مقالات

نحو مشروع وطني ديمقراطي (2-2) د. عبدالله جمع ادريس

18-Mar-2015

عدوليس ـ ملبورن ـ

في الجزء الأول تناولت المبادئ العامة التي يقوم عليها المشروع ، وفي هذا الجزء الثاني أتناول طرحاً عملياً للمشروع الوطني الديمقراطي. وقد تم اعادة كتابة هذا الجزء بإيجاز بغرض النشر الاعلامي. وقد تم حذف بعض الفقرات من النص الأصلي والتي لا تؤثر على الفكرة العامة. ولمن أراد النص كاملاً أن يطلبه من الكاتب عبر بريده الالكتروني. رؤية المشروع السياسية لمستقبل إرتريا: إنّ المشروع ينظر الى الواقع المتردي لإرتريا ويتلمس وسائل للخروج من المأزق الوطني التاريخي الذي بدا واضحاً شموله لكل مناحي الحياة ، بدءاً من أسباب الحياة الأولية من مطعم ومشرب ومسكن واستشفاء ، مروراً بحقوق الإنسان الطبيعية في الأمن والاستقرار وفي حرية التعبير والمعتقد والانتقال والعمل وما الى ذلك ، وصولاً الى اخفاق نظام الحكم في استيعاب مكونات الوطن المختلفة في اطار الوطن وفي ادارة العمل

في الجزء الأول تناولت المبادئ العامة التي يقوم عليها المشروع ، وفي هذا الجزء الثاني أتناول طرحاً عملياً للمشروع الوطني الديمقراطي. وقد تم اعادة كتابة هذا الجزء بإيجاز بغرض النشر الاعلامي. وقد تم حذف بعض الفقرات من النص الأصلي والتي لا تؤثر على الفكرة العامة. ولمن أراد النص كاملاً أن يطلبه من الكاتب عبر بريده الالكتروني. رؤية المشروع السياسية لمستقبل إرتريا: إنّ المشروع ينظر الى الواقع المتردي لإرتريا ويتلمس وسائل للخروج من المأزق الوطني التاريخي الذي بدا واضحاً شموله لكل مناحي الحياة ، بدءاً من أسباب الحياة الأولية من مطعم ومشرب ومسكن واستشفاء ، مروراً بحقوق الإنسان الطبيعية في الأمن والاستقرار وفي حرية التعبير والمعتقد والانتقال والعمل وما الى ذلك ، وصولاً الى اخفاق نظام الحكم في استيعاب مكونات الوطن المختلفة في اطار الوطن وفي ادارة العمل السياسي حتى ظهرت ملامح فشل الدولة. هذا من ناحية النظام الحاكم ، أما المعارضة هي الأخرى لم تقدم نفسها كبديل مقبول حتى وقتنا هذا. ونعتبر أنّ مرد ذلك يعود لأربعة أسباب رئيسية. الأول فشلها في الظهور بشكل متماسك يوحي بجاهزيتها لتكون بديلاً مناسباً للنظام الحالي حال سقوطه. ومظاهر هذا الفشل تتبدى في الانشطارات التنظيمية والصراعات الهامشية فيما بينها رغم التقدم الملحوظ في برامجها والتقارب النسبي للرؤى المطروحة. السبب الثاني هو عدم قدرتها على ايجاد حليف استراتيجي له مصلحة مشتركة معها والوصول معه عبر حوار جاد الى قواسم ومشتركات استراتيجية والى تعاون جاد ومثمر. والسبب الثالث هو عدم ابتداعها لوسائل فاعلة لمواجهة النظام الحالي واجباره على التنحي أو على تقديم تنازلات جوهرية لإصلاح الوضع السياسي وللبدء في حوار بين الطرفين. أما السبب الرابع فهو احجام الجماهير عن الاصطفاف خلف المعارضة بشكل فاعل في الدعم المالي والحراك الجماهيري والمساندة المعنوية. وهذا الوضع الشاذ في العلاقة بين الجماهير وبين القوى الوطنية المطالبة بحقها في الحياة الكريمة يعود لمجمل الأسباب الثلاث سابقة الذكر. وهنا فإنّ المشروع يبدأ في عملية البناء السياسي من الداخل (أي من داخل القوى الوطنية للتغيير) ، ومن ثمّ ينتقل الى بناء علاقة خارجية فاعلة تدعم هذا المشروع السياسي. لكننا في عرض المشروع فإنّنا نقدم الرؤية الإقليمية ودورها في مستقبل إرتريا على البناء الداخلي لترتيب الأفكار ليس إلا. الواقع الإقليمي والمستقبل السياسي في إرتريا: كان الأمر الطبيعي أن تتعاون كل دول المنطقة في تحقيق مصالحها المشتركة ، لكن الواقع المرير لإقليم القرن الأفريقي يجعل الخيارات قليلة ومحفوفة بالهواجس والظنون. وإرتريا في واقع أسوأ وأمرّ من الجميع نتيجة السياسات الحمقاء لعصابة أسياس ، حيث جرّ البلاد الي حافة الهاوية في كافة المجالات. فمن الواضح عدم وجود أفق للحوار الوطني للمعارضة الإرترية مع النظام الديكتاتوري في اسمرا. ومن خلال التجربة السابقة رأينا عدم وجود قدرة لتحرك المعارضة داخل إرتريا دون المرور عبر إثيوبيا إلا في أضيق الحدود وبتكلفة عالية خاصة مع الدور السلبي السوداني في المسألة الإرترية. ونتيجة للتعاون الإثيوبي مع كل قوي التغيير الديمقراطي الإرترية في العقد الأخير الذي شمل كل فصائلها ، أصبحت إثيوبيا هي الخيار المتاح للمعارضة الإرترية للتحرك انطلاقاً من أراضيها وعقد مؤتمراتها ومنتدياتها هناك. وهذا الواقع يحتم علي القوي السياسية الإرترية إقامة شراكةٍ سياسيةٍ وتفاهماتٍ استراتيجيةٍ مع اثيوبيا علي المستوى “الإطاري” لعمليتي التغيير السياسي والبناء السياسي في إرتريا ، دون الدخول في تفاصيل العملية السياسية إذ أنّ ذلك من صميم الإرادة الوطنية الإرترية ويجب أن يبقي الأمر كذلك. ونرى ضرورة ذلك لكسر الجمود في العمل المعارض نتيجة فقدان الثقة المتبادلة بين كثير من مكونات المعارضة الإرترية وبين مركز اتخاذ القرار في اثيوبيا بشأن عمل المعارضة الإرترية. ويعود السبب في ذلك- حسب رأينا ، الى أنّ اثيوبيا لا ترغب في طرح أهدافها بالجملة ورؤيتها المستقبلية لإرتريا وطبيعة العلاقات بين الدولتين. ونعتقد – مفترضين حسن الظن – أنها تخشى ألا يفسّر الأمر وكأنّها تفرض شروطها لدعم المعارضة. وكذلك فإنّ المعارضة الإرترية تتلكأ في طرح رؤيتها في تلك العلاقة ، وفي توضيح هواجسها من الدور الاثيوبي في عمل المعارضة الحالي ، كما أنّها تخشى من الدور الاثيوبي (المهيمن وغير المتوازن) في مستقبل بناء العملية السياسية في إرتريا. عليه فمن الأجدى أن يجلس الطرفان –الاثيوبي والإرتري – لكسر حاجز الظنون والهواجس والحديث عن المسكوت عنه في العلاقة ، والانتقال الى علاقة توافقية بدلاً عن العلاقة القائمة على التراضي السكوتي. ويجب ألا تفهم هذه الدعوة أنّها من باب طلب التدخل الإثيوبي في إرتريا. بل هي دعوةٌ صريحةٌ للحفاظ علي سيادة إرتريا من المهددات المحدقة بها نتيجة عوامل تحلل عناصر بقاء الدولة الإرترية. وهي بادرةُ أملٍ في منع انحدار البلاد في هوةٍ سحيقةٍ قد تنتهي بها وبشعبها الي دولةٍ فاشلةٍ وشعوبٍ يقودها أمراءُ حربٍ كما هو مشاهدٌ في الواقع الصومالي والأفغاني والعراقي والسوري وغيرها من الأمثلة الحية. وهذا الخيار الواقعي يتطلب حرص كل الأطراف الإرترية علي السيادة الوطنية الإرترية ، وتجنب الوقوع في صراعات الماضي البعيد والقريب – التي حاولت فيها إثيوبيا في السابق إيجاد الفرقة بين الإرتريين ليسهل لها التحكم بقيادهم في إطار مشروعها الاستعماري كما ظنّت ، لكن أثبتت الأيام أن ذلك كان خطئاً تاريخياً لا يغتفر أدي الى نشوب حروبٍ لم تنتهِ الا بنهاية التدخل الإثيوبي في الشأن الإرتري. كما أثبتت التجربة انّه يمكن لإثيوبيا أن تضمن مصالحها في إرتريا من دون الاعتماد علي التحالفات مع بعض المكونات الإرترية بمعزلٍ عن المكونات الأخرى مما جربته إثيوبيا من قبل وأثبت فشله. إن التوازن في علاقة إثيوبيا بكل المكونات الوطنية الإرترية هو الضمانة الوحيدة للتعايش السلمي والمستدام بين الشعبين الإرتري والإثيوبي. ترتيب البيت الداخلي السياسي لقوي المعارضة الإرترية: إنّ الشراكة المذكورة أعلاه لا يمكن الوصول إليها من دون التوافق بين القوي السياسية الإرترية بين بعضها البعض ، ومن ثم تكون مؤهلةً لتمثيل شعبها في هذه الشراكة. لهذا الغرض فإنّ المشروع يتقدم إلي قوي المعارضة بالمقترح التالي من دون دخول في مقدمات نري عدم ايرادها لأنها معروفةٌ لدي الجميع بالضرورة.أولاً: ضرورة العمل في إطار المشروع الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي دون اللجوء لأساليب قد تؤدي الى تقسيم الوطن والشعب. ويجب أن يكون خيار إسقاط النظام أولاً أولوية سياسية ومقدمة لتغيير الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فالنظام الحالي هو العائق بين الشعب الإرتري وحريته ومصالحه ورفاهيته. ولا يجب أن يكون الاختلاف في وسائل اسقاط النظام خصماً من نضالنا بل يجب أن يكون اثراءً للعمل الوطني. ونعتبر بقاء بعض القوى الإرترية السياسية منها والاجتماعية خارج المجلس الوطني خصماً من فاعلية العمل الوطني. وفي هذا الاطار فإنّ عدم استيعاب حزب الشعب الديمقراطي والتجمعات السياسية التي انشقت عن النظام قد أضر بعملية التغيير الديمقراطي بصورة عميقة. حيث أنّ من الناحية الشكلية أظهر المعارضة مفككة مما هزّ صورتها أمام الجماهير الإرترية والقوى الاقليمية والدولية. وكذلك فإنّ عدم وجود الحزب في الاطار الجمعي لقوى المعارضة أقعدها عن توحيد جهودها المتسمة بالضعف ابتداءاً. والحزب وتلك التجمعات هي قوى وطنية صاحبة تجربة ثرة ويمكن أن تضيف بإسهاماتها الكثير لعمل قوى التغيير داخل المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي حتى تتكامل الجهود لإحداث التغيير المنشود. ثانياً: العمل علي انجاح تجربة المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي وعدم التراجع عن مكتسباتها. وذلك يضمن توافق غالبية القوي السياسية والمدنية الممثلة في المجلس الوطني ، مما يسهل تضييق مساحات الخلاف بين القوي الإرترية. ثالثاً: القيام بترتيبات سياسية لتكوين كتلتين سياسيتين ، أو ثلاث على الأكثر ، للقوي السياسية المشاركة في المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي . ويتم ذلك بناءً علي تجاربنا السابقة ، حيث كان التمثيل السياسي في المجلس الوطني المنبثق عن المؤتمر الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي- الذي عقد في “أواسا”- اثيوبيا – علي أساس عضوية التنظيمات السياسية في التحالف الديمقراطي الإرتري أو التنظيمات خارج التحالف. وعليه بدلاً من إضاعة الجهود والوقت فيما لا يجدي من حوارات لتكوين مظلة واحدة غير قابلة للحياة والاستدامة ، فإنّ المشروع يتقدم بمقترح عملي لتكوين كتلتين سياسيتين داخل المجلس الوطني. وذلك بأن يسعى التحالف الديمقراطي لتطوير عضويته بما يناسب لوائحه. وهذا التطوير يهدف الى ايجاد صيغة لدخول التنظيمات صغيرة الحجم والامكانات والتي تتوافق مع التحالف في رؤيته السياسية وتقبل بميثاقه السياسي ونظامه الأساسي. ويراعى أن يكون هذا الاستيعاب براغماتياً ودون الاضرار بسير العمل والتوازن داخل التحالف. ويتم ذلك بوضع معايير للتمثيل والمشاركة في اتخاذ القرار بشكل نسبي. أما التنظيمات التي لا تنطبق عليها شروط التحالف ولا تتوافق مع رؤيته السياسية ، أو تلك التي لا تصل الي اتفاق سياسي مع التحالف ، فعليها أن تلتئم في كيان ينظم تمثيلها في المجلس الوطني على برنامج الحد الأدنى. أما من يبقي خارج الاطارين السياسيين فعليه تدارك مواقفه وتوفيق أوضاعه في اطار كتلة ثالثة بحيث لا يفقد الدعم لمواقفه السياسية. وبذا نقلص التجاذبات السياسية الي الحد الأدنى ونتجنب الخلافات الدائمة التي تعطل مسيرة القوي السياسية.رابعاً: عقد حوار تكون أجندته محددة من خلال ورش عمل تسبق الحوار وتبني علي مخرجات المؤتمر الوطني الثاني. ويستصحب الحوار الوطني المثقفين وقوى المجتمع الفاعلة “المجتمع المدني”.خامساً: عدم اعتماد محاصصاتٍ سياسيةٍ في الحوار الوطني ، بل إنّ الحضور جميعاً يمثلون الشعب الإرتري ويجب أن يتوصلوا لنتائج ترضي طموح الشعب الإرتري في حياةٍ كريمةٍ بعيداً عن الكسب السياسي الرخيص لهذا الطرف أو ذاك.سادساً: من خلال نتائج الحوار الوطني يتم اكتمال عضوية المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي ، ويكون بالتالي ممثلاً شرعياً للشعب الإرتري. ويكون ذلك بوضع آلية لمشاركة القوى غير الممثلة حالياً في المجلس الوطني.سابعاً: اشراك الجماهير الإرترية في مختلف أماكن تواجدها في عملية الحوار من خلال عقد الندوات والسمنارات ومن خلال التواصل الاعلامي المقروء والمسموع والمرئي.ثامناً: تكون القيادة الجديدة للمجلس الوطني بعد تكوينه الجديد مؤهلةً لتكوين حكومة منفي. وتقوم تلك الحكومة بتجييش وحشد امكانات وقدرات المعارضة والشعب الإرتري لإسقاط النظام ، أو اجباره على الجلوس معها على طاولة الحوار. وتعمل على تنظيم وتنسيق العمل السياسي والاعلامي والديبلوماسي والعسكري وغيرها من وسائل العمل. كما تشرع تلك الحكومة للإعداد للمرحلة الانتقالية بعد اسقاط النظام الديكتاتوري القهري في “أسمرا” في حال رفض الحوار والإصلاح السياسي السلمي.تاسعاً: نتائج الحوار الوطني تعتبر برنامجاً سياسياً لكل القوي الإرترية ، وهي ملزمة بتنفيذها والعمل علي انجاحها.عاشراً: تبحث القضايا المصيرية والاستراتيجية التي يمكن الاتفاق عليها مع الجانب الإثيوبي ضمن قضايا الحوار الوطني. وذلك يضمن ألا تكون تلك القضايا خصماً على سيادة الوطن ولا وسيلة للارتهان للأجنبي.أحد عشر: يتم اشراك كافة قطاعات الشعب الإرتري ذات المصلحة في التغيير في التواصل من أجل الترتيب للوضع السياسي بعد زوال النظام. ويتم التركيز على القوى الوطنية في داخل ارتريا وعلى رأسها قوات الدفاع الإرترية للإسهام في تغيير الوضع وازالة النظام الديكتاتوري. المرحلة الانتقالية بعد إسقاط النظام الديكتاتوري القمعي:يجب علي جميع الإرتريين أن يميّزوا بين إسقاط النظام ومنع سقوط الدولة الإرترية. وهذا أمر لا غني عنه لضمان سلامة الوطن وسيادته ورفاهية شعبه. لذا يجب أن تكون هناك خطة واضحة لفترة انتقالية بعد إسقاط النظام. وتكون المهام الأساسية للحكومة المؤقتة والفترة الانتقالية الأولية هي سد الفراغ الدستوري وايجاد حكومة لإدارة البلاد وتحقيق التماسك السياسي والابقاء علي شرعية الدولة ، وسد الفراغ الأمني ، ومنع حدوث فجوة غذائية ، وتوفير الخدمات. وبعد اجازة دستور مؤقت تبدأ فترة انتقالية دستورية تقود الى حكم وطني منتخب يتعود فيه الناس على العمل سوياً والتسامح فيما بينهم حتى يتوصلوا الى دستور وطني دائم. مشكلة الأرض:حل مشكلة الأرض مسألة حقوقية ويجب أن تتداركها الحكومة المؤقتة بحلول عاجلة تسكت هموم الناس وعوامل الصراع. ويمكن في الفترة الانتقالية الأولي حلها في الاطارين الحقوقي والاقتصادي. حيث يتم التأكيد علي أحقية أصحاب الأرض الأصليين باسترداد أرضهم , كما يتم التأكيد علي أن السكن في كل الأقاليم حق مكفول لكل المواطنين الإرتريين علي أساس الحقوق المشروعة من تملك وايجار وغيرها من وسائل استخدام السكن والأرض. ويجب أن تبدأ الحكومة المؤقتة بتشريع من المجلس التشريعي في تكوين مفوضية مختصة بحل نزاعات الأراضي , وفي نفس الوقت تتم اجراءات مؤقتة لإسكان المتضررين ,أو دفع ايجار مناسب من قبل المستحوذين علي الأراضي والمنازل لصالح المتضررين الذين لديهم وثائق تثبت ملكيتهم لحين الفصل في النزاعات. مشكلة اللاجئين:اللاجئون الإرتريون يعيشون أوضاعاً غاية في الصعوبة في كل دول المهجر , ويجب أن يُعطوا أولوية الاهتمام من قبل الحكومة المؤقتة لبحث توفير وسائل العودة والاستقرار في مناطقهم الاصلية التي هاجروا منها ، أو توفير مشروعات وطنية تنموية تتضمن مشروعات اسكانية وزراعية وصناعية ضخمة بالتعاون مع المنظمات والهيئات الدولية والانسانية لضمان عيش كريم لهؤلاء اللاجئين الذين انقطعت صلة بعضهم بالبلاد منذ خمسة عقود في نهاية ستينيات القرن العشرين ، وفقد البعض مقومات الحياة في إرتريا مثل المنزل والعمل. قضايا الهوية والثقافة:تمثل الدولة في عهد الفترة الانتقالية طرفاً محايداً في الاعلام ومؤسسات الثقافة. إلا أنّها تعمل لجسر الهوة بين الثقافات الإرترية المختلفة واتاحة المجال لكل الثقافات لإبراز شخصيتها وللأفكار أن تناقش بحرية. ويتم نقاش هادئ بين المثقفين والقوي السياسية للوصول الي صيغ من التراضي الوطني تساعد في ردم الهوة الثقافية والثغرات المعرفية وتنمية المدارك لدي الجيل الناشئ بالتعدد الاثني والثقافي والديني القائم بالبلاد. وفي الفترة الانتقالية الأولية – قبل إجازة الدستور المؤقت ، تدار الدولة باللغتين التجرينية والعربية بالإضافة الي اللغة الانجليزية كلغة للديبلوماسية وللتعليم العالي. أما اللغات الأخرى يسمح باستخدامها في المنابر الاعلامية والثقافية والاجتماعية. ويمكن لمن شاء أن يقيم مؤسسة خاصة أو جمعية مجتمع مدني لتطويرها والعناية بها. وفيما بعد يحدد الدستور الدائم المدي الذي يمكن أن تسهم به اللغات المحلية في العمل السياسي العام. الدولة الديمقراطية: إنّ المعارضة الإرترية قد توصلت عبر سنوات من الحوار الداخلي ، في الملتقي الوطني والمؤتمر الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي ، وكذلك في التحالف الديمقراطي الإرتري ، الي صيغة الدولة المدنية كحل توافقي يخرج الناس من الجدل حول السؤال التقليدي: هل الدولة علمانية أم دينية؟ وقد توصلت القوي السياسية والمدنية الإرترية الي تفاصيل بناء للدولة ، بما في ذلك كون الشعب الإرتري هو مصدر السلطات ، وتبنّي الديمقراطية الانتخابية وتداول السلطة سلمياً ودستورياً وفصل السلطات وكل الضمانات التي تحول دون تحول الدولة الي دولة دينية. ويمكننا ترك النقاش عند هذه النقطة في المرحلة الحالية حتي ننجز ما يمكننا التوافق عليه. ويعتبر المشروع أن النقاش حول الدستور الدائم مستقبلاً سيوفر الفرصة المناسبة لطرح السؤال بشكل أعمق وفي ظرف أنسب من الظروف الحالية التي نعيش فيها علي حافة الفناء وفي الرمق الأخير من الأمل في البقاء ، حيث لا يجدي الحديث عن هذه القضايا قبل اسقاط النظام الحالي. أما فلسفة المشروع هي أنّ الدولة الإرترية الديمقراطية دولة محايدة في المسألة الدينية. وهذا يستدعي التوازن بين علمانية الدولة وبين حرية المعتقد والاصلاح الاجتماعي. حيث تكون إدارة الدولة مدنية (ليست دينية) ، لكنها تشجع حرية المعتقد واصلاح المجتمع بالأخلاق والقيم الدينية والأعراف الإرترية المتوارثة في البيئات الإرترية المختلفة. وذلك من خلال مؤسسات المجتمع المدني ودعم الدولة لقيام تلك المؤسسات بدورها المذكور دون تدخل في شئونها الداخلية. حيث تخصص جزء من أموال دافعي الضرائب الإرتريين لدعم عمل المؤسسات الدينية.فالمسألة الدينية متروكة للمؤسسات الدينية سواء الكنائس الإرترية المختلفة ومؤسساتها الروحية والمالية والانسانية ، أو دار الافتاء الاسلامية وادارة الأوقاف الاسلامية أو المدارس الدينية الاسلامية والمسيحية وغيرها ، أو المؤسسات الروحية لأصحاب الديانات غير السماوية. ويجب أن تتحلل الدولة من أي علاقة مباشرة لها مع هذه المؤسسات الدينية ، وتترك لها مطلق الحرية لإدارة شئونها كمؤسسات غير حكومية. لكن يجب أن يشار الى المؤسسات الدينية العامة كالمؤسسات الكنسية (أو مجلس الكنائس الإرترية) ، ودار الإفتاء الإسلامية (أو مجلس الإفتاء والأوقاف والشئون الإسلامية) في الدستور كمؤسسات وطنية ترعى المسألة الروحية والمناهج التعليمية الدينية واللاهوتية ومسائل وقضايا الأحوال الشخصية لأتباع تلك المؤسسات الدينية. وضرورة ايرادها في الدستور تأتي لأن هذه المسائل والقضايا تتداخل مع القضايا الحقوقية التي ترعاها الدولة من حقوق مواطنيها الاجتماعية والتعليمية والقضائية. خاتمة:يسعى المشروع ليقدم رؤية في اطار الحوار الوطني للوصول لتوافق وطني. ولا ندّعي امتلاك الحقيقة الكاملة –حيث لا يمتلكها طرف واحد. انّما طرحنا هذا البرنامج السياسي-الاجتماعي-الثقافي باعتباره محاولة للوصول الي فهم وطني مشترك أو مشروع وطني ديمقراطي لصالح الوطن والمواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى