشنطن ، و قالت إرتريا أنه في سبتمبر من عام 2004 قام FBI بإخضاع وزير الخارجية الارتري لعملية تفتيش في مطار نيويورك وتقول إرتريا أنها لم تقوم برد فعل علي ذلك، الا إنه وفي إطار التطورات السالبة قامت إرتريا بإصدار قرار في أغسطس 2005م يمنع الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) من العمل في إرتريا، واغلاق كافة مكاتبها وجاء علي لسان ولداي فطور وزير التنمية الوطنية إن حكومته غير راضية بما تقوم به الوكالة في إرتريا، وأضاف ان إرتريا تسعي لتعزيز العلاقات مع أمريكا وان التعاون لابد ان يكون بين الحكومات ، وبالمقابل ابدي سفير الولايات المتحدة بأسمرا اسكوت دلسي اسفه عن الإجرءات التي إ تخذتها الحكومة الارترية ، وقد اوفدت الخارجية الأمريكية وفدا الي اسمرا برئاسة دونالد موماتي نائب مساعد وزير الخارجية الامريكية للشئون الأفريقية حينها ، الا ان الوفد الامريكي فشل في التأثير علي الموقف الارتري ، وصعدت الخارجية الأمريكية من حدة نقدها للنظام الارتري لأنتهاكه كافة الإعراف الدولية والمبادئ الاخلاقية في تعامله مع حق المواطن الارتري، وبالرغم من أن تلك التقارير التي تصدرها الخارجية الامريكية وغيرها لا تعبر بمافيه الكفاية عن الواقع المعاش في إرتريا وذلك بسبب عدم وجود من ينقل ذلك الي الخارج بصورته الحقيقية بسبب تقييد الحريات الصحفية ، وعدم تقبله لأي رأي مخالف اونقد جعله يسارع في اصدار بيان شديد اللهجة ضد ماوصفه بالمخابرات المركزية في الخامس من أكتوبر جاء فيه ” أصدرت المخابرات المركزيةCIAمتسترة تحت غطاء مكتب العلاقات الخارجية في 23/سبتمبر تقريرا ركزت فيه علي الحقوق الدينية في إرتريا ، وذلك بأسلوب لم يعد بالنسبة لنا غريب اوغير مألوف ، حيث زعمت كاذبة إن إرتريا تمارس انتهاكا للحقوق الدينية ، بيدأنه ليس غريبا علي سي اي ايه في هذه الأونة بالذات أن تسيئ الي سمعة إرتريا واثارة الفتن فيها بمزاعم ومبالغات حول وجود أنتهاكات دينية ، علي أن الهدف من هذه المزاعم يتمثل بوضوح في جعل إرتريا كبش فداء، تقدمه أمريكا لأثيوبيا لتمكينها من انتشال نفسها مما هي غارقة فيه من الازمات فالكل يعلم أن سي اي ايه قد بذلت جهود جبارة في الوقوف الي الجانب الاثيوبي ، واضاف البيان – لم يعد جديدا علينا أن تمارس امريكا الضغوط المستترة حينا والمكشوفة حينا أخر بتسويق الإتهامات والاختلاقات الكاذبة لتتمكن من الضغط علي الحكومة الارترية ومحاولة إقتلاع وهضم حق الشعب الارتري وحكومته في الدفاع عن النفس ” ورغم تعثر العلاقات بين الطرفين للمستوي الذي رأيناه الا ان السفارة الامريكية بأسمرا لم تقطع الأمل، وحاولت ان تتواصل مع الشارع الارتري حيث قامت بعد ايقاف الحكومة الارترية لعمل الوكالة الأمريكية للتنمية بتوسيع مناشطها بفتح مكاتب صغيرة لها ذو علاقة بتقديم المساعدات الانسانية، كما زادت من تمددها عبر توسيع برامج ركنها الأمريكي وتمديد ساعات الوصول الي الإنترنيت فيه، وفتح مقران جديدان لها في كل من كرن ومصوع وكانت توفر تلك المراكز تسهيل خدمة الوصول الي الانترنيت مجانا، وتوفيرمادة عن القيم السياسية والثقافية لأمريكا بالإضافة الي الصحافة العالمية اليومية ، كما كانت تعقد السفارة لقاءات منظمة لخريجي الجامعات الامريكية ويتم خلالها مناقشة برامج ثقافية واجتماعية ، كما بدأت السفارة منذ بداية عام 2006م بعقد لقاءات موسعة مع المثقفين الارتريين لمناقشة قضايا إجتماعية وثقافية وذلك في محاولة منها لإيجاد بديل للحوار الرسمي الحكومي مع منظمات المجتمع المدني حيث بدأت تدعم واجهات العمل المدني ، التي تعمل في مجالات الشباب والمرأة و جمعيات مكافحة الأيدز ورعاية المبدعين الارتريين وتعتبر هذه خطوة تجسيدية لأحدي التوصيات التي خرج بها مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية في موضوع بحثه عن علاقات الولايات المتحدة تجاه كل من إرتريا واثيوبيا وقد تم نشر ترجمته في العدد السادس من مجلة المركز . وفي الوقت الذي كانت تحاول فيه إلسفارة الأمريكية ابقاء خط التواصل والاقتراب اكثر الي الشارع الارتري ، جاء خطاب الرئيس اسياس في أعياد الإستقلال لعام 2006م ونقل ملف العلاقات بين الجانبين الي محطة متقدمة في التصعيد وذلك بإتهامه صراحة لإمريكا بتعطيل تنفيذ أتفاقية الجزائر، ومحاولة التدخل في الشئون الداخلية الارترية، كما أتهم افورقي امريكا بدعم الحملة الإنتخابية للنظام الحاكم في إثيوبيا ، وقد أغضب هذا الحديث السفير الامريكي في أسمرا (اسكوت دلسي) مما دفعه للإنسحاب هو وملحقه العسكري – باول م. فليس، من مراسم الإحتفال ، وسافرا مباشرة الي واشنطن ،ومع هذا الإستياء الامريكي الا ان الرئيس اسياس زاد الطين بلة مرة أخري حين اتهم امريكا عند إحياء البلاد لذكري الشهداء في 20يونيو2006م بتمييع القضايا الأساسية ومحاولة تحريف قرار ترسيم الحدود، إذ قال افورقي ( ان الادارة الأمريكية قد وظفت النظام الاثيوبي كأداة للتدخل في الصومال تحت مسمي محاربة الارهاب الوهمي في الصومال كما وصف افورقي السياسة الامريكية في المنطقة بالخاطئة ) ولهذا ومنذ نوفمبر 2006م ضاعفت السلطات الأمريكية من قيودها علي طاقم السفارة الارترية بواشنطن حيث بدأت ترفض إعطاء أذونات التحرك للدبلوماسيين الارتريين في كل من اشنطن واوكلاندا ، و شهدت العلاقات عام 2006م تدهورا خطيرا ولاسيما بعد الموقف الارتري الداعم بشكل رسمي للمحاكم الإسلامية مقابل الدعم الأمريكي الاثيوبي لأمراء الحرب ثم الحكومة الإنتقالية ، وعزز ذلك التقارب الأمريكي الاثيوبي للحرب بما يسمي الارهاب في الصومال ، وفي ظل هذه العلاقات المتوترة والإتهامات المتبادلة بين الجانبين قامت إرتريا بشكل سري بإستدعاء سفيرها في واشنطن / قرماي أسمروم ،وبعد فترة وجيزة تم أستبداله بشخص أخر وهو قرماي قبرماريام، ولم يتم تناول تعيين السفير الجديد في الوسائل الاعلامية الرسمية علي غير العادة الا ان الخبر نشر مدعوما بصور تقديم اوراق الاعتماد في الاعلام التابع للخارجية الأمريكية وبالرغم من عدم توفر معلومات لأسباب الاستبدال لقرماي أسمروم الا من الواضح ان ملف العلاقات بين الطرفين لم يشهد اي تحسن في ظل السفير الجديد، بل حصل العكس بإعلان السفارة الأمريكية في مطلع 2007م ايقافها لإصدار التأشيرات السياحية والتجارية من سفارتها بأسمرا وقد بررت ذلك القرار علي خلفية منع الحكومة الارترية تأشيرات الدخول اللازمة للقنصل الجديد الي أسمرا ، وتقول إرتريا إن FBI قام في يناير 2007م بإخضاع سفيرها لدي الأمم المتحدة لعملية تفتيش عبر جهاز خاص وذلك بعد عزله من الركاب حين وصوله مطار JFK بنيويورك وقال بعد وصوله مطار أسمرا أن حقيبته خضعت لعملية تفتيش في حالة غيابه واعتبرت إرتريا أن ذلك يعد إنتهاكا صارخا لاتفاقية فيينا المادة 36المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية ، ومواصلة في ذات الإتجاه اعلنت سفارة الولايات المتحدة بأسمرا في 22يناير 2007م بأنها اوقفت جميع أعمالها ومعاملتها حتي أشعار أخر ، وجاء البيان الذي نشر في موقع السفارة الامريكية بأسمر في الانترنيت ان ذلك الإجراء جاء ردا علي قيام السلطات الارترية بتفتيش الحقائب الدبلوماسية التي تخص السفارة الأمريكية واضاف كارول هيريرا الناطق بإسم السفارة الإمريكية بأسمرا ان السلطات الارترية تحتجز وثائق ومواد تستخدم في إجراء المعاملات الرسمية بالسفارة، وهذا ماجعل السفارة تعلن إيقاف جميع خدماتها إلي إشعار أخر، ويشمل ذلك إصدار تأشيرات السفر . وأكدت السفارة في البيان ان قنصليتها ستظل مفتوحة لتقديم الخدمات للمواطنيين الامريكيين فقط ، وفي تعليق الحكومة الارترية علي ذلك قال يماني قبر مسقل المستشار الخاص للرئيس اسياس في إطار الرد علي الإتهامات الامريكية بإنتهاك برتكول الحقائب الدبلوماسية مبرر عملية التفتيش بوصفها بالروتنية التي دأبت الجهات المخولة علي ممارستها ،واضاف قائلا – اذاكانت الولايات المتحدة تزعم أن الحقائب الدبلوماسية تم العبث بها فهذا غير صحيح واشار بإختضاب الي وجود سوابق ارغمتهم علي التفتيش ، وبعد التوتر الذي طرأ في تلك الفترة و بمتابعتنا لموقع السفارة وجدنا أنها ظلت تمارس نشاطها الروتيني عبر قنصليتها بأسمرا، بل قام قسم العلاقات العامة بالقنصلية بدعم عدة مناشط تابعة للشباب والطلاب وجمعيات اهلية سوف يتم تناولها في محور أخر الاإن الغريب في الأمر هو حالة التعتيم الأعلامي الذي كانت تمارسه وزارة الاعلام الارترية حيث لم تقم بنشر اي خبر عن ذلك ، وضمن سلسلة حالات التدهور المستمرة في علاقات البلدين طرأ تطورا خطيرا إذ غادر سفير الولايات المتحدة الامريكية أ سكوت دلسي اسمرا في الثاني من يونيو 2007م متوجها الي أمريكا وقد أصدربياناً سماه fare well statement اي خطاب الوداع وأبدي فيه ( بأنه معجب بشجاعة الشعب الارتري وبطولاته ، كما أشار الي الإنتهاكات التي تمارسها الحكومة الارترية ضد حقوق الانسان والحريات الدينية والإقتصادية ومبادئ الديمقراطية ، كما عبر عن أمل الولايات المتحدة بأنه سيأتي اليوم الذي يتمتع فيه الشعب الارتري بثمرات نضاله البطولي ، وأضاف أن معاني النضال الارتري تؤسس لبناء علاقة فعالة بين الولايات المتحدة الأمريكية والشعب الارتري وذلك علي أساس الاحترام المتبادل والعمل سويا من أجل أرساء دعائم السلام والحرية والرفاهية ). ما أكد السفير موقف بلاده من قضية الحدود حيث قال إن الولايات المتحدة ملتزمة بتطبيق قرار ترسيم الحدود، بناء علي قرار حكم لجنة الحدود الارترية الاثيوبية النهائي والملزم . و قال السفير الامريكي، ان بلاده تعتقد أن قرار ترسيم الحدود يجب إحترامه من الجابين ولابد ان يتم تطبيقه بدون شروط مسبقة واضاف هذا هو الموقف الرسمي للحكومة الامريكية وليس كما تصوره وسائل الاعلام الرسمية الارترية ، وانهي بيانه بشكر الشعب الارتري لكرمه وترحيبه به كما أكد علي أن الولايات المتحدة ستواصل دعمها للشعب الارتري في بحثه عن الحرية والرفاهية في بلده ،وجاءت مغادرة السفير الأمريكي لإرتريا كمؤشر بنفاذ صبر الخارجية الامريكية علي الرئيس أسياس ، وذلك بسبب تأزم الوضع في الصومال وتصاعد المقاومة الشرسة التي يواجهها حلفاء أمريكا في داخل الصومال بدعم إرتري معلن ، فضلا علي إستضافة إرتريا لبعض القيادات السياسية للمحاكم الاسلامية ، وفي ظل هذا التوتر قدم نائب مساعد وزير الخارجية الامريكية للشئون الافريقية جاميس أسوان ورقة في المؤتمر العالمي الرابع للدراسات التنموية في إثيوبيا والذي أقيم بجامعة Michigan university western بولاية شيكاغوا، في 4 اغسطس 2007م بعنوان سياسية الولايات المتحدة في القرن الافريقي ،وقد عبرت الورقة عن مستوي تدهور العلاقات بين الجانبين، حيث تحدث المسؤول الامريكي عن دول المنطقة بشكل إيجابي واكد علي أهمية إقامة شراكة حقيقية مع دول تلك المنطقة من أجل تحقيق الاستقرار والامن فيها كما وصف المسئول الامريكي أثيوبيا بالدولة العملاقة في المنطقة وقال إنها شريك إستراتيجي مام للولايات المتحدة في المنطقة ، وأكد بوجود تعاون مع أثيوبيا علي نطاق واسع من اجل تحقيق أهداف مشتركة وتعزيز الاستقرار في المنطقة ، كما أكد التزام الولايات المتحدة واثيوبيا علي حد سواء للتصدي لكل تهديدات المجموعات المتشددة في المنطقة ، وقال ان الولايات المتحدة قدمت (160) مليون دولار أمريكي كدعم إنساني لأثيوبيا هذ العام بالاضافة الي (300) مليون دولار أمريكي كدعم للخدمات الصحية في اثيوبيا في هذا العام ، كما أكد ان الولايات المتحدة تعمل مع قوات الدفاع الاثيوبية لجعل هذه المنظومة الدفاعية جيش وطني بعيدا من التحزبات السياسية . وبالمقابل صب مسؤول الخارجية الأمريكي جام غضبه علي إرتريا حيث قال “ان إرتريا فشلت في تحقيق اي تقدم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، واضاف أن ارتريا تعيش في حالة من الإنهيار الاقتصادي في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة الارترية من اجل زعزعة الاستقرار في جيرانها بما في ذلك أثيوبيا والصومال ، واضاف انه من المثبط للهمة أن تري مايحدث في إرتريا بعد تعاملنا مع ذلك النظام لمدة خمسة عشرا عاما من الاستقلال ، حيث أصبح الرئيس إسياس أكثر تشددا ومصابا بجنون العظمة ، ويعمل دائبامن أجل زعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي عبر تزويد الصرعات القائمة ودعم الجماعات المرتبطة بالارهاب ، واضاف مسئول الخارجية الامريكية قائلا إن الحكومة الارترية تخترع أساطير تلصق بها الي إثيوبيا ، وذلك من أجل صرف النظر عن الوضع القائم في إرتريا ، وتكريس السياسات الإستبداية الداخلية فيها ، فضلاعن تعبئتهم لإقامة حالة عداء دائمة تجاه أثيوبيا واضاف إن إرتريا إختارت أن تدعم العناصر المتشددة في المنطقة بما فيها المليشيات الشبابية المنسوبة الي القاعدة في الصومال ،وذل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى