تقارير

وجهة نظر:

3-Aug-2019

عدوليس ( رصد)

في محطة القطارات الرئيسية بمدينة فرانكفورت قام رجل بدفع سيدة وطفلها أمام القطار السريع ودُهس الطفل. جريمة فرانكفورت هذه تصدم جميع الناس في ألمانيا، والذين يتأثرون أكثر هم ذووا الأصول الأجنبية، كما يرى إركان أريكان.نعم، تأثرت جدا عندما قرأت الاثنين عبر وكالات الأنباء: “رجل يدفع أما وطفلها أمام القطار السريع”. ومع الدموع في عيني راودت ذهني 1000 فكرة، لكن الفكرة الأولى عندما يرد النوع من الأخبار هي:” الرجاء أن لا يكون أجنبيا!”.

كرب عائلة كانت أفكاري أيضا مع أقارب الأم والطفل. ” كيف يمكن لإنسان أن يقوم بهذا الفعل؟ ما الدافع الذي حرك هذا الرجل؟” وغير ذلك من الأفكار. ثم قرأت في الوكالات أن الجاني المشتبه به رجل في الأربعينات من اريتريا تم اعتقاله.
كمهاجر يجب علي شجب أي جنحة يقوم بها مهاجر
وبهذا بات واضحا كيف ستتطور الأمور: الدافع وراء الجنحة يتحول بقوة إلى الخلفية. وعوض ذلك يتم استغلال أثنية الجاني المشتبه به. وكأن أصل الجاني هو الشيء الحاسم بالنسبة إلى طبيعة شخصيته. ومن جديد وجب علي التفاعل مع ألفاظ وشعارات موائد السمر في المقاهي مثل. “الأجانب” و “المهاجر”، و”جميعهم خطيرون” أو “كلهم جناة محتملين”.ومع ردة الفعل اللاإرادي وجب علي الآن كابن عائلة عمال مهاجرة وكألماني من جذور تركية أن أبحث عن مبررات. فالمجتمع ينتظر مني شجب جنحة شخص من أصول أجنبية. كما يضع فوق ذلك كل شخص تقريبا من اريتريا أو من بلد افريقي آخر تحت الشبهة العامة. وهنا لا اريد خوض الحديث عن الشعبويين اليمينيين وكيف يستغلون الموضوع لأهدافهم السياسية.
منذ البارحة لا يستقل جاري النيجيري لا الحافلة ولا القطار. عندما سألته لماذا يتنقل الآن بالسيارة إلى العمل أجاب بداية بأنه شعر الاثنين خلال عودته إلى البيت بعد الارتياح ـ نظرات تحقيرية وهمس بين المسافرين. بعدها جاء كلال عنصري. وعلى هذا النحو تحوّل عدم الارتياح إلى خوف. بالنسبة إلي أمر متوقع ومفهوم تماما!
وفوق ذلك مسلمون!
وعندما سمعت هذه الأيام لأول مرة بالأحداث في مسبح الراين بدوسلدورف عبر الراديو ـ يمكن لكم أن تتخيلوا رد فعلي:” الرجاء أن لا يكونوا أجانب!” وما ان فكرت في ذلك حتى قال مذيع الأخبار:” مجموعة الشباب الأربعين المشاغبين تنحدر في غالبيتها من شمال افريقيا”. وفي رأسي راجت من جديد تلك الأفكار: “وفوق ذلك مسلمون! ثم وجب علي مجددا الدفاع عن نفسي. من جديد وجب علي شجب فعلة 40 شابا مشاكسا، لأن غالبيتهم لها نفس الديانة مثلي. ولم يغير من ذلك بعد أن اضطرت الشرطة ورئيس بلدية دوسلدورف لتصحيح المعلومات حول عدد مثيري الشغب وأصولهم.
أود أن أوضح ـ وهذا ربما ليس للمرة الأخيرة ـ بأنني أشجب بشدة كل فعلة فظيعة، وكل اعتداء وبدون استثناء كل جناية يرتكبها مهاجرون وأشخاص مسلمون ومسيحيون وألمان أو أيا من كان. أمر واحد يجب أن يكون واضحا في المجتمع الألماني ـ لأنني مقتنع أن الكثيرين يغفلون هذه النقطة وهي: أن الفعلة النكراء التي حصلت في فرانكفورت ستصبح يوما ما بالنسبة إلى الغالبية في طي النسيان. لكن الكراهية والعداء العنصري الذي يعيشه الكثير من الناس من أصول أجنبية وأنا أيضا بعد هذه الفعلة ـ سترافقنا باستمرار في حياتنا اليومية.

إركان أريكان، مدير القسم التركي في مؤسسة دويتشه فيله الإعلامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى