مقالات

ملامح (2( عمر .. من رحم التشظي، يولد الإبداع بقلم/ محمود أبوبكر

22-Nov-2014

عدوليس ـ ملبورن ـ ( خاص)

أن تبلى بقدر انتماء مزدوج .. أو تحمل في قلبك هوى وطنيين بالكاد تقبض على بقايا أحلامك فيهما، يعني أن تتشظى مشاعرك تماماً .. و يرقص قلبك على نبضين وايقاعيين مختلفين .. و عندما يتعلق الأمر بفنان حيلته الوحيدة في الحياة، هي مداعبة الوتر يصبح الهاجس مضاعف ..و هكذا يصبح ألمه ألميين .. وقد تضحي حيلته عصية على التطويع .. لكنها -في الآن نفسه- حتما تفضي الى متعة مضاعفة .

هذه نتيجة تؤكدها تجربة “أحمد عمر” الفنان الارتري -المصري، الذي نزح والده من أعالي الهضبة الارترية (صنعفي) الى القاهرة في منتصف القرن الماضي، ليكتب له القدر الارتباط بسيدة مصرية، ويكلل هذا الارتباط المقدس بميلاد فنان يحمل ملامح مزدوجة، ارترية – مصرية، ويترجم بالتالي رسوخ تلك العلاقة الأزلية بين وطنيين يرقدان على وسادة واحدة، هي إيقاعا للوجد والمنى وللتطلعات المشتركة .. على جسر النيل بوسط القاهرة يداعب وتره الآسر والماء العذب تحته يعزف موسيقى اخرى لتلك التغريبة،و لوطنٍ ظل يعتبره غريبا لحين من الوقت، وآخر يمد له حبل الغناء والوتر، لأجل الوصل الذي لم يتحقق الا في الوقت المستقطع من العمر .. هكذا تولدت “بنات الألحان” على قيثارة هي المشروع والهوى .. بل هي الحياة بشحها وبذخها وخيباتها وفتوحاتها الكثيرة . . لتجعل من أحمد، ذلك الجسر الممتد والمتماهي مع إيقاعات النيل المسافر من هضاب الحبشة الى منحدرات المصب، حاملا في طريقه روافد كثيرة وعديدة، لم يكن من المصادفة أن بعضها يحمل غيث “صنعفي” دموعا سخية للأرض .. وعطاءا باذخاً للغرباء وذوي القربى . هكذا تكتمل سيمفونيات الأرض .. حين يفرشها “حريراً” للعابرين والغادين من والى الذات المتشظية بين ايقاعين ..” كوني كما أنتِ ..نبعا وسيل .. في قلبك حياة، و وجودك عمار للأرض ” هكذا يكتب على معزوفته التي وسمها ب “حرير”، ليحيل صدى اللحن حريراً ناعم الملمس يمتد بين خارطتين مشرعتين للشمس والآهات .. يمد وتره زجلاً مزدوجا يتماهي مع ألمين ” بين هنا وهناك ..أنا وانت ” يوشم معزوفة أخرى تتأرجح بين سلالم النوتة لتشكل تعريفا اخر للموسيقى ..”روح وجسد” يوسم أخرى، ليقبض على ذاته في تشظيها او اكتمالها ..حين يبدو وهم البلوغ للغاية، قبل ان يتبخر ككل مساحات السراب، ليجد بها عنوانا مناسبا هو “وهم الوصول “.. لكنه يبدو أكثر وضوحا في معزوفة اخرى اسماها ” افريقيا بالعربي ” لتختصر كثيراً من المسافة، وتبحر نحو المشتركات حين يعنون المعزوفة قبل الاخيرة ب ” بحر أحمر ” كأن البحر يحمل لون تلك الدماء التي اختلطت لتشكل خارطته التي يحب . هو أحمد عمر بكل جنونه واتزانه بصمته و بوحه الموسيقي الآسر يتجاوز المعهود والمتعارف، ليمتطي صهوة “التجريب” ..تجريبا أراده مشروعا لهذا التزاوج . * احمد عمر موسيقي ارتيري – مصري عضو فرقة وسط البلد اصدر مؤخراً ألبومه الموسيقي الاول “افري كايرو ” نظم اول مهرجان أفريقي بمصر بذات العنوان . في ساقية عبد المنعم الصاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى