مقالات

قراءة لما يجري من حراك في المنطقة :هل يمكن ان نكتفي بهذا العنوان ام نقول قراءة لمرحلة ما بعد ملس زيناوي؟ – حمد كل

5-Nov-2012

المركز

طالعتنا بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية بخبر وساطة تقوم بها حكومة جنوب السودان بين ارتريا وإثيوبيا وحسب الخبر فان هذه الوساطة تحظى برضى الطرفيين ويمكن ان نقول ان حراك هذه الوساطة بدأ قبل رحيل رئيس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي باعتبار ان قيادة جنوب السودان كانت وما زالت لها علاقات طيبة مع الجانبين في الفترة ما قبل انفصال جنوب السودان.ويمكن ان نضيف ان هذه الوساطة قد تكون لها ابعاد تشمل منطقة القرن الإفريقي وستبدأ الرحلات المكوكية بين اسمرا واديس ابابا في هذا الشهر.

هناك من يقول ان هذه الوساطة قد تكون مقبولة من يوغندا وكينيا وبالتاكيد فان الامريكان قد يرحبون بهذه الوساطة واذا نجحت يتوقع ان يختطفها الامريكان خدمة لمصالحهم في المنطقة.لكن لمجرد تناول هذا الامر لابد ان نضع في الحسبان وهى مجرد تقديرات ، وهذه التقديرات تتفرع الى مجموعة من الاسئلة وهي:ان هناك مستجد حديث في المنطقة ، وهذا المستجد هو كان هناك صراع بين حاكمين كل يصارع لاسقاط الاخر ، احدهما وبكل الكاريزما التي كان يملكها انتقل الى العالم الاخر وبقى الاخر.هل اثيوبيا بعد ملس زيناوي سنشهد متغير في سياساتها في المنطقة؟ خاصة وان الحاكم الجديد لم يكن من ( الويانى) وانه ربما في البدأ قد يسعى لتكريس حكمه ثم ينأ بنفسه وبحكمه من ممارسات ملس زيناوي، ام سيكون مكبلا بسياسات سلفه.هل يتوقع ان تحالف (الاهودق) قد يعيد صياغة وضعه ويتمكن (الامهرا والارومو) وتحالف بقية القوميات الصغيرة من الاستئثار بالحكم؟بالرغم من ان ( الوياني) مازالت تتسيد في كل مفاصل الحكم من جيش ومخابرات وامن وادارات مدنية نافذة الا ان رحيل ملس زيناوي كشف بعض ما كان مخبأ أو مخفيا، فقد برز الصراع وسطهم، هناك جناح ينادي بالسير وراء النهج الذي اختطه ملس زيناوي اما الجناح الاخر يقول ان السير على هذا النهج قد يفقدنا السيطرة على مقاليد الحكم، هذا الجناح يرى الخطر على (الوياني تقراي) هو التقارب الامهري الاورومي وان الخلاف مع ارتريا هو امر طارئ فرضه ظرف تاريخي معين لكن ارتريا بالنسبو لهم هو الحليف والسند التاريخي في مواجهة الامهرا والاورومو.كان هذا هو الهاجس في السابق الذي دفع قيادة الوياني تقراي ايام ملس زيناوي وراهنت لاسقاط النظام الارتري للاتيان بحكومة ارترية حليفة هذا اذا لم نقل حكومة ارترية يسيرونها بالريموت .وهذا لم يتم لعاملين ، العامل الاول ان النظام الارترى بالرغم من الضغوطات الاقتصادية التي مارستها اثيوبيا والعزلة الدولية التي يعيشها وهروب اعداد كبيرة من جيشه الا انه صمد.العامل الثاني فشل اثيوبيا في خلق معارضة ارترية قوية مدعومة بكل الوسائل اللوجستية طيلة الثلاثة عشر عاما الماضية والمعارضة الارترية نفسها تعاني من امراض التشرذم.النظام الارتري تمكن من حشد عدد كبير من المعارضة الاثيوبية وسلحها وقامت بعمليات موجعة للنظام الاثيوبي هذه العمليات صدعتهم وجعلتهم باستمرار في حالة استنفار ، وسخر لها جهاز اعلام مؤثر خاصة التلفزيون وركن اذاعي اصبح يؤرق مضاجعهم.كلا النظامين فشلا في اسقاط الأخر اثيوبيا لا تستطيع الدخول في حرب ضروس مع ارتريا ذاقت مرارتها من قبل وهى تريد ان تنكفئ لبناء اقتصادها والنظام الارتري بالرغم من مكابرته هالا انه عانى ويعاني من العزلة وضيق الحال وفشل واحد وعشرين عاما في بناء دولة واقتصاد ما دون الصفر ووصل به الحال ان يتنفس فقط عبر الرئة السودانية، والبحث عن حلول للخروج من الحصار والحصول على شركات لبيع الذهب.ويمكن ان نعود الى تلك الاسئلة التى طرحناها في مقدمة المقال ونقول ان الوساطة لا تنجح بين الطرفين الا اذا لم تتوفر لها الشروط التالية:1 – شعور كل طرف بان له مصلحة في هذه الوساطة2—الشعور بعدم القدرة على اسقاط حكم الاخر او الانتصار عليه عسكريا والوصول الى حالة من الانهاك السياسي واستحالة حالة العناد التي لا تؤدي الى الانتصار على الخصم.لكن السؤال هنا الى مدى يمكن ان تنجح وساطة حكومة جنوب السودان؟هل اثيوبيا تقبل بتطبيق قرار المحكمة الدولية والانسحاب من (بادمى) والقيام برسم الحدود الارترية الاثيوبية وفق بنود قرار المحكمة الدولية؟هل حاكم ارتريا سيقبل بالحل الاثيوبي والذي طرح قبل ست او سبع سنوات والذي فحواه ان الاثيوبي تقبل بجزء من قرار المحكمة الدولية اما الجزء الاخر يمكن التفاوض حوله؟الجزء الذي تقبل به اثيوبيا هو تلك المنطقة الممتدة من مثلث جبل ( موسى على) الواقع على الحدود الإرترية الإثيوبية الجيبوتية والمحاذي للبحر الاحمر ثم يتجه غربا حتى منطقة (زالمبسا) وهى تقدر ب85% من الاراضي المتنازع عليها ، اما ال 15% من المناطق المتنازع عليها فهي تلك الممتدة من زالمبسا ) الى ( بادمى) ولهذا يجب التفاوض حولها لان الشريط الحدودي يمر عبر (قرى- مدارس- كنائس).يذكر ان النظام الاثيوبي بعد صدور قرار المحكمة الدولية في العام 2002م والذي اكد ان تلك الاراضي هي اراضي ارترية ( وننوه هنا ليس ارض بل اراضي) ، بعد صدور قرار المحكمة الدولية صدم النظام الاثيوبي وانكفأ على نفسه وظل يرفض قرار المحكمة الدولية لفترة طويلة وماطل الوفود الاجنبية وخبراء ترسيم الحدود لكن جهات دولية حليفة له نصحته بعدم الاستمرار في الرفض وزودته بتبريرات تلك التي اخرجته من ورطته وهذه التبريرات هي تلك التي تقول ان الشريط الحدودي يمر فوق قرى ومدارس وكنائس لتكون مقبولة دوليا.السؤال هنا هل يقبل حاكم ارتريا بالطرح الاثيوبي ام سنشهد حلول وسط اخرى ترضي الطرفين؟هل الوياني تقراى بشكل خاص تقبل بقرار المحكمة الدولية مقابل اعادة الوئام مع ارتريا تحسبا لمستقبل قادم قد يدخلها في معارك مع الامهرا والاورومو؟في حال الوصول الى أي حل فان النظامين سيلتزمان به حفاظا على كراسيهما لكنه بالمقابل سيثير زوابع ، لان كلا النظامين حين بدأ الحرب على هذه المنطقة كل عبأ جيشه وشعبه وزهقت فيه ارواح كثيرة، فالمعارضة الاثيوبية ستثير الزوابع وستقول لماذا ازهقت ارواح كثيرة مقابل حلول لا ترضي احد؟ من يتحمل مسؤولية تلك الارواح.وحاكم ارتريا وقف امام شعبه وقال ان الشمس ستشرق من الغروب اذا النظام الاثيوبي احتل (بادمى) ثم قال مرة اخرى ان القيادة الاثيوبية ليس لها عقل انها (صفيح فارغ) واحتل الاثيوبيون بادمى، ورفع من جديد شعار انه فى حالة اللا حرب واللا سلم مع اثيوبيا وقبل ذلك ضاعت جزيرة ( حنيش)، فما الذي سيقوله هذه المرة للذين وقفوا معه حتى يحل امر ( بادمى) ، وبسببها علق الدستور ونظام استمر واحد وعشرين عاما وليست له أي شرعية يستند عليها ، لا مؤسسات دولة ولا ديمقراطية ووزارة استهلكت بطول الزمن، وسجون ، وأزمة اقتصادية طاحنة يعاني منها المواطن وأوضاع صحية بائسة.نعود لموضوع الوساطة ولأهمية المنطقة فان أي حل يتم لن تكون القوى الاقليمية والدولية بعيدة عنه لأنه يمس امنها القومي ومصالحها وهنا تبرز المسألة ألصومالية، كانت امريكا في السابق قد اختارت شيخ شريف احمد وكان هدفها شق الحركة الاسلامية وإضعافها لكن هذا الرهان قد فشل وبعد استهلاك شيخ شريف استبدل بشخص أخر يوغندا وروندا ادخلتا جيشهما الى الصومال لمواجهة الحركات الاسلامية وتوغلت اثيوبيا للمرة الثانية داخل الاراضي الصومالية باتجاه الغرب وتوغلت ايضا كينيا داخل الاراضي الصومالية باتجاه الجنوب وكان الهدف للقضاء على الحركات الاسلامية الصومالية وكل ذلك تم بتوجيه ودعم امريكي، لكن كل هذه الجيوش تكبدت خسائر فادحة وغاصت في الوحل الصومالي.كل هذه الاطراف كانت تتهم ارتريا بصلاتها وبدعمها للحركات الإسلامية الان كل هذه الاطراف تبحث عن حلول تخرجها من الورطة الصومالية خاصة وان كينيا ويوعندا اتهمت الحركات الاسلامية الصومالية بالتفجيرات التي حدثت في بلديهما وبخاصة كينيا فان هذه العمليات تؤثر في مشاريعها السياحية.اذا قدر ان ارتريا وإثيوبيا توصلتا الى حل ، هل هذه الدول ستطلب من ارتريا الوقوف معها للقضاء على الحركات الاسلامية في الصومال ام سيطلب منها ان تكون وسيطا لإيجاد حل للمسالة الصومالية؟الخطـأ الكبير الذي وقعت فيه هذه الدول ومعما امريكا سعيهم من أجل القضاء على الحركات الاسلامية الصومالية ليس هذا فحسب بل ان امريكا بالإضافة الى هذه الجيوش قامت بعدة ضربات بطائرات دون طيار لكن الجميع فشل في القضاء على هذه الحركات وان الحل الامثل للمسألة الصومالية جمع كل الاطراف وأخذ رأيها دون فرض شروط عليها.الملفت للانتباه ان السودان كان من المفترض ان يكون الوسيط بين ارتريا واثيوبيا لكنه استبعد.الامريكان ان لم يكونوا وراء هذه الوساطة فلن يكونوا بعيدين عنها ويباركونها لكن عند نضوج عومل نجاحها سيتصدرونها خدمة لمصالحهم في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى