مقالات

المؤتمر الوطنى : خط الدفاع الأخير !؟ :عمر جابر عمر

15-Jun-2011

المركز

منذ التحرير و المعارضة الإرترية تناضل من أجل التغيير – حاولت عدة صيغ للعمل المشترك وجربت شتى الوسائل لأحداث ذلك التغيير ولكن النتيجة لم تكن كما أرادت وكما يريدها الشعب الإرتري.

كانت هناك عوامل موضوعية لعبت دورا في هذه النتيجة ( موقف النظام السوداني وأولويات القوى الكبرى في المنطقة – محاربة الإرهاب — ) ولكن كان هناك عامل ذاتي داخلي جعل من تأثير تلك العوامل الخارجية القشة التي قصمت ظهر المعارضة – نعنى الخلافات الداخلية وموروثات مرحلة الثورة.الشعوب الحية هي التى تستخرج من الضعف قوة وتصنع من اليأس أملا ومن الفقر المادى عزة وكبرياء تعصمها عن السقوط فى مواقف الذل والحاجة … المؤتمر الوطنى القادم مكان لأثبات تلك القيم والمثل –أنه وقفة لمراجعة النفس وتطهير الذات وأحداث التغيير المطلوب فى الآليات والخطاب والنهج والعلاقات بين مكونات المعارضة ومع العالم الخارجى. ليس هناك تعارض بين التحالف كمظلة وبين ما يسفر عنه المؤتمر الوطنى … يمكن أن يبقى أسم التحالف كمظلة للمعارضة ولكن المحتوى سيتغير – بدلا عن القيادة المركزية سيكون الجهاز التشريعى ( المجلس الوطنى ) وتنبثق عنه قيادة تنفيذية – التركيبة أيضا ستتغير لن تكون حكرا على الأحزاب السياسية بل ستضم منظمات المجتمع المدنى بنسبة محددة –المفوضية أكملت تقريبا مهمتها وقامت بجهد مقدر تشكر عليه – أعدت الوثا ئق المطلوبة وما لم تتفق عليه حولته الى زمانه ومكانه ( الدستور ) – أتفقت على تقسيم النسب لمشاركة المؤتمرين – مهدت الطريق لأختصار الجهد و توفير الوقت للمؤتمرين من خلال رؤيتها لمسألة القوميات – وقبل ذلك وبعده الأتصا ل المستمر مع القواعد حتى تواكب مجريات الأحداث ومستجداتها – ذلك كله يعكس روح المسئولية التى قادت حركة المفوضية – وما تبقى فهو مسئولية أعضاء المؤتمر.المؤتمر الوطنى القادم هو التحدى الحقيقى الذى يواجه المعارضة الأرترية – أما أن تكون أو لا تكون.ما هى العوامل والشروط التى تحدد نجاح أو فشل المؤتمر ؟؟1- الاعداد الجيد – الوثائق وشروط العضوية وخلق المناخ الأيجابى للحوار …حتى الآن نستطيع القول أن المفوضية أنجزت الكثير ووفرت جزءا كبيرا من تلك الشروط . رغم بعض الأخطاء هنا وهناك والتى ربما كانت بسبب قلة التجربة فأن الصورة العامة مشجعة – تبقى المرحلة الأخيرة وهى أختيار المندوبين وتلك مسئولية القواعد بالدرجة الأولى.2- قضايا الحوار – وهذه يجب تحديدها وتبويبها –@ توصيف النظام : هل هو طائفى أم شوفينى قومى أم دكتاتورى ؟ منذ سنوات وفصائل المعارضة تجادل حول هذا الموضوع ولا أتفاق ! لماذا لا نبدأ بالصفة التى تجمع كل تلك الأوصا ف – أنه نظام غيرشرعى ؟ هناك مثل مصرى يقول ( اليمشى فى سكة الحرام ما ينقيش ) ! ليستخدم أئمة المساجد منابرهم لكشف عدم شرعية النظام وضرورة محاربته كما يقر الدين الأسلامى – ليخاطب القساوسة رواد كنائسهم بتعاليم المسيح وكيف تتعارض مع ما يجرى فى بلادهم – ليقف النظار والمشايخ فى أوساط مجتمعاتهم ويلهبون مشاعرهم ويشجعونهم على الدفاع عن التراث والقيم والموروث … تتعدد الروافد ولكن النهر واحد يصب فى أتجاه أزالة الدكتاتورية .@ الوسائل – أذا تحدد الهدف ( تغيير النظام ) فأن كل الوسائل تكون مشروعة.وهنا لا بد من وقفة عند مفهوم متداول ويسبب أ رباكا فى أختيار تلك الوسا ئل – أعنى أستخدام القوة !؟ما هى القوة ؟ أنها الفعل الأيجابى الذى يقوم به الفرد أو الجماعة حماية للذات ودفاعا عن حق مشروع .بهذا المعنى فأن كلمة ( لا ) فى وجه السلطان الجائر هى تعبير عن ممارسة القوة – تنظيم مظاهرات أحتجاجية ومطلبية هى ممارسة للقوة – أستخدام الوسائل الأعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة هو ممارسة للقوة – الأتصال بالدول طلبا للدعم ولكى تما رس ضغوطا على النظام الأرترى يمثل مظهرا من مظاهر ممارسة القوة. وأخيرا فأن الدفاع عن النفس بالسلاح هو ممارسة للقوة والهجوم يكون خطوة أستباقية لتأمين الذات ولكن فى الحالة الأرترية وخصوصيتها فأن العمل العسكرى الفعال يجب أن يكون أنتقائيا ونوعيا ويستهدف شخصيات أمنية وسياسية تشكل خطرا على الحياة اليومية للشعب ويهز صورة وهيبة النظام.وقبل ذلك وبعده العمل على حشد الجماهير وضمان مشاركتها فى كل الأنشطة هو أعلى درجات ممارسة القوة. وبالمقابل يحدث الخلط بين هذا المصطلح ( القوة ) وبين العنف – ما هو العنف ؟هو رد الفعل السلبى الذى تلجأ اليه الأنظمة الدكتاتورية القمعية لمنع الشعب من التعبير عن رأيه وذلك بأستخدام الضرب وحنى أطلاق الرصاص الحى. القرآن الكريم يقول ( …وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة)لم يقل من عنف ! الدكتاتورية هى أعلى د رجا ت العنف وأ شدها ضراوة وهى با لضرورة تولد ردود فعل تتنا سب وتتوازن مع ذلك الأرها ب الذى تما رسه الدولة. أبرز مثا ل معاصر هو ما يجرى فى ليبيا : كتائب القذافى تستخدم الصواريخ والدبابا ت لمهاجمة الثوار – والثوار با لمقا بل يستخدمون أيضا الصواريخ والأسلحة المختلفة … ولكن هناك فرق – الثوار يستخدمون السلاح من أجل الحصول على حق مشروع ( القوة ) بينما كتا ئب القذافى تستخدم السلاح لوقف الثوار من المطالبة بحقوقهم ( العنف ) !؟3- القيادة – هذه هى ( كعب أخيل ) المعارضة الأرترية – يتم الأتفاق على كل شىء – البرامج والقرارات والبيان الختامى وعند أختيار القيادة !؟ ليس هناك وصفة يمكن تطبيقها للحصول على تشكيلة مثالية ولكن المهم أرضاء الأغلبية ( هذه هى الديمقراطية ) — هناك معايير وموجهات تساعد على تقليل هامش الأخطاء:# — هناك من يسعى الى القيادة طلبا للجاه والما ل – لهذا نقول حديث الرسول ( ص ) لا نعطى الولاية لمن يطلبها والتجربة السابقة للفرد – سلبا أو أيجابا — قد تفيد فى الأختيار. # — هناك من هو مخلص ونزيه ولكنه غير مؤهل لتولى القيادة – لهذا نقول ما قاله الرسول ( ص ) للصحابى أبو ذر الغفارى – أنك ضعيف وأنها أمانة .# –هناك من يطلبها ويعرف أنه أهلا لها ويملك المقدرة لتحمل المسئولية – هذا نموذج سيدنا يوسف عليه السلام حين طلب أن يولى على خزائن مصر ( …قال أجعلنى على خزائن الأرض أنى حفيظ عليم )وقبل التخصيص والتشخيص لا بد من أتباع قاعدة أساسية وهى ضرورة مشاركة كل مكونات المجتمع الأرترى الدينية والثقافية والأثنية . كذلك لا بد من تمثيل القطاعات الأجتماعية خاصة النساء والشبابوبما أن المجلس الوطنى المزمع أختياره سيكون مؤقتا لا بد من ترك مساحة فيه لمن تغيب لسبب أو آخرولمن هم فى الداخل اذا حدث الأتصا ل والتواصل.4- الحلفاء …المعارضة وصلت الى أثيوبيا بعد أن أقفل النظام السودانى أبوابه فى وجهها – وصلت منهكة وغير واثقة من المستقبل وينقصها الكثير من الدعم السياسى والمادى والجماهيرى. بالمقابل كانت أثيوبيا بحاجة الى حليف أرترى يمكن أن يشكل ضغطا على النظام الأرترى ولكنها – أثيوبيا – لم تكن فى موقف يمكنها من سد كل أحتياجات المعارضة الأرترية. وهنا برز سوء فهم وعدم أتفاق بين المعارضة والنظا م الأثيوبى حول ما ينتظره كل طرف من الآخر . أثيوبيا كانت تتوقع أن يزحف الأرتريون الى الحدود لأقتلاع النظام الأرترى أو على أقل تقدير يجعلون أستمراره مستحيلا. المعارضة الأرترية كانت فى موقف لا تحسد عليه – ضعف سياسى – عزلة عن الجماهير – شحة التمويل المادى با لأضافة الى صراعا تها الداخلية وأنشطاراتها الأميبية. تحضرنى بهذه المناسبة قصة الدولة الأفريقية التى أرا د ت أنشاء فريق لكرة القدم فتعاقد ت مع مدرب برازيلى للقيام بالمهمة وفى أ ول أجتماع مع المشرفين الرياضيين قد م المدرب طلباته:أريد كم أحضار مجموعة تتمتع بلياقة بدنية عالية وتفهم فى خطط الهجوم والدفاع وتحكمها روح معنوية عالية وأصرار على النصر ! ألتفت المشرف الرياضى الى زملائه ثم خاطب المدرب البرازيلى قائلا –أيها الصديق لو كان لدينا ما تطلب ما كنا تعاقدنا معك !؟النظام الأثيوبى اليوم هو الحليف الرئيسى للمعارضة الأرترية وعليه يجب أتخاذ خطوتين أساسيتين :@- تقنين وتوضيح أسس هذا التحالف – أهدافه – شروطه وحدوده. المعارضة الأرترية لا يمكن أن تكون جزءا من أستراتيجية أثيوبية – أثيوبيا دولة أقليمية لها مصالحها وعلاقاتها وليس بالضرورة أن نتفق معها فى كل شىء.@- البحث عن حلفاء يكون بعضهم حماية للمعارضة والبعض يساعد فى تسويق برامج وأهداف المعارضةوالبعض يمارس ضغوطا سياسية على النظام الأرترى — مثل هكذا خطوات تشجع أثيوبيا على تقديم المزيد من الدعم للمعارضة الأرترية.تلك كانت أبرز القضايا التى ربما تكون مثار جدل وأختلاف ولكنها بالضرورة يجب أن تكون محل أتفاق .أما العناوين الأخرى مثل خارطة الطريق والوحدة الوطنية والمرحلة الأنتقالية ولوائح المجلس الوطنى …فأن المفوضية أعدت مادة دسمة تصلح للحوار والأنطلاق منها.التحديات – هذا المؤتمر يمثل تحديا لكل قوى المعارضة – المشاركة فيه وغير المشاركة – المؤيدة له والمعارضة.@- المؤيدون – التحدى بالنسبة لهؤلاء يتمثل فى أنه مؤتمر – وليس ملتقى – تتخذ فيه قرارات تشكل مستقبل المعارضة الأرترية. كذلك هو مؤتمر ينتخب قيادات تقود مرحلة التغيير الديمقراطى حتى سقوط الدكتاتورية.@- المعارضون – عليهم تقديم البديل – الشعب الأرترى سئم الجدل العقيم وتبادل الأتهامات – يريد أنجازا عمليا على الأرض — عليهم أقناع الشعب الأرترى بأ ن أسلوبهم ووسائلهم هى أكثر جدوى فى أحداث التغيير. تقولون أنه مؤتمر جزئى ؟ حتى لو شاركتم جميعكم سيكون جزئيا ومؤقتا !؟ تقولون أنه يسير وفق أجندة أثيوبية ؟ يمكن أن توجه اليكم نفس التهمة وأن بأتجاه معاكس – أى أنكم تعملون وفق أجندة النظام الأرترى !؟ تلك تهم فطيرة لا ترقى الى مستوى أتخا ذ مواقف مصيرية … المؤتمر مفتوح لكل معارض أرترى – حتى من أنسحب من التحالف – المفوضية ملزمة بالأتصال بكل مكونات المعارضة وبعد ذلك من أمتنع عن المشاركة فذ لك أختياره وقد يلتقى مع الآخرين فى محطة أخرى خلال المسيرة الطويلة للتغيير الديمقراطى.الهدف الكبير للمؤتمر هو خلق ( جبهة وطنية ) عريضة تضم كل مكونات المعارضة السياسية منها والمدنية والأجتماعية – من شارك ومن لم يشارك لسبب أو آخر. هذه الجبهة هى نواة للحراك الشعبى وأطار لممارسة الديمقراطية وسلاح لعزل النظام عن أى تأييد شعبى. فى داخلها ينمو الحوار الوطنى وهو الوسيلة الفعالة لبناء النسيج الأجتماعى والذاكرة الجمعية المشتركة.لنأخذ من كل ما يستطيع تقديمه ولنفسح فى القافلة مكانا لمن أراد الأنضمام الى المسيرة حتى وأن كنا نعرف أنه سيتركها فى منتصف الطريق لأن الذين يبلغون خط النهاية قلة !!المؤتمر الوطنى القادم هو وقفة مع النفس وربما كانت الأخيرة والتى بتحدد بعدها مصير المعارضة الأرترية : أما أن تنطلق الى فضاء سياسى واسع بدعم من حراك شعبى ينتظم كل مفاصل المجتمع الأرترى فى الداخل والخارج – وأما التراجع والأنزواء فى أركان بعيدة ومظلمة من المعمورة.أنه خط الدفاع الأخير ولهذا علينا أن نرتفع الى مستوى التحدى ونجعل منه عرسا أرتريا حقيقيا وتعبيرا عن أرادة شعب لا يستكين ولا يستسلم .كان الله فى عون الشعب الأرترى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى