مقالات

عمر أحمد عبد الماجد.. رحيل الفارس النبيل : ياسين محمد عبدالله

20-Mar-2010

المركز

بعد مرور أقل من عام على رحيل إدريس طاهر سالم ومحمد إبراهيم دبساي فجعنا في السادس من مارس الحالي برحيل عمر أحمد عبد الماجد أحد أبناء جيلنا، الجيل الذي تفتح وعيه السياسي في سبعينات القرن الماضي داخل أطر وبتأثير قيم واحدة من أعظم الثورات في التاريخ الإنساني المعاصر، الثورة الإريترية. اتصل بي في حوالي الساعة الحادية عشر والنصف في ذلك اليوم الحزين الأخ أحمد داير ليقول لي : فاجعة أخرى في جدة، لقد توفى عمر أحمد.. إذاً ارتاح الجسد النحيل، ارتاح الفارس، بعد معاناة مع المرض تحملها في جلد عرف عنه منذ صباه الباكر.

لم يكن عمر يرى تناقضاً بين انتمائه الإريتري وانتمائه السوداني فوالده من أصول سودانية ووالدته من أصول إريترية وولد هو في مدينة أغردات الإريترية وجاء إلى السودان وهو في السادسة من عمره حيث تلقى تعليمه في مدينة كسلا والتحق هناك بفرع الاتحاد العام لطلبة إريتريا. وظل عمر، حتى وفاته، مدافعاً صلباً عن حق الشعب الإريتري في الديمقراطية والتنمية والسلام دون أن يتخلى عن هم الوطن الآخر، السودان، فقلبه الكبير كان يسع الدينا كلها.لن أنسى أبداً اتصال عمر بي قبل حوالي عامين ليخبرني بنتيجة فحص طبي كان قد أجراه الراحل العزيز إدريس طاهر سالم ليبشرني بأن نتيجة الفحص أظهرت اختفاء المرض من جسد إدريس. من يفعل ذلك وهو يعاني جراء مرض خطير سوى عمر؟ فرح للنتيجة الايجابية لفحص صديقه ولم ينسى نقل البشرى لصديق بعيد عرف بحسه الإنساني العميق أن قلب هذا الصديق مع إدريس. عمر يدرك أن رفقة سنوات عمرنا الجميلة مثل ملابسنا إذا تخلينا عنها نصير عراة تماماً. الأ رحم الله الفقيدين إدريس وعمر فقد كان بينهما شبه في كل شيء وربطت بينهما مودة عميقة وصداقة متينة. عندما حُجز في المستشفى العام الماضي إثر إصابته بجلطة اتصلت بهاتفه لاطمئن عليه ولأن حاله لم تكن تسمح بالرد على الاتصالات الهاتفية رد علىَ شقيقه أمير وعندما خرج من المستشفى اتصل بي عمر ليطمئنني على صحته وعرفت لاحقاً إنه اتصل أيضا بجمال همد وأنا واثق إنه اتصل بكل الأشخاص الذين سألوا عنه أبان أيام مكوثه في المستشفى، من يفعل ذلك سوى عمر أحمد؟التقيت عمر آخر مرة في عام 2009 عندما جاء إلى السودان للمشاركة في زواج شقيقه عبد الحكم، زارني في منزلي في نفس يوم مغادرته إلى جدة هالني ما حدث له، هالني ما فعله به المرض ومع ذلك كان كما عرفته دائماً، متفائلا وشجاعاً. لقلت له لماذا لا تزرع كلية وتتخلص من عذاب الغسيل فرد علىَ قائلاَ أنه يعرف أشخاصاً عاشوا وهم يغسلون أكثر من عشرين عاماً فإذا كان مقدراً له أن يعيش فهو يفضل أن يعيش دون أن يجري هذه العملية. لم يقل لي إنه لا يريد الزراعة حتى لا يعرض المتبرع للمعاناة لكنني أدركت السبب لأنني أعرف كيف ينظر لمثل هذه الأمور، أية قدرة على التحمل هذه؟ أي قدرة على نكران الذات؟ إنها تفوق تحمل البشر العاديين. لقد جسد عمر دائماً في سلوكه وعلاقاته صورة الفارس النبيل في الأساطير الشعبية في أبهى حالاتها؛ الشجاع المتسامح والوفي الكريم.العزاء لوالدته ولأم منذر ولمنذر وأخوانه ولاشقاء عمر وشقيقاته ولكل أفراد أسرته، العزاء لأصدقاء عمر وأذكر من عرفت محبتهم العظيمة له، الحسن جعفر، أحمد داير، مصطفى نافع ، مدني، حسن خريف، جمال همد،هاشم حربي وأبناء هاسري، العزاء لزملاء الفقيد في الاتحاد العام لطلبة إريتريا- فرع كسلا وفي منتدى كسلا الوريفة الذين عرفت محبتهم الكبيرة للراحل العزيز من خلال كتاباتهم عنه. اللهم أرحم الله عمر أحمد عبد الماجد وأدخله فسيح جناتك وأجعله مع النبيين والصديقين والشهداء. ياسين محمد عبد الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى