تقارير

أمريكا تعين رئيسا لبعثتها الدبلوماسية في أسمرا : الدوافع والتوقيت

15-Oct-2016

عدوليس ـ نقلا عن الزميلة

وصلت الى أسمرا يوم الجمعة الماضي السيدة نتالي براون بعد أن تم تعينها كرئيسة للبعثة الدبلوماسية الامريكية في أسمرا، وكأنها تعلن بذلك ترطيب أجواء العلاقة لتي أصابها الفتور منذ نهاية الحرب الحدودية بين ارتريا واثيوبيا.السيدة براون تبلغ من العمر 49 عاما ، تتأبط خبرة 26 عاما من العمل الدبلوماسي وهي تأتي الى ارتريا ، ليس هذا فحسب بل أنها عملت في بعض البؤر الساخنة في افريقيا من ضمنها ليبيا واثيوبيا.لا تنحصر اهتمامات السيدةبراون المعلنة عن تعلم اللغة التجرنية ، بالاضافة الى أكل ” القلوة والزقني ” أو السباحة في شواطئ مصوع مع كلبيها، الا انها تضيف ضمن أولوياتها ” توطيد الحوار المبنى على الاحترام المتبادل وتطوير القيم الديمقراطية ” .

وبرغم ان السيدة براون لم تحدد بالضبط ماهية الوسائل التي تمكنها من ذلك أو حتى كيفية اقامة هذا الحوار أو تطوير القيم الديمقراطية في بلد ليس هنالك ما يوحي بأنه ديمقراطي أو تحكمه قيم العدالة والقانون بل أنه لا يمتلك حتى دستور ، ليس هذا فحسب بل ان نظام البلد نفسه لايؤمن بالحوار ولا بالقيم الديمقراطية التي تتحدث عنها السيدة براون.فهي تعلم تماما ان النظام وزبانيته تحرشوا بأكثر من أربعين فردا من طاقم سفارتها وان بعضهم تم تغيبهم منذ سنوات ، بل ان الادارة الامريكية تعلم ان سجون النظام ملئى بالالآف من سجناء الضمير ورجال الدين ووزراء سابقين وعامة الجماهير من الشباب الى الشيوخ دون جرم معلن او دون تقديمهم للعدالة.
ماهي الدوافع اذاٌ وراء حرص الولايات المتحدة الامريكية من محاولة تطبيع علاقاتها مع ارتريا علاقة شابها الكثير من الشد والجذب خلال الستة عشر عاما الماضية. هل يمكن تلخيص الدوافع في الاسباب التي لخصها كوهين في مقال له هذا العام ملئ بالاشارت والرسائل التي وجهها الى النظام الارتري والى الادارة الامريكية، وبرغم مقاله ملئ بالكثير من التحذيرات من تعريب البحر الاحمر واقامة الشريعة في دويلات القرن الافريقي ، وبرغم كل هذا الهراء الذي حشى به المقال الا ان ذلك لم يمنعه من ان يضع جدولا زمنيا لتطبيع العلاقات بين ارتريا واثيوبيا ، واقدام الولايات على التصويت ضد قرار العقوبات ضد ارتريا في مجلس الامن الدولي.
كلنا تابعنا جلسة الاستماع التي عقدها الكونجرس الامريكي بخصوص ارتريا ، للاستماع الى شهادة مدفوعة الثمن لصالح ارتريا والذي حاول بعض كتاب المجلس الاطلنطي ( منظمة بحثية ومركز دعم قرار ) تصوير ارتريا انها ضحية قرار خاطئ غير مدروس وغير مدعوم بالادلة.
يأتي التوقيت ايضا والذي يصادف مرور خمسة عشرة عاما على قيام النظام بقفل الصحف المستقلة واعتقال الصحفين ووزراء سابقين في الدولة ورجال دين وأعيان ،دون أن يوجه اليهم تهم محددة أو دون تقديمهم الى العدالة ، والذين تتحاشى الدوائر الغربية الحديث عنهم وهي تسعى الى ترميم علاقاتها مع نظام يده ملطخة بدماء شعبه لاعتباراتها الخاصة ومصالحها الآنية.
اننا نشهد منذ أكثر من شهر محاولات مستميتة لتبييض وجه النظام الارتري عبر كتابات مقصودة وومدفوعة الثمن ترمي الى اخراج النظام من عزلته ورفع العقوبات عنه تحت حجج وزرائع عدم وجود أدلة تثبت تورط النظام الارتري في دعم التنظيمات الاسلامية في الصومال وعلى رأسها الشباب ، برغم ان هذا تم توثيقه وتسجيله عبر تقارير مستقلة وأممية.
خلفية تأريخية
تم انشاء القنصلية الامريكية في أسمرا في العام 1942م . في عام 1953م وقعت كل من الولايات الممتحدة واثيوبيا اتفاقية دفاع مشترك أعطت الامريكان الفرصة لاحتواء مراكز الاتصالات التي تركها البريطانيين في ” كانيو ” وعملت على توسعتها لتصبح أكبر قاعدة اتصالات وتجسس في افريقيا ، حيث كانت تستضيف في الستينيات حوالى 4000 من جنود البحرية الامريكية.
تم الاستغناء عن كانيو استيشن بعد الاطاحة بالامبرطور هيلى سلاسى في عام 1974م وتم تخفيض أعداد القوة المتواجدة فيها وفي سبتمبر عام 1975 تم قفل القاعدة وتم الغاء اتفاقية الدفاع المشترك من جانب منقستو هيلى ماريام.
تم اعادة فتح القنصلية الامريكية في اسمرا في عام 1992م بعد اعلان الاستقلال. في عام 1999م وصل الى علم الامريكان عبر تقارير خاصة ان ارتريا قامت بأيصال شحنات من الاسلحة الى حسين فرح عيديد ليتم استخدامها من قبل تنظيم الاتحاد وجبهة تحرير أرومو.خلال عام 2000م و2001م اسهم الامريكان في دفع كل من ارتريا واثيوبيا لتوقيع اتفاقية الجزائر الخاصة بانهاء الحرب الحدودية بين ارتريا واثيوبيا و اللجوء الى المحكمة الدولية لتصفية النزاع الحدودي بينهما.
كانت ادارة كلنتون أكثر تصالحية في علاقاتها مع الحكومة الارترية برغم الانتقادات العلنية التي كانت منصبة الى شخصية رئيس النظام الارتري حيث قال دونالد ماكدويل عند تعينه سفيرا للولايات المتحدة لدى أسمرا ” هذا يعكس مدى ضرورة الابتعاد كل من السلطة وكامل هيكل النظام الى عملية ديمقراطية”.
كما قدمت الولايات المتحدة دعما مقدرا للنظام الارتري في سنواته الاولى حتى عام 2004م حيث تم في ذلك العام فقط من تقديم 65 مليون دولار من المساعدات الانسانية ، 58 مليون دولار مساعدات غذائية وما يقارب 4 مليون دولار لمساعدة اللاجئين.ثم شهدت العلاقات تدهورا حتى وصلت الى ما وصلت اليه لجملة من الاسباب يطول شرحها في هذه العجالة ولكن يأتي على رأسها التحرش بموظفي السفارة ، دعم الارهاب وايواء قياداته خاصة الصومالي منه ، قضايا حقوق الانسان ، والقرارات الاممية وقرار الرئيس ابوما بوضع مستشار الرئيس في قائمة الشخصيات المهددة للامن القومي والسياسة الخارجية الامريكية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى